أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة [يوم عيد النحر] | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 16 شوال 1445 هـ الموافق لـ 25 أبريل 2024 م

أعمال اليوم العاشر من ذي الحجة
[يوم النحر]

وتظهر الأعمال التي يقوم بها الحاجُّ في يومه الثالث على الوجه التالي:

· أولا: إذا فَرَغ الحاجُّ مِنْ صلاة الفجر في مزدلفة، ثمَّ أتى بالذِّكر والدعاء حتَّى يُسفِر جدًّا، وتوجَّه قبل طلوع الشمس إلى مِنًى؛ يُستحَبُّ له التلبيةُ والتكبير والتهليل في طريقه إلى مِنًى حتَّى يرميَ جمرةَ العَقَبة يومَ النحر، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «لأنَّ التلبية مِنْ شعار الحجِّ فلا يُقطَع إلَّا بالشروع في الإحلال، وأوَّلُه رميُ جمرة العَقَبة»(١).

· ثانيا: ويُستحَبُّ له الإسراعُ في بطنِ مُحسِّرٍ إِنْ كان ماشيًا، أو بتحريكِ مركبه قليلًا إِنْ كان راكبًا إِنْ تيسَّر له ذلك، ثمَّ يأخذ الطريقَ الوسطى التي تُخرِجه إلى الجمرة الكبرى.

ويدلُّ على ذلك حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ رضي الله عنهما كَانَ رِدْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَرَفَةَ إِلَى المُزْدَلِفَةِ، ثُمَّ أَرْدَفَ الفَضْلَ مِنَ المُزْدَلِفَةِ إِلَى مِنًى، قَالَ: فَكِلَاهُمَا قَالَا: «لَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ»(٢)، وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قال: «وَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالحَقِّ، لَقَدْ خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا تَرَكَ التَّلْبِيَةَ حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ إِلَّا أَنْ يَخْلِطَهَا بِتَكْبِيرٍ أَوْ تَهْلِيلٍ»(٣)، وفي حديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال: «... حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلًا، ثُمَّ سَلَكَ الطَّرِيقَ الوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الجَمْرَةِ الكُبْرَى»(٤)، وفي حديثِ الفضل بنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «أنَّهُ قَالَ في عَشِيَّةِ عَرَفَةَ وَغَدَاةِ جَمْعٍ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ، حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا(٥) ـ وَهُوَ مِنْ مِنًى ـ»(٦).

فرع: في الرمي

· ثالثًا: ويُستحَبُّ للحاجِّ الْتقاطُ حَصَى الجمار مِنَ الطريق يومَ النحر، والأفضلُ الْتقاطُه مِنْ منًى، وإِنْ أخَذَه مِنْ مزدلفةَ أَجزأَه، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «ولا خلافَ في أنه يُجزِئه أخذُه مِنْ حيث كان»(٧)، ويدلُّ على الأفضلية حديثُ الفضل بنِ العبَّاس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» وَهُوَ كَافٌّ نَاقَتَهُ، حَتَّى دَخَلَ مُحَسِّرًا ـ وَهُوَ مِنْ مِنًى ـ قال: «عَلَيْكُمْ بِحَصَى الخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الجَمْرَةُ»(٨)؛ ويُستحَبُّ أَنْ يكون حجمُ حَصَى الرمي مِثلَ حصى الخذف قَدْرَ حبَّة الباقلَّاء(٩) ما بين حبَّة الحِمَّص وحبَّة البندق؛ والْتقاطُها أَوْلى مِنْ تكسيرها لهذا الخبر(١٠)، ولحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَدَاةَ العَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ: «هَاتِ الْقُطْ لِي»، فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الخَذْفِ، فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِي يَدِهِ قَالَ: «بِأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، وَإِيَّاكُمْ وَالغُلُوَّ فِي الدِّينِ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الغُلُوُّ فِي الدِّينِ»»(١١).

· رابعا: فإذا وَصَل إلى جمرة العَقَبة الكبرى(١٢) استقبلها وجَعَل مكَّةَ عن يساره ومِنًى عن يمينه، فيرميها بسبعِ حَصَيَاتٍ مُتعاقِباتٍ، يرفع يدَه عند رميِ كُلِّ حصاةٍ، ويكبِّر مع كُلِّ حصاةٍ، ولا يُجزِئُه أَنْ يرميَ الحَصَيَاتِ جملةً واحدةً، ثمَّ يقطعُ التلبيةَ مع آخِرِ حصاةٍ يرميها لحديث الفضل رضي الله عنه قال: «أَفَضْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي عَرَفَاتٍ، فَلَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَطَعَ التَّلْبِيَةَ مَعَ آخِرِ حَصَاةٍ»(١٣)، وفي حديثِ عبد الرحمن بنِ يزيد أنَّه «كَانَ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، فَاسْتَبْطَنَ الوَادِيَ، حَتَّى إِذَا حَاذَى بِالشَّجَرَةِ اعْتَرَضَهَا، فَرَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ هَا هُنَا وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ قَامَ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ»(١٤)، وفي روايةٍ للبخاريِّ ـ أيضًا ـ: «فَجَعَلَ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ البَقَرَةِ»(١٥).

وإِنْ رَمَاها مِنَ الجوانب الأخرى أَجزأَه فعلُه إذا وَقَع الحصى في المرمى، قال الحافظ رحمه الله: «وقد أجمعوا على أنَّه مِنْ حيث رَمَاها جاز، سواءٌ استقبلها أو جَعَلها عن يمينه أو يسارِه، أو مِنْ فوقها أو مِنْ أسفلها أو وسطها؛ والاختلافُ في الأفضل»(١٦)، قال ابنُ المنذر رحمه الله: «وأجمعوا على أنه إذا رَمَى على أيِّ حالةٍ كان الرميُ إذا أصاب مكانَ الرمي أجزأه»(١٧).

وأفضلُ وقتٍ لرميِ جمرة العقبة الكبرى هو مِنْ طلوع الشمس إلى الزوال اتِّفاقًا، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «أمَّا وقتُ الفضيلة فبعد طلوع الشمس، قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «أجمعَ علماءُ المسلمين على أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رَمَاها ضحًى ذلك اليومَ»(١٨)، وقال جابرٌ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الجَمْرَةَ ضُحًى يَوْمَ النَّحْرِ وَحْدَهُ، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ» أخرجه مسلمٌ(١٩)، وقال ابنُ عبَّاسٍ: «قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ـ أُغَيْلِمَةَ بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ ـ عَلَى حُمُرَاتٍ لَنَا مِنْ جَمْعٍ، فَجَعَلَ يَلْطَحُ(٢٠) أَفْخَاذَنَا وَيَقُولُ: «أَبَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ، لَا تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»»(٢١) رواه ابنُ ماجه؛ وكان رميُها بعد طلوع الشمس يجزئ بالإجماع وكان أَوْلى»(٢٢).

قال الحافظُ ابنُ حجرٍ رحمه الله: «قال ابنُ المنذر: السُّنَّة أَنْ لا يرميَ إلَّا بعد طلوع الشمس كما فَعَل النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز الرميُ قبل طلوع الفجر لأنَّ فاعله مُخالِفٌ للسُّنَّة، ومَنْ رمى حينئذٍ فلا إعادةَ عليه؛ إذ لا أعلمُ أحَدًا قال: لا يجزئه»(٢٣).

وقال الشوكانيُّ رحمه الله: «والأدلَّةُ تدلُّ على أنَّ وقت الرمي مِنْ بعدِ طلوع الشمس لِمَنْ كان لا رخصةَ له، ومَنْ كان له رخصةٌ كالنساء وغيرِهنَّ مِنَ الضَّعَفَة جاز قبل ذلك، ولكنَّه لا يجزئ في أوَّلِ ليلة النحر إجماعًا»(٢٤).

وإِنْ أَخَّر إلى ما بعد الزوال إلى آخِر النهار جاز إجماعًا؛ قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «وأجمعوا أنه إِنْ رَمَاها قبل غروب الشمس مِنْ يوم النحر فقَدْ جَزَا عنه»(٢٥)؛ لحديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُسْأَلُ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى فَيَقُولُ: «لَا حَرَجَ»، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: «حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ»، قَالَ: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ»، وَقَالَ: «رَمَيْتُ بَعْدَ مَا أَمْسَيْتُ»، فَقَالَ: «لَا حَرَجَ»»(٢٦).

