حِكَم التشريع في مخالفة الكفَّار

«وهذا ـ وإن دلَّ على أنَّ مخالفتهم أمرٌ مقصودٌ للشرع ـ فذلك لا ينفي أن تكون في نفس الفعل الذي خولفوا فيه مصلحةٌ مقصودةٌ مع قطع النظر عن مخالفتهم، فإنَّ هنا شيئين:

أحدهما: أنَّ نفس المخالفة لهم في الهدي الظاهر مصلحةٌ ومنفعةٌ لعباد الله المؤمنين لِما في مخالفتهم من المجانبة والمباينة التي توجب المباعدة عن أعمال أهل الجحيم، وإنما يظهر بعض المصلحة في ذلك لمن تنوَّر قلبُه حتى رأى ما اتَّصف به المغضوب عليهم والضالُّون من مرض القلب الذي ضرره أشدُّ من ضرر أمراض الأبدان.

والثاني: أنَّ نفس ما هم عليه من الهدي والخُلُق قد يكون مضرًّا أو منقصًا فيُنهى عنه ويُؤْمَر بضدِّه لِما فيه من المنفعة والكمال، وليس شيءٌ من أمورهم إلَّا وهو إمَّا مضرٌّ أو ناقصٌ؛ لأنَّ ما بأيديهم من الأعمال المبتدعة والمنسوخة ونحوها مُضرَّةٌ، وما بأيديهم ممَّا لم يُنْسَخ أصله فهو يقبل الزيادة والنقص، فمخالفتهم فيه بأن يُشْرَع ما يحصِّله على وجه الكمال، ولا يُتصوَّر أن يكون شيءٌ من أمورهم كاملًا قطُّ، فإذًا المخالفة فيها منفعةٌ وصلاحٌ لنا في كلِّ أمورنا حتى ما هم عليه من إتقان بعض أمور دنياهم قد يكون مضرًّا بأمر الآخرة أو بما هو أهمُّ منه من أمر دنيانا، فالمخالفة فيه صلاحٌ لنا».

[«اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (٥٦)]

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)