في حكمِ نكاح الزانية واسْتِلحاقِ ولَدِه منها | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٤٦٤

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ إنشاء عقد الزواج

في حكمِ نكاح الزانية واسْتِلحاقِ ولَدِه منها

السؤال:

هل فتوى الإمامَيْن أبي حنيفة وابنِ تيمية ـ رحمهما الله تعالى ـ بجوازِ نكاح الزانية ممَّنْ زَنَى بها، وقد حَمَلَتْ منه فقط لا مِنْ غيره، وهذا خلافُ قولِ جماهير العلماء، هل هذه الفتوى يُؤخَذُ بها في حالاتٍ مُعيَّنةٍ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فهذا السؤال يتضمَّن مسألتين وهما:

ـ الأولى: في حكم نكاح الزانية.

ـ والأُخرى: في حكم استلحاق الزاني ولَدَه مِنَ الزنا.

أمَّا المسألة الأولى: فقَدِ اشترط ابنُ تيميَّة رحمه الله ـ وِفاقًا لطائفةٍ مِنَ السَّلَف والخلف ـ التوبةَ أوَّلًا وهو مذهبُ أحمد(١)، فيَحْرُم نكاحُ الزانية قبل التوبة، سواءٌ كان هو الذي زَنَى بها أو غيرُه؛ لقوله تعالى: ﴿ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوۡ مُشۡرِكَةٗ وَٱلزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَآ إِلَّا زَانٍ أَوۡ مُشۡرِكٞۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٣[النور]، ويؤيِّد المعنى السابقَ قولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا يَنْكِحُ الزَّانِي المَجْلُودُ إِلَّا مِثْلَهُ»(٢)، قال الشوكانيُّ ـ رحمه الله ـ: «وفيه دليلٌ على أنه لا يَحِلُّ للمرأة أَنْ تتزوَّج مَنْ ظَهَر منه الزِّنى، وكذلك لا يَحِلُّ للرَّجل أَنْ يتزوَّج بمَنْ ظَهَر منها الزِّنى، وتدلُّ على ذلك الآيةُ السابقة»(٣)؛ ويزول وصفُ الزِّنا بعد التوبة لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ»(٤).

أمَّا مذهبُ أبي حنيفةَ والشافعيِّ ومالكٍ ـ رحمهم الله ـ فلا يشترطون للجواز شرطَ التوبةِ(٥) وإِنْ كان في «المدوَّنة» ما يُشعِرُ بهذا الشرط(٦)؛ ومِنْ هنا يتبيَّن لك اختلافُ ابنِ تيميَّة مع مذهبِ أبي حنيفةَ ـ رحمهما الله ـ في هذا الشرط، بل يزيد شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّة لهذا الشرطِ امتحانَ الزانية حتَّى يُتأكَّدَ مِنْ صدقِ توبَتِها؛ ومُستنَدُ هذا التقريرِ قولُه تعالى: ﴿إِذَا جَآءَكُمُ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ مُهَٰجِرَٰتٖ فَٱمۡتَحِنُوهُنَّ[الممتحنة: ١٠]، ويُطلَقُ المُهاجِرُ على التائب ـ أيضًا ـ، ودليلُ تناوُلِه قولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ»(٧)، و«المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السُّوءَ»(٨)، فما دامَتْ دعوى هجرِ السوء قائمةً فيُشرَعُ فيها الامتحانُ للآية السابقة.

والشرط الثاني: الذي اشترطه ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ هو الاستبراء بحيضةٍ للحائل، وأمَّا الحامل فحتَّى تَضَعَ، وهو مذهبُ مالكٍ وأحمد(٩)، خلافًا لأبي حنيفة الذي يرى جوازَ العقد قبل الاستبراء إذا كانت حاملًا، ووافقه عليه محمَّد بنُ الحسن الشيبانيُّ خلافًا لأبي يوسف(١٠).

ومِنْ مُنطلَقِ هذا الشرطِ والذي قبله يتبيَّن اختلافُ مذهبِ أبي حنيفة واختيارِ ابنِ تيميَّة.

أمَّا عند الشافعيِّ فيجوز العقدُ والوطءُ مُطلَقًا لأنَّ ماءَ الزاني غيرُ مُحترَمٍ(١١).

