في حكم التلفيق بين الروايات في القراءة في الصلاة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 9 شوال 1445 هـ الموافق لـ 18 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٦٣٠

الصنف: فتاوى الصلاة - صفة الصلاة

في حكم التلفيق بين الروايات في القراءة في الصلاة

السؤال:

عندنا إمامٌ لم يَتلقَّ أداءَ القراءاتِ على شيخٍ مُسْنِدٍ، وإنما تعلَّم أحكامَ التجويدِ لمَّا كان يدرسُ بالجامعة الإسلامية، وله صوتٌ حَسَنٌ، يقرأ لوَرْشٍ مِنْ طريقِ الأزرق، إلَّا أنه يقرأ ـ في صلاة الفريضة وقيامِ رمضان ـ في الركعة الواحدة بعدَّةِ قراءاتٍ: فيقرأ بالهمز فيما لم يهمز الأزرقُ، ويسكت مرَّاتٍ سَكَتاتِ حفصٍ، ويقرأ فَرْشَ حروفِ بعضِ الكلمات لبعض القراءات التي لا يعلمها إلَّا خواصُّ الطلبة، فما حكمُ هذا الصنيع؟ وبارك الله فيكم.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ الصلاةَ تصحُّ بالقراءة المُتواتِرةِ اتِّفاقًا، وغيرِ المتواترة إذا صَحَّ سَنَدُها على أرجحِ أقوالِ العلماء، وهو اختيارُ ابنِ تيمية ـ رحمه الله ـ(١)؛ لأنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «خُذُوا القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَسَالِمٍ(٢)، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ»(٣)، وهذا يدلُّ على جوازِ القراءةِ بها في الصلاة، سواءٌ ثَبَتَتْ عنهم بالتواتر أو بالشُّهرة، أو صَحَّ سندُها إليهم بطريق الآحاد، والصحابةُ رضي الله عنهم كانوا يُصَلُّون بقراءاتهم في عهد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وبعده، وكانَتْ صلاتُهم صحيحةً بلا شكٍّ(٤)، وإذا تَقرَّرَ ذلك فإنه يجوز ـ أيضًا ـ القراءةُ لوَرْشٍ عن نافعٍ أو لحفصٍ عن عاصمٍ أو لغيرهما باختلاف الروايات، قال ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ: «يجوز أَنْ يقرأ بعضَ القرآن بحرفِ أبي عمرٍو(٥)، وبعضَه بحرفِ نافعٍ، وسواءٌ كان ذلك في ركعةٍ أو ركعتين، وسواءٌ كان خارِجَ الصلاةِ أو داخِلَها»(٦).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٩ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ مارس ٢٠٠٧م

 


(١) انظر: «الاختيارات الفقهية لابن تيمية» للبعلي (٥٣).

(٢) هو الصحابيُّ الجليل: سالم بنُ عُبَيْد بنِ ربيعة رضي الله عنه، مَوْلَى أبي حُذَيْفة رضي الله عنه ابنِ عُتْبةَ بنِ ربيعةَ بنِ عبد شمسٍ، أصلُه فارسيٌّ مِنْ إصطخر، أحَدُ السابقين الأوَّلين، ومِنْ فُضَلاءِ الصحابة، كان يَؤُمُّ المُهاجِرين الأوَّلين لأنه كان أكثرَهم أخذًا للقرآن الكريم، وشَهِد سائرَ المَشاهِد مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وقصَّتُه في الرضاعة مشهورةٌ، قُتِل يومَ اليمامة شهيدًا.

انظر ترجمته في: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٣/ ٨٥)، «التاريخ الكبير» (٤/ ١٠٧) و«التاريخ الصغير» (١/ ٦٣، ٦٤، ٦٥، ٦٦) كلاهما للبخاري، «المعارف» لابن قُتَيْبة (٢٧٣)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٤/ ١٨٩)، «المُستدرَك» للحاكم (٣/ ٢٢٥)، «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ (٢/ ٥٦٧)، «أُسْد الغابة» لابن الأثير (٢/ ٢٤٥)، «سِيَر أعلام النُّبَلاء» للذهبي (١/ ١٦٧)، «البداية والنهاية» لابن كثير (٦/ ٣٣٦)، «الإصابة» لابن حجر (٢/ ٦).

(٣) أخرجه البخاريُّ في «فضائل الأنصار» بابُ مناقبِ أُبَيِّ بنِ كعبٍ رضي الله عنه (٣٨٠٨) وفي «فضائل القرآن» بابُ القُرَّاء مِنْ أصحاب النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم (٤٩٩٩)، ومسلمٌ في «فضائل الصحابة» (٢٤٦٤)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما.

(٤) انظر: «المغني» لابن قدامة (١/ ٥٣٥).

(٥) هو أبو عمرو بنُ العلاء، قارئُ أهلِ البصرة.

(٦) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٢/ ٤٤٥).