الفتوى رقم:٧٢١

الصنف: فتاوى متنوِّعة - ألفاظٌ في الميزان

في حكم تسويد المخلوق

السؤال:

هل يجوز أَنْ يقال للمخلوق: سيِّد أو سيدي فلان؟ وهل يجوز أَنْ يقال: قرية «سيدي فلان» للتعريف فقط؟ أفيدونا بارَكَ اللهُ فيكم.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالسيادةُ مِن السُّؤْدُدِ، وهو بمعنى الشَّرَف والجاهِ وعُلُوِّ الشأن والمنزِلة، فإذا أُطْلِقَ لفظُ «السيِّد» بمعنى المُسْتحِقِّ للسيادة المُطْلَقة فلا يجوز أَنْ يُوصَفَ مخلوقٌ بهذه السيادةِ كائنًا مَنْ كان؛ لأنها خاصَّةٌ بالله سبحانه، فهو السيِّدُ الكامل السؤددِ الذي له الأمرُ كُلُّه، مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ، قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «السَّيِّدُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى»(١)، أمَّا غيرُه فيُوصَفُ بسيادةٍ نِسبيةٍ إضافيةٍ تكون على نوعٍ محدودٍ مِن الخلائق، أي: مقيَّدةٌ بمكانٍ أو أشخاصٍ أو أقوامٍ، وتجوز ـ أيضًا ـ إذا ما وَرَدَ اللفظُ مجرَّدًّا عن الألف واللام (ألْ) أو قُصِدَ بها مجرَّدُ الاسْمِ، ودليلُه قولُه تعالى: ﴿وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى البَابِ[يوسف: ٢٥]،أي: زوجها لَدَى الباب، وقولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ»(٢)، وقولُه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: «أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ ..» وَلْيَقُلْ: «سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ»»(٣)، وكذلك إذا تَجَرَّدَ اللفظُ مِن الألف واللام فيجوز ذلك فيقال: هو سيِّدٌ، بشرطِ أَنْ يكون معناها صحيحًا، أي: أَنْ يكون الموجَّهُ إليه الخطابُ صاحِبَ سيادةٍ أو أهلاً لها، فإِنْ كان فاسقًا أو زِنْدِيقًا أو كافرًا فلا يجوز أَنْ يُعَظَّم بلفظٍ أو فعلٍ، ولو كان أعلى مرتبةً وشأنًا ومَنْزلةً؛ لأنَّ مَن أذلَّهُ اللهُ وَأَخْزَاهُ لا يُعَظَّمُ، ويدلُّ عليه قولُه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «لاَ تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ»(٤)، وقال الله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[التوبة: ٢٩]، ويجوز ـ أيضًا ـ إذا ما كان اللفظُ لا يُقْصَدُ به السيادةُ والإكرام، وإنما يُطْلَقُ مجرَّدَ اسْمٍ فرديٍّ أو عائليٍّ أو اسْمِ مدينةٍ أو قريةٍ أو منطقةٍ لخُلُوِّ احتمالِ المحذور فيه.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢ من المحرَّم ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ جانفي ٢٠٠٧م


(١) أخرجه أبو داود في «الأدب» باب في كراهية التمادح (٤٨٠٦)، مِن حديث عبد الله بنِ الشِّخِّير رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣٧٠٠)، والوادعي في «الصحيح المسند» (٥٧٨).

(٢) أخرجه مسلمٌ في «الفضائل» (٢٢٧٨) مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٣) أخرجه البخاري في «العتق» باب كراهية التطاول على الرقيق (٢٥٥٢)، ومسلم في «الألفاظ» (٢٢٤٩)، مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

(٤) أخرجه أبو داود في «الأدب» باب لا يقول المملوك: ربِّي وربَّتي (٤٩٧٧) مِن حديث بُرَيْدة بنِ الحصيب رضي الله عنه. والحديث صحَّحه المنذري في «الترغيب والترهيب» (٣/ ٣٥٩)، والنووي في «الأذكار» (١/ ٣٦٢)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٤٠٥).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)