ولا يخفى ضعفُ هذا الدليلِ العقليِّ للشافعيِّ والقولِ الذي قبله عن معارضةِ النصوص الواردةِ في مضمونِ هذا الشرطِ وهو الاستبراءُ، ومنها: قولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً»(١٢)، وقولُه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» ـ يَعْنِي: إِتْيَانَ الحَبَالَى ـ «وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا»(١٣)، وقد «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم يَوْمَ أَوْطَاسٍ أَنْ تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، أَوْ حَائِلٌ(١٤) حَتَّى تُسْتَبْرَأَ ـ أو: تَسْتَبْرِئَ ـ»(١٥).

أمَّا المسألة الأُخرى: في حكم استلحاق الزاني ولَدَه مِنَ الزِّنا، فإنَّ التوافق بين أبي حنيفة وابنِ تيمية رحمهما الله ظاهرٌ في النتيجة والحكم؛ حيث إنَّ أبا حنيفة لا يرى بأسًا ـ إذا زَنَى الرَّجلُ فحَمَلَتْ منه ـ أَنْ يتزوَّجها مع حملِها ويسترَ عليها، والولدُ ولدٌ له؛ واختيارُ ابنِ تيمية ـ رحمه الله ـ ينتهي إلى هذا الحكم؛ فالرَّجلُ إذا استلحق ولَدَه مِنَ الزِّنا ـ ولا فِراشَ ـ لَحِقَه(١٦)؛ غير أنَّ الفرق بين كلامَيْهما هو ما تقدَّم في الشرط الثاني مِنَ المسألة الأولى وهي اشتراطُ وضعِ الحامل أو الاستبراءِ بحيضةٍ للحائل، خلافًا لأبي حنيفة.

هذا، والقولُ باستلحاقِ الرَّجلِ ولَدَه مِنَ الزِّنا ليس قاصرًا على الإمامين أبي حنيفة وابنِ تيميَّة رحمهما الله، بل قال به ـ أيضًا ـ إسحاقُ بنُ راهويه وسليمانُ بنُ يسارٍ وابنُ سيرين والحسنُ البصريُّ وإبراهيمُ النَّخَعيُّ وغيرُهم؛ وقد عارضَ هذا القولَ عامَّةُ أهلِ العلم ومنهم الأئمَّةُ الثلاثة وغيرُهم، الذين يقرِّرون عدَمَ استلحاقِ الزاني ولَدَه مِنَ الزنا إِنْ أراد استلحاقَه، سواءٌ وُلِد على فراشٍ ـ وهو محلُّ اتِّفاقٍ ـ أو وُلِد على غيرِ فراشٍ ـ وهو موضعُ خلافٍ ـ(١٧).

وسببُ الخلافِ ـ في هذه المسألةِ ـ يرجع إلى تأويلِ حديثِ: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ»(١٨)؛ فإنَّ ابنَ تيمية ـ رحمه الله ـ يرى أنَّ حُكمَ الحديثِ قاصرٌ على المرأة إذا كانت فراشًا لرَجُلٍ آخَرَ، فيبقى الولدُ مُلتحِقًا بصاحب الفراش إلَّا أَنْ يَنفِيَه باللِّعان فيُنسَب إلى أمِّه، ويكون للعاهر الحَجَرُ، أي: أنَّ الزانيَ ليس له إلَّا الخيبةُ(١٩)؛ أمَّا المرأةُ إذا لم تكن فراشًا فلا يتناولها الحديثُ؛ ويتعيَّن تسميةُ المرأةِ فراشًا ـ عند أهل اللغة والعُرف ـ بعد البناء بها؛ ولهذا ذَهَب ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ إلى أنَّ المرأة تُعَدُّ فراشًا بعد معرفة الدخول المحقَّق لا بمُجرَّد العقد عليها، خلافًا لأبي حنيفة ـ رحمه الله ـ.

وعليه، فالعاهرُ لا يلحقه الولدُ إذا كان للمرأة زوجٌ دَخَل بها، فإِنْ لم يكن لها زوجٌ فليست فراشًا ولا يتناولها حكمُ الحديث، فإذا وُلِد لها ولدٌ لزنْيَةٍ واستلحقه أبوه لَحِقه.

