فوائد ونوادر | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الثلاثاء 14 شوال 1445 هـ الموافق لـ 23 أبريل 2024 م


مطابق



من نصائح الشيخ ابن باديس

«واحذرْ كلَّ «متريبطٍ» يريد أن يقف بينك وبين ربِّك، ويسيطر على عقلك وقلبك وجسمك ومالِك بقوَّةٍ يزعم التصرُّفَ بها في الكون، فربُّك يقول لك إذا سألتَ عنه: ﴿فَإِنِّي قَرِيبٌ﴾ الآية، ويقول لك: ﴿أَلَا لَهُ الخلْقُ وَالأَمْرُ﴾، وأنَّ أولياء الله الصالحين بعيدون عن كلِّ تظاهُرٍ ودعوى، مُتَحَلُّون بالزهد والتواضع والتقوى، يعرفهم المؤمن بنور الإيمان، وبهذا الميزان، واحذرْ كلَّ دجَّالٍ يتاجر بالرُّقى والطلاسم، ويتَّخذ آياتِ القرآنِ وأسماءَ الرحمن هُزُؤًا، يستعملونها في التمويه والتضليل، و«القيادة» و«التفريق» ويُرفقونها بعقاقيرَ سُمِّيَّةٍ فيُهلكون العقول والأبدان».

[عبد الحميد بن باديس «الشهاب» (٢/ ٢٤٠ ـ ٢٤١)]

 



مهمَّة العالم الدينيِّ وموقفه

«واجب العالم الدينيِّ أن يَنْشَطَ إلى الهداية كلَّما نشط الضلالُ، وأن يسارع إلى نصرة الحقِّ كلَّما رأى الباطلَ يصارعه، وأن يحارب البدعةَ والشرَّ والفساد قبل أن تمدَّ مدَّها وتبلغ أشُدَّها، وقبل أن يتعوَّدها الناسُ فترسخَ جذورُها في النفوس ويعسر اقتلاعُها. وواجبه أن ينغمس في الصفوف مجاهدًا ولا يكونَ مع الخوالف والقَعَدة، وأن يفعل ما يفعله الأطبَّاءُ الناصحون من غشيان مواطن المرض لإنقاذ الناس منه، وأن يغشى مجامعَ الشرور لا ليركبها مع الراكبين بل ليفرِّق اجتماعَهم عليها».

[«آثار الإمام محمَّد البشير الإبراهيمي» (٤/ ١١٧)]

 



العالم يأمر بالمعروف وإن لم يفعله

قال الحافظ ابن كثيرٍ معلِّقًا على قوله تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ[البقرة:٤٤].

«وذهب بعضهم إلى أنَّ مرتكب المعاصي لا ينهى غيره عنها، وهذا ضعيفٌ، وأضعف منه تمسُّكهم بهذه الآية؛ فإنه لا حجَّة لهم فيها. والصحيح: أنَّ العالم يأمر بالمعروف وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه.

قال مالكٌ: عن ربيعةَ عن سعيدِ بنِ جُبَيْرٍ يقول: لَوْ كَانَ المرْءُ لَا يَأْمُر بالمعْرُوفِ وَلَا يَنْهَى عَن المنْكَر حَتَّى لَا يَكُونَ فِيه شَيْءٌ مَا أَمَرَ أَحَدٌ بِالمعْرُوفِ، وَلَا نَهَى عَنِ المنْكَرِ.

قال مالكٌ: «وصدق، من ذا الذي ليس فيه شيءٌ؟!».

قلت: لكنَّه والحالة هذه مذمومٌ على ترك الطاعة وفعله المعصية لعلمه بها ومخالفته على بصيرةٍ فإنه ليس من يعلم كمن لا يعلم، ولهذا جاءت الأحاديث في الوعيد على ذلك».

