Skip to Content
الجمعة 19 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 29 مارس 2024 م

أبو الوليد الباجي(١)

هو سليمان بن خلف بن سعد(٢) بن أيوب بن وارث، التُّجِيبِي، التميمي، الباجي، القرطبي، البَطَلْيوسي، الذهبي، الأندلسي، القاضي المالكي، المكنى بأبي الوليد(٣).

ـ فالتُّجِيبِي نسبة إلى قبيلة «تُجِيْب» العربية، بطن من بطون كندة، سُمُّوا باسم جدتهم العليا: تُجيب بنت ثوبان بن سليم بن رهاء من بني مذحج، وكان عميرة ابن أبي المهاجر أول رجل من قبيلة «تجيب» نزل بأرض الأندلس مع جنود جيش الإسلام الفاتح، ثمَّ زاد نسل التجيبيِّين وارتفع عددهم في الأندلس، وأصبحت لهم ديارًا، ومن ديارهم «بَطَلْيَوسْ»، وهي موطن أجداد أبي الوليد الباجي(٤).

ـ أمَّا التميمي(٥) فنسبة إلى بني تميم بن مرِّ بن أدِّ بن طابخة، وهم من أكبر بطون العرب(٦).

ـ وأمَّا الباجي فنسبة إلى باجة(٧) Beja مدينة أندلسية شهيرة من أقدم مدائن الأندلس بنيت في أيام الأقاصرة، وتقع اليوم في البرتغال على ١٤٠ كلم إلى الجنوب الشرقي من لشبونة.

وقد نُسب أبو الوليد الباجي إليها بعد مغادرة أجداده مدينة «بَطَلْيَوس» إليها، وأقام بها إلى أن بلغ الثالثة والعشرين من عمره(٨).

ـ أمَّا القرطبي فنسبة إلى «قرطبة» Cordoba، المدينة الأندلسية الشهيرة أم مدائنها ومستقر خلافة الأمويين بها(٩)، ونسب إليها بعد انتقاله مع أسرته من باجة الأندلس إليها.

ـ وأمَّا البَطَلْيوسي فنسبة إلى «بَطَلْيَوس» Badajos التي بناها عبد الرحمن ابن مروان المعروف بالجليقي بإذن الأمير عبد الله له، وهي تقع في الغرب الجنوبي من إسبانيا(١٠).

وأُضيفتْ لأبي الوليد الباجي هذه النسبة لأنَّ أصل آبائه من هذه المدينة؛ ولأنه ولد بها على أرجح الأقوال كما سيأتي.

ـ وأمَّا تلقيبه ﺑ «الذهبي» فلاشتغاله بضرب ورق الذهب للغزل، وذلك بعد رجوعه من رحلته العلمية المشرقية سنة (٤٣٩ﻫ)(١١).

ـ أمَّا الأندلسي فنسبة إلى بلاد الأندلس التي افتتحها المسلمون بقيادة موسى ابن نصير وطارق بن زياد في أيام الوليد بن عبد الملك سنة (٩٢ﻫ)(١٢).

مولد أبي الوليد الباجي

تاريخ ميلاد أبي الوليد الباجي:

تعارضت أقوال المترجمين والمؤرِّخين لحياة الباجي واضطربت في تاريخ ميلاده على ثلاثة أقوال:

ـ القول الأول: أنه ولد يوم الثلاثاء ١٥ من ذي القعدة سنة (٤٠٣ﻫ) وهو ما عليه الجمهور(١٣).

ـ القول الثاني: أنه ولد سنة (٤٠٤ﻫ)، وهو ما مال إليه ابن عساكر(١٤).

ـ القول الثالث: أنه ولد سنة (٤٠٢ﻫ)، وهو ما ذهب إليه الباحث الإسباني آنخِل جنثالث بالنثيا(١٥).

والظاهر أنَّ مذهب الجمهور أقوى لجملة من المرجحات تتمثَّل فيما يلي:

١ـ شهادة أم الباجي على صحة التاريخ الذي ارتضاه الجمهور، وذلك فيما رواه تلميذ الباجي أحمد بن زغلول قال: «رأيت تاريخ ميلاده بخط أمِّه ـ وكانت فقيهة ـ أنه سنة ثلاث وأربعمائة»(١٦).

ولا يخفى في مثل هذه المقامات أنَّ شهادة النساء أولى ومقدمة على الغير، وخاصة ورود تاريخ ميلاده مقيَّدًا من والدته، فضلًا عن كونها فقيهة.

٢ـ ما ذكره أبو علي الغساني ـ وهو من الطلبة الملازمين للباجي ـ أنه قال:

«سمعت أبا الوليد الباجي يقول: «مولدي في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة»»(١٧)، وممَّا لا يغيب أن الشخص أعرف بنفسه وأعلم بأحواله وتواريخ حياته.

٣ـ ما رواه ابن بشكوال قال: «قرأت بخط القاضي محمَّد بن أبي الخير ـ شيخنا رحمه الله ـ قال: «… وولد يوم الثلاثاء في النصف من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة»(١٨).

٤ـ ليس ثمة دليل للمخالفين يُتمسَّك به لإثبات ما ذهبوا إليه، وعليه فمذهبهم ظاهر البطلان لا يقوى على المعارضة.

مكان ميلاد أبي الوليد الباجي:

لا خلاف بين علماء التراجم في أنَّ أصل آباء أبي الوليد من مدينة بَطَلْيَوس(١٩)، ولكنَّ محلَّ الخلاف في مسقط رأسه هل كان في هذه المدينة أم في غيرها، وقد ترتب على هذا الخلاف ثلاثة آراء متباينة تتمثل في الآتي:

ـ القول الأول: أنَّ مسقط رأسه بِبَطَلْيَوس، ثمَّ رُحِلَ به في صباه إلى باجة الأندلس، ثمَّ انتقل بعدها إلى قرطبة، وهو قول القاضي ابن أبي الخير(٢٠) وتبعه ابن خلكان(٢١).

ـ القول الثاني: أنَّ مسقط رأسه بباجة الأندلس بعد انتقال أجداده من بطليوس، ومن باجة الأندلس انتقل إلى قرطبة مع أسرته. وهو ظاهر قول الجمهور(٢٢).

ـ القول الثالث: أنَّ مسقط رأسه بقرطبة، وأصله من بطليوس، ثمَّ انتقل أجداده إلى باجة الأندلس، ومنها إلى قرطبة، وهو ظاهر قول ابن بشكوال(٢٣).

وفي تقديري أنَّ القول الأول أرجح الأقوال السابقة للأسباب التالية:

١ـ ورود تحديد مكان ولادته مقيَّدًا بخط القاضي محمَّد بن أبي الخير والكتاب يقضي بولادته ببطليوس(٢٤).

٢ـ ذكر غالبية التراجم أنَّ أصله بطليوس ثمَّ انتقلوا إلى باجة الأندلس ثمَّ سكنوا قرطبة ليس فيها قطع بتحديد محلِّ ولادته.

٣ـ أمَّا تصدير ابن بشكوال: «أنه من أهل قرطبة»(٢٥) على أنَّ مسقط رأسه بها فهو مجرَّد رأي يفتقر إلى دليل يعضده، بل قد روى عن شيخه محمَّد بن أبي الخير ما يعارضه إذ إنَّ وجادته على شيخه قاطعة في المسألة يتعذر معها حملُه على أنَّ محلَّ ولادته قرطبة، ومع ذلك قد لا يعني بهذا التصدير سوى ذكر أواخر منازله التي استقر فيها وهي قرطبة، والأمر محتمل.

٤ـ أمَّا نصوص المترجمين المشعرة بأنه من مواليد باجة الأندلس فهي مفاهيم مستوحاة من هذه النصوص تدع مجالًا للتردُّد فيها.

هذا، والذي تطمئنُّ إليه النفس هو القول الأول من حيث ورود التحديد مثبتًا ومقيَّدًا بصورةٍ واضحةٍ وصريحةٍ، بخلاف النصوص الأخرى فهي مجرَّد مفاهيم نافية للقول الأول ومثبتة لما عداه، ولا يخفى أنَّ المنطوق مُقدَّم على المفهوم، والمثبِت أَوْلى من النافي كما هو مقرَّر في علم أصول الفقه.

وإلى هذا القول ذهب المراغي(٢٦)، وكحالة(٢٧)، ومحمَّد عنان(٢٨).

أسرة أبي الوليد الباجي وأولاده

أسرة أبي الوليد الباجي:

ينتسب أبو الوليد الباجي إلى أسرة علمٍ وتقوى ونباهةٍ ونبلٍ وحسن تديُّنٍ ويلتمس ذلك من:

ـ والده خلف بن سعد، فقد كان من أهل العفة والصلاح والتقوى، كثير التعبد بالصوم والاعتكاف والتهجُّد، زاهدًا في الدنيا، محبًّا للعلم وأهله.

ـ ووالدته أم سليمان بنت فقيه الأندلس أبي بكر محمَّد بن موهب القبري التجيبي القرطبي المعروف بالحصَّار.

ـ وإخوته الأربعة: إبراهيم، وعليٌّ، وعمر، ومحمَّد، أجلَّة نبلاء على وتيرة أبيهم في حسن التديُّن، وقد اشتهر إبراهيم ومحمَّد منهم بالعلم والفطنة والذكاء(٢٩).

ـ وأعمامه الثلاثة بنو سعد: سليمان، وعبد الرحمن، وأحمد، فقد نُعتوا بالتدين والصلاح وكثرة العبادة والخير(٣٠).

ـ وجده لأمه، فهو فقيه الأندلس وعالمها المشهور: أبو بكر محمَّد بن موهب القبري التجيبي القرطبي المعروف بالحصَّار.

ـ وأخواله من أهل العلم والخير، ومنهم خاله العالم الخطيب: أبو شاكر عبد الواحد بن محمَّد بن موهب التجيبي المعروف بابن القبري، وهو أحد شيوخه.

أولاد أبي الوليد الباجي:

للقاضي أبي الوليد الباجي عدد من الأولاد عاش بعضهم، وتوفي آخرون في حياته.

* أمَّا أبناء الباجي الذين توفوا في حياته فمنهم: محمَّد بن أبي الوليد سليمان ابن خلف وكنيته: أبو الحسن،كان شابًّا يتصف بالذكاء والنبل، ويرجى فيه الصلاح. مات في حياة أبيه «بِسَرَقُسْطة» Zaragoza(٣١) سنة (٤٧٢ﻫ)، بسنتين قبل وفاة والده، وكان فراقه قد أثَّر فيه تأثيرًا بالغًا، فرثاه بمراثي حارَّة وحزينة(٣٢) منها قوله:

أَمُحَمَّدٌ إِنْ كُنْتُ بَعْدَكَ صَابِرًا * صَبْرَ السَّلِيم لِمَا بِهِ لا يَسْلَمُ

وَرُزِئْتُ قَبْلَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدٍ * ولَرُزْؤُهُ أَدْهَى لَدَيَّ وأَعْظَمُ

فَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّنِي بِكَ لَاحِقٌ * مِنْ بَعْدِ ظَنِّي أَنَّنِي مُتَقَدِّمُ

للهِ ذِكْرٌ لَا يَزَالُ بِخَاطِري * مُتَصَرِّفٌ فِي صَبْرِهِ مُتَحَكِّمُ

فَإِذَا نَظَرْتُ فَشَخْصُهُ مُتَخَيَّلٌ * وإِذَا أَصَخْتُ فَصَوْتُهُ مُتَوَهَّمُ

وبِكُلِّ أَرْضٍ لِي مِنَ اجْلِكَ رَوْعَةٌ * وبِكُلِّ قَبْرٍ عَبْرَةٌ وتَرَنُّمُ

فَإِذَا دَعَوْتُ سِوَاكَ حَادَ عَنِ اسْمِهِ * ودَعَاهُ بِاسْمِكَ مُعْوِلٌ بِكَ مُغْرَمُ

حَكَمَ الرَّدَى ومَنَاهِجٌ قَدْ سَنَّهَا * لِأُولِي النُّهَى والْحِذْقِ قَبْلُ مُتَمِّمُ

فَلَئِنْ جَزِعْتُ فَإِنَّ رَبِّيَ عَاِذرٌ * ولَئِنْ صَبَرْتُ فَإِنَّ صَبْرِيَ أَكْرَمُ(٣٣)

وله ابنان ماتا مغتربين ومقتربين رثاهما بعاطفة حارة وبحرقة كبيرة وحزن عميق فقال:

رَعَى اللهُ قَبْرَيْنِ اسْتَكَانَا بِبَلْدَةٍ * هُمَا أَسْكَنَاهَا فِي السَّوَادِ مِنَ الْقَلْبِ

لَئِنْ غُيِّبَا عَنْ نَاظِرِي وتَبَوَّءَا * فُؤَادِي لَقَدْ زَادَ التَّبَاعُدُ فِي الْقُرْبِ

يَقَرُّ بِعَيْنِي أَنْ أَزُورَ ثَرَاهُمَا * وأُلْصِقَ مَكْنُونَ التَّرَائِبِ بِالتُّرْبِ

وَأَبْكِي وأُبْكِي سَاكِنِيهَا لَعَلَّنِي * سَأُنْجَدُ مِنْ صَحْبٍ وأُسْعَدُ مِنْ سُحْبِ

وَلَا اسْتَعْذَبَتْ عَيْنَايَ بَعْدَهُمَا كَرًى * وَلَا ظَمِئَتْ نَفْسِي إِلَى الْبَارِدِ الْعَذْبِ

أَحِنُّ ويَثْنِي الْيَأْسُ نَفْسِي عَنِ الأَسَى * كَمَا اضْطُرَّ مَحْمُولٌ عَلَى المَرْكَبِ الصَّعْبِ(٣٤)

* أمَّا أولاده الذين عاشوا بعد وفاته، فمن أشهرهم: أحمد بن أبي الوليد سليمان الباجي، وكنيته: أبو القاسم، وهو أحد العلماء البارزين، برع في علم الأصول والكلام حتى أذن له والده في إصلاح كتبه الأصولية.

ـ وله ابنة نجيبة(٣٥) زوَّجها للحافظ المحدث الفقيه أبي العباس أحمد بن عبد الملك بن موسى بن عبد الملك بن أبي حمزة المُرْسِي الأندلسي ـ أحد طلبة الباجي ـ المتوفى سنة (٥٣٣ﻫ)(٣٦).

نشأة أبي الوليد الباجي ووفاته

نشأة أبي الوليد الباجي:

نشأ أبو الوليد الباجي وسط أسرة عربية أصيلة، حيث إنَّ مردَّ نسَبه من جهة أبيه وأمه إلى قبيلة «تُجيب» العربية المشرَّفة بثناء الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم عليها(٣٧).

واتَّسمت هذه الأسرة بالعلم والنباهة(٣٨) فكان لبعض أفرادها مساهمة فعالة في الحياة العلمية، فضلًا عمَّا اتصفوا به من مكارم الأخلاق، وعُرِفوا بالتقوى والورع وحسن التديُّن والزهد، فلم يكن في إخوته إلَّا مشهور بالحج والجهاد، والصلاح والعفاف، وأمِّه وجِهَتِها إلَّا مشهود له بالعلم والذكاء والفطنة.

وفي كَنَف هذه البيئة العلمية، وتحت الرعاية الأسرية الداخلية، نال أبو الوليد الباجي حظَّه من التربية الحسنة والأخلاق العالية، وأخذ تعليمه الأوَّلي في سِنٍّ مبكِّرة جدًّا، ساعده ذلك على تنمية قدراته الذهنية ومواهبه الفكرية، الأمر الذي فسح أمامه آفاقًا واسعة تبشِّر بغدٍ مشرق بالعلم والمعرفة.

وقد سادت ـ في عصره وضمن محيط مجتمعه بالأندلس ـ موجة علمية عالية تقوم على التنافس الجاد في مختلف العلوم وشتَّى الفنون وسائر المعارف، وفي هذا الجوِّ العلمي العام ترعرع أبو الوليد الباجي وكلُّه إرادة جِدِّية، وحزم أكيد، يساعده ذكاؤه الوقاد وتعليمه الأولي، ويدفعه حرصٌ شديدٌ، ورغبةٌ مُلحَّةٌ صادقة في طلب العلم واكتسابه، والتبحُّر في أنواع المعارف المختلفة، متبعًا في ذلك هديَ العلماء العاملين، ومقتديًا بهم سلوكًا وأخلاقًا.

وفاة أبي الوليد الباجي:

بعد أن قضى أبو الوليد الباجي حياةً جهاديةً من أجل تحصيل العلم ونشره تعليمًا وتأليفًا ومناظرةً، والسعي إلى دعوة حكام الأقطار الأندلسية للالتفاف حول المرابطين لنصرة الإسلام ونبذ أحقادهم وجمع كلمة المسلمين ضِدَّ عدوهم المشترك ألفنسو السادس الذي كان يتربص بالإسلام والمسلمين الدوائر، انتهى به السعي والمطاف بمدينة «المَرِيَّة»(٣٩) (Almeria) حيث أدركته المنيَّةُ ليلة الخميس ـ بين العشاءين ـ في التاسع عشر من رجب(٤٠) سنة (٤٧٤ﻫ). وصَلَّى عليه يوم الخميس ـ بعد العصر ـ ابنُه أبو القاسم، ودفن على ضفة البحر بالرباط. رحمه الله وغفر لنا وله.

وتاريخ وفاته المتقدم مثبت لدى الجمهور المترجمين والمؤرخين باتفاق(٤١) ونازع فيه آخرون منهم:

ـ ابن الأثير الذي انفرد بالقول بأنَّ أبا الوليد الباجي توفي في حدود سنة ثمانين وأربعمائة(٤٢).

ـ وياقوت الحموي وابن فرحون اللذان ذهبا إلى أنه توفي سنة (٤٩٤ﻫ)(٤٣).

وعليه فالمسألة على ثلاثة(٤٤) أقوال أرجحها ـ في تقديري ـ ما استقرَّ عليه الجمهور، وهو أنَّ سنة وفاته: (٤٧٤ﻫ)، وذلك للأسباب التالية:

١ـ لأنَّ ورود تاريخ وفاته محدَّدًا بالشهر واليوم والساعة يدلُّ على قول الجمهور تأسيسًا على أنَّ: من حفظ حُجَّة على من لم يحفظ، فضلًا عن أنَّ هذا التاريخ مستمدٌّ من أبي عليٍّ الجيَّاني نفسه وهو أحد تلاميذه(٤٥).

٢ـ ولأنَّ جمهور المؤرِّخين وجلَّ المترجمين على إثبات هذا التاريخ وصحته.