وإِنْ تعذَّر عليه الرميُ إلَّا ليلًا بعد غروب الشمس مِنْ يوم النحر جاز على الصحيح(٢٧)، لحديثِ نافعٍ عن «ابْنَةِ أخٍ لِصَفِيَّةَ بِنْتِ أَبِي عُبَيْدٍ امْرَأَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهَا نفِسَتْ بِالمُزْدَلِفَةِ، فَتَخَلَّفَتْ هِيَ وَصَفِيَّةُ حَتَّى أَتَتَا مِنًى بَعْدَ أَنْ غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَأَمَرَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ أَنْ تَرْمِيَا الجَمْرَةَ حِينَ قَدِمَتَا، وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِمَا شَيْئًا»(٢٨)، وقد رخَّص النبيُّ صلى الله عليه وسلم للرُّعَاة في الرمي بالليل فقال: «الرَّاعِي يَرْمِي بِاللَّيْلِ وَيَرْعَى بِالنَّهَارِ»(٢٩).

· خامسا: ويجوز للحاجِّ أَنْ يرميَ جمرةَ العَقَبة راكبًا مِنْ غير أَنْ يدفع الناس، ولا يرمي غيرَها يومَ النحر إجماعًا، لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَقُولُ: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»»(٣٠)، وفي حديثِ قُدامةَ بنِ عبد الله رضي الله عنه قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي جَمْرَةَ العَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ صَهْبَاءَ، لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ، وَلَا إِلَيْكَ إِلَيْكَ»(٣١)؛ وقال ابنُ المنذر: «وأجمعوا على أنه لا يرمي في يوم النحر غيرَ جمرة العَقَبة»(٣٢).

تنبيه:

1. لا يُسَنُّ الوقوفُ عند جمرة العَقَبة بعد رمي الحَصَيَات السبع؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَمَى جمرةَ العَقَبَة انصرف ولم يَقِفْ(٣٣).

2. وليس بمِنًى صلاةُ عيدٍ، ورميُ جمرة العَقَبة لهم كصلاة العيد لأهل الأمصار(٣٤)، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ جمعةً ولا عيدًا في السفر.

· سادسا: ويُسَنُّ للإمام ـ حين ارتفاع الضحى يومَ النحر ـ أَنْ يخطب بمِنًى بين الصخرات فينصحَ المسلمين ويعلِّمهم مناسِكَهم؛ لحديثِ رافع ابنِ عمرٍو المُزَنيِّ قال: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ النَّاسَ بِمِنًى حِينَ ارْتَفَعَ الضُّحَى عَلَى بَغْلَةٍ شَهْبَاءَ، وَعَلِيٌّ رضي الله عنه يُعَبِّرُ عَنْهُ، وَالنَّاسُ بَيْنَ قَاعِدٍ وَقَائِمٍ»(٣٥)، ولحديثِ أمِّ الحصين رضي الله عنها قالت: «حَجَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوَدَاعِ، فَرَأَيْتُهُ حِينَ رَمَى جَمْرَةَ العَقَبَةِ وَانْصَرَفَ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ وَأُسَامَةُ أَحَدُهُمَا يَقُودُ بِهِ رَاحِلَتَهُ وَالآخَرُ رَافِعٌ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الشَّمْسِ، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا كَثِيرًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ ـ حَسِبْتُهَا قَالَتْ: أَسْوَدُ ـ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا»»(٣٦).

· سابعا: فإذا انتهى الحاجُّ مِنْ رمي جمرة العقبة الكبرى تَحلَّل التحلُّلَ الأصغر، أي: يُباحُ له كُلُّ محظورٍ حُرِّم عليه بالإحرام إلَّا الجماع بنسائه ولو لم يذبح أو يحلق، ويُسمَّى هذا ﺑ «التحلُّل الأوَّل»، ويُستحَبُّ له التطيُّبُ فيما بين التحلُّلين، فإذا أراد الاستمرارَ في تحلُّله فيَلْزَمه أَنْ يطوف طوافَ الإفاضة قبل أَنْ يُمْسِيَ ذلك اليومَ، فإِنْ أَخَّره بعد يوم العيد عاد إلى لُبْس ثوبَيِ الإحرام مِنْ جديدٍ كهيئته حين كان مُحرِمًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ هَذَا يَوْمٌ رُخِّصَ لَكُمْ إِذَا أَنْتُمْ رَمَيْتُمُ الجَمْرَةَ أَنْ تَحِلُّوا ـ يَعْنِي: مِنْ كُلِّ مَا حُرِمْتُمْ مِنْهُ إِلَّا النِّسَاءَ ـ فَإِذَا أَمْسَيْتُمْ قَبْلَ أَنْ تَطُوفُوا هَذَا البَيْتَ صِرْتُمْ حُرُمًا كَهَيْئَتِكُمْ قَبْلَ أَنْ تَرْمُوا الجَمْرَةَ حَتَّى تَطُوفُوا بِهِ»(٣٧).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالبَيْتِ»(٣٨)، وعن عبد الله بنِ الزبير رضي الله عنهما قال: «فَإِذَا رَمَى الجَمْرَةَ الكُبْرَى فَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ إِلَّا النِّسَاءَ حَتَّى يَطُوفَ بِالبَيْتِ»(٣٩)، قال ابنُ خزيمة رحمه الله: «وهذا هو الصحيح، إذا رَمَى الجمرةَ حَلَّ له كُلُّ شيءٍ خَلَا النساء؛ لأنَّ عائشة خبَّرَتْ أنها طيَّبَتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قبل نزول البيت»(٤٠).

· ثامنا: ويُستحَبُّ الترتيبُ بين المناسك تأسِّيًا بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فيُقدَّم الرمي ـ أوَّلًا ـ، ثمَّ الذبح والنحر، ثمَّ الحلق أو التقصير، ثمَّ طواف الإفاضة والسعي للمتمتِّع، لكِنْ لا حرجَ على الحاجِّ إِنْ لم يَلتزِمْ بهذا الترتيبِ فقدَّم منسكًا منها ـ في يوم النحر ـ أو أَخَّره، قال ابنُ القيِّم رحمه الله: «ولم ينحر هَدْيَه صلى الله عليه وسلم قطُّ إلَّا بعد أَنْ حلَّ، ولم ينحره قبل يوم النحر ولا أحَدٌ مِنْ أصحابه ألبتَّةَ، ولم ينحره ـ أيضًا ـ إلَّا بعد طلوع الشمس وبعد الرمي، فهي أربعة أمورٍ مرتَّبة يومَ النحر: أوَّلها الرمي، ثمَّ النحر، ثمَّ الحلق، ثمَّ الطواف؛ وهكذا رتَّبها صلى الله عليه وسلم ولم يرخِّص في النحر قبل طلوع الشمس ألبتَّةَ، ولا ريبَ أنَّ ذلك مُخالِفٌ لهديه، فحكمُه حكم الأضحية إذا ذُبِحَتْ قبل طلوع الشمس»(٤١).

ويدلُّ عليه حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «زُرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ»، قَالَ: «لَا حَرَجَ»، قَالَ: «حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ»، قَالَ: «لَا حَرَجَ»، قَالَ: «ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ»، قَالَ: «لَا حَرَجَ»»(٤٢)، وعن عبد الله بنِ عمرو ابنِ العاص رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: «لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟» فَقَالَ: «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ»، فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: «لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟» قَالَ: «ارْمِ وَلَا حَرَجَ»، فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: «افْعَلْ وَلَا حَرَجَ»»(٤٣).

