الفتوى رقم: ٧٧٤

الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع

في حكم عقد بيع مُعلَّق على شرط موت البائع

السـؤال:

قامت جمعيةُ مسجدٍ كائنٍ بفرنسا بالاتفاق مع صاحبِ عمارةٍ على شراء شقّة لوقفها مسجدًا، على أن يدفع المشتري ثمنًا معلومًا كلَّ شهر إلى حين موت البائع، وللمشتري حين ذاك مُطلق التصرّف في هذه الملكية، فهل هذه المعاملة صحيحة؟ وهل يجوز إقامة الصلاة في هذه الشقّة؟

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فاعلم أنّ هذا العقدَ غيرُ صحيحٍ؛ لأنّه إمّا أن يكون عقدَ بيعٍ فإنّه يتعذَّر نقل الملكية إلى المشتري لكون العقد موقوفًا فيه على شرط الموت، وهو شرط محتمل احتوى على جهالة مفضية إلى الغرر وقد نهى النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم عن الغرر كما ثبت ذلك صحيحًا من حديث ابن عمر رضي الله عنهما(١)، وإمّا أن يكون إيجارًا، فمن شرط الإجارة أن تكون معلومة المدّة، ولم يتحقّق هذا الشرط لجهالة المدّة.

وإمّا أن تكون عقدَ إيجار منتهيًا بالتمليك، والموقوف على شرط الموت محتمل، لذلك لا يصحُّ –أيضًا- لأنّ العقد –في هذه الحال- يتضمَّنُ قيدين مُتضادَّين، فالإيجار ليس فيه تمليك عين، والبيع تمليك العين والمنفعة فافترقَا في عقدٍ واحدٍ، كما يقترن به الشرط الفاسد المتضمِّن للجهالة.

هذا، وإذا كان العقدُ باطلاً فلا يلزم من الصلاة في المحلّ المعقود عليه فسادها، بل هي صحيحة لإجازة صاحب المحلّ وهو البائع في بيته، ولا تصير وقفًا لازمًا إلاَّ بعد أن يكون الواقف أي: (المشتري) كامل الأهلية ومالكًا للمحلِّ، وهو في هذه الحال ليس مالكًا له، لذلك لا ينقلب المحلُّ إلى مسجدٍ إلاّ بعد عقدِ بيعٍ صحيحٍ تنتقل فيه الملكية إلى المشتري بجميع حقوق الملكية من تصرّفٍ وانتفاعٍ وارتفاقٍ، فإِنْ وقفَها مسجدًا فَتَأْخُذُ صفةَ اللزوم، أمّا والحال هذه فهي صلاة صحيحةٌ في مُصَلَّى بيت البائع.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٣ شعبان ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٤ نوفمبر ٢٠٠٧م


(١) أخرجه ابن حبان في «صحيحه»: (٤٩٧٢)، وأحمد في «مسنده»: (٦٤٠١)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (١١٠٢٨)، من حديث ابن عمر رضي الله عنه. والحديث صححه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد»: (٩/ ١٧١)، وأخرجه مسلم في «صحيحه» كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر: (٣٨٠٨)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)