٣ـ ولأنه يستبعد أن تكون سنة وفاته في أحد القولين الآخرين، لأنَّ المصادر التاريخية تشير إلى أنَّ الباجي كان سفيرًا بين رؤساء الأندلس يسعى إلى توحيد صفهم ولمِّ شملهم وجمع كلمتهم مع المرابطين ضدَّ عدوهم ألفنسو السادس للذود عن حياض الإسلام وثغوره، وقد توفي الباجي رحمه الله قبل تمام سعيه وتحقيق غرضه وإكمال غايته(٤٦).

ولا يساورنا شك أنَّ انتصار المسلمين في معركة «الزلاقة»(٤٧) الشهيرة قد وقع في رجب سنة (٤٧٩ﻫ)، فلو كانت سنة وفاته على ما قرَّروه لشهد النصر المؤزَّر ولأدرك بغيته من خلال مساعيه الوحدوية. قال الحجوي: «وفي سنة (٤٩٤) كان ابن تاشفين استأصل جلَّ رؤساء الأندلس كما يعلم من مراجعة التاريخ»(٤٨).

٤ـ وعلى القولين الآخرين يحتمل حدوث تحريف غير مقصود للاشتباه الحاصل بين الأربع والسبعين والأربع والتسعين، كما يحتمل اشتباه وفاة أبي الوليد بوفاة ابنه أبي القاسم المتوفى سنة (٤٩٣ﻫ).

مساعي أبي الوليد الباجي العلمية

المراحل التعليمية لأبي الوليد الباجي:

توجَّه أبو الوليد الباجي برغبة أكيدة إلى طلب العلم، وعمل على تحصيل مدارك المعرفة بشتى الوسائل والطرق بالتدريج، فأخذ من علماء بلده بالأندلس غربًا، ومن علماء الحجاز والعراق شرقًا، بصبر عريض واجتهاد دؤوب وهمة عالية.

المراحل التعليمية الداخلية:

يمكن تقسيم مراحل أبي الوليد الباجي التعليمية التي قضاها داخل الأندلس إلى مرحلتين:

المرحلة الأولى: تعليمه العائلي.

المرحلة الثانية: تعليمه بالأندلس.

ـ أمَّا المرحلة الأولى فقد تقدَّم الكلام عن أنَّ أبا الوليد الباجي نشأ بين أحضان أسرة عربية أصيلة، اتسمت بالعلم والنباهة، وفي ذلك الجوِّ العلمي العالي نال أبو الوليد الباجي حظَّه من التعليم الأوَّلي في سنِّ مبكرة جدًّا، مؤسَّسًا بذلك أرضية مبدئية تمهيدًا لدراساته العلمية التحصيلية المنتظرة.

ـ أمَّا تعليم أبي الوليد الباجي بالأندلس فقد بدأت هذه المرحلة الدراسية على يد فطاحل العلماء وفحولهم، فاهتم في أوائل دراسته بالأدب وفنونه حتى برع فيها نظمًا ونثرًا من غير إهمال للعلوم الأخرى. قال ابن بسام في «الذخيرة»: «نشأ أبو الوليد هذا وهِمَّته في العلم تأخذ بأعنان السماء، ومكانه من النثر والنظم يسامي مناط الجوزاء، وبدأ في الأدب فبرز في ميادينه، واستظهر أكثر دواوينه، وحمل لواء منثوره وموزونه»(٤٩).

ففي قرطبة أخذ عن خاله أبي شاكر عبد الواحد العربية وغيرها، وأخذ علوم اللغة والنحو والحديث عن المحدث اللغوي يونس بن مغيث، وأخذ علوم القرآن والقراءات عن الإمام المقرئ الكبير أبي محمَّد مكي بن أبي طالب.

ـ وبطَرْطُوشَة(٥٠) Tortosa أخذ عن أبي سعيد الجعفري الذي أجازه في ناسخ القرآن ومنسوخه، وكتاب «العالم والمتعلم في معاني القرآن»، و«إعراب القرآن» لأبي جعفر النحاس.

ـ وبِطُلَيْطِلَة(٥١) Toledo أخذ الفقه عن العالم الفقيه خلف بن أحمد الرهوني المعروف بابن الرحوي من كبار العلماء في الرواية والإفتاء.

ـ وبسرقسطة Zaragoza أخذ الفقه والحديث عن أبي عبد الله محمَّد ابن إسماعيل بن فُورْتش القاضي.

ـ وبوشْقَة(٥٢) Huesca روى عن القاضي عيسى بن خلف بن عيسى المعروف بابن أبي درهم كثيرًا من مرويَّاته.

المراحل التعليمية الخارجية:

فبعد أن استوعب أبو الوليد الباجي علوم الأندلس، ونبغ في فنون متعدِّدة في سِنِّ الفتوة وهو ابن الثالثة والعشرين من عمره ـ فإنه بالرغم من الفوضى السياسية التي عمَّت ربوع الأندلس وانتشرت في عهد ملوك الطوائف ـ فقد وجد في نفسه عزمًا قويًا، ورغبة ملحة في المزيد من طلب العلوم، فقرَّر الرحيل صوب المشرق الإسلامي سنة (٤٢٦ﻫ)(٥٣).

وفي أثناء سفره تعرَّف على أحوال الأدب في الأقطار الإسلامية التي مرَّ بها ومدى ميول الناس إلى الأدب وكثرة اشتغالهم به نظمًا ونثرًا، وقتئذٍ عقد العزم على الانقطاع لطلب العلوم الشرعية لقلة من يجيدها من العلماء.

وفي هذا المضمون يقول ابن بسام: «…ولم تزل أقطار تلك الآفاق تواصله، وعجائب الشام والعراق تغازله، حتى أجاب، وشدَّ الركاب، وودَّع الأوطان والأحباب، فرحل سنة ست وعشرين، فما حلَّ بلدًا إلا وجده ملآن بذكره، نشوان من قهوتَيْ نظمه ونثره، ومال إلى علم الديانة، وقد كان قبل رحلته تولى إلى ظلِّه، ودخل في جملة أهله، فمشى بمقياس، وبنى على أساس»(٥٤).

وكان أول منازله الحجاز:

ففي مكَّة لزم أبو الوليد الباجي العالم المتبحِّر أبا ذر الهروي ملازمة الظل، ومكث عنده ثلاث سنوات(٥٥) أخذ عنه الفقه المالكي والحديث(٥٦) وعلومه، وفي أثناء إقامته بمكَّة حج فيها أربع حجَّات، وسمع من شيوخ الحرم منهم: أبو بكر المُطَّوَّعِيُّ، وأبو بكر محمَّد بن سعيد بن سَحْنَوَيْه الإسفرائني، وأبو عبد الله محمَّد ابن علي بن أحمد بن محمود الورَّاق، وأبو القاسم عبد الرحمن بن مُحْرِزٍ، وأبو محمَّد عبد الله بن سعيد بن أرباح الأموي الأندلسي وغيرهم(٥٧).

ومن الحجاز اتجه صوب العراق وهو لا يزال متعطِّشًا إلى المزيد من العلوم، ولتحقيق رغبته استأجر نفسه أيام إقامته ببغداد لحراسة الدروب فكان ينفق ما يعطى له من أجر على معاشه دون أن تفوته مجالسة العلماء، ويستعين بضوء الدروب ليلًا ليطالع ما حصَّله من العلم فيراجعه(٥٨).

ومن أشهر شيوخه ببغداد:

القاضي أبو الطيب الطبري، وأبو إسحاق الشيرازي، وابن عمروس، وأبو عبد الله الصَّيمري، وأبو عبد الله الصُّوري، وأبو عبد الله الدامغاني، وأبو إسحاق البرمكي، وأبو طالب محمَّد بن علي بن الفتح العُشاريُّ، وابن قُشَيْش النحوي، وأبو بكر ابن الصقر الوراق، المعروف بغلام الأبهري، وابن منصور العتيقي، وابن غَيْلان، وأبو الفرج الطناجيري، وابن حمامة، وابن السواق، وعبد الغفار الأرموي، وابن زوج الحرة، وابن المُحَسِّن التَّنُوخي.

هذا، وقد أخذ أبو الوليد الباجي عن جملة من علماء آخرين غير من تقدَّم ذِكْرُهم، وهم كثيرون على مختلف المذاهب كأبي رومة وأبي علي العطار وغيرهما(٥٩).

ثمَّ دخل الشام، وفي دمشق مكث بها ثلاثة أعوام فأخذ عن جملة من كبار العلماء منهم: أبو الحسن ابن السمسار، وابن الطُّبَيز بن السراج الحلبي، والسَّكن ابن جُمَيع، وأبو الحسن محمَّد بن عوف بن أحمد المُزَنِيُّ، وغيرهم.

ورحل إلى المَوْصِل(٦٠)، وبها أقام عامًا كاملًا يدرس العقليات على الإمام الأصولي الكبير أبي جعفر محمَّد بن أحمد بن محمَّد السِّمْنَانيِّ، فضلًا عن دراسته عليه الفقه والأصول والكلام والأدب(٦١)، وقد أُعجب أبو الوليد الباجي به كثيرًا حتى أنه مدحه بقصيدة شعرية(٦٢).

ودخل مصر وبها سمع من أبي محمَّد ابن الوليد وغيره(٦٣).

هكذا قضى أيامه الدراسية مقيمًا بالمشرق نحو ثلاث عشرة سنة من المثابرة في الطلب والاجتهاد في التحصيل والحرص على ذلك، لا يهاب في سبيل تحقيق رغبته حرَّ الصيف ولا بردَ الشتاء(٦٤).

فلمَّا حقَّق رغبتَه وأشبع حاجتَه وقضى منيتَه، وبرع في القر آن والحديث وعلومهما، والفقه وأصوله، والعربية وقواعدها، وعلم الكلام ومضايقه، والعقليات وتوابعها، وجد في نفسه حنين الديار وأحسُّ بالشوق للأهل والأحباب، فقرَّر العودة إلى الأندلس بعد بلوغه ذروة المجد العلمي والسمو الفكري، فصار ـ بعد ذلك ـ عَلَمًا من أعلام الشريعة الغرَّاء.

شيوخ أبي الوليد الباجي وأقرانه وتلاميذه

شيوخ أبي الوليد الباجي:

أخذ أبو الوليد الباجي العلم عن عدد كبير من علماء زمانه، وقد تقدَّم ذكر معظمهم، وسنشير إلى جملة من العلماء المشهورين من أساتذته الأندلسيين والمشارقة.

فمن شيوخه بالأندلس:

ـ خاله أبو شاكر عبد الواحد، المتوفى سنة (٤٥٦ﻫ).

ـ المحدث أبو الوليد ابن الصفار، المتوفى سنة (٤٢٩ﻫ).

ـ أبو محمَّد مكي بن أبي طالب، المتوفى سنة (٤٣٧ﻫ).

ـ أبو بكر خلف بن أحمد الرحوي، المتوفى سنة (٤٢٠ﻫ).

ومن شيوخه المشارقة نقتصر على الآتي:

في مكة:

ـ أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، المتوفى سنة (٤٣٤ﻫ) وغيره.

وفي بغداد:

ـ القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري الشافعي، المتوفى سنة (٤٥٠ﻫ).

ـ الأصولي الفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الشافعي، المتوفى سنة (٤٧٦ﻫ).

ـ الفقيه المالكي أبو الفضل محمَّد بن عمروس، المتوفى سنة (٤٥٢ﻫ).

ـ الإمام الحنفي أبو عبد الله الحسين الصَّيمري، المتوفى سنة (٤٣٦ﻫ).

ـ الفقيه المالكي المحدِّث أبو عبد الله محمَّد بن علي الصُّوري، المتوفى سنة (٤٤١ﻫ).

ـ الإمام الحنفي أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني، المتوفى سنة (٤٧٨ﻫ).

ـ الفقيه الحنبلي أبو إسحاق إبراهيم بن عمر البغدادي البرمكي، المتوفى سنة (٤٤٥ﻫ).

ـ الحافظ أبو طالب محمَّد بن علي بن الفتح العُشاريُّ، المتوفى سنة (٤٥١ﻫ).

ـ الفقيه المالكي أبو الحسن علي بن محمَّد بن الحسن الحربي، المعروف بابن قُشَيْش النحوي، المتوفى سنة (٤٣٧ﻫ).

ـ المحدث أبو بكر محمَّد بن المؤمل بن الصقر الوراق، المعروف بغلام الأبهري، المتوفى سنة (٤٣٤ﻫ).

ـ المحدث أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن أحمد بن منصور العتيقي، المتوفى سنة (٤٤١ﻫ).

ـ المحدث أبو طالب محمَّد بن محمَّد بن إبراهيم بن غَيْلان، المتوفى سنة (٤٤٠ﻫ).

ـ المحدث أبو الفرج(٦٥) الحسين بن علي بن عبيد الله الطناجيري، المتوفى سنة (٤٣٩ﻫ).

ـ الفقيه الشافعي أبو طالب عمر بن إبراهيم بن سعيد المعروف بابن حمامة، المتوفى سنة (٤٣٤ﻫ).

ـ المحدث أبو منصور محمَّد بن محمَّد بن عثمان المعروف بابن السواق، المتوفى سنة (٤٤٠ﻫ).

ـ الحافظ أبو النجيب عبد الغفار بن عبد الواحد بن محمَّد الأرموي(٦٦)، المتوفى سنة (٤٣٣ﻫ).

ـ المحدث أبو الحسن محمَّد بن عبد الواحد بن محمَّد بن جعفر، المعروف بابن زوج الحرة، المتوفى سنة (٤٤٢ﻫ).

ـ القاضي أبو القاسم عليُّ بن المُحَسِّن بن علي التَّنُوخي(٦٧)، المتوفى سنة (٤٤٧ﻫ).

وفي الشام:

ـ أبو الحسن عليُّ بن موسى الدمشقي المعروف بابن السمسار، المتوفى سنة (٤٣٣ﻫ).

ـ أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطُّبَيز بن السراج الحلبي المتوفى سنة (٤٣١ﻫ).

ـ أبو محمَّد السَّكن بن جُمَيع، المتوفى سنة (٤٣٧ﻫ).

ـ أبو الحسن(٦٨) محمَّد بن عوف بن أحمد المُزَنِيُّ، المتوفى سنة (٤٣١ﻫ) وغيرهم.

وفي المَوْصِل:

ـ أبو جعفر محمَّد بن أحمد السِّمْنَانيُّ، المتوفى سنة (٤٤٤ﻫ).

وفي مصر:

ـ أبو محمَّد ابن الوليد وغيره.

أقران أبي الوليد الباجي:

* أبو محمَّد ابن حزم الظاهري، المتوفى سنة (٤٥٦ﻫ).

* ابن عبد البرِّ النُّمَرِيُّ، المتوفى سنة (٤٦٣ﻫ).

* أبو بكر الخطيب البغدادي، المتوفى سنة (٤٦٣ﻫ).

تلاميذ أبي الوليد الباجي:

كانت الحلقات التي يلقيها أبو الوليد الباجي تستوعب عددًا كبيرًا من طلاب العلم، فهي من أكبر حلقات الاستماع في الأندلس فضلًا عن تنقلات الباجي المتعدِّدة عبر حواضر الأندلس وبين الأمصار، فإنها سهَّلت للعديد من الطلاب ـ الذين لم يتمكنوا من التنقل ـ الأخذَ والروايةَ عنه وتحديثه ومذاكرته.

ولا يسعنا في هذه الفقرة إلَّا الإشارة ـ بصورة موجزة ـ إلى أهم تلاميذه الذين تفقَّهوا بمصاحبته وانتفعوا بعلمه وتأثروا به، فمن هؤلاء:

* ابنه أبو القاسم أحمد بن سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي، المتوفى سنة (٤٩٣ﻫ).

* أبو علي الحسين بن أحمد الغساني، الجياني الأندلسي، المتوفى سنة (٤٩٨ﻫ).

* أبو علي حسين بن محمَّد بن فِيَّرة بن سكرة الصَّدَفي السرقسطيُّ المعروف بابن سكرة، استشهد سنة (٥١٤ﻫ).

* أبو بكر محمَّد بن الوليد بن محمَّد بن خلف بن سليمان بن أيوب القرشي الفهري الطرطوشي(٦٩) يعرف في وقته بابن أبي رَنْدَقَة(٧٠)، المتوفى سنة (٥٢٠ﻫ).

* أبو بكر محمَّد بن حيدرة بن مُفَوَّز بن أحمد بن مفوز المعافري الشاطبي، المتوفى سنة (٥٠٥ﻫ).

* أبو بكر عبد الله بن محمَّد اليابريُّ الإشبيلي، المتوفى سنة (٥١٨ﻫ).

* أبو جعفر أحمد بن علي بن غزلون الأموي التطيلي(٧١) الأندلسي، المتوفى سنة (٥٢٠ﻫ).

* أبو عبد الله محمَّد بن أبي نصر بن فُتُوح بن عبد الله بن فتوح بن حميد الأزدي الحميدي الأندلسي، المتوفى سنة (٤٨٨ﻫ).

* أبو القاسم خلف بن سليمان بن خلف بن محمَّد بن فتحون الأُورِيُوليُّ(٧٢) الأندلسي، المتوفى سنة (٥٠٥ﻫ).

* أبو محمَّد عبد الله بن إبراهيم بن جماح الكتامي السبتي، المتوفى سنة (٤٧٠ﻫ).

* أبو القاسم أحمد بن إبراهيم بن محمَّد، المعروف بابن أبي ليلى المرسي(٧٣) الأندلسي، المتوفى سنة (٥١٤ﻫ).

* أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن دري التجيبي، المعروف بالرِّكْلِي الأندلسي، المتوفى سنة (٥٠٣ﻫ).

* أبو محمَّد عبد الله بن محمَّد بن عبد الله بن أحمد الخُشني(٧٤) المرسي، المعروف بابن أبي جعفر، المتوفى سنة (٥٢٠ﻫ).

* أبو عبد الله محمَّد بن عبد العزيز بن أبي الخير بن علي الأنصاري السرقسطي، المتوفى سنة (٥١٨ﻫ).

* أبو بحر سفيان بن العاص بن أحمد بن العاص بن سفيان بن عسيِّ الأسدي المُرْبيْطَرِيُّ(٧٥) الأندلسي، المتوفى سنة (٥٢٠ﻫ).

* أبو بكر يحيى بن محمَّد بن دُرَيْد الأسدي، قاضي مدينة بَسْطَة من أعمال جيَّان(٧٦).

* أبو داود سليمان بن أبي القاسم نجاح مولى صاحب الأندلس المؤيد بالله هشام بن الحكم، المتوفى سنة (٤٩٦ﻫ).

