الفتوى رقم: ٥٣٩

الصنف: فتاوى الأيمان والنذور

في حكم الحلف
ﺑ: «حقِّ ربِّي» أو «حقِّ الله»

السـؤال:

ما حكم الحلف ﺑ: «وحقِّ الله»، «وحقِّ ربِّي» ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فالحلف ﺑ: «حقِّ الله» أو ﺑ: «حقِّ ربِّي» يُعَدُّ يمينًا مُكَفِّرَةً على مذهب مالكٍ والشافعيِّ وأحمدَ خلافًا لأبي حنيفةَ(١)؛ لأنَّ الحقَّ اسمٌ من أسماء الله تعالى وصِفةٌ من صفاته يستحقُّها في ذاته، ولا يصحُّ أن يوصف بِضِدِّه، فاللهُ تعالى هو الحقُّ في ذاته وصفاته، فهو كما لو قال: «واللهِ الحقِّ»، أو قال: «وجلالِ الله، وعظمةِ الله»، فكأنه قال: «واللهِ الجليلِ، واللهِ العظيمِ»، قال تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [الحج: ٦٢]، وقال تعالى: ﴿فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ [يونس: ٣٢]، وهذا كلُّه إذا ما اقترن عُرفُ الاستعمال بالحلف بهذه الأوصاف التي هي حقوقٌ يستحقُّها اللهُ لنفسه من البقاء والعَظَمة والجلال والعِزَّة، فتنصرف إلى صفة الله تعالى، أمَّا إن نوى القَسَمَ بمخلوقٍ مثلَ طاعته التي أوجبها والعباداتِ التي فرضها فهي حقُّ الله، ولا تكون على الصحيح يمينًا مكفَّرةً لظهورها في المخلوق، والقَسَمُ به غيرُ جائزٍ، قال ابنُ قدامة: «إلاَّ أنَّ احتمالَ المخلوق بهذا اللفظِ أظهرُ»(٢). وعليه، فينبغي العدولُ عنه لوجود هذا الاحتمال إلى قَسَمٍ لا احتمالَ فيه حِفظًا للدِّين وجناب التوحيد.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٣ شعبان ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٦ سبتمبر ٢٠٠٦م

 


(١) انظر: «المغني» (٨/ ٣٩٣) و«المقنع» (٣/ ٥٥٩) كلاهما لابن قدامة، «روضة الطالبين» للنووي (٨/ ١٣)، «الذخيرة» للقرافي (٤/ ٨)، «الهداية» للمرغيناني (٢/ ٣٥٧)، «روضة الطالبين» للنووي (٨/ ١٣).

(٢) «المغني» لابن قدامة (٨/ ٦٩٣).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)