فرع: في الذبح والنحر

· تاسعا: والسُّنَّة أَنْ يأتيَ الحاجُّ المَنحَرَ بمنًى ـ بعد الفراغ مِنْ رميِ جمرة العقبة ـ لينحر هَدْيَه أو يذبحه فيه، فإِنْ تعذَّر عليه فيجوز له ذلك في أيِّ مكانٍ وَسِعَه في مِنًى أو في مكَّة إِنْ كان متمتِّعًا أو قارنًا ساق الهديَ معه(٤٤)؛ ويدلُّ على ذلك قولُه تعالى: ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ[الحج: ٣٦]، وقولُه تعالى: ﴿ذَٰلِكَۖ وَمَن يُعَظِّمۡ شَعَٰٓئِرَ ٱللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقۡوَى ٱلۡقُلُوبِ٣٢ لَكُمۡ فِيهَا مَنَٰفِعُ إِلَىٰٓ أَجَلٖ مُّسَمّٗى ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ٣٣[الحج]، قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «أجمعوا أنَّ قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى ٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ٣٣﴾ لم يُرِدْ به الذبحَ ولا النحرَ في البيت العتيق؛ لأنَّ البيت ليس بموضعٍ للدماء؛ لأنَّ الله تعالى قد أَمَر بتطهيره، وإنما أراد بذكره البيتَ العتيق: مكَّةَ ومنًى»(٤٥)، ويؤيِّده قولُه صلى الله عليه وسلم: «نَحَرْتُ هَاهُنَا، وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ؛ فَانْحَرُوا في رِحَالِكُمْ»(٤٦)، وقولُه: «وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ»(٤٧).

· عاشرا: والهديُ الواجب شاةٌ عن المتمتِّع والقارنِ خاليةٌ مِنَ العيوب، وبلغَتِ السِّنَّ المُجزِئَ لذبحِها(٤٨)؛ ويجوز اشتراك كُلِّ سبعةٍ في بقرةٍ أو بدنةٍ؛ والسُّنَّةُ أَنْ يذبحها مُستقبِلًا بها القِبلةَ، فيُضجِعها على الجانب الأيسر، ويضع قدمَه اليمنى على جانبها الأيمن، قال ابنُ حجرٍ رحمه الله: «واتَّفقوا على أنَّ إضجاعها يكون على الجانب الأيسر، فيضع رِجلَه على الجانب الأيمن ليكون أسهلَ على الذابح في أخذِ السكِّين باليمين وإمساكِ رأسها بيده اليسار»(٤٩).

· الحادي عشر: والسُّنَّة في الإبلِ نحرُها مقيَّدةَ الرِّجلِ اليسرى، قائمةً على بقيَّةِ قوائمها، ووجهُها قِبَلَ القِبلة، ويقول عند النحر أو الذبح: «بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذَا مِنْكَ وَإِلَيْكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي».

ويدلُّ على ذلك حديثُ عائشة رضي الله عنها قالت: «أَهْدَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَرَّةً غَنَمًا»(٥٠)، وفي حديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُهِلِّينَ بِالحَجِّ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَشْتَرِكَ فِي الإِبِلِ وَالبَقَرِ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِي بَدَنَةٍ»(٥١)، وفي حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: «ضَحَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا يُسَمِّي وَيُكَبِّرُ، فَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ»(٥٢)، وعنه رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَحِلُّوا، وَنَحَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ سَبْعَ بُدْنٍ قِيَامًا»(٥٣)، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما «أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا قَالَ: «ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم»»(٥٤)، وعن ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ[الحج: ٣٦]، قال: «قِيَامًا عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ، مَعْقُولَةً يَدُهَا اليُسْرَى، يَقُولُ: بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ»(٥٥)، وفي الحديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ يَوْمَ العِيدِ كَبْشَيْنِ، وفيه: ثُمَّ قَالَ: «..بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ مِنْكَ وَلَكَ»(٥٦)، وفي حديثِ عائشة رضي الله عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال عند الذبح: «بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنْ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَمِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ»، ثُمَّ ضَحَّى بِهِ(٥٧)، قال النوويُّ رحمه الله: «فيه دليلٌ لاستحباب قول المضحِّي حالَ الذبح مع التسمية والتكبير: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي»(٥٨).

· الثاني عشر: ويُستحَبُّ له أَنْ ينحر هديَه بيده إِنْ تيسَّر ذلك، ويجوز له أَنْ يستنيب غيرَه لحديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل، وفيه: «...ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى المَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ، ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ»(٥٩).

وله أَنْ يأكل مِنْ هديه وأَنْ يتزوَّد منه إلى بلده وأهلِه، ويُطعِمَ منها الفقيرَ والمعترَّ(٦٠) ويتصدَّق بها؛ لقوله تعالى: ﴿لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ٢٨[الحج: ٢٨]، ولقوله تعالى: ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ٣٦ [الحج: ٣٦]، وفي حديثِ جابرٍ رضي الله عنه قال: «ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ، وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ، ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ، فَأَكَلَا مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا»(٦١)، وعنه رضي الله عنه يقول: «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا»، فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا»(٦٢)، وعنه رضي الله عنه ـ أيضًا ـ: «كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الهَدْيِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَدِينَةِ»(٦٣).

· الثالث عشر: ولا يجوز أَنْ يُعطيَ الجزَّارَ أَجْرَه مِنَ الهدي، ويُستحَبُّ له التصدُّقُ بجلود الهدي وجِلاله لحديثِ عليٍّ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا لُحُومَهَا وَجُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَلَا يُعْطِيَ فِي جِزَارَتِهَا شَيْئًا»(٦٤). قال ابنُ قدامةَ رحمه الله: «وإنما لم يُعْطِ الجازرَ بأجرته منها لأنَّ ذَبْحها عليه فعِوَضُه عليه دون المساكين، ولأنَّ دَفْعَ جزءٍ منها عوضًا عن الجِزارة كبيعه ولا يجوز بيعُ شيءٍ منها، وإِنْ كان الجازرُ فقيرًا فأعطاهُ لفقره سوى ما يُعطيهِ أجرَه جاز؛ لأنه مُستحِقُّ الأخذِ منها لفقرِه لا لأجره فجاز كغيره، ويقسم جلودَها وجِلالها كما جاء في الخبر؛ لأنه ساقها لله على تلك الصفة فلا يأخذ شيئًا ممَّا جَعَله لله»(٦٥).

· الرابع عشر: ووقتُ نحر الهدي والأضحية أربعةُ أيَّام العيد، وهي مدَّةٌ تبدأ بعد الرمي مِنْ يوم النحر وتمتدُّ إلى غروب الشمس مِنَ اليوم الثالث مِنْ أيَّام التشريق(٦٦)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ»(٦٧).

وإذا لم يجد المتمتِّعُ أو القارن هديًا فالواجبُ عليه اتِّفاقًا أَنْ يصوم ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رَجَع إلى أهله لقوله تعالى: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِٱلۡعُمۡرَةِ إِلَى ٱلۡحَجِّ فَمَا ٱسۡتَيۡسَرَ مِنَ ٱلۡهَدۡيِۚ فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ وَسَبۡعَةٍ إِذَا رَجَعۡتُمۡۗ تِلۡكَ عَشَرَةٞ كَامِلَةٞۗ [البقرة: ١٩٦]، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنَّ المتمتِّع إذا لم يجد الهديَ ينتقل إلى صيامِ ثلاثةِ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رَجَع، تلك عشرةٌ كاملةٌ، وتُعتبَر القدرةُ في موضعه، فمتى عَدِمَه في موضعه جاز له الانتقالُ إلى الصيام وإِنْ كان قادرًا عليه في بلده؛ لأنَّ وجوبه موقَّتٌ، وما كان وجوبُه موقَّتًا اعتُبِرَتِ القدرةُ عليه في موضعه، كالماء في الطهارة: إذا عَدِمه في مكانه انتقل إلى التراب»(٦٨)، ولا يُشترَط التتابعُ في صوم الثلاثة الأيَّام ولا صومِ السبعة، فيجوز فيها التتابعُ والتفريق لانتفاء شرط التتابع بالنصِّ، والأفضلُ تأخيرُ صوم السبعة إلى حينِ الرجوع إلى أهله؛ لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ في الحجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ»(٦٩)، وهو مخيَّرٌ في صيام الثلاثة قبل النحر لقولِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «فَمَنْ تَيَسَّرَ لَهُ هَدِيَّةٌ مِنَ الإِبِلِ أَوِ البَقَرِ أَوِ الغَنَمِ، مَا تَيَسَّرَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، أَيَّ ذَلِكَ شَاءَ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ، وَذَلِكَ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ كَانَ آخِرُ يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ عَرَفَةَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ»(٧٠)؛ وإِنْ شاء صامَها في أيَّام التشريق، ويدلُّ عليه حديثُ عائشة وابنِ عمر رضي الله عنهم قالا: «لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الهَدْيَ»(٧١)، وعن ابنِ عمر رضي الله عنهما قال: «الصِّيَامُ لِمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا وَلَمْ يَصُمْ صَامَ أَيَّامَ مِنًى»(٧٢)، قال الترمذيُّ رحمه الله: «والعملُ على هذا عند أهل العلم: يكرهون الصيامَ أيَّامَ التشريق، إلَّا أنَّ قومًا مِنْ أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغيرِهم رخَّصوا للمتمتِّع إذا لم يجد هديًا ولم يَصُمْ في العشر أَنْ يصوم أيَّامَ التشريق، وبه يقول مالكُ بنُ أنسٍ والشافعيُّ وأحمد وإسحاق»(٧٣).

