الفتوى رقم: ٨١٤

الصنف: فتاوى الأسرة ـ المرأة

في حكم تغيير لون شعر الرأس

السؤال:

ما حكمُ تغيير لونِ شعرِ الرأس بالحِنَّاء وغيرِها مِنَ الأصباغ الأخرى بالنسبة للنساء؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فيجوز للمرأة خِضابُ شعرِها بالأحمر والأصفر والأسود غيرِ الخالص المَشُوبِ بحُمْرَةٍ إذا كان مُشَوَّهًا بشَيْبٍ أو بغيره، سواءٌ لغرضِ مُخالَفةِ أهلِ الكتاب أو لتنظيف الشعر، ومِمَّا يُلْحَق به ـ كما نصَّ عليه الإمامُ النوويُّ رحمه الله ـ تزيينُ نَفْسِها لزوجها، غيرَ أنَّه لا يجوز لها أَنْ تَصْبُغه بالأسود الخالص، ولا أَنْ تَخْضِبَهُ على طريقةِ الكافرات أو العاهرات، كما لا يجوز أَنْ تَصْبُغ بَعْضَه وتترك بَعْضَه على هيئةِ القَزَع في الحَلْقِ للنهي الوارد في ذلك؛ ويشهد على هذا كُلِّه قولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «إِنَّ اليَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ»(١)، وقولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم حين جِيءَ بأبي قُحافة يومَ الفتح وكأنَّ رَأْسَه ثَغامةٌ: «اذْهَبُوا بِهِ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فَلْيُغَيِّرْهُ بِشَيْءٍ، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ»(٢)، وفي حديثٍ آخَرَ: «فَأَسْلَمَ وَلِحْيَتُهُ وَرَأْسُهُ كَالثَّغَامَةِ بَيَاضًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «غَيِّرُوهُمَا، وَجَنِّبُوهُ السَّوَادَ»»(٣).

وممَّا يدلُّ على تحريمِ الاختضاب بالسواد الخالصِ وتحريمِ التشبُّه: حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا: «يَكُونُ قَوْمٌ يَخْضِبُونَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ بِالسَّوَادِ كَحَوَاصِلِ الحَمَامِ، لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ»(٤)، وحديثُ ابنِ عمر رضي الله عنهما: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»(٥).

وقد كان صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم يأمر بالاختضاب بِالحِنَّاءِ وَالكَتَمِ، وكان يقول: «إِنَّ أَحْسَنَ مَا غُيِّرَ بِهِ هَذَا الشَّيْبُ: الحِنَّاءُ وَالكَتَمُ»(٦).

فهذه الأحاديثُ الآمرةُ بصَبْغِ الشَّعر لمُخالَفةِ أهل الكتاب تَشْمَل ـ أيضًا ـ النساءَ، وكذلك الأحاديثُ الواردة في تغييرِ لون الشيب بخضابه؛ لأنَّ «النِّسَاءَ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»(٧) كما لا يخفى.

أمَّا إذا كان الشعرُ طبيعيًّا لم يتعرَّض لأيِّ تشويهٍ أو لم يدخله الشيبُ فإنَّه لا مَجالَ لتغييره ولا حاجةَ إلى صَبْغه، بل يُتْرَك على ما هو عليه في أصلِ طبيعته.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٨ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ مارس ٢٠٠٧م

 



(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «اللباس» باب الخضاب (٥٨٩٩)، ومسلمٌ في «اللباس والزينة» (٢١٠٣)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢) أخرجه مسلمٌ في «اللباس والزينة» (٢١٠٢)، وأحمد في «مسنده» واللفظُ له (١٤٤٠٢)، مِنْ حديثِ جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(٣) أخرجه ابنُ حبَّان في «صحيحه» (٥٤٧٢)، وأحمد (١٢٦٣٥)، مِنْ حديثِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه. قال الهيثميُّ في «مَجْمَع الزوائد» (٥/ ١٦٠): «ورجالُ أحمدَ رجالُ الصحيح». وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١/ ٨٩٥).

(٤) أخرجه أبو داود في «الترجُّل» بابُ ما جاء في خضاب السواد (٤٢١٢)، والنسائيُّ في «الزينة» باب النهي عن الخضاب بالسواد (٥٠٧٥)، وأحمد (٢٤٧٠)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وجَوَّد إسنادَه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (١/ ١٩٦)، وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٦/ ١٣٧)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٨١٥٣).

(٥) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ في لُبْس الشهرة (٤٠٣١)، وأحمد في «مسنده» (٥١١٤)، مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. والحديث حسَّن إسنادَه ابن حجرٍ في «فتح الباري» (١٠/ ٢٧١)، وصحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٥٩)، والألبانيُّ في «الإرواء» (١٢٦٩)، وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (٤/ ٣٤٧).

(٦) أخرجه أبو داود في «الترجُّل» بابٌ في الخضاب (٤٢٠٥)، والترمذيُّ في «اللباس» بابُ ما جاء في الخضاب (١٧٥٣)، والنسائيُّ في «الزينة» باب الخضاب بالحِنَّاء والكَتَم (٥٠٧٧)، مِنْ حديثِ أبي ذرٍّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٤/ ١٤) رقم: (١٥٠٩).

(٧) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في الرَّجل يجد البِلَّةَ في منامه (٢٣٦)، والترمذيُّ في «الطهارة» بابٌ فيمَنْ يستيقظ فيرى بللًا ولا يذكر احتلامًا (١١٣)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٣٣٣) وفي «السلسلة الصحيحة» (٢٨٦٣).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)