في تعريفكم للقاعدة الفقهية بأنها: «أصلٌ فقهيٌّ كُلِّيٌّ يجمع في ذاته أحكامًا جزئيةً ـ بلا واسطةٍ ـ مِنْ أبوابٍ شتَّى»، ثمَّ استغنيتم عن لفظِ «كُلِّي»، فإنَّ لديَّ ـ شيخَنا ـ طرحين انقدحا في ذهني، نرجو مِنْكم ـ.... للمزيد

الفتوى رقم: ٣٣٨

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

اعتراض على تعريف القاعدة الفقهية والجواب عليه

السؤال:

في تعريفكم للقاعدة الفقهية بأنها: «أصلٌ فقهيٌّ كُلِّيٌّ يجمع في ذاته أحكامًا جزئيةً ـ بلا واسطةٍ ـ مِنْ أبوابٍ شتَّى»، ثمَّ استغنيتم عن لفظِ «كُلِّي»، فإنَّ لديَّ ـ شيخَنا ـ طرحين انقدحا في ذهني، نرجو مِنْكم ـ حفظكم الله ـ الإجابةَ عنهما، وهما متعلِّقان بتعريف القاعدة الفقهية.

١. في استغنائكم عن لفظِ: «كُلِّي» بعد عبارةِ: «أصلٌ فقهيٌّ» بحجَّةِ أنَّ قيدَ: «يجمع في ذاته» تغني عنه، ولكِنْ أَلَا ترَوْنَ أنَّ إبقاءه أَوْلى مِنْ نزعه، وذلك ليفهم قارئُه أنَّ صاحِبَ هذا الحدِّ يرى أنَّ الراجح وصفُ القاعدة الفقهية ﺑ «كلِّية» لا «أغلبية»، ويكون هذا اللفظ مُؤكِّدًا لكونها جامعةً، وفاصلًا في المسألة المُختلَفِ فيها.

٢. أليس الأَوْلى تقديمُ لفظِ «مِنْ أبوابٍ شتَّى» على لفظِ «بلا واسطة»؛ وذلك لأنَّ الأوَّل تابعٌ لِمَا قبله وهو «أحكام جزئية»؛ فتُوصَف بأنَّها مِنْ أبوابٍ شتَّى، ثمَّ طريقة جمعها لهذه الجزئيات وهي «بلا واسطة».

نرجو الإجابةَ عن هذين الطرحين، وجزاكم الله عنَّا خيرَ الجزاء.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فمِنَ المعلوم أنَّ التعريف: هو تحديد الشيء بذِكرِ خواصِّه المتميِّزة بحيث يكون جامعًا لكُلِّ خصائصه ومميِّزاته، مانعًا مِنْ إقحامِ غيره فيه.

والأصل في التعريفات أَنْ تقتصر على الألفاظ الدالَّة المحدَّدة للمعرَّف به، فإن اكتفى ـ في تعريفه ـ بفائدة التأسيس فيهنَّ فإنَّ التأكيد يَرِد على شرح التعريف، لكِنْ إذا كان التعريف لا يظهر معناه إلَّا بمؤكِّدٍ لفظيٍّ فإدخالُه لا يُثْقِل التعريفَ، بل يُساعِده في الفهم.

وعليه، فإِنْ رأى السائلُ الاحتفاظَ بتعريف القاعدة بوصفِ «الكُلِّية» كلفظٍ مؤكِّدٍ للتعريف لحاجة التعريف له في زيادة الفهم والبيان وتقرير المسألة المختلَفِ فيها بين «الكُلِّية» و«أغلبية» فله أَنْ يَستبقِيَها، ومَنْ رأى غيرَ ذلك فله أَنْ يتناول تفصيلَها بالبيان حالَ شرح التعريف، والعلم عند الله تعالى.

أمَّا جملةُ «بلا واسطة» فهي جملةٌ اعتراضيةٌ تعترض بين شيئين يحتاج كُلٌّ منهما الآخَرَ، فقَدْ اعترضَتْ بين عبارةِ: «أحكام جزئية» وبين «مِنْ أبوابٍ شتَّى»، ومَفادُ هذا الاعتراضِ ـ كما يقول النُّحاةُ ـ توكيدُ الجملة وتقويتُها، أي: أنَّ القاعدة الفقهية تستغني عن الواسطة في جمعِها الأحكامَ الجزئية، وتُفيدُ ذلك مُباشَرةً؛ بالنظر لتعلُّقها بفعل المكلَّف؛ فهو قيدٌ يُحترَزُ به مِنَ «القاعدة الأصولية».

بينما إيرادُ عبارةِ «مِنْ أبوابٍ شتَّى» تقصُّدًا للاحتراز مِنَ «الضوابط الفقهية»، ولا يخفى أنَّ الاحتراز مِنَ الأوَّل أَوْلى مِنَ الاحتراز مِنَ الثاني. 

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٦ رمضان ١٤٢٢ﻫ
الموافق ﻟ
 : ١٢ ديسمبر ٢٠٠١م

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)