لكِنْ لا يجوز له أَنْ يصوم يومًا مِنَ الأيَّام الثلاثة يومَ النحر ولا أَنْ يؤخِّرها عن أيَّام التشريق، قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «وأجمع العلماءُ على أنَّ الثلاثة الأيَّام إِنْ صامها قبل يوم النحر فقَدْ أتى بما يَلْزمه مِنْ ذلك؛ ولهذا قال مَنْ قال مِنْ أهل العلم بتأويل القرآن في قوله: ﴿ثَلَٰثَةِ أَيَّامٖ فِي ٱلۡحَجِّ﴾ قال: آخِرُها يومُ عَرَفة، وكذلك أجمعوا أنه لا يجوز له ولا لغيره صيامُ يوم النحر»(٧٤).

· الخامس عشر: ويُستثنى أهلُ الحرم مِنْ وجوب الهدي، ويسقط عنهم دمُ المتعة اتِّفاقًا، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «ولا خلافَ بين أهل العلم في أنَّ دم المتعة لا يجب على حاضِرِي المسجد الحرام؛ إذ قد نصَّ اللهُ تعالى في كتابه بقوله سبحانه: ﴿ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ[البقرة: ١٩٦]، ولأنَّ حاضِرَ المسجدِ الحرامِ ميقاتُه مكَّة، فلم يحصل له الترفُّهُ بأحدِ السفرين»(٧٥).

فرع في الحلق والتقصير

· السادس عشر: وبعد نحر الهدي أو ذبحِه يحلق الحاجُّ رأسَه كُلَّه أو يقصِّره كُلَّه؛ لأنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حَلَقَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ وَأُنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَصَّرَ بَعْضُهُمْ»(٧٦)؛ والحلقُ أفضلُ مِنَ التقصير لدعائه صلى الله عليه وسلم بالرحمة والمغفرة للمُحلِّقين ثلاثَ مرَّاتٍ وللمقصِّرين مرَّةً واحدةً، ففي حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: «وَالمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ»، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْحَمِ المُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: «وَالمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ»، قَالَ: «وَالمُقَصِّرِينَ»، وفي روايةٍ: وَقَالَ في الرَّابِعَةِ: «وَالمُقَصِّرِينَ»(٧٧)، وفي حديثٍ آخَرَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: «وَلِلْمُقَصِّرِينَ»، قَالَ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ»، قَالُوا: «وَلِلْمُقَصِّرِينَ»، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ: «وَلِلْمُقَصِّرِينَ»(٧٨)؛ قال ابنُ حجرٍ رحمه الله: «وفيه أنَّ الحلق أفضلُ مِنَ التقصير، ووجهُه: أنه أبلغُ في العبادة، وأبينُ للخضوع والذِّلَّة، وأَدلُّ على صدق النيَّة، والذي يقصِّر يُبقي على نفسه شيئًا ممَّا يتزيَّن به، بخلاف الحالق فإنه يُشعِر بأنه تَرَك ذلك لله تعالى، وفيه إشارةٌ إلى التجرُّد»(٧٩).

· السابع عشر: ويُستحَبُّ للحالق البدءُ بالشقِّ الأيمن للمحلوق لحديث أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: «لَمَّا رَمَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ نَاوَلَ الحَالِقَ شِقَّهُ الأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الأَيْسَرَ فَقَالَ: «احْلِقْ» فَحَلَقَهُ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ فَقَالَ: «اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ»»(٨٠).

· الثامن عشر: والمشروع في حقِّ المرأة التقصيرُ، وليس عليها حلقٌ إجماعًا لخصوصه بالرِّجال في قوله صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ الحَلْقُ، إِنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ»(٨١)، قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «وأجمعوا أنَّ سُنَّةَ المرأةِ التقصيرُ لا الحِلَاق»(٨٢).

وتقصِّر المرأة مِنْ كُلِّ قرنٍ مِنْ شعرها كُلِّه قَدْرَ أنملةٍ فأقلَّ، فهو أقلُّ شيءٍ يقع عليه اسْمُ التقصير. قال النووي رحمه الله: «قال ابنُ المنذر: أجمعوا أَنْ لا حَلْقَ على النساء(٨٣)، إنما عليهنَّ التقصير، قالوا: ويُكره لهنَّ الحلقُ لأنه بدعةٌ في حقِّهنَّ، وفيه مُثْلةٌ، واختلفوا في قدرِ ما تقصِّره، فقال ابنُ عمر والشافعي وأحمدُ وإسحاقُ وأبو ثورٍ: تقصِّر مِنْ كُلِّ قرنٍ مِثْلَ الأنملة... وقال مالكٌ: تأخذ مِنْ جميعِ قرونها أقلَّ جزءٍ، ولا يجوز مِنْ بعض القرون» [بتصرُّف](٨٤).

فرع: في طواف الإفاضة

· التاسع عشر: ثمَّ يتوجَّه الحاجُّ مُفيضًا مِنْ مِنًى إلى مكَّةَ ليطوف ببيت الله الحرام سبعةَ أشواطٍ، ويكون طوافُه كصفةِ طواف القدوم لكِنْ مِنْ غيرِ هيئةِ اضطباعٍ ولا رَمَلٍ، غير أنه ينوي به طوافَ الزيارة لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(٨٥)، ويُسمَّى هذا الطوافُ بطوافِ «الإفاضة» أو طوافِ «الزيارة»، وهو ركنٌ مِنْ أركان الحجِّ لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لۡيَقۡضُواْ تَفَثَهُمۡ وَلۡيُوفُواْ نُذُورَهُمۡ وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ٢٩[الحج]، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «ويُسمَّى: طوافَ الإفاضة لأنه يأتي به عند إفاضته مِنْ مِنًى إلى مكَّةَ، وهو ركنٌ للحجِّ لا يتمُّ إلَّا به، لا نعلم فيه خلافًا، ولأنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: ﴿وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ٢٩[الحج]، قال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: هو مِنْ فرائض الحجِّ لا خلافَ في ذلك بين العلماء، وفيه عند جميعهم قال الله تعالى: ﴿وَلۡيَطَّوَّفُواْ بِٱلۡبَيۡتِ ٱلۡعَتِيقِ٢٩﴾، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَّحْرِ فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا حَائِضٌ»، قَالَ: «أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟» قَالُوا: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ»، قَالَ: «اخْرُجُوا»»(٨٦) متَّفقٌ عليه؛ فدلَّ على أنَّ هذا الطوافَ لا بُدَّ منه، وأنه حابسٌ لمَنْ لم يأتِ به، ولأنَّ الحجَّ أحدُ النُّسُكين، فكان الطوافُ رُكنًا كالعمرة»(٨٧)، وفي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَرْمُلْ في السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ»(٨٨).

· العشرون: وأفضلُ وقتِ طواف الإفاضة يومُ النحر بعد الرمي والنحر والحلق أو التقصير مُوافَقةً لفعله صلى الله عليه وسلم، فقَدْ روى جابرٌ رضي الله عنه صِفةَ حجِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومَ النحر فقال: «...فَأَفَاضَ إِلَى البَيْتِ فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ»(٨٩)، وفي حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى(٩٠)»(٩١)، ولحديثِ عائشة رضي الله عنها الذي ذكَرَتْ فيه حيضَ صفيَّةَ رضي الله عنها قالت: «فَأَفَضْنَا يَوْمَ النَحْرِ»(٩٢).