وقد تقدَّم أنَّ مذهبَ الجمهورِ أنهم لا يستلحقونه، سواءٌ وُلِد على فراشٍ أو على غيرِ فراشٍ، بناءً على تأويلهم للحديث؛ كما أيَّدوا الحُكمَ بما رواه ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا مُسَاعَاةَ فِي الإِسْلَامِ، مَنْ سَاعَى فِي الجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنِ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ»(٢٠)، وفي الحديث دليلٌ على أنَّ الشارع أَبطلَ المساعاةَ ـ وهي الزِّنا ـ في الإسلام ولم يُلحِقْ بها النَّسَبَ، لأنَّ النَّسَب كرامةٌ، والكراماتِ لا تُنالُ بالمَعاصي(٢١)، وعَفَا عمَّا كان منها في الجاهليَّة وأَلحقَ النَّسَبَ به؛ كما استدلُّوا بحديثِ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه عبدِ الله بنِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قَضَى أَنَّه «إِنْ كَانَ مِنْ أَمَةٍ لَمْ يَمْلِكْهَا أَوْ مِنْ حُرَّةٍ عَاهَرَ بِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَلَا يَرِثُ، وَإِنْ كَانَ [أَبُوهُ] الَّذِي يُدْعَى لَهُ هُوَ ادَّعَاهُ فَهُوَ وَلَدُ زِنْيَةٍ مِنْ حُرَّةٍ كَانَ أَوْ أَمَةٍ»، زاد أبو داود: «وَهُوَ وَلَدُ زِنًا لِأَهْلِ أُمِّهِ مَنْ كَانُوا حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَذَلِكَ فِيمَا اسْتُلْحِقَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، فَمَا اقْتُسِمَ مِنْ مَالٍ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَقَدْ مَضَى»(٢٢)؛ والحديثُ حجَّةٌ صريحةٌ للجمهور، حيث يُفيدُ أنَّ ولدَ الزِّنا لا يلحق بالزاني إذا ادَّعاه ولا يَرِثه، وأنه ولدُ زِنًا لأهلِ أُمِّه مَنْ كانوا، حُرَّةً كانت أو أَمَةً؛ فضلًا عن أنَّ في إثبات النَّسَب بالزِّنا تسهيلًا لأمر الزِّنا وإشاعةً للفاحشة بين المؤمنين، وهو مُحرَّمٌ بنصِّ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ١٩[النور].

ـ والظاهرُ أنَّ سببَ ورودِ حديثِ: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» كما في لفظ البخاري(٢٣) يُسايِرُ ـ في سِياقه ومضمونِه ـ التفريقَ الذي ذَهَب إليه شيخُ الإسلام، حيث إنَّ قضاء النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في قصَّةِ ابنِ وليدةِ زَمعةَ بنِ قيسٍ كان عند تنازُعِ الزاني وصاحبِ الفراش، وكان قد أَحْبَلها عُتبةُ بنُ أبي الوقَّاص، فاختصم فيه سعدٌ وعَبدُ بنُ زَمعةَ رضي الله عنهما؛ فَقَالَ سَعْدٌ: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا ابْنُ أَخِي؛ عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ»، فَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أَخِي، ابْنُ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ؛ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ»، فَنَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَإِذَا هُوَ أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ [أي: بعُتبة]، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ»، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِ أَبِيهِ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ بِنْتَ زَمْعَةَ»، مِمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ(٢٤)؛ فكان قضاؤه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لمَنْ كانَتِ الأَمَةُ فراشًا له دون غيرِه، مع شَبَهِه البيِّنِ بعُتبةَ؛ فدلَّ ذلك على خصوص الحديث بما إذا كانَتِ المرأةُ فراشًا، وانتفى الحكمُ عمَّنْ لم تكن فراشًا.

ـ وأمَّا حديثُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما مرفوعًا: «لَا مُسَاعَاةَ فِي الْإِسْلَامِ، مَنْ سَاعَى فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَدْ لَحِقَ بِعَصَبَتِهِ، وَمَنِ ادَّعَى وَلَدًا مِنْ غَيْرِ رِشْدَةٍ فَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ» فإنَّ سنده ضعيفٌ لا يقوى على الاحتجاج؛ وعلى فرضِ صِحَّته فيُحمَل على ولدٍ في فراشِ زوجٍ أو سيِّدٍ، فيُعَدُّ الاحتجاجُ به ـ على هذه الحال ـ خارجًا عن محلِّ النزاع؛ علمًا أنَّ العلماء ذكروا تعلُّقَ الحديثِ بالإماء ـ على وجه الخصوص ـ دون الحرائر، لأنَّ المساعاة كانت معروفةً فيهنَّ دون الحرائر، «لأنهن يَسعَيْن لمَواليهنَّ فيكتسبن لهم، وكان عليهنَّ ضرائبُ مُقرَّرةٌ، فأَبطلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم المساعاةَ في الإسلام، ولم يُلحِق النَّسَبَ بها، وعَفَا عمَّا كان في الجاهليَّة منها، وأَلحقَ النَّسَبَ به»(٢٥).

