الفتوى رقم: ٦١٤

الصنف: فتاوى الأسرة ـ المرأة

في حكم تحديد النسل وقَطْعِ الإنجاب

السؤال:

أرادَتِ امرأةٌ أَنْ تَسْتَأْصِلَ رحِمَهَا أو أَنْ تربط المبيضين لتقطع الإنجابَ وتضع حدًّا له مؤبَّدًا بسببِ تَضَرُّرِها بالولادة؛ فهل يجوز لها ذلك؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاستئصالُ الرَّحِمِ إنما يجوز في حالةِ ما إذا كان بقاؤُه مُؤدِّيًا إلى هلاك البَدَن، كحُلُولِ وَرَمٍ خبيثٍ في جِدارِ الرَّحِمِ ـ مثلًا ـ يُخشى منه إتلافُ النفسِ بتَفاقُمِه إذا لم يُسْتَأْصَلْ؛ فجوازُ نَزْعِه مَبْنِيٌّ على الأخذ بأخَفِّ الضررين وأهونِ الشرَّين؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقۡتُلُوٓاْ أَنفُسَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمۡ رَحِيمٗا ٢٩[النساء]، وقولِه تعالى: ﴿وَلَا تُلۡقُواْ بِأَيۡدِيكُمۡ إِلَى ٱلتَّهۡلُكَةِ[البقرة: ١٩٥]، وبقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»(١).

أمَّا إذا كان ضرَرُها دون هلاكِ النفس أو إتلافِ عضوٍ بحيث يمكن مُعالَجتُه بعمومِ الأدوية فلا يجوز للمرأةِ تحديدُ نَسْلِها بالاستئصال بِنَزْعِ رحِمِها، وإنما يجوز لها أَنْ تُعالِجَ نَفْسَها وتُباعِدَ بين الولادات بتنظيمِ النَّسْلِ استبقاءً لوظيفةِ المرأةِ في الإنجاب، كما لها أَنْ تَسْتَعْمِلَ العوازلَ التي تحول دون الإنجاب في تلك الفترةِ حتَّى تَسْتَرْجِعَ قوَّتَها ويَزُولَ ضرَرُها؛ ذلك لأنَّ نَزْعَ الرحِمِ واستئصالَه تغييرٌ لخَلْقِ اللهِ تعالى مِنْ غيرِ مُوجِبٍ شرعيٍّ ولا إِذْنٍ، وهو محرَّمٌ بقوله تعالى ـ في بيانِ ما يدعو إليه إبليسُ بني آدَمَ ـ: ﴿وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِ[النساء: ١١٩]، وبلعنِ رسولِ الله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم المغيِّراتِ لخَلْقِ الله تعالى(٢).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ فيفري ٢٠٠٧م

 



(١) أخرجه ابنُ ماجه في «الأحكام» بابُ مَنْ بنى في حقِّه ما يضرُّ بجاره (٢٣٤٠) مِنْ حديثِ عُبادة بنِ الصامت رضي الله عنه؛ و(٢٣٤١) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. قال النوويُّ في الحديث رقم: (٣٢) مِنَ «الأربعين النووية»: «وله طُرُقٌ يَقْوى بعضُها ببَعْضٍ»، وقال ابنُ رجبٍ في «جامع العلوم والحِكَم» (٣٧٨): «وهو كما قال». والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٣/ ٤٠٨) رقم: (٨٩٦) وفي «السلسلة الصحيحة» (٢٥٠).

(٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «تفسير القرآن» باب: ﴿وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ[الحشر: ٧] (٤٨٨٦) وفي «اللباس» باب المُتفلِّجاتِ للحُسن (٥٩٣١)، ومسلمٌ في «اللباس والزينة» (٢١٢٥)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)