في حكم صلاة المأموم المتقدّم على إمامه عند الضرورة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الثلاثاء 7 شوال 1445 هـ الموافق لـ 16 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٦٦٥

الصنـف: فتاوى الصلاة - صلاة الجماعة

في حكم صلاة المأموم
المتقدّم على إمامه عند الضرورة

السـؤال:

يضيقُ المسجد برُوَّادِهِ في صلاة الجمعة، ممَّا يجعل بعضَهم يؤدِّي الصلاةَ في الطريقِ خارجَ ساحةِ المسجدِ، وبالتالي يتقدَّمون على الإمام، فما حكم صلاتهم؟ وبارك الله فيكم.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فالأصلُ في صلاة الجماعة أَنْ يقفَ المأمومُ خَلْفَ الإمام ولا يتقدّمَ عليه، فهذه هي السُّنَّةُ الثابتةُ، فَإِنْ وقفوا قُدّامَهُ لَمْ تَصِحَّ صلاتُهم عند الجمهور، وبهذا قال أبو حنيفةَ والشافعيُّ والحنابلةُ، خلافًا لِمالكٍ وإسحاقَ؛ لأنه لم يُنْقَلْ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ولا عن الخلفاءِ مِنْ بعدِه تجويزُ صلاةِ المأمومِ السابق لإمامه في المكان لا قولاً ولا فعلاً، بل المأمومُ يحتاجُ إلى الاقتداء بأفعال الإمامِ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ»(١)، الأمر الذي يستدعي الالتفات إلى ورائه، فلم يصحَّ كما لو صَلَّى في بيته بصلاة الإمام.

غير أنّ هذا الحكم يتعلّق بحالة سِعة المسجد أو عدمِ اكتظاظه بالمصلِّين، أو وجود أماكنَ للصلاة خارج المسجد خلفه أو على جانبيه، فَإِنْ ضاقَ المسجدُ بالمصلِّين ولم يَسَعْهُمْ أماكنُ الصلاةِ إلاّ الوقوف قُدَّامَهُ مع إمكان الاقتداء به من غيرِ التفاتٍ؛ فإنّ الصلاة تصحُّ لكونها أشبه بمن صَلَّى خلفه، عملاً بقوله تعالى: ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وبقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ [الحج: ٧٨]، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»(٢)، وهذه النصوص شواهدُ على أنّ «الأَمْرَ إِذَا ضَاقَ اتَّسَعَ».

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٣ ربيع الثاني ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١ ماي ٢٠٠٧م


(١) أخرجه البخاري في «الأذان»: (٧٢٢)، ومسلم في «الصلاة»: (٩٣٥)، وأحمد: (٨٣٧٩)، والدارقطني: (١٢٥٩)، والبيهقي: (٢٣٧٩)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢) متفق عليه: أخرجه البخاري في «الاعتصام بالكتاب والسنة»: (٦٨٨٥)، ومسلم في «الحج»: (١٣٣٧) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.