هذا، ولا يخفى أنَّ الذين انتفعوا بعلمه واستفادوا بملازمته من تلاميذه الرواة الدارسين عليه أضعاف من ذكرنا، فما هذا إلَّا قليل من كثير وغيض من فيض بالمقارنة مع مجالسه العلمية العامرة في مختلف حواضر الأندلس.

شخصية أبي الوليد الباجي
ونشاطه العام

ابتدأ أبو الوليد الباجي حياته الفكرية بالأدب فبرز في ميادينه، وانتهى تحصيله بعلوم الديانة، كما جعل خاتمة أمره ومنتهى طوافه السفارة السياسية الإصلاحية بين ملوك الطوائف جمعًا لكلمة المسلمين ولمًّا لشملهم، وعليه نشرع في دراسة شخصية الباجي الأدبية ثمَّ نتعرض إلى نشاطه العام ومساعيه السياسية الإصلاحية.

شخصية أبي الوليد الباجي الأدبية:

بعد تعرَّضنا لمساعي أبي الوليد الباجي العلمية ومراحل طلبه للعلم الشرعي، فقد ارتأينا أن نَدَعَ مجالًا لدراسة شخصية الباجي كأديب شاعر وناثر، ثمَّ نتعرف على شهادات فحول العلماء المبيِّنة لمنزلته العلمية والأدبية.

شعر أبي الوليد الباجي ونثره:

رغب أبوالوليد الباجي في الشعر والنثر وولع بهما، لذلك اهتم منذ نشأته بقراءة الأدب شعرًا ونثرًا وجعله أحد محاور عنايته، فحفظ دواوين الشعر، وجمع روايته وفنونه، وساعده في ذلك الرعاية العائلية المحيطة به تحت إشراف خاله وشيخه أبي شاكر أحد الخطباء والشعراء المشهورين بالأندلس، فأحسن توجيهه وتعليمه، ولا زال كذلك حتى ملك بناصية الشعر وبرع فيه واشتهر في الآفاق منذ شبابه، فكان لا يمر ببلد في رحلته المشرقية إلَّا ويجد الحديث في نظمه ونثره، حتى احتاج في سفره إلى القصد بشعره(٧٧). قال ابن بسام: «... بدأ في الأدب فبرز في ميادينه، واستظهر أكثر دواوينه، وحمل لواء منثوره وموزونه، وجعل الشعر بضاعته فوصل له الأسبابَ بالأسباب، ونال به مأكل القُحَم الرغاب،حتى جُنَّ الإحسان بذكره وغنَّى الزمان بغرائب شعره، واستغنتْ مصرُ والقيروان بِخَبَرِهِ عن خُبْرِهِ... فما حلَّ بلدًا إلَّا وجده ملآن بذكره، نشوانَ من قَهْوَتَيْ نظمه ونثره»(٧٨).

وشاعرية أبي الوليد الباجي متفق عليها عند علماء التراجم، فقد كان شاعرًا مطبوعًا جيِّد العبارة، حسن النظم، فشعرُه هادف يعمل على خدمة أغراض بناءة بمعان في عقود براقة مصروفة عن الإسفاف والهذر، وجملة أبياته وأشعاره تدلُّ على ذوقه الأدبي ونبوغه الشعري، قال ابن خاقان: «وكان له نظم يوقفه على ذاته، ولا يصرفه في رفث القول وبذاذاته»(٧٩).

وقد جمع ابنه أبو القاسم أحمد شعر أبيه(٨٠) ولم يصلنا منه سوى ما أوردته الكتب التي تناولت ترجمته، لذلك سنعرض بعض صور شعره الرصين، ونثره الأدبي الرفيع.

صور من شعر أبي الوليد الباجي:

سنتناول نموذجًا من شعره الرصين في أغراض شعرية مختلفة التي تنبئ عن خياله الخصب وشاعريته الرقيقة ومعاناته القاسية وتجربته الحية.

فمن ذلك قوله في الزهد:

تَبَلَّغْ إِلَى الدُّنْيَا بِأَيْسَرِ زَادِ * فَإِنَّكَ عَنْهَا رَاحِلٌ لِمَعَادِ

وغُضَّ عَنِ الدُّنْيَا وزُخْرُفِ أَهْلِهَا * جُفُونَكَ وَاكْحُلْهَا بِطُولِ سُهَادِ

وجَاهِدْ عَنِ اللَّذَاتِ نَفْسَكَ جَاهِدًا * فَإِنَّ جِهَادَ النَّفْسِ خَيْرُ جِهَادِ

فَمَا هَذِهِ الدُّنْيَا بِدَارِ إِقَامَةٍ * فَيُعْتَدَّ مِنْ أَغْرَاضِهَا بِعَتَادِ

وَمَا هِيَ إِلَّا دَارُ لَهْوٍ وفِتْنَةٍ * وإِنَّ قُصَارَى أَهْلِهَا لِنَفَادِ(٨١)

* * *

إِذَا كُنْتُ أَعْلَمُ عِلْمًا يَقِينًا * بِأَنَّ جَمِيعَ حَيَاتِي كَسَاعَهْ

فَلِمْ لَا أَكُونُ ضَنِينًا بِهَا * وَأَجْعَلُهَا فِي صَلَاحٍ وطَاعَهْ(٨٢)

* * *

يَا قَلْبُ إِمَّا تُلْهِنِي كَاذِبًا * أَوْ صَادِفًا عَنِ الْهُدَى جَائِرَا

تُشْغِلُنِي عَنْ عَمَلٍ نَافِعٍ * فِي مَوْقِفٍ أَلْقَاكَ لِي ضَائِرَا

أَحْرِ بِأَنْ تُسْلِمَنِي نَادِمًا * إِنْ لَمْ أُلَاقِ اللهَ لِي عَاذِرَا

وحَاقَ بِي مَا جَاءَ عَنْ رَبِّنَا * (ووَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرَا(٨٣))(٨٤)

وقوله في معنى الحمد والشكر:

الحَمْدُ للهِ ذِي الآلَاءِ والنِّعَمِ * ومُبْدِعِ السَّمْعِ والأَبْصَارِ والْكَلِمِ

مَنْ يَحْمَدِ الله يَأْتِيهِ المَزِيدُ ومَنْ * يَكْفُرْ فَكَمْ نِعَمٍ آلَتْ إِلَى نِقَمِ(٨٥)

* * *

الْحَمْدُ للهِ حَمْدَ مُعْتَرِفٍ * بِأَنَّ نُعْمَاهُ لَيْسَ نُحْصِيهَا

وأَنَّ مَا بِالعِبَادِ مِنْ نِعَمٍ * فَإِنَّ مَوْلَى الأَنَامِ مُولِيهِا

وأَنَّ شُكْرِي لِبَعْضِ أَنْعُمِهِ * مِنْ خَيْرِ مَا نِعْمَةٍ يُوَالِيهَا(٨٦)

وقوله في قيام الليل:

قَدْ أَفْلَحَ الْقَانِتُ فِي جُنْحِ الدُّجَى * يَتْلُو الْكِتَابَ الْعَرَبِيَّ النَّيِّرَا

فَقَائِمًا ورَاكِعًا وسَاجِدًا * مُبْتَهِلًا مُسْتَعْبِرًا مُسْتَغْفِرَا

لَهُ حَنِينٌ وشَهِيقٌ وبُكَا * يَبُلُّ مِنْ أَدْمُعِهِ تُرْبَ الثَّرَى

إِنَّا لَسَفْرٌ نَبْتَغِي نَيْلَ المَدَى * فَفِي السُّرَى بُغْيَتُنَا لَا فِي الْكَرَى

مَنْ يَنْصَبِ اللَّيْلَ يَنَلْ رَاحَتَهُ * عِنْدَ الصَّبَاحِ يَحْمَدُ الْقَوْمَ السُّرَى(٨٧)

وقوله في معنى السفر:

إِذَا كُنْتَ رَبِّي فِي طَرِيقِيَ صَاحِبَا * وتَخْلُفُنِي فِي الأَهْلِ مَا دُمْتُ غَائِبَا

فَسَهِّلْ سَبِيلِي وازْوِ عَنِّيَ شَرَّهَا * وشَرَّ الَّذِي أَلْقَاهُ فِي الأَهْلِ آيِبَا(٨٨)

وقوله في معنى الغزل:

أَسَرُّوا عَلَى اللَّيْلِ الْبَهِيمِ سُرَاهُمُ * فَنَمَّتْ عَلَيْهِمْ فِي الشَّمَالِ شَمَائِلُ

مَتَى نَزَلُوا ثَاوِينَ بِالْخَيْفِ مِنْ مِنًى * بَدَتْ لِلْهَوَى بِالمَأْزِمَيْنِ مَخَايِلُ

فَلِلَّهِ مَا ضَمَّتْ مِنًى وشِعَابُهَا * ومَا ضُمِّنَتْ تِلْكَ الرُّبَى والمَنَازِلُ

ولَمَّا الْتَقَيْنَا للْجِمَارِ وأُبْرِزَتْ * أَكُفٌّ لِتَقْبِيلِ الْحَصَى وأَنَامِلُ

أَشَارَتْ إِلَيْنَا بِالْغَرَامِ مَحَاجِرٌ * وبَاحَتْ بِهِ مِنَّا جُسُومُ نَوَاحِلُ(٨٩)

وقوله في المدح:

في مدح شيخه أبي جعفر السِّمناني:

يَا بُعْدَ صَبْرِكَ أَتْهَمُوا أَمْ أَنْجَدُوا * هَيْهَاتَ مِنْكَ تَصَبُّرٌ وتَجَلُّدُ

يَأْبَى سُلُوَّكَ بَارِقٌ مُتَأَلِّقٌ * وَشَمِيمُ عَرْفِ عَرَارَةٍ ومُغَرِّدُ

فِي كُلِّ أُفْقٍ لِي عَلَاقَةُ خَوْلَةٍ * تَهْدِي الْهَوَى وبِكُلِّ أَرْضٍ تَهْمَدُ

مَا طَالَ عَهْدِي بِالدِّيَارِ وإِنَّمَا * أَنْسى مَعَاهِدَهَا أَسًى وتَبَلُّدُ

ولَقَدْ مَرَرْتُ عَلَى المَعَاهِدِ بَعْدَمَا * لَبِسَ الْبَدَاوَةَ رَسْمُهَا المُتَأَبِّدُ

فَاسْتَنْجَدَتْ مَاءَ الدُّمُوعِ لِبَيْنِهِمْ * فَتَتَابَعَتْ حَتَّى تَوَارَى المُنْجِدُ

طَفِقَتْ تُسَابِقُنِي إِلَى أَمَدِ الصَّبَا * تِلْكَ الرُّبَى ومَنَالُ شَأْوِي يَبْعُدُ

لَوْ كُنْتُ أَنْبَأْتُ الدِّيَارَ صَبَابَتِي * رَقَّ الصَّفَا بِفِنَائِهَا والجَلْمَدُ

إلى أن يقول:

هَذَا الشِّهَابُ المُسْتَضَاءُ بِنُورِهِ * عَلَمُ الْهُدَى هَذَا الإِمَامُ الأَوْحَدُ

هَذَا الَّذِي قَمَعَ الضَّلَالَةَ بَعْدَمَا * كَانَتْ شَيَاطِينُ الضَّلَالِ تَمَرَّدُ(٩٠)

* وله في المُعْتَضد بالله عبادٍ وَالد المعتمد:

عَبَّادٌ اسْتَعْبَدَ الْبَرَايَا * بِأَنْعُمٍ تَبْلُغُ النَّعَائِمْ

مَدِيحُهُ ضِمْنَ كُلِّ قَلْبٍ * حَتَّى تَغَنَّتْ بِهِ الحَمَائِمْ(٩١)

* وله في معز الدولة أبي علوان بن أسد الدولة:

لِرَيَّاهُمُ فِي عَرْفِ رَبْعِكَ عُنْوَانُ * ومِنْ حُسْنِهِمْ فِي حُسْنِ مَغْنَاكَ تِبْيَانُ

وفِيكَ مِنَ الْحَيِّ الَّذِينَ تَحَمَّلُوا * مَخَايِلُ أَغْصَانٍ تَمِيسُ وكُثْبَانُ

وكَمْ لَيْلَةٍ فِيهَا تَعَسَّفْتُ حَوْلَهَا * وكَالِئُهَا مِنِّي مُشِيحٌ ويَقْظَانُ

سَرَيْنَا كَمَا يَسْرِي الْخَيَالُ وغُضِّضَتْ * عَلَى رَكْبِنَا مِنْ نَاظِرِ اللَّيْلِ أَجْفَانُ

لَبِسْنَا بُرُودَ اللَّيْلِ حَتَّى تَشَقَّقَتْ * جُيُوبٌ تُضِيءُ بِالصَّبَاحِ وأَرْدَانُ

حَوَيْتَ مُعِزَّ الدَّوْلَةِ المُلْكَ فَاعْتَرَى * بِذِكْرِكَ فِي الآفَاقِ مُلْكٌ وسُلْطَانُ

فَلِلْمَجْدِ سِلْكٌ قَدْ أُجِيدَ نِظَامُهُ * وأَنْتَ لِذَاكَ السِّلْكِ دُرٌّ ومَرْجَانُ(٩٢)

* * *

وقوله في صفة قلم:

وأَسْمَرُ يَنْطُقُ فِي مَشْيِهِ * ويَسْكُتُ مَهْمَا أَمَرَّ القَدَمْ

عَلَى سَاحَةٍ لَيْلُهَا مُشْرِقٌ * مُنِيرٌ وأَبْيَضُهَا مُدْلَهِمُ

وشَبَّهْتُهَا بِبَيَاضِ المَشِيبِ * يُخَالِطُ نُورَ سَوَادِ اللَّمَمْ(٩٣)

قوله في فساد الطبائع والأخلاق:

مَضَى زَمَنُ المَكَارِمِ والْكِرَامِ * سَقَاهُ اللهُ مِنْ صَوْبِ الْغَمَامِ

وَكَانَ الْبِرُّ فِعْلًا دُونَ قَوْلٍ * فَصَارَ الْبِرُّ نُطْقًا بِالكَلَامِ(٩٤)

وللباجي قصائد في الرثاء تعرَّضنا لها(٩٥)، وفي أغراض شتى أخرى.

صور من نثر أبي الوليد الباجي:

لأبي الوليد الباجي نثر أدبي رفيع يتجلى في مراسلاته ومناظراته ووصاياه، وسنختار مجموعة من المقتطفات المأخوذة من رسالته في الرد على الراهب الفرنسي(٩٦) أولًا، ومن وصيته إلى ولديه ثانيًا:

أولًا: مقتطفات من نثر أبي الوليد الباجي من رسالته: «الرد على راهب فرنسا»:

منها قوله: «…وننذرك فيما لم يبلغك علمه، ولم يتحقَّق لديك حكمه، ونبالغ في الرفق بك، والتبيين لك، على منهج الخطب والرسائل، لا على طريق البراهين والدلائل، مساعدة لك على مذهبك في كتابك، وموافقة لك في مقصودك، فعسى أن يكون أقرب إلى استحالتك، وأبلغ في معارضتك ومعالجتك».

ومنها: «...وأمَّا من نظر في شيء من أبواب العلم، وأُيِّد باعتبار فهم، فعلامات الحدوث أوضح، ودلائلها أصح، من أن تخفى أو تشكل، أو يمتري في أمرها من له من العلم أدنى محل».

ومنها: «... وإنَّ الله تعالى جعل الدنيا دار تكليف، وفتنة ومحنة، ليبلونا أينا أحسن عملًا، وجعل الآخرة دار ثواب وعقاب، ليثيب المؤمنين المحسنين، ويعذب الكافرين المشركين، وجعل من أسباب الفتنة إبليس اللعين، وبعث النبيين يهدون إلى صراط مستقيم، لئلَّا يكون للناس على الله حُجَّة بعد الرسل، فهدى بالنبيين من شاء بفضله، وخذل بإبليس من شاء بعدله».

ومنها: «...فاعتبر أيُّها الراهب ضعْفَ ما أنت عليه، وفضل ما ندعوك إليه، فعسى أن يوفِّقك الله ويهديك، فتصير بعلم الله بكونك من جملتنا، وفيئتك إلى علَّتنا(٩٧)، فقد بلغنا من إرادتك للخير، ورغبتك فيه، وحرصك عليه، ما حرصنا به على إرشادك وهدايتك، ورجونا سرعة انقيادك وإثابتك، وما توفيقي إلَّا بالله عليه توكلت».

ومنها: «وإن أبيت إلَّا الاستكبار، والعتو والإصرار، والغلو والإلحاد والطغيان، والعناد والعصيان، فإنك لن تُعْجِز ربك، ولن تنجوَ من ذنبك، وذنوب من اتبع وضل بك».

ومنها أخيرًا: «واللهَ نسأل أن يهديك، ويهدي بك مَن قِبَلك، فتفوز بأجورهم، وتكون سببًا إلى استنقاذهم، فأنت فيما بلغنا مطاع فيهم، والسلام على من اتبع الهدى».

ثانيا: مقتطفات من نثر أبي الوليد الباجي من وصيته لولديه(٩٨):

قال الباجي في وصيته القيِّمة لولديه عند بلوغهما سنَّ الإدراك والفهم: «... والعلم سبيلٌ لا يفضي بصاحبه إلَّا إلى السعادة، ولا يقصر به عن درجة الرفعة والكرامة، قليله ينفع، وكثيره يعلي ويرفع، كنز يزكو على كلِّ حال، ويكثر مع الإنفاق ولا يغصبه غاصب، ولا يُخاف عليه سارق ولا محارب، فاجتهِدَا في طلبه، واستعذِبَا التعب في حفظه، والسهر في درسه، والنصَبَ الطويل في جمعه، وواظِبَا على تقييده وروايته، ثمَّ انتقِلَا إلى فهمه ودرايته، وانظرَا أيَّ حالةٍ من أحوال طبقات الناس تختاران، ومنزلة أي صنف منهم تُؤْثِران، هل تريان أحدًا أرفعَ حالًا من العلماء، وأفضل منزلةً من الفقهاء؟ يحتاج إليهم الرئيس والمرؤوس، ويقتدي بهم الوضيع والنفيس، ويُرْجَع إلى أقوالهم في أمور الدنيا وأحكامها، وصحة عقودها ومبايعاتها، وغير ذلك من تصرفاتها، وإليهم يُلْجَأ في أمور الدين، وما يلزم من صلاة وزكاة وصيام، وحلال وحرام، ثمَّ مع ذلك السلامة من التبعات، والحظوة عند جميع الطبقات.