ويجوز تأخيرُه إلى الليل، لكِنْ بقيد العودة إلى لُبْس ثوبَيِ الإحرام مِنْ جديدٍ كهيئته حين كان مُحرِمًا كما ثَبَت في الحديث(٩٣)، كما يجوز له أَنْ يؤخِّره إلى آخِرِ يومٍ مِنْ أيَّام الحجِّ، علمًا أنَّ آخِرَ وقتِه مُطْلَقٌ غيرُ مُقيَّدٍ بحدٍّ شرعيٍّ، قال ابنُ قدامة رحمه الله: «والصحيح أنَّ آخِرَ وقته غيرُ محدودٍ، فإنه مَتَى أتى به صحَّ بغير خلافٍ، وإنما الخلافُ في وجوب الدم، فيقول: إنه طاف فيما بعد أيَّام النحر طوافًا صحيحًا فلم يَلْزَمه دمٌ كما لو طاف أيَّامَ النحر، فأمَّا الوقوفُ والرميُ فإنهما لمَّا كانا موقَّتين كان لهما وقتٌ يفوتان بفواته، وليس كذلك الطوافُ، فإنه متى أتى به صحَّ»(٩٤)، وقال النوويُّ رحمه الله: «ذكَرْنا أنَّ مذهبنا أنَّ طواف الإفاضة لا آخِرَ لوقته، بل يبقى ما دام حيًّا ولا يَلْزَمُه بتأخيره دمٌ، قال ابنُ المنذر: ولا أعلمُ خلافًا بينهم في أنَّ مَنْ أخَّره وفَعَله في أيَّام التشريق أَجزأَه ولا دمَ، فإِنْ أخَّره عن أيَّام التشريق فقَدْ قال جمهورُ العلماء كمذهبنا: لا دَمَ»(٩٥).

ثمَّ يُصلِّي ركعتين بعد الطواف لقولِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «عَلَى كُلِّ سَبْعٍ رَكْعَتَانِ»(٩٦)، ويُستحَبُّ له أَنْ يُصلِّيَهما خَلْفَ مَقامِ إبراهيم عليه السلام، فإِنْ لم يتيسَّر له ذلك فله أَنْ يصلِّيَهما في أيِّ موضعٍ مِنَ المسجد، فإِنْ لم يفعل ففي أيِّ موضعٍ مِنَ الحرم، وإلَّا ففي أيِّ موضعٍ مِنَ الأرض؛ لأنَّ وقتها لا يفوت؛ قال ابنُ حجرٍ رحمه الله: «مَنْ نَسِيَ ركعتَيِ الطواف قَضَاهما حيث ذَكَرهما مِنْ حِلٍّ أو حَرَمٍ، وهو قول الجمهور»(٩٧).

ويجوز صلاتُهما في وقت الكراهة عند الجمهور ـ أيضًا ـ لحديثِ جبير ابنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ، مَنْ وَلِيَ مِنْكُمْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا فَلَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا طَافَ بِهَذَا البَيْتِ وَصَلَّى أَيَّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ»(٩٨).

· الحادي والعشرون: ثمَّ يسعى المتمتِّعُ بين الصفا والمروة سبعةَ أشواطٍ كصفةِ سعيه في طواف القدوم، وهذا السعيُ لحَجِّه والسعيُ الأوَّل لعمرته، بخلاف القارِن والمُفرِد فيكفيهما السعيُ الأوَّل، ويدلُّ عليه حديثُ عائشة رضي الله عنها قالت: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ: «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالحَجِّ وَالعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا» فَقَدِمْتُ مَكَّةَ ـ وَأَنَا حَائِضٌ ـ فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ»، فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا»(٩٩)، وفي حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «أَهَلَّ المُهَاجِرُونَ وَالأَنْصَارُ وَأَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ وَأَهْلَلْنَا، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ بِالحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ»، فَطُفْنَا بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: «مَنْ قَلَّدَ الهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ حَتَّى يَبْلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّهُ»، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ المَنَاسِكِ جِئْنَا فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ»(١٠٠)، وفي حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما قال: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا»، وفي روايةٍ: «إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا: طَوَافَهُ الأَوَّلَ»(١٠١)؛ فحديثُ عائشة وابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهم صريحٌ في سعي المتمتِّع مرَّتين، وأمَّا حديثُ جابرٍ فمحمولٌ على مَنْ ساق الهديَ مِنَ الصحابة الذين كانوا قارنين. قال ابنُ القيِّم رحمه الله: «فالصواب أنَّ الطواف الذي أخبرَتْ به عائشة رضي الله عنها وفرَّقَتْ به بين المتمتِّع والقارِن هو الطواف بين الصفا والمروة لا الطوافُ بالبيت، وزال الإشكالُ جملةً، فأخبرَتْ عن القارنين أنهم اكتفَوْا بطوافٍ واحدٍ بينهما، لم يُضيفوا إليه طوافًا آخَرَ يومَ النحر، وهذا هو الحقُّ، وأخبرَتْ عن المتمتِّعين أنهم طافوا بينهما طوافًا آخَرَ بعد الرجوع مِنْ مِنًى للحجِّ، وذلك الأوَّل كان للعمرة، وهذا قول الجمهور؛ وتنزيلُ الحديث على هذا مُوافِقٌ لحديثها الآخَرِ ـ وهو قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «يَسَعُكِ طَوَافُكِ بِالبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ»(١٠٢) وكانت قارنةً ـ يوافق قولَ الجمهور، ولكِنْ يُشْكِل عليه حديثُ جابرٍ الذي رواه مسلمٌ في «صحيحه»: «لَمْ يَطُفِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ إِلَّا طَوَافًا وَاحِدًا: طَوَافَهُ الأَوَّلَ»، هذا يوافق قولَ مَنْ يقول: يكفي المتمتِّعَ سعيٌ واحدٌ كما هو إحدى الروايتين عن أحمد رحمه الله، نصَّ عليها في روايةِ ابنه عبدِ الله وغيرِه، وعلى هذا فيُقال: عائشةُ أَثْبَتَتْ وجابرٌ نَفَى، والمُثبِتُ مُقدَّمٌ على النافي، أو يُقال: مرادُ جابرٍ: مَنْ قَرَنَ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم وساق الهديَ كأبي بكرٍ وعمر وطلحة وعليٍّ رضي الله عنهم وذوي اليسار، فإنهم إنما سعَوْا سعيًا واحدًا، وليس المرادُ به عمومَ الصحابة»(١٠٣).

· الثاني والعشرون: فإذا انتهى الحاجُّ مِنْ طواف الإفاضة فيَحِلُّ التحلُّلَ الأكبرَ، فيُباحُ له كُلُّ محظورٍ حُرِّمَ عليه بالإحرام حتَّى نساؤه، ويُسمَّى ﺑ «التحلُّل الثاني»، ويدلُّ عليه الأحاديثُ المتقدِّمةُ في «التحلُّل الأوَّل».

· الثالث والعشرون: ثمَّ يصلِّي الظهرَ بمكَّة(١٠٤)، ويُستحَبُّ له أَنْ يأتيَ زمزمَ بعد الطواف ويَشرَب ويتضلَّع منه ويدعوَ بما تيسَّر مِنَ الدعاء النافع، لحديثِ جابر ابنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويلِ وفيه: «...ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ إِلَى البَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ فَقَالَ: «انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ المُطَّلِبِ؛ فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمْ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ»، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ»(١٠٥)، ولقوله صلى الله عليه وسلم: «مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ»(١٠٦)، وفي حديثِ أبي ذرٍّ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال فيه: «إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ وَشِفَاءُ سُقْمٍ»(١٠٧).

· الرابع والعشرون: ثمَّ يرجع بعد هذا إلى مِنًى للمبيت بها، ولا يبيت بمكَّة لَيالِيَ التشريق لحديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى»(١٠٨)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «أَفَاضَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ [حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ]، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ»(١٠٩).