[«تفسير القرآن العظيم» لابن كثير (١/ ٨٥)]

 



خطورة التمسُّك بالمتشابه

«إنَّ الزَّائغ المتَّبع لِمَا تشابه مِن الدَّليل لا يزال في ريبٍ وشكٍ؛ إذ المتشابه لا يعطي بيانًا شافيًا، ولا يقف منه متَّبعُه على حقيقةٍ، فاتِّباعُ الهوى يُلْجِئه إلى التمسُّك به، والنظرُ فيه لا يتخلَّص له، فهو على شكٍّ أبدًا، وبذلك يفارق الرَّاسخ في العلم لأنَّ جداله إن افتقر إليه فهو في مواقع الإشكال العارض طلبًا لإزالته فسرعان ما يزول إذا بيِّن له موضع النَّظر، وأمَّا ذو الزيغ فإنَّ هواه لا يخلِّيهِ إِلَى طَرْحِ المتَشَّابِهِ فَلا يَزَالُ فِي جِدَالٍ عَلَيْهِ وَطَلَبٍ لِتَأْوِيلِهِ».

[«الاعتصام» للشاطبي (٢/ ٢٣٦)]

 



الانتفاع بكتب أهل الباطل

«والمقصود أنَّ كُتُبَ أهل الكلام يستفاد منها ردُّ بعضهم على بعضٍ، وهذا لا يحتاج إليه من لا يحتاج إلى ردِّ المقالة الباطلة لكونها لم تخطر بقلبه، ولا هناك من يخاطبه بها، ولا يطالع كتابًا هي فيه. ولا ينتفع به من لم يفهم الردَّ، بل قد يستضرُّ به مَن عرف الشبهةَ ولم يعرف فسادَها. ولكنَّ المقصود هنا أنَّ هذا هو العلم الذي في كُتُبهم، فإنهم يردُّون باطلًا بباطلٍ، وكلا القولين باطلٌ».

[«منهاج السنَّة» لابن تيمية (٥/ ٢٨٣)]

 



مراتب العلم والعمل

«فرضٌ على الناس تعلُّمُ الخير والعملُ به، فمَن جَمَع الأمرين فقد استوفى الفضيلتين معًا، ومن عَلِمه ولم يعمل به فقد أحسن في التعليم وأساء في ترك العمل به، فخلط عملًا صالحًا وآخر سيِّئًا وهو خيرٌ من آخَرَ لم يعلمه ولم يعمل به، وهذا الذي لا خير فيه أمثلُ حالًا وأقلُّ ذمًّا مِن آخَرَ ينهى عن تعلُّم الخير ويصدُّ عنه، ولو لم يَنْهَ عن الشرِّ إلَّا مَن ليس فيه منه شيءٌ ولا أَمَر بالخير إلَّا من استوعبه لَما نهى أحدٌ عن شرٍّ ولا أَمَر بخيرٍ بعد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وحَسْبُك بمن أدَّى رأيُه إلى هذا فسادًا وسوءَ طبعٍ وذمَّ حالٍ وبالله تعالى التوفيقُ».

[«مداواة النفوس» لابن حزم (٨٥)]

 



الحكمة من وقوع بعض المخلصين في الأخطاء

«واعلَمْ أنَّ الله تعالى قد يُوقِعُ بعضَ المخلصين في شيءٍ من الخطإِ ابتلاءً لغيره: أيتَّبعون الحقَّ ويَدَعُونَ قولَه، أم يغترُّون بفضله وجلالته؟ وهو معذورٌ بلْ مأجورٌ لاجتهاده وقصْدِه الخيرَ وعدم تقصيره. ولكنَّ مَنِ اتَّبعه مغترًّا بعظمته بدون الْتفاتٍ إلى الحُجَجِ الحقيقية من كتاب الله تعالى وسنَّة رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم فلا يكون معذورًا، بل هو على خطرٍ عظيمٍ. ولَمَّا ذهبتْ أمُّ المؤمنين عائشةُ رضي الله عنها إلى البصرة قبل وقعة الجمل أَتْبَعَها أميرُ المؤمنين عليٌّ رضي الله عنه ابْنَه الحَسَنَ وعمَّارَ بن ياسرٍ رضي الله عنهما لينصحا الناس، فكان مِن كلام عمَّارٍ لأهل البصرة أنْ قال: «وَاللهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللهَ ابْتَلاكُمْ بهَا، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ ؟». ومِن أعظم الأمثلة في هذا المعنى مطالبةُ فاطمةَ رضي الله عنها بميراثها مِنْ أبيها صلَّى الله عليه وسلَّم، وهذا ابتلاءٌ عظيمٌ للصدِّيق رضي الله عنه ثبَّته الله عزَّ وجلَّ فيه».

[«رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله» للمعلِّمي اليمني (١٥٢ ـ ١٥٣)]