والعلم ولاية لا يُعْزَل عنها صاحبها، ولا يَعْرَى مِن جمالها لابِسُها، وكلُّ ذي ولاية وإن جلَّت، أو حرمة وإن عظمت، إذا خرج عن ولايته، أو زال عن بلدته، أصبح من جاهه عاريًا، ومن حاله عاطلًا، غير صاحب العلم، فإن جاهه يصحبه حيث سار، ويتقدمه إلى جميع الآفاق والأقطار، ويبقى بعده في سائر الأعصار».

ومنها قوله: «... ولا يرغبْ أحدكما في أن يكون أرفع الناس درجة، وأتمهم جاهًا وأعلاهم منزلة، فإن تلك الحال لا يسلم صاحبها، ودرجة لا يثبت من احتلها، وأسلم الطبقات الطبقة المتوسطة، لا تُهْتَضم مِن دَعة، ولا تُرْمَق مِن رفعة، ومن عيب الدرجة العليا أن صاحبها لا يرجو المزيد ولكنه يخاف النقص، والدرجة الوسطى يرجو الازدياد، وبينهما وبين المخاوف حجاب، فاجعلا بين أيديكما درجة يشتغل بها الحسود عنكما، ويرجوها الصديق لكما».

منزلة أبي الوليد الباجي بين علماء عصره

يُعدُّ أبو الوليد الباجي من أقطاب المعرفة، وفحول العلماء، وأعلام الصلاح والتقوى، فكان مثالًا جليًّا للحركة العلمية المزدهرة في عصره، وقد أجمع أهل عصره على جلال قدره علمًا وفطنةً ودينًا وفضلًا وخُلُقًا.

وقد رأينا بيانًا لرُقِيِّ مرتبةِ الباجي وإظهارًا لسُمُوِّ منزلته بين أهل العلم والفضل في القرن الخامس الهجري، الإدلاء بشهادات أطلقها أقرانه وتلاميذه وفحول العلماء بالثناء على شخصيته العلمية.

وتتمثَّل شهادات العلماء فيما يلي:

* قول أبي محمَّد علي بن حزم الظاهري: «لم يكن لأصحاب المذهب المالكي بعد القاضي عبد الوهاب مثل أبي الوليد الباجي(٩٩)»(١٠٠).

* ما كتبه الوزير الأديب أبو محمَّد ابن عبد البر عن مجاهد العامري أمير «دانية» إلى المظفَّر «بيطليوس» حيث يصفه بقوله:

«...والفقيه الحافظ أبو الوليد الباجي غَذِيُّ نعمتِك، ونشأةُ دولتك، هو من آحاد عصره في علمه، وأفراد دهره في فهمه، وما حصل أحد من علماء الأندلس متفقِّهًا على مثل حَظِّه وقسمه، وقد تقدَّم له بالمشرق صيتٌ وذِكرٌ، وحصل بجزيرتنا ولك فيه جمالٌ وفخرٌ، فإنه إليك تنعطفُ أسبابه، وعليك تلتقي وتلتفُّ آرابه، لكن شددت عليه يدي، وجعلته عَلَم بلدي، يُشَاوَرُ في الأحكام، ويهتدى إليه في الحلال والحرام، فقد ساهمتُك به، وشاركتُك فيه، كما تساهمْنا وتشاركْنا في الأحوال السلطانية، والأمور الدنياوية»(١٠١).

* ما جاء عن تلميذه القاضي أبي عليٍّ الصَّدفي في حقِّ شيخه:

«ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي، وما رأيت أحدًا على سمته وهيئته، وتوقير مجلسه، ولما كنت ببغداد قَدِم ولده أبو القاسم أحمد، فسِرتُ معه إلى شيخنا قاضي القضاة الشامي، فقلت له: أدام الله عزك، هذا ابن شيخ الأندلس، فقال: لعله ابن الباجي ؟ قلتُ: نعم. فأقبل عليه»(١٠٢)، وقال: «هو أحد أئمة المسلمين»(١٠٣).

* وقال عنه الأمير الحافظ أبو نصر بن ماكولا ما يلي:

«وذو الوَزارتين القاضي الإمام أبو الوليد سليمان بن خلف بن أيوب الباجي من باجة الأندلس، متكلم فقيه أديب شاعر... ورجع إلى الأندلس فروى، ودرَّس وألَّف، فقرأت عليه كتاب «التمييز» لمسلم عن أبي ذر الهروي، وحضرت مجالسه، وكان جليلًا، رفيع القدر والخطر»(١٠٤).

* ما جاء عن أبي بكر ابن العربي عند ذكره لقاصمة في حكاية سبب الخبال والفتنة التي انتشرت في ربوع الأندلس من جراء التقليد المطلق وما نتج عنه من جمود فكري وتعصب مذهبي، حيث يقول:

«... وكان سبب ذلك أنَّ الفتن لما ضربت رواقها، وتقاتلت العباسية والأموية، وبعدت أقطار الإسلام، وتعذر ضبطها بالنظام، وانتشرت الرعية، نفذ إلى هذه البلاد بعض الأموية... فألزموا الناس العمل بمذهب مالك، والقراءة على رواية نافع، ولم يمكنهم من النظر والتخيير في مقتضى الأدلة... واستمرت القرون على موت العلم وظهور الجهل، فكل من تخصَّص لم يقدر على أكثر من أن يتعلَّق ببدعة الظاهر... ثمَّ حدثت حوادث لم يَلْقَوْها في منصوص المالكية فنظروا فيها بغير علم فتاهوا، وجعل الخلف منهم يتبع السلف، حتى آلت الحال ألا ينظر إلى قول مالك، وكبراء أصحابه، ويقال: قد قال في هذه المسألة أهل قرطبة، وأهل طلمنكة... وحدثت قاصمة أخرى تعلم العلم... ولولا أنَّ طائفة نفرت إلى دار العلم، وجاءت بلباب منه، كالأصيلي والباجي، فرشَّتْ من ماء العلم على القلوب الميتة، وعطَّرتْ أنفاس الأمة الزفرة لكان الدين قد ذهب... ولكن تدارك الباري بقدرته ضرر هؤلاء بنفع أولائك»(١٠٥).

* ووصفه الفتح بن خاقان بقوله:

«بدر العلوم اللائح، وقطرها الغادي الرائح، وثبيرها الذي لا يُزحم، ومنيرها الذي يتجلى به ليلها الأسحم، كان إمام الأندلس الذي تُقْتَبس أنواره، وتُنْتَجع أنجاده وأغواره»(١٠٦).

* وفي «وفيات الأعيان» قال ابن خلكان:

«... كان من علماء الأندلس وحُفَّاظها»(١٠٧).

* وقال الضَّبي:

«فقيه محدِّث، إمام متقدِّم، مشهور عالم، متكلم»(١٠٨).

* وجاء في «ترتيب المدارك» وصفًا لمكانة الباجي العلمية، حيث يقول القاضي عياض ما يلي:

«كان أبو الوليد رحمه الله، فقيهًا نظَّارًا محقِّقًا، راوية محدثًا، يفهم صيغة الحديث ورجاله، متكلمًا أصوليًّا، فصيحًا شاعرًا مطبوعًا، حسن التأليف، متقن المعارف، له في هذه الأنواع تصانيف مشهورة جليلة، ولكن أبلغ ما كان فيها الفقه وإتقانه، على طريق النظار من البغدادين وحذَّاق القرويين، والقيام بالمعنى والتأويل، وكان وقورًا بهيًّا مهيبًا، جيِّد القريحة حسن الشارة»(١٠٩).

* منها ماجاء عن الفقيه محمَّد بن أحمد اللخمي في معرض تصويب رأي أبي الوليد الباجي في مسألة إجازته الكتابة على النبي الأمي حيث يقول في خطابه:

«ولا يجوز أن يؤذى إمام من أئمة المسلمين، معروف خيره وفضله، وصحة مذهبه، وعلمه بالفقه والكلام»(١١٠).

النشاط العام لأبي الوليد الباجي

بعد عودة أبي الوليد الباجي من رحلته المشرقية قام بعدَّة أنشطة علمية تمثلت في دروسه العامة وحلقاته التوجيهية الخاصة التي ألقاها في مختلف مدن وحواضر الأندلس من خلال تنقلاته المتكرِّرة لنشر العلم وبث المعرفة، وقد تعرَّضنا لصور من هذه الأنشطة عند ذكر تلاميذ الباجي، وهاهنا نحاول التعرُّف على نشاطه العام وما جرى بينه وبين بعض أقرانه من مناظرات، ثم نتعرَّض إلى صلة الحكام به وتوليته للقضاء، والجهود التي استفرغها في سبيل توحيد كلمة ملوك الطوائف ولمِّ شملهم.

نشاط أبي الوليد الباجي العام ومناظراته العلمية:

سنتعرض إلى الأعمال الصناعية واليدوية التي مارسها أبو الوليد الباجي ضمن أنشطته العامة، ثمَّ نتناول المناظرات العلمية التي أجراها بالأندلس بعد ذيوع صيته.

نشاط أبي الوليد الباجي العام:

بعد رحلة علمية دامت ثلاث عشرة سنة إلى المشرق، حنَّت نفس أبي الوليد الباجي للرجوع إلى الأندلس وأهلها، وكان عند دخوله إلى موطنه في حالة مالية ضيِّقة، فاضطرته هذه الوضعية الخانقة إلى الكسب من عمل يده، حيث كان يتردد بين حواضر الجهة الشرقية من الأندلس «سرقسطة» و«بلنسية» و«دانية» مشتغلًا بضرب ودقِّ الذهب للغزل والإنزال، وكان يخرج تارة لتلاميذه للقراءة وعليه أثر المطرقة وصدأ العمل(١١١)، ولذلك لُقِّب ﺑ «الذهبي».

كما أنَّ هذه الحالة اضطرته ـ أيضًا ـ إلى الاشتغال بعقد الوثائق لتحصيل نفقة ما يسد حاجياته، وينهض بتحقيق متطلبات المعيشة، واستمرَّ الوضع على هذه الحال مدة تربو عن سنتين، قضى فيها أيامه وهو يصارع الحياة بحيويَّة قوية ونشاط دؤوب يجمع فيها بين التعليم والعمل إلى أن انتشر علمه، وذاع صيته وعُرف جلاله وقدره، فانتدبه العلماء لمناظرة ابن حزم في ظاهرياته، كما جرت مناظرة أخرى بالأندلس مع بعض علماء عصره في مسألة إجازة الكتابة على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم النبي الأميِّ.

مناظرات أبي الوليد الباجي العلمية:

سنقتصر على أهم مناظرات أبي الوليد الباجي بعد عودته من المشرق المتمثلة فيما يلي:

أولًا: مناظرة أبي الوليد الباجي لابن حزم الظاهري:

قدم أبو الوليد الباجي إلى موطنه بالأندلس وعنده زاد كافٍ في علم الجدل وآدابه وعلم الشريعة والأصول والعقليات، فضلًا عمَّا كان يتمتَّع به من قدرات فكرية عالية تؤهِّله للدخول في مناظرات علمية تكشف للناس الحق وتساعدهم على فهم الحقيقة، وكان الباجي أثناء تنقلاته قد خاض العديد من المجادلات العلمية مع خصوم له سواء في «مرسية» مع أبي حفص عمر بن حسين الهوزني كبير فقهاء إشبيلية(١١٢)، أو «بالدانية» أو «ميورقة» وغيرها من مدن الأندلس، فأقام عليهم الحُجَّة، وأثبت البيِّنة وعزَّزَ الدليل بما حباه الله من إمكانيات فكرية وعلمية تساعده على ذلك، فاكتسب سمعة كبيرة بين العلماء ورجال العلم، الأمر الذي دعاهم إلى الإلحاح عليه لمقابلة أبي محمَّد ابن حزم الذي لمع نجمه بالأندلس، وعُرِف فضلُه وتفوُّقه العلمي، لما كان يتمتَّع به من غزارة علم، وقوة ذاكرة، وكثرة إنتاج فكريٍّ في مختلف العلوم والفنون مع تشنيعه على الأئمة وأهل الفضل، فأفرط في القول بظاهر النصوص، وأنكر القياس وتعليل الأحكام وغيرها من ظاهريات أشاعها في ربوع الأندلس، وحصَّنها بقوة بيانه وحماها بحدَّة لسانه، ولم يكن يقوم أحد بمناظرته لجهلهم بعلم الجدل والمناظرة، فاستهوى قلوب الناس وأخذ عقولهم، فاغترَّ بأقواله العامة، وسلَّم الكلامَ له الخاصة على اعترافهم بتخليطه(١١٣).

ولما انتدب العلماء أبا الوليد لمناظرته، لبَّى الدعوة وقبلها بعدما عرف من أحواله الكثير، إرادةً منه أن تكون هذه المناظرة سبيلًا لوقف انتشار المذهب الظاهري، ورغبة في ردِّ الاعتبار للأئمة الفضلاء الذين كانوا غَرَضًا للسان ابن حزم.

وهكذا التقى الرجلان بمَيُورْقة(١١٤) سنة (٤٣٩ﻫ) بحضرة الوالي أبي العباس أحمد بن رشيق الكاتب، وتحت رعايته جرت بينهما مناظرة في موضوعات متفرِّقة أصولية بصورة خاصة، تصب في مسألة نفي القياس وإبطال الرأي وتعليل الأحكام وما يترتب عن هذه القضايا من فروع فقهية(١١٥)، وحَسَب جمهور المترجمين والمؤرِّخين فإنَّ ابن حزم خرج من هذا المجلس مغلوبًا بالحُجج والبراهين التي أقامها الباجي وجادل بها خصمه وظهر تفوقه بارزًا(١١٦)، وفي هذا السياق يقول القاضي عياض: «فجرتْ له معه مجالس كانت سبب فضيحة ابن حزم وخروجه من ميورقة، وقد كان رأس أهلها،ثمَّ لم يزل أمره في سفال فيما بعد»(١١٧)، وكان من نتائج هذه المناظرة مغادرة ابن حزم لميورقة(١١٨)، وإقدام المعتضد بن عباد على إحراق كتبه بإشبيلية(١١٩)، وفي هذا المضمون يقول أبو محمَّد ابن حزم:

دَعُونِيَ مِنْ إِحْرَاقِ رَقٍّ وكَاغِدٍ * وقُولُوا بِعِلْمٍ كَيْ يَرَى النَّاسُ مَنْ يَدْرِي

فَإِنْ تَحْرِقُوا الْقِرْطَاسَ لَا تَحْرِقُوا الَّذِي * تَضَمَّنَهُ الْقِرِطَاسُ، بَلْ هُوَ فِي صَدْرِي

يَسِيرُ مَعِي حَيْثُ اسْتَقَلَّتْ رَكَائِبِي * ويَنْزِلُ إِنْ أَنْزِلْ ويُدْفَنُ فِي قَبْرِي(١٢٠)

والحقيقة أنَّ هذه المناظرة العلمية على الرغم من فوائدها فإنَّ المؤرِّخين لم يشيروا إلى الموضوعات والقضايا محلِّ المناقشة، بل أحالوا إلى كتاب «فرق الفقهاء» لأبي الوليد الباجي الذي لم يصل إلينا، لذلك يتعذر الكشف عن وجوه المناظرة والظاهر منها بحُجَّته(١٢١).

هذا، ويستبعد أبو زهرة هزيمة ابن حزم حيث يقول:

«ولقد خرج ابن حزم من ميورقة من غير أن يكون مغلوبًا في حجاج، ولكن لأنه فقد النصير المؤيد، ولم يعد الانتصار للحجة والبراهين، بل صار لمن هو أكثر عددًا وأعز نفرًا.

وقد كان الذي يأخذونه عليه أنه يخالف المذهب المالكي، ويشن عليه الغارة، ويضرب بأقوال جمهور الفقهاء الذين يتخذون الرأي منهاجًا فقهيًّا عرض الحائط في عنف وقوة، لأنه لا يعتمد إلَّا على النصوص، ويحسب في ظنه أنها وحدها الفقه، ولا فقه غيرها، وأنه ليس للعقل أن يخوض إلَّا في فهمها، فإن خاض فيما وراءها فإنه لا يمكن أن يكون ما يأتي به من الأحكام الشرعية»(١٢٢).

ويقوِّي ذلك أنَّ بعض صور المناظرة التي يرويها المَقَّرِي، وإن كانت متعلِّقة بمسائل شخصية، إلَّا أن الظاهر منها أنَّ ابن حزم ليس بالسهل المغلوب، قال: «ولما ناظر ابن حزم قال له الباجي: أنا أعظم منك همَّة في طلب العلم؛ لأنك طلبته وأنت معان عليه، تسهر بمشكاة الذهب، وطلبتُه وأنا أسهر بقنديل بائتِ السوقِ، فقال ابن حزم: هذا الكلام عليك لا لك، لأنك إنما طلبتَ العلم وأنت في تلك الحال رجاء تبديلها بمثل حالي، وأنا طلبته في حين ما تعلمه وما ذكرته، فلم أرجُ به إلَّا علوَّ القدر العلمي في الدنيا والآخرة، فأفحمه»(١٢٣).

وحاصل ما سبق أنه يتعذر علينا الحكم بتفوق أحد العَلَمين في مقابلتهما ما دمنا لم نطَّلع على مضمون المناظرة ومحتواها العلمي سوى ما ساقه المؤرِّخون من نسبة الهزيمة لابن حزم والانتصار للباجي، هذا وبغضِّ النظر عن المتفوق منهما فإن ابن حزم لم يفقد إنصافه اتجاه الباجي، بل نعته بما هو أهله على نحو ما تقدم(١٢٤). قال ابن بسام: «وقد ناظره بميورقة ففلَّ من غَرْبِه، وسبَّب إحراق كتبه، ولكن أبا محمَّد وإن كان اعتقد خلافه فلم يطَّرح إنصافه، أو حاول الرَّد عليه، فلم ينسب التقصير إليه»(١٢٥).

ثانيا: مناظرة أبي الوليد الباجي لبعض علماء عصره:

يرجع سبب هذه المناظرة إلى أنَّ أبا الوليد الباجي قرئ عليه ـ وهو ﺑ «دانية»(١٢٦) ـ حديث المقاضاة في صلح الحديبية الذي أخرجه البخاري من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «لما اعتمر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يَدَعوه يدخلُ مكةَ حتى قاضاهم على أن يُقيم بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتابَ، كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمَّدٌ رسول الله، قالوا: لا نقرُّ لك بهذا، لو نعلمُ أنكَ رسولُ الله ما مَنَعناك شيئًا، ولكن أنتَ محمَّدُ بن عبد الله، فقال: أنا رسولُ الله، وأنا محمَّد بن عبد الله، ثمَّ قال لعليٍّ: «امْحُ رَسُولَ اللهِ»، قال عليٌّ: «لا والله لا أمحوك أبدًا»، فأخذ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الكتاب ـ وليس يُحسِنُ يكتب ـ فكتب: هذا ما قاضى عليه محمَّدُ بن عبد الله...»(١٢٧).