· الخامس والعشرون: والمرأة إذا حاضَتْ وهي مُحرِمةٌ قبل أَنْ تطوف للإفاضة فإنها تقوم بأعمال الحاجِّ مِنَ الوقوف بعَرَفةَ والمبيتِ بمُزدلِفة ينتفي التعارضُ بالجمع بين روايةِ جابرٍ والمبيت بمِنًى ورميِ الجمار وتقصيرِ شعرِ رأسها، إلَّا أنها تؤخِّر طوافَ الإفاضة حتَّى تطهر مِنْ حيضها وتغتسل، ثمَّ تطوف بالبيت للإفاضة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها وهي مُحرِمةٌ وقد حاضَتْ: «افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الحَاجُّ، غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالبَيْتِ»(١١٠).



(١) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٢٤).

(٢) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الركوب والارتداف في الحجِّ (١٥٤٤) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٣) أخرجه أحمد (٣٩٦١)، وابنُ خزيمة في «صحيحه» (١٦٨٣)، والحاكم في «المستدرك» (١٦٩٦)، مِنْ حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ: «مسند أحمد» (٦/ ٢٨)، وحَسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٢٩٦).

(٤) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل.

(٥) معنَى «كافٌّ ناقتَه» أي: يمنعها مِنَ الإسراع، حتَّى دَخَل مُحسِّرًا فلم يمنعها، [انظر: «شرح مسلم» للنووي (٩/ ٢٧)].

(٦) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٨٢) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ عن الفضل بنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهم.

(٧) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٢٥).

(٨) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٨٢) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ عن الفضل بنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهم.

(٩) قال النوويُّ رحمه الله في «شرح مسلم» (٩/ ٢٧، ٤٧): «ولو رمى بأَكبرَ منها أو أَصغرَ جاز مع الكراهة»، قلت: وإنما الكراهةُ تقرَّرَتْ في الزيادة أو النقصان لدخولها في باب الغلوِّ في الدِّين الذي يكون سببًا في هلاكِ صاحِبِه، وكذا الاغتسال لرمي الجمار وغَسْل الحصى ورمي الجمرات بالنِّعال، كُلُّ ذلك معدودٌ مِنْ مُحدَثات الأمور التي لم يَرِدْ فيها نصٌّ شرعيٌّ يسندها أو أثرٌ صحيحٌ عن سلفِ الأمَّة يدعمها؛ قال ابنُ المنذر: «لا يُعلَم في شيءٍ مِنَ الأحاديث أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم غَسَلها وأَمَر بغَسْلِها»، قال: «ولا معنَى لغَسْلِها» [انظر: «المجموع» للنووي (٨/ ١٥٣)].

(١٠) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٢٥).

(١١) أخرجه النسائيُّ في «مناسك الحجِّ» بابُ الْتقاط الحصى (٣٠٥٧)، وابنُ ماجه في «المناسك» بابُ قَدْرِ حَصَى الرمي (٣٠٢٩)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه النوويُّ في «المجموع» (٨/ ١٧١)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٥/ ٨٥)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٣/ ٢٧٨).

(١٢) قال ابنُ حجرٍ رحمه الله في «فتح الباري» (٣/ ٥٨١): «جمرة العَقَبة: هي الجمرة الكبرى، وليست مِنْ مِنًى بل هي حدُّ مِنًى مِنْ جهةِ مكَّة، وهي التي بايع النبيُّ صلى الله عليه وسلم الأنصارَ عندها على الهجرة، والجمرةُ: اسْمٌ لمُجتمَع الحصى، سُمِّيَتْ بذلك لاجتماع الناس بها، يُقالُ: تَجمَّر بنو فلانٍ إذا اجتمعوا؛ وقِيلَ: إنَّ العرب تُسمِّي الحصى الصغارَ: جمارًا؛ فسُمِّيَتْ تسميةَ الشيء بلازمه؛ وقِيلَ: لأنَّ آدَمَ أو إبراهيم لمَّا عَرَض له إبليسُ فحَصَبه جَمَرَ بين يدَيْه، أي: أَسرعَ؛ فسُمِّيَتْ بذلك»؛ وقال رحمه الله ـ أيضًا ـ في المصدر السابق (٣/ ٥٨٠): «تمتاز جمرةُ العَقَبة عن الجمرتين الأخريين بأربعة أشياء: اختصاصها بيوم النحر، وأنه لا يُوقَفُ عندها، وتُرمى ضُحًى، ومِنْ أسفلها استحبابًا».

(١٣) أخرجه ابنُ خزيمة (٢٨٨٧)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩٦٠٤)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ عن الفضل بنِ العبَّاس رضي الله عنهم. قال ابنُ خزيمة: «هذا حديثٌ صحيحٌ مُفسِّرٌ لِمَا أُبهِمَ في الروايات الأخرى، وأنَّ المراد بقوله: حتَّى رمى جمرةَ العَقَبة أي: أَتمَّ رَمْيَها» [انظر: «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٥٣٣)].

(١٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب: يكبِّر مع كُلِّ حَصَاةٍ (١٧٥٠)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٩٦)، مِنْ حديثِ عبد الرحمن بنِ يزيد عن ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه.

(١٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ مَنْ رَمَى جمرةَ العَقَبة فجَعَل البيتَ عن يساره (١٧٤٩)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٩٦)، مِنْ حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه.

(١٦) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٥٨٢)، وانظر: «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٣٥١)، «شرح مسلم» للنووي (٩/ ٤٢).

(١٧) «الإجماع» لابن المنذر (٥٢).

(١٨) قال ابنُ عبد البرِّ في «الاستذكار» (٤/ ٢٩٣): «وأجمعوا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَمَى يومَ النحر في حَجَّته جمرةَ العَقَبةِ بمِنًى يومَ النحر بعد طلوع الشمس؛ وأجمعوا على أنَّ مَنْ رَمَاها ذلك اليومَ بعد طلوع الشمس إلى زوالها فقَدْ رَمَاها في وقتها».

(١٩) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٩٩) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما، ولفظُه: «رَمَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الجَمْرَةَ يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَأَمَّا بَعْدُ فَإِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ»، وقد علَّقه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ رميِ الجمار (٣/ ٥٧٩) بلفظ: «رَمَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ النَّحْرِ ضُحًى، وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ».

(٢٠) اللَّطْحُ ـ بالحاء المُهمَلة ـ: الضربُ الخفيف بالكفِّ مِنْ غيرِ شدَّةٍ، [انظر: «النهاية» لابن الأثير (٤/ ٢٥٠)].

(٢١) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب التعجيل مِنْ جَمعٍ (١٩٤٠)، والنسائيُّ في «مناسك الحجِّ» باب النهي عن رمي جمرة العَقَبةِ قبل طلوع الشمس (٣٠٦٤)، وابنُ ماجه في «المناسك» بابُ مَنْ تقدَّم مِنْ جَمعٍ إلى مِنًى لرمي الجمار (٣٠٢٥)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٢٧٦).

(٢٢) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٢٨).

(٢٣) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٥٢٩).

(٢٤) «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ١٦٨).

(٢٥) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٢٩٥).

(٢٦) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب: إذا رَمَى بعدما أمسى أو حلَقَ قبل أَنْ يذبح ناسيًا أو جاهلًا (١٧٣٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٢٧) فآخِرُ وقتِ رمي جمرة العَقَبة هو غروبُ الشمس مِنَ اليوم الثالث مِنْ أيَّام التشريق، فعند أبي حنيفة ومالكٍ: أنَّ مَنْ أَخَّرَها إلى أيَّام التشريق عليه دمٌ، وعند الشافعيِّ وأحمد: لا شيءَ عليه، إلَّا أنه عند أحمد إذا أَخَّر الرميَ إلى أيَّام التشريق لا يرمي إلَّا بعد الزوال، [انظر: «المنتقى» للباجي (٣/ ٥٢ ـ ٥٣)، «بدائع الصنائع» للكاساني (٢/ ٢٠٧ ـ ٢٠٨)، «الشرح الكبير» لابن قدامة (٣/ ٤٨٠)، «إعانة الطالبين» للدمياطي (٢/ ٣٤٨)].

(٢٨) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩٦٧١). والأثر صحَّحه زكريَّا غلام قادر الباكستاني في «ما صحَّ مِنْ آثار الصحابة في الفقه» (٢/ ٨٤٠).

(٢٩) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩٦٧٧) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ٦٢٢).

