الفتوى رقم: ١٩٢

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ إنشاء عقد الزواج

في صيغة العقد الشرعيِّ وحكم تَكرارِها

السؤال:

حَدَثَ في قريتنا خلافٌ بين إمامين حول صيغة العقد الشرعيِّ للزواج، كأَنْ يقول الخاطبُ: جئتُك خاطبًا ابنتَك، فيجيبه: زوَّجْتُك ابنتي؛ هل تكون مرَّةً واحدةً أم ثلاثَ مرَّاتٍ؟ وما هي الصيغة الصحيحة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ رُكْنَ عَقْدِ الزواج هو الإيجابُ والقَبول، والإيجابُ هو ما صَدَرَ أوَّلًا مِنْ أحَدِ العاقدَيْن، والقَبولُ هو ما صَدَرَ ثانيًا مِنَ العاقد الآخَر؛ فإذا تحقَّق هذا الركنُ وُجِد عَقْدُ الزواج بعد توافُرِ شروطه الأخرى.

ولا خلافَ بين أهل العلم في أنَّ الإيجاب والقَبول في عَقْدِ النكاحِ يصحُّ أَنْ يكونا بلفظ التزويج أو بلفظ الإنكاح؛ لأنهما أَدَلُّ مِنْ غيرهما على إرادةِ عَقْدِ النكاح المعروف، وهذان اللفظان ينبغي استعمالُهما في عقود الزواج، لكِنْ إذا استُعْمِل لفظُ «الخِطْبة» وقُصِد به الزواجُ وتَعارَفا عليه فإنَّ العقد يقع صحيحًا على أَرْجَحِ أقوال العلماء، وهو مِنِ اختيارات شيخ الإسلام ابنِ تيمية ـ رحمه الله ـ حيث قال: «وينعقد النكاحُ بما عَدَّهُ الناسُ نكاحًا بأيِّ لغةٍ ولفظٍ كان، ومثلُه كُلُّ عقدٍ»(١)؛ لأنَّ «العِبْرَةَ فِي العُقُودِ بِالمَقَاصِدِ وَالمَعَانِي، لَا بِالأَلْفَاظِ وَالمَبَانِي»، فأيُّ صيغةٍ دلَّتْ على الغَرَض يحصل بها المقصودُ، وتكفي صيغةُ الإيجاب والقَبول مرَّةً واحدةً، وتَكرارُها لا وَجْهَ له في الشرع، وفي الحديث: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»(٢)(٣).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٣ رمضان ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٦ أكتوبر ٢٠٠٥م

 



(١) «الاختيارات الفقهية لابن تيمية» للبعلي (١١٩).

(٢) أخرجه مسلمٌ في «الأقضية» (١٧١٨) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٣) انظر الفتوى رقم: (١٠١٢) الموسومة ﺑ «في أركان النكاح وشروط صحَّته» على الموقع الرسميِّ.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)