وكان أبو الوليد الباجي يقول بظاهر لفظ الحديث بأنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كتب بيده: «هذا ما قاضى عليه محمَّد بن عبد الله...»، الأمر الذي أثار استياء علماء وفقهاء مدينة «دانية» وعلى رأسهم أبو بكر بن الصائغ(١٢٨)، فأنكروا إجازته الكتابة على النبي الأمي، وكفَّروه بتكذيب القرآن الكريم، فهوَّلوا أمره، وأخذت هذه المسألة طابع الفتنة، وقبَّحوا عند العامة ما أتى به، ورمَوْهُ بإرادته التميز عن غيره قصد الإكرام والعطاء تملُّقًا للولاة والأمراء، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث أجازوا لأنفسهم إطلاق اللعنة عليه والتَّبرُؤ منه كما يظهر ذلك جليًّا في أشعارهم التي تناولها بعض خطبائهم في الجُمع وفوق المنابر، تشنيعًا به، حيث يقول عبد الله بن هند الشاعر:

بَرِئْتُ مِمَّنْ شَرَى دُنْيَا بِآخِرَةٍ * وقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ قَدْ كَتَبَا(١٢٩)

وإثر ذلك قام الناس بشكايته إلى أمير دانية، حيث جَمَعَ هذا الأخير في مجلسه الخصم المخالف المشكَّل من فقهاء إمارته بأبي الوليد الباجي لإقامة مناظرة علمية حول هذا الموضوع ليتبيَّن الأمر ويستظهر الحقَّ ويطلع على أدلة كلِّ فريق فاحتجوا عليه بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ[العنكبوت: ٤٨]، على أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان أُمِّيًّا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب(١٣٠)، إذ لو كان ممَّن يقرأ كتابًا، ويخطُّ حروفًا لارتاب المبطلون من أهل الكتاب لأن في كتبهم أنه أُمِّيٌّ لا يكتب ولا يقرأ، كما احتجُّوا عليه بما رواه عبد الله بن عمر أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ»(١٣١)، ووجهه أنَّ المراد أهل الإسلام الذين بحضرته عند تلك المقابلة بما فيهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم(١٣٢). وعليه، فإنَّ أي قول يعارض صريح الآية والحديث يجب تأويل ظاهره، والمتمسِّك بظاهر النصوص في الرواية معرَّض للزندقة والتكفير.

واستظهر أبو الوليد الباجي للأمير بقوله: لا منافاة ولاتعارض بين ما ذكره القرآن الكريم وما قرَّرته من إجازة كتابة النبي الأُمِّيِّ، انطلاقًا من مفهوم الآية السابقة؛ ذلك لأنَّ الله تعالى نفى عنه التلاوة والكتابة بما قبل نزول القرآن الكريم وتقيَّد النفي بذلك، وأمَّا بعد تحقُّقِ أُمِّيَّته، وتقرُّرِ معجزته، وأمن ارتياب أهل الكتاب، فليس فيه ما يحول دون معرفته الكتابة من غير تعليم أو معلِّم، فتصير عند ذلك معجزة ثانية(١٣٣)، فأفحمهم بما كان يتمتَّع به من معرفة بأحكام الكتاب والسُّنَّة، وإنزال الأصول والأدلة منازلها.

وللوقوف على أنَّ الأخذ بظاهر الحديث غير قادح في أمِّيَّة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، بل هو زيادة في معجزاته، استحسن أمير «دانية» إرسال هذه المسألة إلى جماعة من علماء الأمصار ليطلع على رأيهم ويتعرَّف على المزيد فيها، وذلك تلبية لرغبة أبي الوليد الباجي لاستظهار صدقه وصحة قوله، وجاءت موافقات العلماء لرأي أبي الوليد الباجي وتصويباتهم لنظره وتأويله، كما كانت أجوبتهم تحمل في طياتها ثناء عليه وإقرارًا بفضله وعلمه، فضلًا عن تقريع من لم يَعِ ما ذهب إليه، وتشنيعٍ لخصمه من معاصريه.

ومن نماذج هذه الموافقات والتصويبات ما يأتي:

* ما جاء عن الحسن بن علي التميمي المصري:

«وقفت على ما كتبه الفقيه الأجلُّ شيخنا وكبيرنا الذي نفزع إليه في المشكلات، ونعتمد عليه فيما دهمنا من أمور الناس، ومعرفة توحيد خالقنا وصفاته التي بان بها عن جميع المخلوقات، وأدام الله للمسلمين توفيقه وتسديده، وما منَّ به عليهم منه من البصيرة والهداية من خطأ المخطئين، وعمى العامين، فلو نهضوا نحو الفقيه القاضي ليتعلموا منه أوائل المفترضات ومعرفة خالقهم، وما خص به جميع أهل السنة والإيمان لكان بهم أحرى»(١٣٤).

* وقال جعفر بن عبد الجبار:

«وما يستبدع ذلك من مثله لما وهبه الله من الفهم، وكيف لا يكون كذلك، وقد ارتحل إلى العراق، فقرأ على شيوخ أجلَّة من أئمة السنة»(١٣٥).

* وقال فيه عبد الله بن حسين البصري:

«والفقيه القاضي قد انتشرت إمامته، واشتهرت عدالته، فلو سأل من حاول الرد والتضليل للفقيه القاضي من قدم من شرق وغرب لشهد الكل بإمامته وحفظه للحديث، ومعرفته للصحيح منه والسقيم، وسائر علومه، وأصول الدين وفروعه»(١٣٦).

* وأجاب أبو الفضل جعفر بن نصر البغداديُّ قائلًا:

«ولا يحل لأحد أن يعنِّفه فيما أتى به، إذ هو إمام في المشرق والمغرب لا سيما بالعراق، وإنَّ أكثر البلاد لمُفْتَقِرَة لعلمه بالصحيح من الحديث والسقيم، فلو نهض كلُّ من ردَّ عليه ليتعلموا منه أوائل المفترضات لكان بهم أحرى، ويزيلوا عن أنفسهم الحسد والبغي، وإنما يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلَّا أن يُتمَّ نوره ولو كره الكافرون»(١٣٧).

هذا، وقد كان للباجي فيما ذهب إليه سلف من شيوخه منهم أبو ذر الهروي والسمناني وغيرهم(١٣٨) ممَّن يقولون بظاهر الحديث ويحتجُّون بجملة من الأدلة تتمثَّل فيما يلي:

١ـ بما أخرجه ابن أبي شيبة وعمر بن شَبَّة من طريق مجاهد عن عون ابن عبد الله قال: «ما مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى كتب وقرأ». قال مجاهد: «فذكرتُه للشعبي فقال: صدق سمعت من يذكر ذلك»(١٣٩).

٢ـ ومن طريق يونس بن ميسرة عن أبي كبشة السلولي عن سهل بن الحنظلية «أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمر معاوية أن يكتب للأقرع وعيينة، فقال عيينة: أتراني أذهب بصحيفة المتلمس ؟ فأخذ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الصحيفة، فنظر فيها فقال: «قَدْ كَتَبَ لَكَ بِمَا أُمِرَ لَكَ»، قال يونس بن ميسرة: «فنرى أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كتب بعدما أنزل عليه»(١٤٠).

٣ـ ورود آثار دالة على معرفته حروف الخط وحسن تصويرها منها:

ـ قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لكاتبه: «ضَعِ القَلَمَ عَلَى أُذُنِكَ، فَإِنَّهُ أَذْكَرُ لَكَ»(١٤١).

ـ وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم لمعاوية: «أَلْقِ الدَّوَاةَ، وَحَرِّفِ القَلَمَ، وَأَقِمِ البَاءَ، وَفَرِّقِ السِّينَ، وَلَا تُعورِ المِيمَ»(١٤٢).

ـ وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا تَمُدَّ: بِسْمِ اللهِ»(١٤٣).

ورغم هذه الأدلة المساقة، فإنَّ مذهب جمهور العلماء والمحدثين القول بالمنع من أن يكون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد كتب حرفًا واحدًا بيده، بل له صلَّى الله عليه وسلَّم كتَّاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم، وأجاب الجمهور عن الأحاديث الواردة في المسألة بأنها ضعيفة لا يحتجُّ بها(١٤٤)، وأنه لو كتب بيده لنُقِل إلينا لأنَّ الدواعي متوفِّرة على نقله، وأنَّ لفظ «كتب» في حديث المقاضاة مؤول إلى معنى الأمر بالكتابة، وهو في اللغة كثير، كقوله: كتب إلى قيصر، وكتب إلى كسرى، وقطع السارق، ورجم ماعزًا، وجلد الشارب، فهو ما يعرف بالإسناد المجازي أو المجاز العقلي. وعلى تقدير حمله على ظاهره فلا يلزم من كتابة اسمه الشريف ذلك اليوم وهو لا يحسن الكتابة أن يصير عالمًا بالكتابة ويخرج عن كونه أمِّيًّا(١٤٥). وفي هذا المضمون يقول الحافظ الذهبي: «يجوز على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أن يكتب اسمه ليس إلَّا، ولا يخرج بذلك عن كونه أُمِّيًّا، وما مَن كتب اسمه من الأمراء والولاة إدمانًا للعلامة يُعَدُّ كاتبًا، فالحكم للغالب لا لما نَدَر، وقد قال عليه السلام: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ»(١٤٦)، أي لأنَّ أكثرهم كذلك، وقد كان فيهم الكَتَبة قليلًا، وقال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ[الجمعة: ٢]، فقوله عليه السلام: «لَا نَحْسُبُ» حقٌّ، ومع هذا فكان يعرف السنين والحساب، وقَسْمَ الفَيْءِ، وقِسْمَةَ المواريث بالحساب العربي الفطري لا بحساب القِبط ولا الجَبْر والمُقابلة، بأبي هو ونفسي صلَّى الله عليه وسلَّم، وقد كان سيد الأذكياء، ويَبْعُد في العادة أنَّ الذكيَّ يملي الوحي وكُتُبَ الملوك وغير ذلك على كتَّابه، ويرى اسمَه الشريف في خاتِمه، ولا يعرف هيئة ذلك مع الطُّول، ولا يخرج بذلك عن أُميَّته، وبعض العلماء عدَّ ما كتبه يوم الحُدَيْبِيَة من معجزاته، لكونه لا يعرف الكتابة وكتَبَ، فإن قيل: لا يجوز عليه الكتابة، فلو كتب لارتاب مبطل ولقال: كان يحسن الخطَّ، ونظر في كتب الأولين؛ قلنا: ما كتب خطًّا كثيرًا حتى يرتاب به المبطلون، بل قد يقال: لو قال مع طول مدة كتابة الكُتَّاب بين يديه: لا أعرف أن أكتُب اسمي الذي في خاتمي، لارتاب المبطلون ـ أيضًا ـ، ولقالوا: هو غاية في الذكاء، فكيف لا يعرف ذلك ؟ بل عرفه، وقال: لا أعرف. فكان يكون ارتيابهم أكثر وأبلغ في إنكاره»(١٤٧).

وفي هذا الصدد، فقد صنَّف القاضي أبو الوليد الباجي رسالةً في هذا الموضوع ينتصر فيها لرأيه ويبيِّن وجوه المسألة ويفنِّد أقوال المخالفين له في الرأي الذين رمَوْه بالكفر والزندقة، وسمَّى هذه الرسالة: «تحقيق المذهب في أنَّ رسول الله قد كتب»(١٤٨).

صلة الحكَّام بأبي الوليد الباجي

كانت للمناظرات العلمية التي أجراها أبو الوليد الباجي بالأندلس، وظهور تآليفه الأصولية والفقهية، وانتشار علمه وذيوع صيته، فضلًا عن اتصافه بالدِّيانة والتقوى وما يتميَّز به من صفة خَلقية في هيئته وسمته ووقاره، الأثر البالغ في نفوس الناس، كما كان تكوينه العلمي والأدبي محلَّ ثقتهم، الأمر الذي فسح للحكَّام مجالًا ـ بعد بروز نجمه ـ ليتصلوا به ويتقربوا إليه ويطلبوا صحبته، وفي هذا المضمون يقول ابن خاقان:

«فتهادته الدول، وتلقَّته الخيل والخول، وانتقل من محجر إلى ناظر، وتبدَّل من يانع بناضر»(١٤٩).

وقد استعمل في حفظ الأمانات، وولاه عمر بن محمَّد المتوكل بالله بن الأفطس أماكن متفرقة من الأندلس لأداء مهمة القضاء وفك المنازعات بين الناس، منها «أريولة» وأشباهها من الأماكن التي تصغُر عن قدره ومنزلته(١٥٠).

ونتيجة لاحتكاكه بالحكام وتوليته لمنصب القضاء، وقبوله لهداياهم وجوائزهم ـ وهُمْ له على غاية البرِّ ـ تحسَّنت حالته، واتسعت ثروته ومات على مال وفير(١٥١)، ولم يكن ذلك ذريعة للتعلُّق بالدنيا وزخرفها بل لم يزل زاهدًا ومنقطعًا عن الدنيا متعلقًا بالآخرة، ومن شعره ووصيته لولديه ما يفيد ذلك.

هذا، وقد تسبَّبت علاقته بالحكام في إثارة البغضاء والحقد والحسد، وكثُر القائل فيه، وأصبح عرضة لطعون الطاعنين لتعامله وموالاته للحكام مع ما كان عليه حالهم من شقاق وخلاف. ولا يخفى أنَّ الإمام أبا الوليد الباجي لم يَسْع للتودُّد للحكام ولا طلب عطاياهم، ولكنه لما قرَّبوه لم يمتنع لما في ذلك من إمكانية النصح لهم وإرشادهم وجمع كلمتهم، وهو من أهل العلم والأمانة، عليه واجب النصح، خاصة والأندلس تعيش أزماتٍ كثيرةً وتقلباتٍ سياسيةً، وقد وصف ابن بسام هذا الجوَّ المفعم بالفتن والاضطرابات السياسية بقوله: «فورد وعشبُ بلادها نابٌ وظفرٌ، وصوبُ عهادِها دمٌ هَدَرٌ، ومالها لا عينٌ ولا أثر، وملوكها أضداد، وأهواءُ أهلِها ضغائنُ وأحقاد، وعزائمهم في الأرض فساد وإفساد»(١٥٢)، فكان أبو الوليد الباجي يعمل بمبدأ لزوم جماعة المسلمين والاعتصام بها، وعدم الخروج عن طاعة الإمام ولو كان جائرًا ظالمًا ما لم تكن طاعته في معصية الله تعالى، لا سيما مع إمكانية تصويب الإمام في انزلاقاته والصدع بالحق أمامه.

وقد كان الباجي على بصيرة فيما هو فيه، ويمكن أن نلتمس نظرته لهذا الموضوع من خلال ما أورده أبو العرب عبد الوهاب البقساني بسنده إلى القاضي أبي الوليد الباجي أنه كان يقول، وقد ذكرت له صحبة السلطان: «لولا السلطان لنقلتني الذرُّ من الظل إلى الشمس، أو ما هذا معناه»(١٥٣)، ومن خلال وصيته لولديه ـ أيضًا ـ حيث جاء فيها: «واجتنبا صحبة السلطان مااستطعتما أو تحريا البُعد منه ما أمكنكما، فإنَّ البعد عنه أفضل من العز بالقرب منه، فإنَّ صاحب السلطان خائف لا يَأمن، وخائن لا يُؤمَن، ومسيء إن أحسن، يخاف منه، ويخاف بسببه، ويتهمه الناس من أجله، إن قرب فتن، وإن أبعد أحزن، يحسدك الصديق على رضاه إذا رضي، ويتبرأ منك ولدك ووالدك إذا سخط، ويكثر لائموك إذا منع، ويقل شاكروك إذا شبع، فهذه حال السلامة معه، ولا سبيل إلى السلامة ممن يأتي بعده، فإن امتحن أحدكما بصحبته، أو دعته إلى ذلك ضرورة فليتقلل من المال والحال، ولا يغتب عنده أحدًا، ولا يطالب عنده بشرًا، ولا يعصِ له في المعروف أمرًا، ولا يستنزله إلى معصية الله تعالى، فإنه يطلبه بمثلها، ويصير عنده من أهلها، وإن حظى بمثلها في الظاهر فإن نفسه تمقته في الباطن». هذه خلاصة تجربته في صلته بالحكام وزبدة خبرته.

عاش أبو الوليد حينًا في بلاط «ميورقة» بعد استجابته لدعوة الميورقيين لمناظرة ابن حزم، وحينًا «بسرقسطة» عندما استدعاه المقتدر بالله أبو جعفر أحمد ابن سليمان بن هود بعد توليته الحكم بها(١٥٤)، وحينًا آخر «ببطليوس» عند المتوكل بالله عمر بن محمَّد آخر حكام بني الأفطس.

ونزل أبو الوليد الباجي بدعوة من المقتدر بالله بأفخم قصور ملوك الطوائف وكان المقتدر بالله يتمتع بمستوى علمي راقٍ ميَّال إلى العلم محب للعلماء، لذلك عقد لمشاهير علماء وكتاب عصره مجالس في بلاطه(١٥٥).

وكان المقتدر بالله يدني أبا الوليد الباجي في مجلسه ويجلُّه ويقدِّره، وفي ذلك الوقت تهيأت له الظروف للتأليف والتصنيف والإقراء، وفي هذا المضمون يقول ابن خاقان:

«... ثمَّ استدعاه المقتدر بالله فسار إليه مرتاحًا، وبدا في أفقه ملتاحًا، وهناك ظهرت تواليفه وأوضاعه، وبدا وخده في سبل العلم وإيضاعه، وكان المقتدر يباهي بانحياشه إلى سلطانه، وإيثاره لحضرته باستيطانه، ويحتفل في ما يرتِّبه له ويجريه، وينزله في مكانه متى كان يوافيه»(١٥٦).

وفي تلك الفترة ندب المقتدر بالله أبا الوليد الباجي للردِّ على رسالة الراهب الفرنسي التي تضمَّنت دعوة المقتدر بالله إلى الإيمان بالمسيح عيسى بن مريم عليه السلام، فقام أبو الوليد الباجي بالرد عليه مفنِّدًا عقيدة التثليث ومبطلًا دعوة النصرانية، معتمدًا في ذلك على الأدلة والبراهين القوية، وأوضح له في آخر الردِّ عدْلَ الإسلام وفضله ووجوب الانضو اء تحت لوائه(١٥٧).

