من طرق معرفة القلب المكاني

أن يترتَّب على عدم القلب منعٌ من الصرف بدون مقتضٍ: وذلك بأن نجد أنَّ كلمةً ما ممنوعةٌ من الصرف دون سببٍ ظاهرٍ، ومن أشهر أمثلتهم على ذلك كلمة: «أشياء»، فهذه الكلمة ممنوعةٌ من الصرف كما هو معروفٌ، إذ تقول: أشياءُ، أشياءَ، بأشياءَ، ومنه قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ[المائدة: ١٠١].

والمعروف أيضًا أنَّ وزن «أفْعال» ليس ممنوعًا من الصرف بدليل كلمة «أسماء» التي تشبه كلمة «أشياء» فأنت تقول: أسماءٌ، أسماءً، أسماءٍ، ومنه قوله تعالى: ﴿أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ[الأعراف: ٧١] وقوله: ﴿مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ[يوسف: ٤٠]، وقوله: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ[النجم: ٢٣].

إذن ما السبب في منع كلمة «أشياء» من الصرف؟ يقول الصرفيون: إنَّ هذه الكلمة ليست على وزن «أفعال»، وإنما هي على وزنٍ آخر من الأوزان التي تُمْنَع من الصرف، وذلك لأنَّ مفردها هو: شيءٌ، وأنَّ اسم الجمع منها هو «شيئاء» على وزن «فعلاء»، وأنت تعلم أنَّ ألف التأنيث الممدودة تمنع الاسمَ من الصرف، وهم يقولون: إنَّ كلمة «شيئاء» في آخرها همزتان بينهما ألفٌ، والألف مانعٌ غير حصينٍ، ووجود همزتين في آخر الكلمة ثقيلٌ، لذلك قُدِّمت الهمزة الأولى التي هي لام الكلمة مكانَ الفاء، ويكون القلب على الوجه التالي.

شيئاء ـــــــــ فعلاء

أشياء ـــــــــ لفعاء

وعلى هذا نستطيع أن نفهم السبب في منع كلمة «أشياء» من الصرف، فلو لم نقل بقلبها لزم منعُ «أفعال» من الصرف بدون مقتضٍ، وقد ورد مصروفًا في قوله تعالى: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ[النجم: ٢٣]، فنقول: أصل «أشياء» «شيآء» على وزن «فعلاء»، قُدِّمت الهمزة التي هي «اللام» في موضع «الفاء» فصار «أشياء» على وزن «لفعاء» فمنعُها من الصرف نظرًا إلى الأصل الذي هو «فعلاء»، ولا شكَّ أن «فعلاء» من موازين ألف التأنيث الممدودة، فهو ممنوعٌ من الصرف لذلك وهو المختار وهذا مذهب الخليل، وأمَّا سيبويه فلا يقول بالقلب المكانيِّ هنا، بل يجوِّز اجتماعَ الهمزتين في الطرف، ثمَّ يقلب الثانية ياء، ويُعلِّها إعلالَ قاضٍ، وهو مردودٌ بأنَّ الياء المتطرِّفة المبدلة من الهمزة لا تُعَلُّ بالحذف، كما في بارئٍ ومستهزئٍ.

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)