في مشروعية رقية حالات الغيبوبة والإنعاش | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 16 شوال 1445 هـ الموافق لـ 25 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٨٤٠

الصنف: فتاوى طبِّية

في مشروعية رقية حالات الغيبوبة والإنعاش

السؤال:

هل رقيةُ المريضِ الذي يكون في حالةِ غيبوبةٍ أو تحت المُراقَبةِ الطبِّيَّة في الإنعاش مشروعةٌ؟ وهل ينتفع بها؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالمريضُ تحت المُراقَبةِ الطبِّيَّة في الإنعاش إذا كان مِنْ أهلِ الاستقامةِ على الدِّين والبُعْدِ عن المعاصي والمحرَّمات فإنَّ الرقيةَ الشرعيةَ بالآيات والأدعية القرآنيةِ والنبويةِ تنفعه بإِذْنِ الله تعالى، وخاصَّةً إذا قَدَرَ على الاستماع إلى القرآن الكريم مصحوبًا باعتقادٍ جازمٍ منه بأنه علاجٌ نافذٌ؛ فإنَّ الرقية الشرعية تُؤْتِي نتائجَها سريعًا، أمَّا إِنْ عَجَزَ عن الاستماعِ إليه لحالةِ الغيبوبة ونحوِ ذلك؛ فإنها تجوز وتُؤثِّرُ ـ أيضًا ـ بتقديرِ الله تعالى؛ لأنَّ الرقيةَ الشرعيةَ أدعيةٌ لله بالشفاء، والدعاءُ للمريض يجوز في كُلِّ أحواله، فإِنْ صدَرَتْ مِنْ راقٍ أهلٍ لها كان في دعائه مَطْمَعٌ للاستجابة.

ولا يخفى أنَّ الاستعاذةَ والاستعانةَ مِنْ دُعاءِ العبادةِ؛ لذلك كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ»(١)، و«مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ»(٢)، وقال: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ ـ ثَلَاثًا ـ وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»(٣)، وقال: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ أَلَمًا فَلْيَضَعْ يَدَهُ حَيْثُ يَجِدُ أَلَمَهُ ثُمَّ لِيَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ»(٤)، وما إلى ذلك.

وهذا بخلافِ أهل المعاصي والتكبُّر والظلم والعدوان فإنَّ الرقية الشرعية لا تُؤثِّرُ فيهم بالنفع غالبًا، وقد أَخْبَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ أنَّ القرآن شفاءٌ للأمراض البدنية والأسقامِ القلبية لأهل الهدى والتُّقى، أمَّا أهلُ الزيغ والضلال فلا يُبْصِرُون به رشدًا ولا يستفيدون منه خيرًا، قال تعالى: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ ٱلۡقُرۡءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٞ وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ ٱلظَّٰلِمِينَ إِلَّا خَسَارٗا ٨٢[الإسراء]، وقال تعالى: ﴿وَلَوۡ جَعَلۡنَٰهُ قُرۡءَانًا أَعۡجَمِيّٗا لَّقَالُواْ لَوۡلَا فُصِّلَتۡ ءَايَٰتُهُۥٓۖ ءَا۬عۡجَمِيّٞ وَعَرَبِيّٞۗ قُلۡ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ هُدٗى وَشِفَآءٞۚ وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ فِيٓ ءَاذَانِهِمۡ وَقۡرٞ وَهُوَ عَلَيۡهِمۡ عَمًى[فُصِّلَتْ: ٤٤]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدۡ جَآءَتۡكُم مَّوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّكُمۡ وَشِفَآءٞ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٞ لِّلۡمُؤۡمِنِينَ ٥٧[يونس].

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٣٠ مِنَ المحرَّم ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧/ ٠٢/ ٢٠٠٨م


(١) أخرجه مسلمٌ في «الذِّكْر والدعاء» (٢٧٠٨) مِنْ حديثِ سعد بنِ أبي وقَّاصٍ عن خولة بنت حكيمٍ السُّلَمية رضي الله عنهما.

(٢) أخرجه البخاريُّ في «أحاديث الأنبياء» (٣٣٧١) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٣) أخرجه مسلمٌ في «السلام» (٢٢٠٢) مِنْ حديثِ عثمان بنِ أبي العاص الثَّقَفيِّ رضي الله عنه.

(٤) أخرجه أحمد (٢٧١٧٩) مِنْ حديثِ كعب بنِ مالكٍ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١٤١٥).