أحاديث الأحكام | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الثلاثاء 7 شوال 1445 هـ الموافق لـ 16 أبريل 2024 م




مقدمة


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:


فقَدْ عُنِيَتِ الأمَّةُ الإسلامية بالحديث النبويِّ الشريفِ عنايةً فائقةً، وقد كان حِرْصُ علماء الأمَّةِ كبيرًا على شرحِ وتفسيرِ النصوص النبوية الشريفة، واستنباطِ الأحكام الشرعية العملية منها، وبيانِ كيفية الاستنباط، وإظهارِ آراء العلماء ومَواقِفِهم مِن ظاهِرِ معنى تلك النصوص وكيفيةِ فَهْمِهم لها.


وقد رأيتُ أَنْ أغترف غرفةً مِن فيضِ النصوص الحديثية ذات وحدة موضوعيَّة، فأختارَ جملةً منها، مُسْتَعِينًا بالله العليِّ القدير، أتوخَّى فيه سهولةَ الأسلوب والعبارة، وتقريبَ المآخِذِ، وتفصيلَ المواضيع؛ لئلَّا تتشابك مَواضيعُه وتتداخلَ بحوثُه وتختلطَ قضاياه.


هذا، وقد حَرَصْتُ على أَنْ تكون هذه الأحاديثُ مَبْنِيَّةً على خطواتٍ علميةٍ مُنْتَظَمةٍ ومَسالِكَ مُرتَّبةٍ في مُخْتَلَفِ أبوابِ هذا القسم؛ ليقف القارئ على مَحاسِنِ دينه، وشريفِ أغراضه، كما يتسنَّى له معرفةُ كيفيةِ سلوكِ منهجِ البحث العلميِّ.


وقد تَناوَلْتُها مِن غيرِ أَنْ أحصرها على أصول البحث الحديثيِّ، بل أدرَجْتُ فيها الفقهَ المُقارنَ وتعمَّدْتُ مُناقَشةَ مَسائلِها المُخْتلِفة مع إناطتها بقواعدها ضِمْنَ سبب الخلاف، وتعليقِها بمَدارِكها الشرعية؛ ليجد الطالبُ سَعَةَ المادَّةِ العلمية مُجْتَمِعةً بين يدَيْهِ مِن معرفة الدليل التفصيليِّ الدالِّ على الحكم، والفائدةِ المُسْتَنْبَطة منه، والخلافِ الفقهيِّ الدائرِ على بعض مَسائِلِه، مع بيانِ مَنْشَئِه، وتوجيهِ الخلاف بناءً عليه.


مُحاوِلًا إيجادَ الربطِ الصحيح بين الأحكام الفقهيةِ المُخْتَلَفِ فيها وأدلَّتِها مع توجيهِ الربط، قَصْدَ التفقُّه بتخريجِ الفروع على الأصول وتعليقِ الأحكام بمَدارِكِها الشرعية، لِما في أصول الفقه مِن صِلَةٍ وثيقةٍ بالدين ومعرفةِ أحكام الحلال والحرام.


فهذه دوافعُ حفَّزَتْني إلى السَّعي في وضعِ جملةٍ مِن أحاديثِ الأحكام في أبواب مختلفة ابتدأت بتناول بعض أبوابٍ منتقاةٍ من قسم المُعامَلات المالية، حيث تعرَّضت لها من جميع الجوانب التي ذكرتها آنفًا، مبتغيًا في ذلك توسيع دائرة البحث ـ إِنْ شاءَ اللهُ ـ إلى أبوابٍ مختارةٍ أخرى من قسمِ العبادات.


واللهَ أسأل أَنْ يجعله خالصًا لوجهه الكريم، وهاديًا إلى سنَّةِ نبيِّه الرؤوف الرحيم، وأَنْ يُلْهِمَني الرشدَ والصواب، وأَنْ يُتِمَّ النفعَ بما بذَلْتُ فيه مِن مجهودٍ، مِن غيرِ أَنْ أدَّعِيَ الإصابةَ والعصمةَ مِن الخطإ في كُلِّ ما قُمْتُ به؛ لذلك أَلْتَمِسُ مِن طالبِ العلمِ غَضَّ الطَّرْفِ عمَّا يقع فيه القلمُ مِن سَقَطاتٍ أو زَلَّاتٍ؛ لأنَّ الكمال لله تعالى، والعصمةَ لمن عَصَمَه اللهُ تعالى، أمَّا الخللُ والعيب فإنِّي أُهِيبُ بكُلِّ مَن وَجَدَه أَنْ يُبصِّرَني به ويُرْشِدَني إليه، شاكرًا له تَعاوُنَه، «وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» [أخرجه مسلمٌ (١٧/ ٢١) مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه].


وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ، وعلى آله وصحبِه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يومِ الدِّين، وسلَّم تسليمًا.


مطابق