الفتوى رقم: ٤٦٠

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

في ضابط التعاون على الإثم

السؤال:

ما هو الضابط في التعاون على الإثم؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ[المائدة: ٢] يَشْمَلُ نهيُه: «كُلَّ تعاوُنٍ مع العبد على الظلم في حقِّ ربِّه، أو حقِّ غيرِه، أو حقِّ نَفْسِه». ويمكن شرحُ هذا المعنى بما يلي:

إعانةُ العبد على صرفِ عباداته أو بعضِها إلى غير الله تعالى معدودٌ مِنَ الشرك المنهيِّ عنه، ويدخل في ظُلْمِ العبد في حقِّ ربِّه؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ ١٣[لقمان]؛ فإعانةُ العبدِ على الشرك تعاوُنٌ على الإثم والعدوان، وكذلك إعانةُ العبد على ظلمِ غيرِه مِنْ عبادِ الله تعالى ومخلوقاتِه، كإعانته على أذيَّتهم والإضرار بهم في دمائهم وأبدانهم وأموالهم وأعراضِهم؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(١)؛ فهو ـ أيضًا ـ تعاوُنٌ على الإثم والعدوان، كما أنَّ إعانته على ظلمِ نَفْسِه يظهر بتلويثها بآثار القبائح والمُنْكَرات والذنوب، أو بتدسيتها بأنواع الجرائم والسيِّئات والمعاصي؛ فإعانتُه على تعريضِ نفسِ مَنْ يَتعاوَنُ معه لِمَا يُؤثِّرُ فيها مِنَ الخبث تعاوُنٌ على الإثم والعدوان؛ فالأنواعُ الثلاثة للظلمِ المنهيُّ عنها إذا حَصَلَ تعاوُنٌ عليها كان تعاوُنًا على الإثم والعدوان، وهو مشمولٌ بالآية السابقة.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٣ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٩ جوان ٢٠٠٦م

 


(١) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصلة» (٢٥٦٤) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)