حذف «كان» الناقصة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 10 شوال 1445 هـ الموافق لـ 19 أبريل 2024 م



حذف «كان» الناقصة

قالوا: «المرء مجزيٌّ بعمله، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ»، وهذه المسألة أودعها سيبويه كتابه وجوَّز في إعرابها أربعة أوجهٍ:

أحدها: وهو أجودها، أن تنصب «خيرًا» الأوَّل وترفع الثانيَ، وتنصب «شرًّا» الأوَّل وترفع الثانيَ، ويكون تقديره: إن كان عمله خيرًا فجزاؤه خيرٌ، وإن كان عمله شرًّا فجزاؤه شرٌّ، فتنصب الأوَّل على أنه خبر «كان»، وترفع الثانيَ على أنه خبر مبتدأٍ محذوفٍ، وقد حُذفت في هذا الوجه «كان» واسمها لدلالة حرف الشرط الذي هو «إن» على تقديرها، وحُذف أيضًا المبتدأ لدلالة الفاء التي هي جواب الشرط عليه، لأنه كثيرًا ما يقع بعدها.

ثانيها: أن تنصبهما جميعًا، ويكون تقدير الكلام: إن كان عمله خيرًا فهو يُجزى خيرًا، وإن كان عمله شرًّا فهو يُجزى شرًّا، فينتصب الأوَّل على أنه خبر «كان» وينتصب الثاني انتصابَ المفعول به.

ثالثها: أن ترفعهما جميعًا، ويكون تقدير الكلام: إن كان في عمله خيرٌ فجزاؤه خيرٌ، فيرتفع «خير» الأوَّل على أنه اسم «كان» ويرتفع «خير» الثاني على ما بُيِّن في شرح الوجه الأوَّل.

وقد يجوز أن يرتفع «خير» الأوَّل على أنه فاعل «كان» وتجعل «كان» المقدَّرة هاهنا هي التامَّة التي تأتي بمعنى حدث ووقع، فلا تحتاج إلى خبرٍ كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ[البقرة: ٢٨٠]، ويكون التقدير في المسألة: إن كان خيرٌ فجزاؤه خيرٌ، أي: إن حدث خيرٌ فجزاؤه خيرٌ.

رابعها: وهو أضعفها، أن ترفع الأوَّل على ما تقدَّم شرحُه في الوجه الثالث، وتنصب الثانيَ على ما بُيِّن في الوجه الثاني، ويكون التقدير: إن كان في عمله خيرٌ فهو يجزى خيرًا، وعلى حسب هذه التقديرات والمقدَّرات المحذوفات فيه يجري فيه البيت الذي غُنِّيَ به، وممَّا ينتظم في هذا السلك قولهم: «المرء مقتولٌ بما قتل به، إن سيفًا فسيفٌ، وإن خنجرًا فخنجرٌ».

[«أوضح المسالك» لابن هشام (١/ ٢٣٥)]