ـ وأمَّا حديثُ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه فهو وإِنْ كان صريحًا في أنَّ الزانيَ إذا استلحق ولدَ الزِّنا مِنْ حرَّةٍ أو أَمَةٍ فإنه لا يلحق به ولا يَرِثه وإنما يُنسَبُ إلى أمِّه، إلَّا أنه يحتمل أَنْ يكون في صورةِ ما إذا كانَتِ المرأةُ المَزْنيُّ بها فراشًا لزوجٍ أو سيِّدٍ فنَفَاهُ صاحبُ الفراش، فإنه يُنسَب إلى أمِّه، وهذه الصورةُ مَحَلُّ إجماعٍ؛ فيكون الاستدلالُ بالحديثِ خارجًا عن محلِّ النزاع؛ إذ صورةُ انعدامِ الفراش تدعمها أدلَّةٌ أخرى؛ والعملُ بجميع الأدلَّة أَوْلى مِنْ إعمالِ بعضها وإهمالِ بعضها الآخَر.

وقد أيَّد ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ لحوقَ ولَدِ الرَّجل مِنَ الزِّنا به إذا استلحقه ـ ولا فِراشَ ـ:

ـ بما رواه مالكٌ ـ رحمه الله ـ في «الموطَّإ»: «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه كَانَ يُلِيطُ [أي: يُلْحِقُ] أَوْلَادَ الجَاهِلِيَّةِ بِمَنِ ادَّعَاهُمْ فِي الإِسْلَامِ»(٢٦) أي: كان يُلحِقُهم بهم وينسبهم إليهم وإِنْ كانوا لِزنيةٍ، وقد روى عيسى عن ابنِ القاسم في جماعةٍ يُسلِمون فيستلحقون أولادًا مِنْ زِنًا، فإِنْ كانوا أحرارًا ولم يدَّعِهم أحَدٌ لفراشٍ فهُم أولادُهم، وقد أَلاطَ عمرُ رضي الله عنه مَنْ وُلِد في الجاهليَّة بمَنِ ادَّعاهم في الإسلام، إلَّا أَنْ يدَّعِيَه معهم مَنْ أمَّهاتُهم فراشٌ له وهو سيِّدُ الأَمَةِ أو زوجُ الحرَّة؛ لأنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم قال: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ»؛ ففراشُ الزوج والسيِّدِ أحقُّ(٢٧).

ـ ويعزِّز هذا الحُكمَ ويقوِّيه قصَّةُ جُرَيْجٍ الراهبِ الذي قال للغلام الذي زَنَتْ أمُّه ـ وهو في المهد ـ: «مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟» قَالَ: «الرَّاعِي»(٢٨)، فقَدِ استدلَّ العلماءُ بهذه القصَّةِ على أنَّ ولد الزِّنا يلحق بالزاني إذا لم يُنازَعِ الزاني فيه؛ لأنَّ هذا إنطاقٌ مِنَ الله تعالى لا يمكن فيه الكذبُ ـ أوَّلًا ـ(٢٩)، وقد قصَّها النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم علينا للاعتبار والاتِّعاظ ـ ثانيًا ـ ولأنَّ أمَّ الغلام لم تكن فراشًا ـ ثالثًا ـ ولم يَرِدْ في شرعنا ما ينسخ هذا الحكمَ مِنْ شرعِ مَنْ قبلنا أو يُبطِلُه، بل وَرَد في شرعنا ما يؤيِّده، وهو ما تقدَّم مِنْ عمل الخليفة المهديِّ الراشدِ عمر بنِ الخطَّاب رضي الله عنه، حيث كان يُليط [أي: يُلْحِقُ] أولادَ الجاهليَّة بمَنِ ادَّعاهم في الإسلام إلَّا أَنْ يدَّعِيَهم أحَدٌ لفراشٍ، ونَفَذ عملُه واشتهر وانتشر.