(٣٠) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٩٧)، والبيهقيُّ بلفظِ: «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» في «السنن الكبرى» (٩٥٢٤)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(٣١) أخرجه الترمذيُّ في «الحجِّ» بابُ ما جاء في كراهِيَةِ طردِ الناس عند رمي الجمار (٩٠٣)، والنسائيُّ في «مناسك الحجِّ» باب الركوب إلى الجمار واستظلالِ المُحرِم (٣٠٦١)، وابنُ ماجه في «المناسك» بابُ رميِ الجمار راكبًا (٣٠٣٥)، مِنْ حديثِ قدامة بنِ عبد الله العامريِّ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٦/ ٢٥٨)، والألبانيُّ في «المشكاة» (٢/ ٨٠٦).

(٣٢) «الإجماع» لابن المنذر (٥٢).

(٣٣) انظر الحديثَ الذي أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب: إذا رَمَى الجمرتين يقوم ويُسْهِلُ مُستقبِلَ القِبْلة (١٧٥١) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٣٤) قال ابنُ تيمية رحمه الله في «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ١٧٠): «وممَّا قد يغلط فيه الناسُ: اعتقادُ بعضِهم أنه يُستحَبُّ صلاةُ العيد بمِنًى يومَ النحر حتَّى قد يُصلِّيها بعضُ المُنتسِبين إلى الفقه، أخذًا فيها بالعمومات اللفظية أو القياسية، وهذه غفلةٌ عن السُّنَّةِ ظاهرةٌ، فإنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وخُلَفاءَه لم يُصلُّوا بمِنًى عيدًا قطُّ، وإنما صلاةُ العيد بمِنًى هي جمرة العَقَبة، فرميُ جمرة العَقَبة لأهل الموسم بمنزلة صلاة العيد لغيرهم؛ ولهذا استحبَّ أحمدُ أَنْ تكون صلاةُ أهل الأمصار وقتَ النحر بمِنًى؛ ولهذا خَطَب النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومَ النحر بعد الجمرة كما كان يخطب في غيرِ مكَّةَ بعد صلاة العيد؛ ورميُ الجمرةِ تحيَّةُ مِنًى كما أنَّ الطوافَ تحيَّةُ المسجد الحرام».

(٣٥) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب: أيَّ وقتٍ يخطب يومَ النحر؟ (١٩٥٦) مِنْ حديثِ رافع بنِ عمرٍو المُزَنيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه النوويُّ في «المجموع» (٨/ ٩٠)، والألبانيُّ في «صحيح أبي داود».

(٣٦) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٩٨) مِنْ حديثِ أمِّ الحصين الأحمسية رضي الله عنها.

(٣٧) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الإفاضة في الحجِّ (١٩٩٩) مِنْ حديثِ أمِّ سلمة هند بنتِ أبي أُمَيَّة رضي الله عنها. وصحَّحه النوويُّ في «المجموع» (٨/ ٢٣٤)، والألبانيُّ في «مناسك الحجِّ والعمرة» (٣٢).

(٣٨) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الطِّيب عند الإحرام، وما يَلْبَس إذا أراد أَنْ يُحرِم، ويترجَّل ويَدَّهِن (١٥٣٩)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١١٨٩)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٣٩) أخرجه ابنُ خزيمة في «صحيحه» (٢٨٠١)، والطحاويُّ في «مُشكِل الآثار» (٢/ ٢٣١). وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح ابنِ خزيمة» وفي «السلسلة الضعيفة» (٣/ ٨١).

(٤٠) «صحيح ابنِ خزيمة» (٤/ ٢٤٨). واستدلالُ ابنِ خزيمة بحديثِ عائشة رضي الله عنها إنما جاء جوابًا على القائلين بأنَّ مَنْ رمى جمرةَ العَقَبة وذَبَح وحلَقَ أو قصَّر فقَدْ حَلَّ له كُلُّ شيءٍ حُرِّمَ عليه إلَّا النساء والطِّيب حتَّى يُفيضَ.

(٤١) «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٢/ ٣١٦).

(٤٢) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الذبح قبل الحلق (١٧٢٢) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٤٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «العلم» بابُ الفُتْيَا وهو واقفٌ على الدابَّة وغيرِها (٨٣)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠٦)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما.

(٤٤) فالقارن يَلْزَمه سَوقُ الهديِ معه، وإلَّا وَجَب عليه التحلُّلُ بالعمرة ليكون متمتِّعًا.

(٤٥) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٢٥٦).

(٤٦) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(٤٧) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الصلاة بجَمْعٍ (١٩٣٧)، وابنُ ماجه في «المناسك» باب الذبح (٣٠٤٨)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما. والحديث حَسَّنه الزيلعيُّ في «نصب الراية» (٣/ ١٦٢)، وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ٥٩٧).

(٤٨) قال ابنُ قدامة رحمه الله في «المغني» (٣/ ٥٥٣): «ويُمنَع مِنَ العيوب في الهدي ما يُمنَع في الأضحية، قال البراء بنُ عازبٍ رضي الله عنه: «قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الأَضَاحِي: العَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالعَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلعُهَا، وَالكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنْقِي»»، َالَ: قُلْتُ: «إِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي السِّنِّ نَقْصٌ»، قَالَ: «مَا كَرِهْتَ فَدَعْهُ، وَلَا تُحَرِّمْهُ عَلَى أَحَدٍ»، رواه أبو داود والنسائيُّ... فهذه الأربعُ لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في منعِها، ويثبت الحكمُ فيما فيه نقصٌ أكثرُ مِنْ هذه العيوبِ بطريق التنبيه» [بتصرُّف].

(٤٩) « فتح الباري» لابن حجر (١٠/ ١٨).

(٥٠) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ تقليدِ الغنم (١٧٠١) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٥١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(٥٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الأضاحي» بابُ مَنْ ذَبَح الأضاحيَ بيده (٥٥٥٨)، ومسلمٌ في «الأضاحي» (١٩٦٦)، مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.

(٥٣) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ نحرِ البُدْنِ قائمةً (١٧١٤) مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.

(٥٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ نحرِ الإبل مُقيَّدةً (١٧١٣)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٢٠)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٥٥) «تفسير ابنِ كثير» (٣/ ٢٢٢)؛ والأثرُ أخرجه الطبريُّ في «تفسيره» (٩/ ١٥٢)، والحاكم في «المستدرك» (٧٥٧١) وقال: «هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يُخرِجاه».

(٥٦) أخرجه أبو داود في «الضحايا» بابُ ما يُستحَبُّ مِنَ الضحايا (٢٧٩٥)، وأحمد (١٥٠٢٢)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٤/ ٣٦٦).

(٥٧) أخرجه مسلمٌ في «الأضاحي» (١٩٦٧) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٥٨) «شرح مسلم» للنووي (١٣/ ١٢٢).

(٥٩) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل.

(٦٠) المُعترُّ: هو الذي يتعرَّض لك ويُلِمُّ بك لتُعطِيَه ولا يسأل، [انظر: «تفسير غريب القرآن» لابن قتيبة (٢٩٣) و«فتح القدير» للشوكاني (٣/ ٤٥٤)].

(٦١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل.

(٦٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ ما يأكل مِنَ البُدْنِ وما يتصدَّق (١٧١٩)، ومسلمٌ في «الأضاحي» (١٩٧٢)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(٦٣) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الأطعمة» بابُ ما كان السلفُ يدَّخِرون في بيوتهم وأسفارِهم مِنَ الطعام واللحم وغيرِه (٥٤٢٤)، ومسلمٌ في «الأضاحي» (١٩٧٢)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(٦٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب: يتصدَّق بجلود الهدي (١٧١٧)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣١٧)، مِنْ حديثِ عليٍّ رضي الله عنه.

(٦٥) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٣٣).

(٦٦) انظر: «المجموع» للنووي (٨/ ٣٩٠).

(٦٧) أخرجه أحمد (١٦٧٥١)، وابنُ حبَّان في «صحيحه» (٣٨٥٤)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٠٢٢٦)، مِنْ حديثِ جُبَيْر بنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه. والحديث حَسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ٦١٧).

(٦٨) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٧٦).

(٦٩) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ مَنْ ساق البُدْنَ معه (١٦٩١)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢٢٧)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٧٠) أخرجه البخاريُّ في «التفسير» باب: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ[البقرة: ١٩٩] (٤٥٢١).

