Skip to Content
الخميس 18 رمضان 1445 هـ الموافق لـ 28 مارس 2024 م



الآبلي

هو أبو عبد الله محمَّد بن إبراهيم بن أحمد العبدري التلمساني، المشتهر بالآبلي. قال عنه ابن مرزوق الخطيب: «شيخ المغرب في العلوم العقلية وإمام وقته»، ووصفه المقري: ﺑ «نسيج وحده، ورُحْلَة(١) وقته في القيام على الفنون العقلية وإدراكه وصحة نظره»، و«بعالم الدنيا»، وأثنى عليه ابن خلدون كثيرًا.

نشأ الآبلي(٢) في كفالة جده القاضي محمَّد بن غلبون وأخذ عنه، فشبَّ على حُبِّ العلم ورغب فيه، فانتفع قديمًا بالإمام أبي الحسن التنسي، وأبي موسى ابن الإمام، بعد عودته إلى تلمسان، وكانت رحلته إلى المشرق عند الحصار الطويل، حيث سافر إلى مصر والشام والحجاز وأدَّى فريضة الحج، ولقي العديد من أجلَّة العلماء كابن دقيق العيد وغيره.

وبتلمسان لم يستطب الآبلي وظيفة ضبط الجباية التي وكَّله بها أبو حمو الأول، فغادرها إلى المغرب ولزم بمراكش العالم الشهير أبا العباس ابن البنَّاء فتضلَّع عليه في المعقول والحكمة والتعاليم، ثمَّ التحق بشيخ الهساكرة: علي بن محمَّد بن تروميت فأقام عنده مدَّة قضاها في التدريس، وبعدما انتشر ذكره وذاع صيته، استقرَّ بفاس واختصَّه السلطان أبو الحسن المريني واجتباه بمجلسه الخاص، وحضر معه وقعة طريف بالأندلس ووقعة القيروان بتونس، وهناك أخذ عنه عدد من العلماء، كابن عرفة وابن خلدون وغيرهم، ومكث بتونس إلى أن طلبه أبو عنان بعد امتلاكه المغرب الأوسط سنة (٧٥٣ﻫ)، فوفد عليه بتلمسان فنظمه في طبقة علماء أشياخه، ثمَّ سار معه إلى المغرب الأقصى، فظلَّ يقرأ عليه حتى توفي بفاس سنة (٧٥٧ﻫ).

هذا، ولم تذكر لنا كتب التراجم والتاريخ عن تآليفه شيئًا، ولعلَّ ذلك راجع إلى اقتناعه بنظرته المتمثلة في أنَّ فساد العلم كثرة التآليف والمختصرات، حيث كان يقول: «إنما أفسد العلم كثرةُ التواليف، وإنما أذهبه بنيان المدارس»(٣)، ومن كلامه المأثور: «لولا انقطاع الوحي لنزل فينا أكثر ممَّا نزل فيهم (بني إسرائيل) لأنَّا أتينا أكثر ممَّا أتوا»(٤)(٥).

[تحقيق «المفتاح» (٧٥)]

 



(١) يحتمل أن تكون رُحْلَةً على وزن فُعْلة بضمٍّ فسكونٍ (كحُجْرة ونُسْخة): وهو من يُرْحَل إليه، وأن تكون رُحَلَةً على وزن فُعَلة (كهُمَزة ولُمَزة وحُطَمة): وهو من تكثر منه الرِّحلة حتى صارت له عادة وطبعا، ولا يبعد أن يكون إنما صار عالمًا رُحْلةً بعد أن كان رُحَلَةً طالبا للعلم فيصحُّ له الوصفان.

(٢) نسبة إلى مدينة آبلة Avila الواقعة في الشمال الغربي لمدينة مدريد في قشتالة القديمة بالأندلس [«منجد الأعلام» (١)].

(٣) «نفح الطيب» للمقري (٧/ ٢٧١).

(٤) المصدر السابق، نفس الجزء (ص ٢٧٤).

(٥) انظر ترجمته في: «المسند الصحيح» لابن مرزوق (٢٦٦)، «بغية الرواد» ليحيى بن خلدون (١/ ١٢٠)، «التعريف» لابن خلدون (٢١، ٣٣، ٣٨)، «الدرر الكامنة» لابن حجر (٣/ ٣٧٥)، «وفيات الونشريسي» (١٢٢)، «نيل الابتهاج» للتنبكتي (٢٤٥)، «البستان» لابن مريم (٢١٤)، «جذوة الاقتباس» (١/ ٣٠٤)، «لقط الفرائد» (٢٠٨) كلاهما لابن القاضي، «الإعلام» للمراكشي (٤/ ٣٦٧)، «نفح الطيب» (٧/ ٢٤٢، ٢٧٠)، «أزهار الرياض» (٥/ ٦٠) كلاهما للمقري، «سلوة الأنفاس» للكتاني (٣/ ٢٧٣)، «تعريف الخلف» للحفناوي (١/ ٩٣)، «الفكر السامي» للحجوي (٢/ ٤/ ٢٤٢)، «تاريخ الجزائر» للجيلالي (٢/ ١٦٧)، «أعلام الجزائر» للنويهض (١٣٦).