علمًا أنه إذا تَعارَض حكمان: أحَدُهما كونيٌّ قَدَريٌّ، والآخَرُ شرعيٌّ دِينيٌّ، فإنه يُقدَّم الحكمُ الشرعيُّ الدِّينيُّ على الكونيِّ القَدَريِّ في حالة الاختلاف والتعارض، لأنَّ الحكم الشرعيَّ مُتضمِّنٌ لمحبَّةِ الله ورِضاه، والحكمةُ منه ابتلاءُ الخَلْق وتمييزُ المُطيع مِنْ غير المطيع؛ ولذلك حَكَم النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في الولد المُتنازَع فيه ـ والذي كانت أمُّه فراشًا ـ أنه لصاحب الفراش وليس للزاني ولو مع كونه مُشابِهًا له، وذلك في قوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «الوَلَدُ لِلْفِرَاشِ، وَلِلْعَاهِرِ الحَجَرُ»، فيُقدَّم هذا الحكمُ الشرعيُّ، ويُلغى الحكمُ الكونيُّ الذي يدلُّ على أنَّ الله تعالى خَلَق الولدَ بماء الزاني لوجود المُعارِض.

أمَّا مع عدم التنازع وانتفاءِ المُعارِض، فإِنِ ادَّعى الزاني ولَدَه مِنَ الزِّنا واستلحقه فإنه يُلحَقُ به تقريرًا للحكم الكونيِّ، وهو أَوْلى مِنْ إضاعةِ نَسَبِ هذا الولد؛ إذ هذا المعنى يقتضيه القياسُ المحضُ كما أَفصحَ عنه ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ بقوله: «والقياس الصحيح يقتضيه، فإنَّ الأب أحَدُ الزانيَيْن، وهو إذا كان يلحق بأمِّه، ويُنسَبُ إليها، وتَرِثُه ويَرِثها، ويَثْبُتُ النَّسَبُ بينه وبين أقاربِ أمِّه مع كونها زنَتْ به، وقد وُجِد الولدُ مِنْ ماء الزانيَيْن، وقد اشتركا فيه، واتَّفَقا على أنه ابنُهما، فما المانعُ مِنْ لحوقه بالأب إذا لم يدَّعِه غيرُه؟ فهذا محضُ القياس»(٣٠).

هذا، وينبني على هذه المسألةِ: ما لو زَنَى رجلٌ بامرأةٍ ليست ذاتَ فراشٍ وحملَتْ منه، فهل له أَنْ يتزوَّجها ويستلحق ولدَه مِنَ الزِّنا به؟

ـ فعلى مذهب الجمهور أنه لا يجوز للزاني أَنْ ينسب إليه الولدَ مُطلَقًا، ولو استلحقه لم يلحق به، سواءٌ كانت المرأةُ ذاتَ فراشٍ ـ وهو مُجمَعٌ عليه كما تقدَّم ـ أو لم تكن كذلك، فليس للزاني إلَّا الخيبةُ، ولا يجوز له أَنْ يعقد عليها بعقدِ زواجٍ وهي على هذه الحال، لحرمةِ الزواج مع الحمل بولدٍ ليس منه ولا يُنسَب إليه.

ـ بخلافِ مَنْ يرى جوازَ استلحاقِ الزاني ولدَه مِنَ الزِّنا إذا لم تكن المرأةُ ذاتَ فراشٍ، فإنَّ لازِمَ قولِه جوازُ نكاحِ الزاني المرأةَ التي زَنَى بها وهي حاملٌ منه، مِنْ غيرِ اشتراطِ وضع الحمل، لأنه ولدُه مِنَ الزِّنا ويُلحَقُ به إذا استلحقه.