وفي بطليوس كان عمر بن محمَّد المتوكل بالله إلى جانب قدراته السياسية وبطولاته العسكرية يتمتع بإمكانيات علمية وأدبية عالية حتى أنه هيَّأ بلاطه الزاهر للعلماء وبسطه للأدباء، فكان قصره الملكي شبيهًا بجامعة أدبية علمية(١٥٨).

والظاهر أنَّ صلته بأبي الوليد الباجي كانت مبنية على الناحية العملية أكثر منها على الناحية العلمية، متمثلة في مهام ميدانية، فقد أسند إليه مهمة القضاء وكلَّفه به، ثمَّ ندبه ليطوف بحواضر الأندلس قصد توحيد جهود المسلمين وجمع كلمة الملوك ولمِّ الشعث والوقوف صفًا واحدًا متراصًّا ضد ألفونس السادس العدو المشترك الذي كان يتربص بهم الدوائر بعدما قويت شوكته، وتكثَّفت ضغوطه على طليطلة(١٥٩).

وفي سبيل هذه القضية المطلوبة شرعًا لقوله تعالى: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا[آل عمران: ١٠٣]، وغيرها من النصوص، فقد بذل أبو الوليد الباجي قصارى جهده، واستفرغ كلَّ وسعه، فطاف على ملوك الطوائف مؤدِّيًا واجب النصح للأئمة وواعظًا ومنذرًا لهم من عواقب التشتُّت والتفرُّق والخلاف، ومظهرًا لهم خطر عدوهم ووجوب صدِّ العدوان، وكان الملوك يُبدون له التقدير والإجلال ظاهرًا ويستبردون نزعته باطنًا، وما كان ذلك ليضيره فقد أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح الأمة، وفي هذا السِّياق يقول ابن بسام: «... على أنه لأوَّل قدومه رفع صوته بالاحتساب، ومشى بين ملوك أهل الجزيرة بصِلة ما انبتَّ من تلك الأسباب، فقام مقام مؤمن آل فرعونَ لو صادف أسماعًا واعية، بل نفخ في عظام ناخرة، وعَكَفَ على أطلال داثرة، بيد أنه كلَّما وفد على ملك منهم في ظاهر أمره لقيه بالترحيب، وأجزل حظَّه بالتأنُّس والتقريب، وهو في الباطن يَسْتَجْهِلُ نَزْعَتَهُ، ويَسْتَثْقِلُ طَلْعَتَهُ، وما كان أفْطَنَ الفقيه رحمه الله بأمورهم، وأعلمه بتدبيرهم، لكنه كان يرجو حالًا تثوب، ومذنبًا يتوب»(١٦٠).

وعملًا بالمبدأ الشرعي السابق، فلم يزل أبو الوليد الباجي في سفارته بين ملوك الطوائف مجتهدًا يؤلفهم على نصرة الإسلام، ونبذ أحقادهم، وجمع كلمتهم، والاستعانة بجيش المرابطين بقيادة يوسف بن تاشفين لصدِّ العدو الصليبي حتى وافاه أجله قبل تمام غرضه وتحقيق رغبته(١٦١).

هذا، وإنَّ اشتغال أبي الوليد الباجي بالمهام القضائية والأمانات والسفارة بين ملوك الطوائف لإصلاح ذات البين لم يمنعه ذلك من نشر العلم وبث المعرفة وتأليف الكتب وتدريسها(١٦٢).

آثار أبي الوليد الباجي العلمية

لقد ترك القاضي أبو الوليد الباجي آثارًا علميةً نافعةً، وثروةً وافرةً قيِّمةً من الكتب والرسائل في مجالاتٍ شتَّى، وفنونٍ متنوعةٍ جمعت بين المنقول والمعقول، والرواية والدراية، تشهد له بمعرفته وسعة علمه ومكانته الراقية بين فطاحل العلماء العاملين. فمصنفاته التي تربو عن الثلاثين(١٦٣) في مختلف أنواع المعرفة قد أحيت ذكره، وخلَّدت اسمه وأكَّدت عظمة شخصيته العلمية البارزة.

وقد حفظت لنا مختلف المصادر والمراجع عناوين كتبه ورسائله ومسائله، فمنها ما خرج إلى حيز الوجود مطبوعًا ومتداولًا، ومنها ما بقي مخطوطًا يعلم مكان وجوده ولم يتعرض للتحقيق، ومنها ما بقي مخطوطًا يجهل أماكن وجوده، ومنها ما لم يُتِمَّه المصنف.

مؤلفات أبي الوليد الباجي العلمية

مؤلفات القاضي أبي الوليد الباجي متنوعة منها ما يتعلق بالفقه وأصوله، والتفسير وشرح «الموطأ»، وعلم الرجال وتراجمهم، وعلم الجدل ومسائل الخلاف، والتوحيد والزهد والرقائق وغير ذلك، لذلك ارتأينا أن نتناول كتبه ورسائله ومسائله الفقهية.

كتب أبي الوليد الباجي:

نرتِّب كتب الباجي حسب العلم الذي صنَّف فيه أكثر من غيره، وقد نترك الإشارة إلى بعض الكتب لتشابه عناوينها وتقاربها خشية أن تكون واحدة من حيث المحتوى والمضمون مع تعذر وجود سبيل للتحقق منها.

وتتدرج هذه الكتب على الوجه التالي:

ـ كتب أبي الوليد الباجي في الفقه.

ـ كتب أبي الوليد الباجي في علم الحديث والتراجم.

ـ كتب أبي الوليد الباجي في أصول الفقه والجدل.

ـ كتب أبي الوليد الباجي في الزهد والرقائق.

ـ كتب أبي الوليد الباجي الأخرى.

كتب أبي الوليد الباجي في الفقه:

وتظهر مصنَّفاته الفقهية في فقه أحاديث «الموطأ» والمسائل الفرعية عليها، أو في شرح المسائل الفقهية في «المدونة» أو في اختصارات وتهذيب «المدونة»، وهي على الترتيب التالي:

١ـ «الاستيفاء»:

وهو كتاب كبير موسَّع جامع في شرح «موطأ مالك» لم يصنع مثله، قال القاضي عياض عند تعرُّضه لكتاب «المنتقى»: «وكان ابتدأ كتابًا أكبر منه بلغ فيه الغاية سمَّاه «الاستيفاء» في هذا المعنى، لم يصنع مثله»(١٦٤)، وقيل(١٦٥): إنه لم يكمله، وهو قول غير موثوق لتعارضه مع إشارة الباجي له باكتماله وإتمامه كما جاء في مقدمة «المنتقى» حيث يقول: «...أنَّ الكتاب الذي ألَّفتُ في شرح «الموطَّأ» المترجم بكتاب «الاستيفاء»... ورغبت أن أقتصر فيه على الكلام في معاني ما يتضمنه ذلك الكتاب من الأحاديث والفقه»(١٦٦).

وقد ذكره الباجي في «المنتقى» (١/ ٢ ـ ٣)، وابن عطية في «فهرسته» (١٠٥)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (١/ ٢٠٠، ٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٨)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٨)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢٠٩)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢١)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ٤/ ٢١٧)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، والمراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٧)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥).

٢ـ «المنتقى»(١٦٧):

وهو كتاب انتقاه من كتاب «الاستيفاء» على وجه الاختصار والتقريب شرح فيه أحاديث «موطأ مالك»، وقام بتفريع المسائل الفقهية عليها سالكًا مذهب الاجتهاد وإقامة الحجة، ويُعَدُّ «المنتقى» من أحسن الكتب التي أُلِّفَتْ في مذهب مالك.

وقد ذكره ابن عطية في «فهرسته» (١٠٥)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (١/ ٢٠٠، ٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٨)، واليافعي في «مرآة الجنان» (٣/ ١٠٨)، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٢/ ٤٠٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٨)، و«تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، وابن كثير في «البداية والنهاية» (١٢/ ١٢٢)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٤)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢١)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ٤/ ٢١٧)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥)، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» (٣/ ٢٧٧).

٣ـ «المعاني»:

وهو كتاب كبير الحجم في شرح «موطأ مالك» عديم النظير جاء في عشرين مجلدًا.

ذكره ياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، وكحالة في «معجم المؤلفين» (٤/ ٢٦١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥).

٤ـ «الإيماء»:

وهو كتاب مختصر ﻟ«المنتقى» في شرح «موطأ مالك»، قدر ربع «الاستيفاء» السالف الذكر، وهو واقع في خمسة مجلدات.

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٨)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٨)، وتذكرة الحفاظ (٣/ ١١٨٠)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢١)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ٤/ ٢١٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور»(١٦٨) (١/ ١٢١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥).

٥ـ «شرح المدونة»:

وهو كتاب اختصر فيه «المدونة» وشرحها بشرح لم يكمل.

وقد ذكره منسوبًا إليه القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ٤/ ٢١٧).

٦ـ «مختصر المختصر»:

وهو كتاب اختصر فيه «المختصر من مسائل المدونة».

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٨)، وتذكرة الحفاظ (٣/ ١١٨٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ٤/ ٢١٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٦).

٧ـ «المهذَّب»:

وهو كتاب اختصر فيه «المدونة» اختصارًا حسنًا.

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢).

٨ـ «فصول الأحكام وبيان ما مضى عليه العمل عند الفقهاء والحكام»(١٦٩):

وهو كتاب يتعلق بالأحكام التي يرجع إليها القاضي في التطبيق، كما أنه يتعلق ـ أيضًا ـ بالقضاء والشهادات واليمين وإجراءات التداعي.

وقد نسبه إليه البغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧).

٩ـ «المقتبس في علم مالك بن أنس»:

وهو كتاب فقه لم يكمله.

ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢).

كتب أبي الوليد الباجي في علم الحديث والرجال والتراجم:

تظهر كتب الباجي في علم الرجال والتراجم فيما يلي:

١ـ «التعديل والتجريح لمن خرَّج له البخاري في الجامع الصحيح»(١٧٠):

وفيه بيَّن أسماء رجال «صحيح البخاري»، ومنهج معرفة الجرح والتعديل، وذكر مجموعة من المراجع التي اتخذها عمدة لكتابه، ومجموعة من المعلومات والطرائف، وجملة من أسئلته وتقييداته للحفَّاظ على منهج واضح سليم.

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وفي «الغنية» (١٣٥، ١٨٤)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، واليافعي في «مرآة الجنان» (٣/ ١٠٨)، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٢/ ٤٠٩)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، وابن العماد في «شذرات الذهب» (٣/ ٣٤٥)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ١/ ٢١٧)، والكتاني في «الرسالة المستطرفة» (٢٠٧)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، والمراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٦٧)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥).

٢ـ «اختلاف الموطآت»:

للدارقطني كتاب عرف بهذا الاسم تعرَّض فيه للأحاديث التي خولف فيها مالك، وفي تضاعيفها أحاديث حَدَّث بها مالك في «الموطأ» على وجه وحَدَّث بها في غير «الموطأ» على وجه. ولعلَّ أبا الوليد الباجي أراد من وراء تأليفه لهذا الكتاب تدارك النقص الذي وقع فيه الدارقطني من ناحية إغفاله لروايات الأفارقة والأندلسيين(١٧١).

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (١/ ٢٠٠، ٢/ ٨٠٦)، وابن خيِّر في «فهرسته» (١٨٠)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٨)، و«تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٣)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٦).

٣ـ «مختصر مشكل الآثار»:

وهو كتاب اختصر فيه كتاب «مشكل الآثار» للإمام أبي جعفر الطحاوي الحنفي المتوفى سنة (٣٢١ﻫ)، من غير إخلال بشيءٍ من معانيه وفقهه، فألحق كلَّ شكل منه بشكله حاذفًا أسانيد الأحاديث وطرقها فجاء ترتيبه حسنًا بديعًا.

ذكره القاضي أبو المحاسن يوسف بن موسى الحنفي في مقدمة «المعتصر من المختصر» (١/ ٣)، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» (٣/ ٢٦٣)، وأفاد بوجود نسخة منه بالمتحف البريطاني تحت رقم: (١٢٦٩).

والظاهر أن نسبته إلى الباجي خطأ، فالصواب أنه لأبي الوليد محمَّد بن أحمد ابن رشد (ت ٥٢٠ﻫ) كما نسبه ورواه بإسناده إلى ابن رشد: ابن خيِّر في «فهرسته» (٢٠٠، ٢٤٣)، والقاضي عياض في «الغنية» (٥٤)، وابن فرحون في «الديباج» (٢٧٩)، ولم ينسبه أحد من القدماء إلى الباجي غير أبي المحاسن الذي اختصر الكتاب فوهم في نسبته إلى الباجي.

٤ـ «كتاب فرق الفقهاء»:

وهو كتاب في تراجم الرجال.

ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٢٧)، و«الغنية» (٨٦)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «التذكرة» (٣/ ١١٨٠)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧).

٥ـ «التبين لمسائل المهتدين»:

وهو كتاب صنَّفه في اختصار «فرق الفقهاء».

وقد سمَّاه بهذه التسمية البغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٦)، وفي «فهرست» ابن خيِّر الإشبيلي: «التبيين عن مسائل المهتدين» (٢٥٦)، وذكره المقري في «نفح الطيب» بعنوان «التبيين لسبيل المهتدين» (٢/ ٦٩).

٦ـ «فهرست»:

وهي عبارة عن برنامج لشيوخ أبي الوليد الباجي ورواياته عنهم:

ذكره القاضي عياض في «الغنية» (٢٢٨)، ويرويه ابن خيِّر الإشبيلي بأسانيده إلى أبي الوليد الباجي في «فهرسته» (٤٢٩)، ويرويه عنه عبد الحي الكتاني بأسانيده في «فهرس الفهارس» (١/ ٢١٢).

كتب أبي الوليد الباجي في أصول الفقه والجدل:

تظهر مصنفاته الأصولية على الترتيب التالي:

١ـ «إحكام الفصول في أحكام الأصول»(١٧٢):

وهو كتاب قيِّم نفيس في مجاله، كثير النفع عظيم الفائدة، لا يستغني عنه الباحث لا سيما فيما يتعلق بأصول المذهب المالكي.

وقد أحال الباجي إليه في «المنتقى» (٤/ ٢٦٢)، وذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وفي «الغنية» (١٨٤)، وابن خيِّر الإشبيلي في «فهرسته» (٢٥٥)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، وابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٢/ ٤٠٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، وابن كثير في «البداية والنهاية» (١٢/ ١٢٢)، واليافعي في «مرآة الجنان» (٣/ ١٠٨)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، والمراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٦٧)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، وحاجي خليفة في «كشف الظنون» (١/ ٢٠).

٢ـ «الإشارة إلى معرفة الأصول، والوجازة في معنى الدليل»:

هو كتاب أصولي قيم يستوعب معلومات مفيدة للمبتدي ولا يستغني عنها الباحث بعبارة علمية دقيقة مسلسلة بعيدة عن التعقيد اللفظي والتعصب المذهبي، اختصره من كتابه الكبير المفصل «إحكام الفصول في أحكام الأصول» حيث لم يسلك منهج المقارنة بين الآراء الأصولية المتعارضة بإيراد أدلتها ومناقشتها ونقدها وإبراز الراجح منها كما فعل في الأصل إلا نادرًا، وإنما يذكر ما ترجح عنده من الآراء الأصولية المالكية مدعما ترجيحه بالحجج العقلية والنقلية، وقد استقى التعريفات الاصطلاحية من كتابه «الحدود في أصول الفقه»، كما أفاد من كتابه «تفسير المنهاج في ترتيب الحجاج» في مسائل عديدة منها باب الترجيح، وقد أفاد من كتب شيخيه أبي إسحاق الشيرازي وأبي جعفر السمناني في نقل الآراء الأصولية والاجتهادات المذهبية للمذهبين الشافعي والحنفي.

وقد ذكره منسوبًا له: ابن عطية في «فهرسته» (١٠٥)، والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦) وفي «الغنية في شيوخ القاضي عياض» (١٣٤)، وابن خيِّر الإشبيلي في «فهرسته» (٢٥٥)، وعماد الدين الأصبهاني في «خريدة القصر وجريدة العصر» (٣/ ٤٧٢)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والإمام أبو عبد الله محمَّد بن عمر بن رشيد الفهري السبتي في «ملء العيبة بما جُمع بطول الغيبة» (٢/ ٢٢٥)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩) و«تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٤)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمد مخلوف في «شجرة النور الزكية» (١٢١).

٣ـ «الحدود في أصول الفقه»(١٧٣):

وهو كتاب يضم مجموعة من التعريفات بالمصطلحات المستخدمة عند علماء أصول الفقه، ثمَّ يتعرَّض لها بالشرح والبيان، وتارة يسهب في الشرح وأخرى يختصر، وقد ينقل تعريفات شيوخه أو أصحابه ثمَّ يتناولها بالنقد العلمي السليم.

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧)، وابن خيِّر الإشبيلي (٢٥٦)، وياقوت الحموي (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، والمراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٦٧).

٤ـ «الناسخ والمنسوخ في الأصول»:

وهو كتاب لم يكمله.

ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، وكحالة في «معجم المؤلفين» (٤/ ٢٦١).

٥ـ «تفسير المنهاج في ترتيب طرق الحجاج»(١٧٤):

وهو كتاب وضعه في علم الجدل، يتوخى منه بيان أبوابه وأقسامه وما يترتب عن ذلك من أسئلة وما يقابلها من أجوبة بيانًا مجملًا ومفرعًا ومفصلًا ومدقَّقًا.

وقد ذكره بهذا الاسم القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧)، وسماه الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥) باسم: «سنن المنهاج وترتيب الحجاج»، وسمَّاه الداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٦٧) باسم «تبيين المنهاج»، وسمَّاه ياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩) باسم: «السراج في ترتيب الحجاج»(١٧٥).

كتب أبي الوليد الباجي في الزهد والرقائق:

تظهر مصنفاته في هذا المجال على الوجه التالي:

١ـ «سُنَن الصالحين وسُنَن العابدين»(١٧٦):

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، و«تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، وابن خيِّر الإشبيلي في «فهرسته» (٢٧٧)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، وذكره ياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج» (١٢٢) بعنوان «السنن في الرقائق والزهد والوعظ».

٢ـ «سبيل المهتدين»:

وقد ذكره منسوبًا إليه القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠).

