من الأمثال النبوية (٣)

عن النعمان بن بشيرٍ رضي الله عنهما عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلَاهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: «لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا»، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا وَنَجَوْا جَمِيعًا» [رواه البخاري: ٢٤٩٣].

في هذا المثال النبويِّ البديع تصويرٌ دقيقٌ لِما سيحِلُّ بالمجتمع من هلاكٍ ودمارٍ إذا تُرك أصحابُ الشهوات والأهواء يتصرَّفون كما يحلو لهم دون أن يُمنعوا، وأنَّ هذا المنعَ والأخذَ على أيديهم هو الرحمة والشفقة، ولو لم يُدرك ذلك أهلُ الفساد الذين زاغت عقولُهم بسبب تسلُّط شهواتهم فأصبحوا يسعَوْن إلى ما فيه هلاكُهم وهلاك غيرهم.

فالعقوبة علاجٌ حاسمٌ قد لا يُفلح غيرُه لزجر النفس الأمَّارة بالسوء في بعض الأحيان، وهي السبيل الأقوم لحماية الإنسان من شرِّ نفسه التي انحازت إلى صفِّ أعدائه، والطبيبُ الحاذق هو الذي يسارع إلى بتر العضو عندما يستشري فيه الداءُ لئلَّا يعمَّ إلى غيره من الأعضاء، ولو نظرنا إلى ما خلَّفتْه بعض الاتِّجاهات الحديثة في التربية عندما استبعدت أسلوبَ العقوبة لوجدْناها قد أخرجت جيلًا منحلًّا متهالكًا وراء شهواته، قد تأصَّلت فيه الجريمة والانحراف.

[«منهج الإسلام في تزكية النفس» لأنس كرزون (٢/ ٦٥٥)]

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)