الفتوى رقم: ٢٦٠

الصنف: فتاوى منهجية

في حكم الفِرَق الضالة من أهل القِبلة

السؤال:

هل الفِرَقُ الضالَّةُ كُلُّها تُخلَّدُ في النارِ أم أنها تُعذَّب ثمَّ تدخل الجنَّةَ؟

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالفِرَقُ الضالَّةُ إمَّا أَنْ لا يُخْرِجَهم ضلالُهم مِنْ حظيرةِ الإسلام وتكون مِنْ عمومِ أُمَّة الهداية، فهؤلاء إِنْ ماتوا على فِسْقِهِمْ وبِدعتِهم فهُم تحت المشيئة متوعَّدون بورود النار ولا يخلدون فيها، بل يخرجون منها بشفاعةِ الشافعين وبرحمةِ ربِّ العالَمِين إِنْ كان في قلوبهم ذرَّةٌ مِنْ إيمانٍ كما ورَدَتْ به الأحاديثُ الصحيحة، وقد قال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في حديث الفِرَق: «أَلَا إِنَّ مَنْ قَبْلَكُمْ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ افْتَرَقُوا عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ المِلَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ: ثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ فِي النَّارِ، وَوَاحِدَةٌ فِي الجَنَّةِ وَهِيَ الجَمَاعَةُ»(١)؛ فَفِرَقُ أهلِ القِبْلةِ الخارجةُ عن أهلِ السُّنَّةِ متوعَّدون بالهَلَاك والنار، وحُكْمُهم حُكْمُ عامَّةِ أهلِ الوعيد إلَّا مَنْ كان منهم كافرًا في الباطن.

أمَّا إذا كان ضلالُهم أَخرجَهم ـ بعد قيامِ الحُجَّةِ عليهم ـ مِنْ دائرةِ الإسلام وارتدَّوا عنه؛ فهؤلاء تُجرى عليهم أحكامُ أهلِ الكفر، وحُكْمُهم حكمُ المرتدِّين، ولا يدخلون تحت المشيئةِ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ وَمَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفۡتَرَىٰٓ إِثۡمًا عَظِيمًا ٤٨[النساء]، وغيرِها مِنَ الآيات التي نَزَلَتْ تتوعَّد الكفَّارَ بالخلود في النار.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٨ جمادى الثانية ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ جويلية ٢٠٠٥م

 



(١) أخرجه أبو داود في «السُّنَّة» بابُ شرحِ السُّنَّة (٤٥٩٦) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه؛ وأبو داود (٤٥٩٧) واللفظُ له، والحاكم في «المستدرك» (٤٤٣)، وأحمد (١٦٩٣٧)، والطبرانيُّ في «الكبير» (١٩/ ٣٧٦، ٣٧٧)، كُلُّهم مِنْ حديثِ معاوية بنِ أبي سفيان رضي الله عنهما؛ وابنُ ماجه في «الفِتَن» بابُ افتراقِ الأُمَم (٣٩٩٢) مِنْ حديثِ عوف بنِ مالكٍ رضي الله عنه؛ وله طُرُقٌ عن غيرِهم مِنَ الصحابة رضي الله عنهم. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٢٦٤١)، وانظر: «السلسلة الصحيحة» (٢٠٣، ٢٠٤، ١٤٩٢).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)