كتب أبي الوليد الباجي الأخرى:

١ـ «تفسير القرآن»:

وهو تفسير لم يكمله.

ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢) والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، وكحالة في «معجم المؤلفين» (٤/ ٢٦١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٦).

٢ـ «التسديد إلى معرفة طرق التوحيد»:

وهوكتاب وضعه في علم الكلام.

وقد ذكره ابن عطية في «فهرسته» (١٠٥) والقاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وفي «الغنية» (١٨٤)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٩)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والسيوطي في «طبقات المفسرين» (٥٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والأصفهاني في «خريدة القصر» (٣/ ٤٧٢)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢٠)، والمراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٦٧)، وكحالة في «معجم المؤلفين» (٤/ ٢٦١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٥).

٣ـ «السراج في عمل الحجاج»:

وقد تناول فيه مسائل الخلاف ولم يكمله.

ذكره منسوبًا إليه القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٨) وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٠)، والكتبي في «فوات الوفيات» (٢/ ٦٤)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢١)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٦٩)، والبغدادي في «هدية العارفين» (٥/ ٣٩٧)، ومحمَّد مخلوف في «شجرة النور» (١/ ١٢١)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٦).

٤ـ «الانتصار لأعراض الأئمة الأخيار»:

وهو كتاب تضمَّن الرد على أهل الأهواء والبدع والضلال فيما يطعنون به في الأئمة العلماء المشهود لهم بالدين والعلم والفضل.

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧).

٥ـ «رفع الالتباس في صحة التعبد»:

ذكره ابن خيِّر الإشبيلي في «فهرسته» مرويًا بأسانيده إليه: (٢٥٦).

٦ـ «تهذيب الزاهر لابن الأنباري»:

وهو كتاب في اللغة هذَّب فيه كتاب «الزاهر».

وقد ذكره القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧).

رسائل أبي الوليد الباجي:

تظهر رسائله على الترتيب الآتي:

١ـ تحقيق المذهب في أنَّ رسول الله قد كتب(١٧٧):

وهي رسالة ألَّفها ردًّا على المعارضين الذين رموه بالكفر والزندقة لأجل قوله في حديث المقاضاة في صلح الحديبية بأن النبي مع أمِّيَّته قد كتب بيده صلَّى الله عليه وسلَّم.

وقد ذكرها القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٥)، والذهبي في «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٤٠)، وفي «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨١)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، والحجوي في «الفكر السامي» (٢/ ١/ ٢١٧).

٢ـ الرد على رسالة الراهب الفرنسي(١٧٨):

وقد احتوت رسالةُ راهب فرنسا دعوةَ المقتدر بالله بن هود أمير سرقسطة إلى الإيمان بالمسيح والنصرانية، وذلك إبان ضعف ملوك الطوائف، وقد ندب المقتدر بالله أبا الوليد الباجي للرد على رسالة الراهب، فأجابه بالأدلة والبراهين القاطعة، مفندًا عقيدة التثليث ومبطلًا دعوة النصرانية، ثمَّ أوضح له حقيقة الإسلام وفضله، ووجوب الانضواء تحت لوائه.

٣ـ شرح حديث «البينة على من ادعى واليمين على من أنكر»(١٧٩):

وهي رسالة صغيرة في بيان هذا المعنى، تبرز خبرته بأصول القضاء وتَمكُّنَه في معالجة القضايا والنوازل المطروحة بمنظور أصولي عالٍ.

٤ـ التحذير من بدعة مولد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:

وهي رسالة تصب في معنى العنوان ذكرها المراغي في «الفتح المبين» (١/ ٢٦٧)، وفي نسبته إلى الباجي نظر.

٥ـ وصية الباجي لولديه(١٨٠):

وهي رسالة توجيهية تتضمَّن نصيحة قيِّمة لولديه بإرشادهما إلى حَسَنِ الأخلاق ومكارمها وإلى سبل الخير وطرق الفلاح والنجاة.

ذكرها ابن خيِّر الإشبيلي في «فهرسته» (٢٧٨)، والتجيبي في «برنامجه» (٢٥٢)، وياقوت في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٤٩)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢)، وبالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٢٤٦).

مسائل أبي الوليد الباجي:

المسائل التي عالجها الباجي تحمل الصبغة الفقهية وتظهر على الترتيب التالي:

١ـ مسألة مسح الرأس:

ذكرها القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢).

٢ـ مسألة غسل الرجلين:

ذكرها القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢).

٣ـ مسألة اختلاف الزوجين في الصداق:

ذكرها القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٦)، والداودي في «طبقات المفسرين» (١/ ٢١٠)، وابن فرحون في «الديباج المذهب» (١٢٢).

[تحقيق «الإشارة» (٢٧ ـ ١٣٦)، «الإرشاد» (١١)، تحقيق «تقريب الوصول» (١٢٧)، «الإنارة» (١٥)]

 



(١) انظر ترجمته في: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «معجم الأدباء» لياقوت الحموي (١١/ ٢٤٦)، «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٠)، «بغية الملتمس» للضبي (٣٠٢)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٨)، «فوات الوفيات» للكتبي (٢/ ٦٤)، «مرآة الجنان» لليافعي (٣/ ١٠٨)، «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٥)، «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٧٨)، «دول الإسلام» (٢/ ٦) كلها للذهبي، «الأنساب للسمعاني» (٢/ ١٤)، «الإكمال» لابن ماكولا (١/ ٤٦٨)، «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٤)، «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٥)، «اللباب» لابن الأثير (١/ ١٠٣)، «المرقبة العليا» للنباهي (٩٥)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٢/ ١٢٢)، «خريدة القصر» للأصفهاني (٣/ ٤٧٢)، «الروض المعطار» للحميري (٧٥)، «طبقات الحفاظ» (٤٣٩)، «طبقات المفسرين» (٥٢) كلاهما للسيوطي، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٠٨)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «وفيات ابن قنفذ» (٥٧)، «تبصير المنتبه» لابن حجر (١/ ١١٧)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٦٧)، «كشف الظنون» لحاجي (١/ ٢٠)، «شذرات الذهب» لابن العماد (٣/ ٣٤٤)، «هدية العارفين» للبغدادي (٥/ ٤٩٧)، «الرسالة المستطرفة» للكتاني (٢٠٧)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٦)، «الفتح المبين» للمراغي (١/ ٢٦٥)، «فهرس الفهارس» للكتاني (١/ ٢١٢)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٢٠)، «معجم المؤلفين» لكحالة (٤/ ٢٦١)، «تهذيب ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٤٨)، «تاريخ الفكر الأندلسي» لبالنثيا (٤٢٣)، «دول الطوائف» لعنان (٤٣٣).

(٢) هكذا ورد في جُلِّ مصادر ترجمته، وفي «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٢) باسم «سعدون» ووردت تسميته في «اللباب» لابن الأثير (١/ ١٠٣) باسم «أسعد»، وفي «تذكرة الحفاظ» للذهبي (٣/ ١١٧٨)، و«طبقات الحفَّاظ» للسيوطي (٤٣٩)، باسم: «سعيد»، خلافًا لما ورد في «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٦)، و«طبقات المفسرين» للسيوطي (٥٢) باسم «سعد».

ولعلَّ الذين أوردوه باسم «سعدون» بزيادة الواو والنون للتفخيم أوردوه تبعًا لقواعد اللغة الإسبانية. أمَّا الذين أوردوه باسم «سعيد» فلعلَّ اشتباها حدث بينه وبين القاضي أبي الوليد محمَّد ابن خلف بن سعيد المعروف بابن مرابط.

(٣) اتَّفقت سائر مصادر ترجمته على أنَّ هذه كنيته، ولا يعرف له ابن بهذا الاسم.

(٤) انظر: «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (٤٢٩)، «معجم ما استعجم» للبكري (١/ ٥٦)، «القاموس المحيط» للفيروز آبادي (٧٨)، «اللباب» لابن الأثير (١/ ٢٠٧)، «معجم البلدان» لياقوت (٢/ ١٦)، «الإكمال» لابن ماكولا (١/ ٢١٤)، «نهاية الأرب» للقلقشندي (١٧٤)، «العبر» لابن خلدون (٣/ ٥٧٧)، «معجم قبائل العرب» لكحالة (١/ ١١٦).

(٥) كذا في «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٢٠)، ولعله تصحيف من تُجيبي فإن تَميمًا من عدنان وتُجيبًا من قحطان.

(٦) انظر: «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (٢٠٦)، «معجم قبائل العرب» لكحالة (١/ ١٢٦).

(٧) يطلق اسم «باجة» على خمس مدن وهي:

ـ باجة أصبهان، وإليها ينسب أبو صالح محمَّد بن الحسن بن بوقة المديني، وهي أيضًا نسبة إلى جد المنتسب وهو أبو الحسن إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد بن موسى الفارسي القاضي الباجي المعروف بابن باجة.

ـ باجة القمح، وهي مدينة قريبة من تونس، وينسب إليها أبو عمر أحمد بن عبد الله ابن محمَّد الباجي.

ـ باجة الزيت بإفريقية ينسب إليها محمَّد بن أبي معتوج.

ـ باجة الصين، وهي مدينة على ضفة نهر الصين.

ـ باجة الأندلس الواقعة غرب الأندلس بنواحي «ماردة» Merida، وهي التي ينتسب إليها صاحب الترجمة عند جلِّ أهل التراجم والتاريخ، وخالف ابن عساكر في هذا ونسبه إلى باجة القيروان. [«تهذيب ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٤٩) وتبعه في ذلك الذهبي في أحد قوليه على ما جاء في «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٧٨، ١١٨٢)، وفي «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٣٦، ٥٤١)، واليافعي في «مرآة الجنان» (٣/ ١٠٩)].

انظر: تعدُّد المدن التي تحمل اسم باجة في: «معجم البلدان» لياقوت (١/ ٣١٤)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٤٧)، «اللباب» لابن الأثير (١/ ١٠٣)، «الروض المعطار» للحميري (٧٥)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «نفح الطيب» للمقري (١/ ١٥٩، ٢/ ٧٦)، «وفيات الأعيان» لابن خلِّكان (٢/ ٤٠٩).

(٨) «الفتح المبين» للمراغي (١/ ٢٦٥).

(٩) «معجم البلدان» لياقوت (٤/ ٣٢٤)، «الروض المعطار» للحميري (٤٥٦)، «نفح الطيب» للمقري (١/ ٤٥٥ وما بعدها)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٠٧٨).

(١٠) انظر: «معجم البلدان» لياقوت (١/ ٤٤٧)، «الروض المعطار» للحميري (٩٣)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (١/ ٢٠٤)، وبطليوس تبعد حاليًا حوالي ٦٠٠ كلم من العاصمة مدريد، وليس بينها وبين البرتغال سوى سبع كيلومترات.

(١١) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٤)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٠٩)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٦)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٦).

(١٢) «معجم البلدان» لياقوت (١/ ٢٦٢)، «الروض المعطار» للحميري (٣٢)، «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (٤/ ٥٥٦)، «البداية والنهاية» لابن كثير (٩/ ٨٣)، «دول الإسلام» للذهبي (١/ ٦٤).

(١٣) انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٤٨)، «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٩)، «فوات الوفيات» للكتبي (٢/ ٦٤)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٦)، «طبقات المفسرين» (٥٣)، «طبقات الحفَّاظ» (٤٣٩) كلاهما للسيوطي، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٠٨)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٦)، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٢/ ١٢٢)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٧)، «هدية العارفين» للبغدادي (٥/ ٣٩٧)، «دول الطوائف» لعنان (٤٣٣).

(١٤) «تهذيب ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٤٩).

(١٥) «تاريخ الفكر الأندلسي» لبالنثيا (٤٢٤).

(١٦) «تهذيب تاريخ ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٤٩).

(١٧) «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢).

(١٨) «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢).

(١٩) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٤٧)، «فوات الوفيات» للكتبي (٢/ ٦٤)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٦)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٠٨)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٦).

(٢٠) «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢)، وهو أحد تلاميذ الباجي.

(٢١) «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٩).

(٢٢) «الإكمال» لابن ماكولا (١/ ٤٦٨)، «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٤)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٤٧)، «اللباب» لابن الأثير (١/ ١٠٣)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٠٨)، «الديباج المذهب» (١٢٠)، «نفح الطيب» للمقري (٧٦).

(٢٣) «الصلة» لابن شكوال (١/ ٢٠١).

(٢٤) «الصلة» لابن شكوال (١/ ٢٠٢).

(٢٥) «الصلة» لابن شكوال (١/ ٢٠١).

(٢٦) «الفتح المبين» للمراغي (١/ ٢٦٥).

(٢٧) «معجم المؤلفين» لكحالة (٤/ ٢٦١).

(٢٨) «دول الطوائف» لمحمد عنان (٤٣٣).

(٢٩) «وصية الباجي لولديه» (٣١)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨).

(٣٠) «وصية الباجي لولديه» (٣١).

(٣١) وهي مدينة واقعة بشرق إسبانيا، وكانت تعرف بالمدينة البيضاء. [انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٣/ ٢١٢)، «الروض المعطار» للحميري (٣١٧)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٢/ ٧٠٨)، «نفح الطيب» للمقري (١/ ١٥٠)].

(٣٢) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨).

(٣٣) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠١)، «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٦)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٥).

(٣٤) أورد هذه القصيدة القاضي عياض في «ترتيب المدارك» (٢/ ٨٠٧)، وياقوت الحموي في «معجم الأدباء» (١١/ ٢٥٠)، وابن بسام في «الذخيرة» (٢/ ١/ ١٠١)، والأصفهاني «خريدة القصر» (٣/ ٤٧٣)، وابن خاقان في «قلائد العقيان» (٢١٦)، والمقري في «نفح الطيب» (٢/ ٧٥)، ومنها بيتان ذكرهما ابن خلكان في «وفيات الأعيان» (٢/ ٤٠٨).

(٣٥) «دراسة فصول الأحكام» لباثول (٨٤).

(٣٦) «الديباج المذهب» لابن فرحون (٥١)، «بغية الوعاة» للسيوطي (١٤٣)، «شذرات الذهب» لابن العماد (٤/ ١٠٢).

(٣٧) انظر: «معجم قبائل العرب» لكحالة (١/ ١١٦).

(٣٨) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨).

(٣٩) المَرِيَّةُ: مدينة كبيرة محدثة من أعمال الأندلس، أمر ببنائها أمير المؤمنين الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمَّد سنة (٣٤٤ﻫ )، وهي أشهر مراسي الأندلس وأعمرها.

[انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٥/ ١١٩)، «الروض المعطار» للحميري (٥٣٧)، «نفح الطيب» للمقري (١/ ١٦٢)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٢٦٤)].

(٤٠) اختلفوا في تحديد اليوم والشهر لوفاة الباجي، فقيل: يوم الخميس تاسع رجب، وقيل: تاسع عشر صفر، وقيل: حادي عشر رجب، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٦)، وقيل: سابع عشر من رجب، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٢)، وقيل: في التاسع والعشرين من رجب، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٢/ ١٢٣)، وقيل: التاسع عشر من رجب وهو مذهب الجمهور، «الصلة» لابن شكوال (١/ ٢٠٢)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٩)، «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٤٤)، «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٢) كلاهما للذهبي، «طبقات الحفاظ» (٤٤٠)، «طبقات المفسرين» (٥٤) كلاهما للسيوطي، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١٢).

(٤١) انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨)، «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢)، «بغية الملتمس» للضبي (٣٠٣)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٩)، «فوات الوفيات» للكتبي (٢/ ٦٤)، «مرآة الجنان» لليافعي (٣/ ١٠٨)، «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٤٤)، «تذكرة الحفاظ» (٣/ ١١٨٢)، «دول الإسلام» (٢/ ٦) كلها للذهبي، «البداية والنهاية» لابن كثير (١٢/ ١٢٢)، «الروض المعطار» للحميري (٧٥)، «طبقات الحفاظ» (٤٤٠)، «طبقات المفسرين» (٥٤) كلاهما للسيوطي، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١٢)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٧)، «كشف الظنون» لحاجي (١/ ٢٠)، «شذرات الذهب» لابن العماد (٣/ ٣٤٤)، «هدية العارفين» للبغدادي (٥/ ٣٩٥)، «الفكر السامي» للحجوي (١/ ٤/ ٢١٧)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٢١).

(٤٢) «اللباب» لابن الأثير (١/ ١٠٣).

(٤٣) «معجم الأدباء» لياقوت الحموي (١١/ ٢٤٩)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٢).

(٤٤) هناك رأي آخر ذهب إليه بالنثيا في «تاريخ الفكر الأندلسي» (٤٢٤) بأنَّ سنة وفاة الباجي ثلاث وسبعين وأربعمائة (٤٧٣ﻫ) وهو تحريف ظاهر، ولعل هذا التحريف وقع عند إرادة تحويل التاريخ الميلادي إلى الهجري على نحو ما حدث له في تاريخ ميلاد الباجي.

(٤٥) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨).

(٤٦) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض(٢/ ٨٠٨)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٧).

(٤٧) انظر: تفاصيل معركة الزلاقة في: «الكامل في التاريخ» لابن الأثير (١٠/ ١٥١)، «الحلل الموشية» (٣٣)، «المُعجب» للمراكشي (١٩٥)، «دول الطوائف» لعنان (٣٢٠).

(٤٨) «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٧).

(٤٩) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٤).

(٥٠) طرطوشة: مدينة بشمال شرقي الأندلس فتحها المسلمون وأقاموا فيها دار الصناعة، كانت قاعدة بني عامر على أيام ملوك الطوائف. [«معجم البلدان» لياقوت (٤/ ٣٠)، «الروض المعطار» للحميري (٣٩١)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٢/ ٨٨٤)].

(٥١) طليطلة: مدينة في أواسط الأندلس بالقرب من مدريد العاصمة، فتحها طارق بن زياد. [«معجم البلدان» لياقوت (٤/ ٣٩)، «الروض المعطار» للحميري (٣٩٣)، «نفح الطيب» للمقري (١/ ١٦١)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٢/ ٨٩٢)].

(٥٢) وشقة: مدينة حصينة في شمال شرقي الأندلس. [«معجم البلدان» لياقوت (٥/ ٣٧٧)، «الروض المعطار» للحميري (٦١٢)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٤٣٨)].

(٥٣) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٤٨)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٨)، «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٤)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٦).

(٥٤) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٥).

(٥٥) وفي «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٢٠) «أقام بمكة أربعة أعوام».

(٥٦) أكثر نسخ البخاري الصحيحة بالمغرب إمَّا من رواية الباجي عن أبي ذر الهروي، و إمَّا من رواية أبي عليٍّ الصَّدَفي بسنده. [«نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧١)].