(٧١) أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ صيامِ أيَّام التشريق (١٩٩٧).

(٧٢) أخرجه البخاريُّ في «الصوم» بابُ صيامِ أيَّام التشريق (١٩٩٩).

(٧٣) «سنن الترمذي» (٣/ ١٤٤).

(٧٤) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٤١٣).

(٧٥) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٧٢).

(٧٦) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «المغازي» بابُ حجَّة الوداع (٤٤١١)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠١)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٧٧) انظر الحديثَ المُتَّفَقَ عليه الذي أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الحلق والتقصير عند الإحلال (١٧٢٧)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠١)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما.

(٧٨) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الحلق والتقصير عند الإحلال (١٧٢٨)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠٢)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٧٩) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٥٦٤).

(٨٠) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠٥) مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.

(٨١) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الحلق والتقصير (١٩٨٤، ١٩٨٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث ذَكَر له ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٦/ ٢٦٧) مُتابَعاتٍ يتقوَّى بها، وحَسَّن إسنادَه الحافظ ابنُ حجرٍ في «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٢٩)، وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢/ ١٥٧).

(٨٢) «الاستذكار» لابن عبد البرِّ (٤/ ٣١٧).

(٨٣) «الإجماع» لابن المنذر (٥٣).

(٨٤) «المجموع» للنووي (٨/ ٢١٠).

(٨٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «بدء الوحي» باب: كيف كان بدءُ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ (١)، ومسلمٌ في «الإمارة» (١٩٠٧)، مِنْ حديثِ عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه.

(٨٦) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الزيارة يومَ النحر (١٧٣٣)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٨٧) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٤٠).

(٨٨) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الإفاضة في الحجِّ (٢٠٠١)، وابنُ ماجه في «المناسك» بابُ زيارةِ البيت (٣٠٦٠)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. والحديث سَكَت عنه الحافظُ في «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٠٧)، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود».

(٨٩) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل.

(٩٠) ينتفي التعارضُ بالجمع بين روايةِ جابرٍ رضي الله عنه في صلاته صلى الله عليه وسلم بمكَّةَ وروايةِ ابنِ عمر رضي الله عنهما في صلاته بمِنًى على ما ذَكَره النوويُّ رحمه الله في «شرح مسلم» (٨/ ١٩٣) حيث قال: «ووجهُ الجمع بينهما: أنه صلى الله عليه وسلم طاف للإفاضة قبل الزوال، ثمَّ صلَّى الظهرَ بمكَّةَ في أوَّل وقتها، ثمَّ رَجَع إلى مِنًى فصلَّى بها الظهرَ مرَّةً أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك؛ فيكون مُتنفِّلًا بالظهر الثانيةِ التي بمِنًى، وهذا كما ثَبَت في الصحيحين في صلاته صلى الله عليه وسلم ببطنِ نخلٍ أحد أنواعِ صلاة الخوف؛ فإنه صلى الله عليه وسلم صلَّى بطائفةٍ مِنْ أصحابه الصلاةَ بكمالها وسلَّم بهم، ثمَّ صلَّى بالطائفة الأخرى تلك الصلاةَ مرَّةً أخرى؛ فكانت له صلاتان ولهم صلاةٌ».

(٩١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠٨) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٩٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الزيارة يومَ النحر (١٧٣٣)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٩٣) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الإفاضة في الحجِّ (١٩٩٩) مِنْ حديثِ أمِّ سلمة هند بنتِ أبي أُمَيَّة رضي الله عنها. وصحَّحه النوويُّ في «المجموع» (٨/ ٢٣٤)، والألبانيُّ في «مناسك الحجِّ والعمرة» (٣٢).

(٩٤) «المغني» لابن قدامة (٣/ ٤٤١).

(٩٥) «المجموع» للنووي (٨/ ٢٢٤)؛ وقال في «شرح مسلم» (٩/ ٥٨): «وقد أجمعَ العلماءُ على أنَّ هذا الطوافَ ـ وهو طواف الإفاضة ـ ركنٌ مِنْ أركان الحجِّ لا يصحُّ الحجُّ إلَّا به، واتَّفقوا على أنَّه يُستحَبُّ فِعْلُه يومَ النحر بعد الرمي والنحر والحلق، فإِنْ أخَّره عنه وفَعَله في أيَّام التشريق أَجزأَه ولا دمَ عليه بالإجماع، فإِنْ أخَّره إلى ما بعد أيَّام التشريق وأتى به بعدها أَجزأَه ولا شيءَ عليه عندنا، وبه قال جمهورُ العلماء، وقال مالكٌ وأبو حنيفة إذا تَطاوَل لَزِمه معه دمٌ».

(٩٦) أخرجه عبد الرزَّاق في «المصنَّف» (٥/ ٦٤) رقم: (٩٠١٢)، وصحَّح إسنادَه الألبانيُّ في «مناسك الحجِّ والعمرة» (٣٦).

(٩٧) «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٤٨٧).

(٩٨) أخرجه أبو داود في «المناسك» باب الطواف بعد العصر (١٨٩٤)، والترمذيُّ في «الحجِّ» بابُ ما جاء في الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمَنْ يطوف (٨٦٨)، والنسائيُّ في «المواقيت» باب إباحة الصلاة في الساعات كُلِّها بمكَّة (٥٨٥)، واللفظ للبغويِّ في «شرح السنَّة» (٣/ ٣٣١)، مِنْ حديثِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه. وصحَّحه النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٢٧٢)، والألبانيُّ في «الإرواء» (٢/ ٢٣٩).

(٩٩) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ طواف القارن (١٦٣٨)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(١٠٠) أخرجه البخاريُّ معلَّقًا بصيغة الجزم في «الحجِّ» بابُ قولِ الله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ لِمَن لَّمۡ يَكُنۡ أَهۡلُهُۥ حَاضِرِي ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ[البقرة: ١٩٦] (١٥٧٢)، وأخرجه موصولًا: البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٨٨٨٩)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «حجَّة النبيِّ» (٨٧)، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (٣/ ٤٣٤).

(١٠١) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٥، ١٢٧٩) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما.

(١٠٢) أخرجه مسلمٌ ـ دون ذِكرِ البيت والصفا والمروة ـ في «الحجِّ» (١٢١١)، وأبو داود بذكرهما في «المناسك» بابُ طوافِ القارن (١٨٩٧)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ٦٣٨).

(١٠٣) «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٢/ ٢٧٣).

(١٠٤) وقال ابنُ عمر رضي الله عنهما: إنه صلَّى الظهرَ بمِنًى. وقد تقدَّم وجهُ الجمع بينهما.

(١٠٥) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١٨) مِنْ حديثِ جابر بنِ عبد الله رضي الله عنهما الطويل.

(١٠٦) أخرجه ابنُ ماجه في «المناسك» باب الشرب مِنْ زمزم (٣٠٦٢) مِنْ حديثِ جابر ابنِ عبد الله رضي الله عنهما. والحديث حسَّنه المنذريُّ في «الترغيب والترهيب» (٢/ ١٣٦)، وابنُ القيِّم في «زاد المَعاد» (٤/ ٣٦٠)، وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (١١٢٣).

(١٠٧) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٩٦٥٩)، وهو في مسلمٍ دون قوله: «وشفاءُ سُقْمٍ» في «فضائل الصحابة» (٢٤٧٣)، مِنْ حديثِ أبي ذرٍّ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه المنذريُّ في «الترغيب والترهيب» (٢/ ١٣٥)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٤٣٥).

(١٠٨) أخرجه مسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠٨) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(١٠٩) أخرجه أبو داود في «المناسك» بابٌ في رمي الجمار (١٩٧٣) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. والحديث حَسَّنه المنذريُّ كما ذَكَره الزيلعيُّ في «نصب الراية» (٣/ ٨٤)، وسَكَت عنه الحافظ في «التلخيص الحبير» (٢/ ٥٣٢)، وانظر: «الإرواء» (٢/ ٢٨٢) و«صحيح أبي داود» (١٩٧٣) كلاهما للألباني، وقال: «إلَّا قوله: «حين صلَّى الظهر» فهو مُنكَرٌ».

(١١٠) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب: تقضي الحائضُ المناسكَ كُلَّها إلَّا الطوافَ بالبيت (١٦٥٠)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.