Skip to Content
الخميس 18 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 28 مارس 2024 م



في فرية قصر الدعوة على الملتزمين

الافتراء:

٠١ صفر ١٤٢٨ﻫ الموافق ﻟ: ١٨ فبراير ٢٠٠٧م

أمَّا بعد:

قَرَأْنا أنَّ مراتب العلم أربعةٌ: (العلم، العمل به، الدعوة إليه، الصبر على الأذى فيه)، ونرى أن أنتم «السلفيُّون» لا تهتمُّون بالجانب الدعويِّ في المجتمع وبين أفراده ونرى انعزالكم عنه، كأنِّي أرى أنكم تكتمون العلمَ إلَّا على مَن له لحيةٌ ومقصِّرٌ ثوبَه.

أرجو الردَّ على هذا الانتقاد لأنَّ الكثير ينتظرون الردَّ.

مراسلةٌ من ولاية «بشَّار».

الـردُّ:

فاعلَمْ ـ أرشدك الله للخير ـ أنَّ إدارة الموقع تلقَّتْ رسالتك مع ما تحمله مِن انتقادٍ برحابة صدرٍ وانشراحٍ، وتلبيةً لواجبنا وأداءً لحقوقكم علينا مِن نصائحَ وتوجيهاتٍ فإنَّنا نعلمكم بأنَّنا نهدف مِن خلال موقعنا إلى تبليغ دعوة الله التي جاءت بها الرسلُ مِن علمٍ نافعٍ وعملٍ صالحٍ، ممتثلين ما ورد مِن الأمر في ذلك عن الشارع الحكيم في مثل قوله تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٢٥[النحل]، وقوله تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨[يوسف]، وقوله فيما رواه مسلمٌ في صحيحه من حديث تميم بن أوسٍ الداريِّ ؓ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ـ ثَلَاثًاـ قُلْنَا: «لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، وغير ذلك مِن النصوص المستفيضة في هذا الباب.

ودعوتُنا إنَّما هي دعوةٌ مبنيَّةٌ على كتاب الله وسنة النبيِّ على فهم سلف هذه الأمَّة، فهي في الحقيقة امتدادٌ لدعوة النبيِّ محمَّدٍ وأصحابِه التي امتازت بالعموم والشمول، قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ فَ‍َٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلۡأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٥٨[الأعراف]، ﴿وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا ٧٩[النساء]، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ١٠٧[الأنبياء]، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٨[سبأ]، ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا ١[الفرقان].

وعليه، فإنَّ لكلِّ دعوةٍ أتباعًا، كما قيل: ادْعُ يتكتَّلِ الناسُ معك، وإذا كان كذلك فتكتُّلُ الناس على دعوة الحقِّ واستجابتُهم للرسول المبعوثِ للخلق عليه الصلاة والسلام باتِّباعهم لسنَّته واقتدائهم بهديه لا يعني أنَّ الدعوة خاصَّةٌ بهم أو قاصرةٌ عليهم، بل لِمَا حصل منهم من الإذعان والانقياد لربِّ العباد مِن عموم الناس، كما قال تعالى: ﴿فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ ٩ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخۡشَىٰ ١٠[الأعلى].

هذا، ووسائل الدعوة وطُرُقُها وسُبُلُها كثيرةٌ مِن تأليفٍ وخطابةٍ وتناصحٍ وإلقاءٍ للمحاضرات وغير ذلك ـ ولله الحمد والمِنَّة ـ وبغضِّ النظر عن أنماط المضايقات وشتَّى أساليب العراقيل التي تعترض دعوةَ الحقِّ فإنَّ شيخَنا أبا عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ يسعى لتبليغها في حدود المقدور وفي حيِّزٍ متَّسعٍ آملًا أن تنتشر دعوةُ الله في خلقه وعلى أرضه كما يَعرف ذلك مَن جالسه وسمع أشرطتَه وقرأ كُتُبَه واطَّلع على موقعه، وبخصوص هذا الأخير فإنَّ انتقادكم الذي مفادُه أنَّ الموقع لا يهتمُّ بالجانب الدعويِّ ومنعزلٌ في أفكاره على طائفةٍ من الناس معيَّنةٍ يتنافى وطبيعةَ الموقع وأهدافَه التي ترمي إلى نشر سُبُل الخير وتقرير مبادئ الدين، اعتقادًا(١)، وأحكامًا(٢)، وأخلاقًا(٣)، كما أنَّ مِن مراميه ومقاصدِه توجيه أفراد المجتمع(٤) لِمَا فيه رِضَا ربِّهم وصلاحُهم بحلِّ مشاكلهم وفكاك منازعاتهم على وفق المصالح التي يستهدفها الشارعُ الحكيم، متجلِّيًا ذلك في الجواب على أسئلتهم والقيامِ بواجب الإرشاد والنصح، كما هو بيِّنٌ وواضحٌ في صفحة الفتاوى التي نرجو أن تكون قد شملت جميع ميادين الإصلاح، ويمكن أن يقال ـ مِن ناحيةٍ أخرى ـ: إنَّ المجال مفتوحٌ للجميع بالمراسلة والاستفسار، فكيف يكون الموقع مقتصرًا على بعض الأفراد؟

كما يجدر بالتنبيه أنه قد صدرت مجلَّةٌ لمشايخ الدعوة السلفية والموسومة ﺑ: «مجلَّة الإصلاح» التي مِن أهدافها: نشرُ العلم النافع، وإصلاحُ الأمَّة بإرجاعها إلى ما كان عليه سلفُها مِن الأخلاق العالية والقِيَم الفاضلة، وهي أسلوبٌ دعويٌّ عامٌّ وليس خاصًّا بفئةٍ دون أخرى، فالخطاب فيها موجَّهٌ لكلِّ أفراد الأمَّة لا يُقصى فيها إلَّا مَن أقصى نفْسَه.

نسأل اللهَ ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفِّقنا وإيَّاك لسلوك سبيل الحقِّ والدعوة إليه وأن يَمُنَّ علينا بالهدى والتوفيق، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

عن إدارة موقع فضيـلة الشيخ
أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس حفظه الله تعالى

الجزائر في: ٦ صفر ١٤٢٨
الموافق ﻟ: ٢٤ فبراير ٢٠٠٧م