والظاهر ـ وإِنْ كان مذهبُ الجمهور وجيهًا مبنيًّا على الاحتياط ـ إلَّا أنَّ مذهب القائلين باستلحاق الرَّجل ولدَه مِنَ الزِّنا إذا لم تكن المرأةُ فراشًا يلحق به هو الأرجحُ ـ عندي ـ لكونه أقوى توفيقًا بين الأدلَّة المُتعارِضة وأصحَّ قياسًا وأوضحَ نظرًا، ولأنَّ أدلَّةَ الجمهور إمَّا ضعيفةٌ أو يدخلها الاحتمالُ كما تقدَّم؛ لذلك كان الجمعُ بين الدليلين أَوْلى مِنْ إهمالِ أدلَّةِ المُخالِفين لهم، فالإعمالُ أَوْلى مِنَ الإهمال والإهدار، بناءً على ما تجري عليه القواعدُ.

وأمَّا القول بأنَّ في إثبات النَّسَبِ بالزِّنا مفسدةَ تسهيلِ أمرِه وتيسيرِ ارتكابِ جريمته وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين، فيُعارِضُه ـ بالمُقابِل ـ أنَّ في عدمِ إثبات النَّسَبِ بالزِّنا في حالِ انتفاء الفراش إضرارًا حِسِّيًّا ومعنويًّا ظاهرًا بولد الزِّنا، حيث يبقى عديمَ الأب ليس له نَسَبٌ، ولا قيامَ عليه ولا عنايةَ به، كشجرةٍ اجتُثَّتْ مِنْ فوق الأرض ما لها مِنْ قرارٍ، مع أنه لا ذَنْبَ له ارتكبه، فلا يُعاقَبُ بجريرةِ غيرِه؛ لذلك كان في إثبات النَّسَب مصلحةٌ أعظمُ تنغمر فيها المفسدةُ السابقةُ، حفظًا لِنَسَبِ الولد مِنَ الضَّياع، وحمايةً له مِنْ سُبُل التشرُّد وطُرُق الانحراف؛ ولا يخفى أنَّ حِفظَ النسل مطلوبٌ شرعًا، وهو أحَدُ مقاصد الشريعة الغرَّاء، كما أنَّ في إثبات النَّسَب ـ مِنْ زاويةٍ أخرى ـ دعوةَ الزانيَيْن إلى التوبة والاستقامة، وتشجيعًا لهما على سَتْرِ أنفسهما ـ بعد التوبة ـ بزواجٍ حلالٍ يُعِفُّ فيه الزوجُ أهلَه ويعول ولدَه ويقوم عليه، فلا يشعر بالحرمان والقهر والتهميش والتمييز.

فإذا تقرَّر رجحانُ أحَدِ القولين بدليله وَجَب الفتوى بما تَرجَّحَ عند الناظر أو المجتهدِ مُطلَقًا في كُلِّ الحالات، ولا يعدل عنها في حالاتٍ مُعيَّنةٍ؛ للإجماع على أنَّ المجتهد أو مَنْ في حُكمه (كالمجتهد المُتجزِّئ) يجب عليه اتِّباعُ ما أدَّاه إليه اجتهادُه وأَنْ يُفتِيَ به، ولا يجوز له تركُ ذلك إلَّا إذا تَبيَّن له خطأُ ما ذَهَب إليه ابتداءً، فيتركه إلى القول الآخَرِ اتِّباعًا للدليل، وهذا إنما يكون إذا كان فيه الحقُّ ظاهرًا بيِّنًا مُوافِقًا للكتاب والسُّنَّة، فيجب على المفتي أَنْ يُفتِيَ بالحقِّ وما اقتضاه الدليلُ ولو خالف مذهبَه، فإِنْ كان الدليلُ مع مُخالِفِه فلا يجوز له أَنْ يُفتِيَ بالمرجوح.

أمَّا في مسائل الاجتهاد التي تكون الأدلَّةُ فيها مُتجاذِبَةً فهذا قد يُفتي به وقد لا يُفتي حَسَبَ النظر، كما قرَّر هذه الأقسامَ ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ(٣١)، ولم يَرِدْ في أقسامه أنه يُفتي به في حالاتٍ مُعيَّنةٍ دون حالاتٍ أخرى.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٠ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
المـوافـق ﻟ: ١٦ جوان ٢٠٠٦م

 



(١) انظر: «المغني» لابن قدامة (٦/ ٦٠١، ٦٠٢)، «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١٠٩ ـ ١١٠).

(٢) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في قوله تعالى: ﴿ٱلزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً[النور: ٣] (٢٠٥٢) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. قال ابنُ كثيرٍ في «إرشاد الفقيه» (٢/ ١٤٩): «وهذا إسنادٌ جيِّدٌ قويٌّ». وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٥/ ٥٧٢) رقم: (٢٤٤٤).

