ففي (ص ٣٣) من كتابكم «الفتح المأمول» جعلتم قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١٢]، من خطاب التكوين، والصحيح أنّ خطاب التكوين هو الأمر الكوني «كن» كما في «مجموع الفتاوى»... للمزيد

الفتوى رقم: ٩٢٧

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

في إخراج خطاب التكوين من تعريف الحكم الشرعي

السـؤال:

ففي (ص ٣٣) من كتابكم «الفتح المأمول» جعلتم قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: ١٢]، من خطاب التكوين، والصحيح أنّ خطاب التكوين هو الأمر الكوني «كن» كما في «مجموع الفتاوى»، و«الإتقان» للسيوطي، و«تفسير الآلوسي».

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقد قُيِّد خطاب الله المتعلِّق بأفعال المكلَّفين في تعريف الحكم الشرعي من حيثية كون المخاطَب مُكلَّفًا بالأمر والنهي، مع حصول القدرة الشرعية المصحِّحة لفعله، وهذا القيد لإخراج خطاب التكوين الذي يخلقه بدون فعل المكلَّفين ولا إرادتهم ولا قدرتهم الشرعية التي هي مناط التكليف، وإنما هو الأمر الكوني المتعلِّق بفعل المكلَّفين من جهة تكوين عِلم الحفظة الذين يعلمون ما تفعلون لا من جهة كون المخاطَب مكلّفًا به، وإن كان خاضعًا لحول الله وقوته، إذ لا حول ولا قوة إلاَّ بالله.

فالحاصل أنَّ خطاب التكليف متعلِّقٌ بالقدرة الشرعية للمكلَّف المصحِّحة للفعل التي هي مناط الأمر والنهي، بينما خطاب التكوين الذي هو الأمر الكوني وخَلْقُه وفِعلُه يخرج عن قدرة المكلَّف الشرعية؛ لأنَّ الله يخلقه بدون فعلٍ من المخاطب أو قدرةٍ أو وجودٍ له، فعُلم أنَّ خطاب التكوين يتعلَّق بفعل المكلَّف لا من هذه الجهة، وإنما من حيثية خلق الله عِلم الحفظة من الملائكة الذين يتعلَّق عِلمهم بأفعال المكلَّفين، فكان عِلمهم موجودًا بخطاب التكوين، لذلك خرج من تعريف الحكم الشرعي خطاب التكوين بتقييد التعريف بجملة «مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ مُكَلَّفٌ بِهِ».

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٢ جمادى الثانية ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٦ جوان ٢٠٠٨م

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)