الفتوى رقم: ٧٧٥

الصنف: فتاوى الأسرة ـ المرأة

في حكم تعليم المرأة الأطفال المميِّزين

السؤال:

إذا كانت الأحكامُ التكليفيَّة لا تثبت في حقِّ المميِّز فهل يجوز للمرأة أَنْ تعلِّم الأطفالَ المميِّزين ذُكورًا وإناثًا، مع العلم أنَّ بعضَ الدُّعَاة يجيز لها ذلك إذا انضبطَتْ بالشروط الشرعيَّة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالصبيُّ ـ كما وَرَد في السؤال ـ لا تثبت في حقِّه التكاليفُ الشرعيَّة مِنَ الواجبات والمحرَّمات ولا التصرُّفاتُ مِنَ العقود والفسوخ وغيرها باتِّفاقٍ، غير أنَّ هذا يُعَدُّ أحَدَ الأقسام المتعلِّقة بأحكام الصبيِّ، وثَمَّةَ ما هو فيه في حكم البالغ باتِّفاقٍ، وقسمٌ آخَرُ مُختلَفٌ فيه لتردُّدِه بين لحوقه بالبالغ وعدمه.

والطفلُ في هذه المسألةِ على شِقَّيْن:

أحَدُهما: إذا كان صغيرًا لم يبلغ حَدَّ الشهوة والقدرة على الجماع ولم يميِّز بين عورات النساء والرجال لصِغَره ـ وهو المعبَّرُ عنه بالصبيِّ غيرِ المميِّز ـ فلا حَرَجَ أَنْ تُظْهِرَ المرأةُ زينتَها أمامَه، ولها أَنْ تُرَبِّيَه وتعلِّمَه العلومَ الدِّينيَّة النافعة؛ لقوله تعالى: ﴿أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يَظۡهَرُواْ عَلَىٰ عَوۡرَٰتِ ٱلنِّسَآءِ[النور: ٣١]، فلا يُلحَقُ بالبالغ باتِّفاقٍ.

والثاني: إذا كان صغيرًا مميِّزًا بين العورة وغيرِها أو مُقارِبًا للاحتلام فحُكمُه بالنسبة للنظر للأجنبيَّة عنه كالبالغ، فلا يجوز للمرأة أَنْ تُبْدِيَ زينتَها له أو أمامَه؛ فمِثلُ هذا الصِّنفِ مِنَ الصبيان أَمَرَهُمُ اللهُ تعالى بالاستئذان في بعض الأوقات؛ قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ لَمۡ يَبۡلُغُواْ ٱلۡحُلُمَ مِنكُمۡ ثَلَٰثَ مَرَّٰتٖ[النور: ٥٨].

وعليه؛ فإنَّ الصبيَّ المميِّزَ إذا كان يُلْحَقُ بالبالغ في الشهوة فهو في حكم الأجنبيِّ عنها، جريًا على أنَّ: «كُلَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ أَخَذَ حُكْمَهُ»؛ وتعليمُ المرأةِ للأجنبيِّ البالغ فَضْلًا عن الخلوة به غيرُ جائزٍ شرعًا، سواءٌ في بيتها أو في مكانٍ آخَرَ، واحدًا كان أو أكثر، ولو بالشروط الشرعيَّة على الأصحِّ؛ قال النوويُّ في مَعرِض شرحِ حديثِ: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ»(١): «لو اجتمع رجالٌ بامرأةٍ أجنبيَّةٍ فهو حرامٌ، بخلافِ ما لو اجتمع رجلٌ بنسوةٍ أجانبَ فإنَّ الصحيحَ جوازُه»(٢).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٦ مِنَ ذي الحجَّة ١٤١٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٣ أفريل ١٩٩٧م

 



(١) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الجهاد والسِّيَر» بابُ مَنِ اكتُتِبَ في جيشٍ فخرجَتِ امرأتُه حاجَّةً أو كان له عذرٌ: هل يُؤذَن له؟ (٣٠٠٦) وفي «النكاح» باب: لا يَخْلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ إلَّا ذو مَحْرَمٍ، والدخولِ على المُغيبة (٥٢٣٣)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٤١)، مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٢) «شرح مسلم» للنووي (٩/ ١٠٩).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)