الفتوى رقم: ١٣٠٣

الصنف: فتاوى المعاملات المالية ـ الإجارة

في حكم ضمان المُتلَف في عقد الإيجار

السؤال:

رجلٌ يُؤجِّرُ سيَّاراتٍ بغيرِ وثائق، وقد أجَّر سيَّارةً لأحَدِ إخواننا فوقَعَ في حادثٍ تضرَّرَتْ فيه السيَّارة، فطالبه صاحبُ السيَّارةِ بضمان الخسائر والأضرارِ التي تعرَّضَتْ لها السيَّارةُ، فهل يَحِقُّ له ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ الإعارةَ والإيجارَ وأشباهَ هذه العقودِ تدخل في باب الأمانات، بحيث إنَّه إذا أعار رجلٌ آخَرَ عينًا ما، أو أجَّره شقَّةً أو سيَّارةً أو مَحَلًّا، ثمَّ ضاعت تلك العَينُ المؤجَّرةُ أو تَلِفَتْ ـ كُلُّها أو بعضُها ـ مِنْ غيرِ تفريطٍ منه فإنَّه لا ضمانَ عليه؛ إذ يدُه يدُ أمانةٍ، ووجَبَ عليه أداءُ الأمانة ما بَقِيَتْ عَينُها، فإِنْ تَلِفَتْ في يده لم يجب عليه الضَّمانُ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في شأن العارية لمَّا سأله يعلى بنُ أُميَّة رضي الله عنه: «يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَعَارِيَةٌ مَضْمُونَةٌ أَوْ عَارِيَةٌ مُؤَدَّاةٌ؟» قَالَ: «بَلْ مُؤَدَّاةٌ»(١)؛ فأَوجبَ الأداءَ دون الضَّمان، ولا يضمنها إلَّا في حالتين: الأولى: أَنْ يكون التَّلفُ الذي طَرَأ على العين المؤجَّرةِ إنَّما كان بتفريطٍ منه وتَعَدٍّ، فإنَّه ـ في هذه الحالةِ ـ يضمن ذلك التَّلفَ لأنَّ المُستأمَنَ لا يضمن إلَّا بالتعدِّي والتَّفريط؛ الثانية: أَنْ يَشترِطَ عليه المؤجِّرُ الضمانَ شرطًا جَعليًّا فيقبلَ الشرطَ بناءً على قولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «وَالمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا»(٢) أو يكون الشَّرطُ متعارَفًا بينهم في المعاملة عملًا بقاعدةِ: «المَعروفُ عُرفًا كالمَشروط شرطًا» أي: أنَّ العُرفَ في العقود يُنزَّلُ منزلةَ الشُّروطِ الجَعليَّةِ المُباحةِ، ففي هذه الحالةِ يضمن التَّلفَ في كُلِّ حالٍ، سواءٌ فرَّط أو لم يفرِّط.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٥ جمادى الأولى ١٤٤٣هـ
الموافق ﻟ: ٢٩ ديســــمبـــر ٢٠٢١م



(١) أخرجه أبو داود في «البيوع» باب في تضمين العارية (٣٥٦٦)، وأحمد (١٧٩٥٠)، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١٥١٥).

(٢) أخرجه أبو داود في «الأقضية» بابٌ في الصلح (٣٥٩٤) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه، والترمذيُّ في «الأحكام» بابُ ما ذُكِر عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في الصلح بين الناس (١٣٥٢)، والدارقطنيُّ في «سننه» (٢٨٩٢)، والبيهقيُّ (١١٤٣٠)، مِنْ حديثِ عمرو بنِ عوفٍ المُزَنيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١٣٠٣).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)