Skip to Content
الجمعة 17 شوال 1445 هـ الموافق لـ 26 أبريل 2024 م



ذمُّ من خرج عن الشرع من أهل التصوُّف أو الكلام

قال ابن عقيلٍ في ذمِّ مَن خرج عن الشريعة من أهل الكلام والتصوُّف في كتابه المفقود أكثرُه «الفنون»: «المتكلِّمون وقفوا النظرَ في الشرع بأدلَّة العقول فتفلسفوا، واعتمد الصوفية المتوهِّمة على واقعهم فتكهَّنوا، لأنَّ الفلاسفة اعتمدوا على كشف حقائق الأشياء بزعمهم، والكهَّانَ اعتمدوا على ما يُلقى إليهم من الإطلاع، وجميعًا خوارجُ على الشرائع، هذا يتجاسر أن يتكلَّم في المسائل التي فيها صريح نقلٍ بما يخالف ذلك المنقولَ بمقتضى ما يزعم أنه يجب في العقل، وهذا يقول: قال لي قلبي عن ربِّي، فلا على هؤلاء أصبحتُ ولا على هؤلاء أمسيتُ، لا كان مذهبٌ جاء على غير طريق السفراء والرسل، يريد تعلُّم بيان الشرايع، وبطلان المذاهب والتوهُّمات، والطرايق المخترعات: هل لعلم الصوفية عملٌ في إباحة دمٍ أو فرجٍ، أو تحريم معاملةٍ، أو فتوى معمولٍ بها في عبادةٍ أو معاقدةٍ؟ أو للمتكلِّمين بحكم الكلام حاكمٌ ينفَّذ حكمُه في بلدٍ أو رستاقٍ؟ أو تصيب للمتوهِّمة فتاوى وأحكامٌ؟ إنما أهل الدولة الإسلامية والشريعة المحمَّدية المحدِّثون والفقهاء: هؤلاء يروون أحاديثَ الشرع، وينفون الكذبَ عن النقل، ويحمون النقل عن الاختلاف.

وهؤلاء المُفتون ينفون عن الأخبار تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، هم الذي سمَّاهم النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: الحمَلَة العدول، فقال: «يَحْمِلُ هَذَا العِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ، يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الغَالِينَ، وَانْتِحَالَ المُبْطِلِينَ..»».

[«درء تعارض العقل والنقل» لابن تيمية (٨/ ٦١)]