(٥٧) انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «معجم الأدباء» لياقوت الحموي (١١/ ٢٤٨)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٢٠)، «الفتح المبين» للمراغي (١/ ٢٦٥).

(٥٨) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٤).

(٥٩) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠١).

(٦٠) الموصل »Mossoul«: مدينة مشهورة بالعراق. [انظر: «معجم ما استعجم» للبكري (٤/ ١٢٧٨)، «معجم البلدان» لياقوت (٥/ ٢٢٣)، «الروض المعطار» للحميري (٥٦٣)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٣٣٣)].

(٦١) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٨)، «معجم الأدباء» لياقوت الحموي (١١/ ٢٤٨)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٨)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢٠٩)، «فوات الوفيات» للكتبي (٢/ ٦٤)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧١).

(٦٢) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٩)، وستأتي هذه القصيدة قريبًا عند التعرض لشعر الباجي ونثره، انظر: (ص ١٢٢).

(٦٣) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «الديباج المذهب» (١٢٠)، «الفتح المبين» للمراغي (١/ ٢٦٦).

(٦٤) حكى أبو الوليد الباجي أنَّ الطلبة كانوا ينتابون مجلس أبي علي البغدادي، وبسبب المطر والوحل لم يحضر حلقة العلم من زملائه الطلبة سواه، فلما التمس مواظبته وانضباطه وحرصه أنشده:

دَبَبْتَ لِلْمَجْدِ والسَّاعُونَ قَدْ بَلَغُوا * حَدَّ النُّفُوسِ وَأَلْقَوْا دُونَهُ الأُزُرَا

وَكَابَدُوا المَجْدَ حَتَّى مَلَّ أَكْثَرُهُمْ * وَعَانَقَ المَجْدَ مَنْ وَافَى وَمَنْ صَبَرَا

لَا تَحْسَبِ المَجْدَ تَمْرًا أَنْتَ آكِلُهُ * لَنْ تَبْلُغَ المَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبِرَا

[انظر: «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٣)].

(٦٥) وقيل: أبو الفتح. [انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٢)، «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠١)].

(٦٦) نسبة إلى أُرميَّة «Ourmia»: مدينة قديمة بأذربيجان. [«معجم البلدان» لياقوت (١/ ١٥٩)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (١/ ٦٠)، «اللباب» لابن الأثير (١/ ٤٤)، «الروض المعطار» للحميري (٢٦)].

(٦٧) نسبة إلى تنوخ، قال ابن الأثير: «وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديمًا بالبحرين، وتحالفوا على التناصر، فأقاموا هناك فسموا تنوخًا، والتنوخ الإقامة». [«اللباب» لابن الأثير (١/ ٢٢٥)].

(٦٨) تكنى قديمًا بأبي بكر، ثمَّ تكنى بأبي الحسن بعد أن منعت الدولة العبيدية الباطنية من التكني بأبي بكر. [«سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٧/ ٥٥٠)، «شذرات الذهب» لابن العماد (٣/ ٢٤٩)].

(٦٩) نسبة إلى طرطوشة.

(٧٠) رندقة: لفظة إفرنجية. [انظر: «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٤/ ٢٦٥)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٩/ ٤٩٠)].

(٧١) نسبة إلى تُطيلَة Tudela، مدينة بالأندلس شمال غربي سرقسطة. [انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٢/ ٣٣)، «الروض المعطار» للحميري (١٣٣)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (١/ ٢٦٤)].

(٧٢) نسبة إلى أُورِيُولة Orihuela، مدينة قديمة من أعمال الأندلس من ناحية تُدْمير، تقع على بعد ٢٣ كيلومتر إلى الشمال الشرقي من مرسية ولي قضاءها أبو الوليد الباجي. [«معجم البلدان» لياقوت (١/ ٢٨٠)، «الروض المعطار» للحميري (٦٧)].

(٧٣) نسبة إلى مُرْسِيَة Murcia مدينة واقعة بجنوب الأندلس من أعمال تُدْمير بناها الأمير عبد الرحمن بن الحكم بن هشام. [انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٥/ ١٠٧)، «الروض المعطار» للحميري (٥٣٩)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٢٥٨)].

(٧٤) الخُشَني نسبة إلى خُشَيْن بن النَّمر بن وَبَرَة. [انظر: «جمهرة أنساب العرب» لابن حزم (٤٥٤، ٤٥٥، ٤٨٦)، «اللباب» لابن الأثير (١/ ٤٤٦)، «نهاية الأرب» للقلقشندي (٢٢٩)].

(٧٥) نسبة إلى مُرْبَيْطَرُ Murviedro، مدينة بالأندلس قريبة من طرطوشة واقعة على جبل. [انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٥/ ٩٩)، «الروض المعطار» للحميري (٥٤٠)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٢٥٣)].

(٧٦) «معجم البلدان» لياقوت (١/ ٤٢٢).

(٧٧) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٥)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٩)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١١).

(٧٨) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٥).

(٧٩) «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٦).

(٨٠) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٧)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٤٠)، «تذكرة الحفاظ» للذهبي (٣/ ١١٨١)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١١).

(٨١) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٣).

(٨٢) «الإكمال» لابن ماكولا (١/ ٤٦٨)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٧)، «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠١)، «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٦)، «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٨)، «بغية الملتمس» للضبي (٣٠٣)، «المرقبة العليا» للنباهي (٩٥)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٥٠)، «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٨)، «الروض المعطار» للحميري (٧٥)، «فوات الوفيات» (٢/ ٦٥)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٤٢)، «الأنساب» للسمعاني (٢/ ١٥)، «خريدة القصر» للأصفهاني (٣/ ٤٧٣)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٤).

(٨٣) اقتباس من آية ٤٩ من سورة الكهف.

(٨٤) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٤).

(٨٥) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٤).

(٨٦) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٤).

(٨٧) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٤).

(٨٨) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٤).

(٨٩) «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٨٤).

(٩٠) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٩)، ومنها بيتان في «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٤٩)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٦).

(٩١) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٠)، «معجم الأدباء» لياقوت (١١/ ٢٥٠)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٦).

(٩٢) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ١٠٣).

(٩٣) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٨).

(٩٤) وذيَّله بعضهم بقوله:

وزَالَ النُّطْقُ حَتَّى لَسْتَ تَلْقَى * فَتًى يَسْخُو بِرَدٍّ لِلسَّلَامِ

وَزَادَ الأَمْرُ حَتَّى لَيْسَ إِلَّا * سَخِيٌّ بِالأَذَى أَوْ بِالْمَلَامِ

انظر: «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٨٥).

(٩٥) انظر: (ص ٩٨ ـ ٩٩).

(٩٦) نشرت هذه الرسالة مجلة الأندلس بتقديم: عبد المجيد تركي، العدد: ٣١ ـ السنة: ١٩٦٦، وطبعت بدار الصحوة للنشر والتوزيع بالقاهرة ١٤٠٦ﻫ ـ ١٩٨٦م، دراسة وتحقيق: الدكتور محمَّد عبد الله الشرقاوي.

(٩٧) كذا، ولعل الصواب: ملتنا.

(٩٨) نشرت هذه الوصية «مجلة المعهد المصري» بمدريد، العدد: ٣، السنة: ١٣٧٤ﻫ/ ١٩٥٥م.

(٩٩) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٦)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٦٩)، «شجرة النور» لمخلوف (١/ ١٢٠).

(١٠٠) ويظهر من هذا القول إنصاف ابن حزم على الرغم ممَّا جرى بينهما من مناظرة واعتقاد ابن حزم خلافه في الرأي مع قوة بيانه وحِدَّة لسانه، وفيه تصوير لحسن خُلُق أسلافنا وصفاء ضمائرهم.

(١٠١) انظر: «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٦).

(١٠٢) «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢)، «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٤)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٣٩)، «تذكرة الحفاظ» للذهبي (٣/ ١١٨٠)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢١)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١٠)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٤).

(١٠٣) «الصلة» لابن بشكوال (١/ ٢٠٢).

(١٠٤) «الإكمال» لابن ماكولا (١/ ٤٦٨).

(١٠٥) «العواصم من القواصم» لابن العربي (٢/ ٤٨٨).

(١٠٦) «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٥).

(١٠٧) «وفيات الأعيان» لابن خلكان (٢/ ٤٠٨ ).

(١٠٨) «بغية الملتمس» للضبي (٣٠٣ ).

(١٠٩) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٣).

(١١٠) «تهذيب ابن عساكر» لابن بدران (٦).

(١١١) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٤).

(١١٢) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٢٥).

(١١٣) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٥).

(١١٤) مَيُورْقة Mallorca: جزيرة في شرقي الأندلس فتحها المسلمون سنة (٢٩٠ﻫ). [انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٥/ ٢٤٦)، «الروض المعطار» للحميري (٥٦٧)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٣/ ١٣٤٦)].

(١١٥) «البداية والنهاية» لابن كثير (١٢/ ٩٢).

(١١٦) انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٥)، «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٦)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١١).

(١١٧) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٥).

(١١٨) ولعله غادر ميورقة بسبب وفاة الوالي أبي العباس ابن رشيق بعد سنة (٤٤٠ﻫ). [«جذوة المقتبس» للحميدي (١٢٣)].

(١١٩) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٦)، «تاريخ المذاهب الإسلامية» لأبو زهرة (٥٦٠)].

(١٢٠) «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٨٢).

(١٢١) «مناظرات بين ابن حزم والباجي» للدكتور عبد المجيد التركي (٢٠).

(١٢٢) «تاريخ المذاهب الإسلامية» لأبو زهرة (٥٦٠).

(١٢٣) «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٧).

(١٢٤) انظر: «منزلة أبي الوليد الباجي بين علماء عصره» (ص ١٢٧).

(١٢٥) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٦).

(١٢٦) دانية Dania: مدينة بالأندلس من أعمال بلنسية على ضفة البحر شرقًا. [انظر: «معجم البلدان» لياقوت (٢/ ٤٣٤)، «الروض المعطار» للحميري (٢٣١)، «مراصد الاطلاع» للصفي البغدادي (٢/ ٥١٠)].

(١٢٧) «صحيح البخاري» (٧/ ٤٩٩).

(١٢٨) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٢٧).

(١٢٩) المصدر السابق (٢/ ٨٠٥)، «فوات الوفيات» للكتبي (٢/ ٦٥)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٤٠)، «المرقبة العليا» للنباهي (٢٠٢)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١١)، «شذرات الذهب» لابن العماد (٣/ ٣٤٥)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٣).

(١٣٠) أخرجه ابن جرير الطبري في «جامع البيان» (٢١/ ٤) من حديث ابن عباس، وأخرجه عنه ـ أيضًا ـ ابن أبي حاتم وابن مردويه والإسماعيلي في «معجمه». [انظر: «فتح القدير» للشوكاني (٤/ ٢٠٨)].

(١٣١) أخرجه البخاري في «صحيحه» (٤/ ١٢٦)، ومسلم في «صحيحه» (٧/ ١٩٢)، وأبو داود في «سننه» (٢/ ٧٣٩)، والنسائي في «سننه» (٤/ ١٣٩، ١٤٠)، وأحمد في «مسنده» (٢/ ٤٣، ٥٢، ١٢٢، ١٢٩).

(١٣٢) انظر: «شرح النووي لمسلم» (٧/ ١٩٢)، «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ١٢٧).

(١٣٣) «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (١٣/ ٣٥٢)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٣).

(١٣٤) «تهذيب تاريخ ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٥٠).

(١٣٥) «تهذيب تاريخ ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٤٩).

(١٣٦) «تهذيب تاريخ ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٥٠).

(١٣٧) «تهذيب تاريخ ابن عساكر» لابن بدران (٦/ ٢٥٠).

(١٣٨) «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (١٣/ ٣٥٢)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٣).

(١٣٩) «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (١٣/ ٣٥٢)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٣).

(١٤٠) «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (١٣/ ٣٥٢)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٤).

(١٤١) «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٤).

(١٤٢) «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٤).

(١٤٣) «تفسير ابن كثير» (٣/ ٤١٧)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٤).

(١٤٤) «تفسير ابن كثير» (٣/ ٤١٧)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٤).

(١٤٥) انظر: «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (١٣/ ٣٥٢)، «تفسير ابن كثير» (٣/ ٤١٧)، «فتح الباري» لابن حجر (٧/ ٥٠٤).

(١٤٦) تقدم تخريجه، انظر: (ص ١٤٠).

(١٤٧) «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٤٠).

(١٤٨) انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٥)، «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٤٠)، «طبقات المفسرين» للداودي (١/ ٢١٠)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ١/ ٢١٧).

(١٤٩) «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٥).

(١٥٠) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٥)، «بغية الملتمس» للضبي (٢٨٤)، «المرقبة العليا» للنباهي (٩٥)، «طبقات الداودي» (١/ ٢٠٩)، «الديباج المذهب» لابن فرحون (١٢٠)، «الروض المعطار» للحميري (٦٧)، «طبقات المفسرين» للسيوطي (٥٣)، «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٧).

(١٥١) وكان ابنه أبو القاسم أحمد يرى أنَّ هدايا وجوائز الحكام مال مشبوه وليس حقًا خالصًا من الشوائب لذلك تخلى عن تركة أبيه الواسعة وتورع عن الأكل منها. [انظر: «سير أعلام النبلاء» للذهبي (١٨/ ٥٤٦)].

(١٥٢) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٥).

(١٥٣) «نفح الطيب» للمقري (٢/ ٧٣).

(١٥٤) «دول الطوائف» لعنان (٤٣٣).

(١٥٥) وبالرغم من هذه الخصال المحمودة التي كان يتحلَّى بها المقتدر بالله إلَّا أنَّ عليه مؤاخذات عديدة ومخالفات سياسية منافية لتعاليم الشريعة الإسلامية قادحة في شخصيته. [انظر: «البيان المغرب» لابن عذارى (٣/ ٢٢٣)، «دول الطوائف» لعنان (٢٧٦)].

(١٥٦) «قلائد العقيان» لابن خاقان (٢١٥).

(١٥٧) «دول الطوائف» لعنان (٢٨٢).

(١٥٨) «أعمال الأعلام» لابن الخطيب (١٨٥)، «المعجب» للمراكشي (١١١)، «دول الطوائف» لعنان (٨٨).

(١٥٩) «الحلة السيراء» لابن الأبار (٢/ ٩٨).

(١٦٠) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٥).

(١٦١) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٨)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٧).

(١٦٢) «الذخيرة» لابن بسام (٢/ ١/ ٩٦).

(١٦٣) «شجرة النور» لمخلوف (١٢١).

(١٦٤) «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (٢/ ٨٠٦).

(١٦٥) المصدر السابق (١/ ٢٠٠)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢١٧).

(١٦٦) «المنتقى» للباجي (١/ ٢).

(١٦٧) وهو كتاب مطبوع في سبعة مجلدات على نفقة السلطان عبد الحفيظ العلوي بعناية ابن شقرون ـ مطبعة السعادة ـ مصر سنة (١٣٣١ﻫ ـ ١٩١٣م) وصوِّر في دار الكتاب العربي ـ بيروت.

(١٦٨) وفي «شجرة النور» «الإملاء» بدلًا من «الإيماء» وهو تصحيف.

(١٦٩) مطبوع بتحقيق وتقديم الأستاذ أبو الأجفان ـ الدار العربية للكتاب ـ المؤسسة الوطنية للكتاب ١٩٨٥م، وطبع ـ أيضًا ـ بأمر الملك الحسن الثاني بعناية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية دراسة وتحقيق الأستاذة الباتول بن علي: ١٤١٠ﻫ ـ ١٩٩٠م.

(١٧٠) هو كتاب متداول طبع بدار اللواء للنشر والتوزيع ـ الرياض ـ السعودية بتحقيق الدكتور أبو لبابة حسين، الطبعة الأولى: ١٤٠٦ﻫ ـ ١٩٨٦م.

(١٧١) انظر: «ترتيب المدارك» للقاضي عياض (١/ ١٩٩)، «تنوير الحوالك» للسيوطي (١٢)، «دراسات في مصادر الفقه المالكي» لموراني (٢٣٦).

(١٧٢) طبع بدار الغرب الإسلامي ـ بيروت ـ، حقَّقه وقدَّم له ووضع فهارسه الدكتور عبد المجيد تركي الطبعة الأولى: (١٤٠٧ﻫ ـ ١٩٨٦م)، وطبع ـ أيضًا ـ بمؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ بتحقيق ودراسة الدكتور عبد الله محمَّد الجبوري ـ الطبعة الأولى ـ: (١٤٠٩ﻫ ـ ١٩٨٩م).

(١٧٣) وهو كتاب مطبوع بتحقيق الدكتور نزيه حماد ـ الناشر مؤسسة الزعبي للطباعة والنشر ـ بيروت ـ لبنان، الطبعة الأولى: ١٣٩٢ﻫ ـ ١٩٧٣م.

(١٧٤) طبع بدار الغرب الإسلامي بتحقيق عبد المجيد تركي تحت عنوان: «كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج» الطبعة الثانية: (١٩٨٧م)، بيروت ـ لبنان.

(١٧٥) ولعله أراد مؤلَّفه اللاحق: «السراج في عمل الحجاج».

(١٧٦) توجد منه نسخة بمكتبة ليدن برقم (١٧٣٨).

(١٧٧) نشرت هذه الرسالة مكتبة عالم الكتب بالرياض بتحقيق أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري الطبعة الأولى: (١٤٠٣ﻫ ـ الموافق ١٩٨٣م)، وقد حقَّقها قبل هذا التاريخ مع أجوبة أهل صقلية الأستاذ أحمد لبزار لنيل دبلوم الدراسات الإسلامية العليا من دار الحديث الحسنية: (١٣٩٧ﻫ).

(١٧٨) نشرت هذه الرسالة «مجلة الأندلس» بتقديم: الدكتور عبد المجيد تركي. العدد: ٣١ السنة: ١٩٦٦، وطبعت بدراسة وتحقيق: الدكتور محمَّد عبد الله الشرقاوي: دار الصحوة. القاهرة: ١٤٠٦ﻫ ـ ١٩٨٦م.

(١٧٩) نشرت هذه الرسالة مجلة عالم الكتب بتحقيق وتعليق: الأستاذ أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري. المجلد الثاني ـ العدد: ١ رجب ١٤٠١ﻫ الموافق لماي ١٩٨١م.

(١٨٠) نشرت هذه الوصية «مجلة المعهد المصري» بمدريد، العدد: ٣. السنة: ١٣٧٤ﻫ ـ ١٩٥٥م.