(٣) «نيل الأوطار» للشوكاني (٧/ ٣٢٠).

(٤) أخرجه ابنُ ماجه في «الزهد» بابُ ذِكرِ التوبة (٤٢٥٠) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ مسعودٍ رضي الله عنه. قال ابنُ حجرٍ في «فتح الباري» (١٣/ ٤٧١): «سنده حسنٌ»، وحَسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣٠٠٨) وفي «صحيح الترغيب والترهيب» (٣١٤٥).

(٥) انظر: «الهداية» للمرغيناني (١/ ١٩٤)، «المجموع شرح المهذَّب» ـ التكملة الثانية ـ للمُطيعي (١٦/ ٢٢٠ ـ ٢٢١).

(٦) انظر: «المدوَّنة» لابن القاسم (٢/ ١٨٧).

(٧) أخرجه البخاريُّ في «الإيمان» باب: المسلم مَنْ سَلِم المسلمون مِنْ لسانه ويَدِه (١٠) وفي «الرِّقاق» باب الانتهاء عن المعاصي (٦٤٨٤) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرو بنِ العاص رضي الله عنهما.

(٨) أخرجه الحاكمُ في «المُستدرَك» (٢٥)، وأحمد في «مسنده» (١٢٥٦١)، مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه، وأحمد في «مسنده» (٦٩٢٥، ٧٠١٧) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمرٍو رضي الله عنهما. وصحَّحه أحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (١١/ ١٩٠)، والألبانيُّ في «صحيح الترغيب» (٢٥٥٥).

(٩) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١٠٩ ـ ١١٠).

(١٠) انظر: «الهداية» للمرغيناني (١/ ١٩٤).

(١١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١١٠)، «مغني المحتاج» للشربيني (٣/ ١٧٨).

(١٢) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في وطء السَّبَايَا (٢١٥٧)، والحاكم في «المُستدرَك» (٢٧٩٠)، مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه. وحسَّنه ابنُ عبد البرِّ في «التمهيد» (٣/ ١٤٣)، وابنُ حجرٍ في «التلخيص الحبير» (١/ ١٧١)، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٤٧٩)، وانظر: «إرواء الغليل» له (١/ ٢٠٠).

(١٣) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في وطء السَّبَايَا (٢١٥٨) مِنْ حديثِ رُوَيْفِع بنِ ثابتٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه ابنُ كثيرٍ في «إرشاد الفقيه» (٢/ ٢٣٦)، وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (٥/ ١٤١) وفي «صحيح الجامع» (٧٦٥٤).

(١٤) وفي بعضِ نُسَخِ «مصنَّف ابنِ أبي شيبة»: «حابل»: وهي الحاملُ، وهو تصحيفٌ ظاهرٌ، والصوابُ ما أَثْبَتُّه: «حائل» وهي ضِدُّ الحامل.

(١٥) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (١٧٤٥٧) وعبد الرزَّاق في «مصنَّفه» (١٢٩٠٤) عن الشعبيِّ. قال الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٠٠): «وإسنادُه مُرسَلٌ صحيحٌ، فهو شاهدٌ قويٌّ» يعني: لحديثِ أبي سعيدٍ رضي الله عنه عند أبي داود المتقدِّم [انظر: (الهامش ١٢)وانظر: «نصب الراية» للزيلعي (٤/ ٢٥٢)؛ وقد أَخرجَ نحوَه ابنُ أبي شيبة في «مصنَّفه» (١٧٤٦٢) عن عليٍّ رضي الله عنه.

(١٦) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١١٢ ـ ١١٣، ١٣٩).

(١٧) انظر: «المغني» لابن قدامة (٦/ ٢٦٦).

(١٨) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «البيوع» باب تفسير المشبَّهات (٢٠٥٣) وفي «الفرائض» باب: الولدُ للفراش، حُرَّةً كانَتْ أو أَمَةً (٦٧٤٩)، ومسلمٌ في «الرضاع» (١٤٥٧)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(١٩) ومعنَى: «له الحَجَرُ»: الخيبةُ أي: لا شيءَ له في الولد، والعربُ تقول: «له الحجرُ» و«بِفيهِ الترابُ»: يريدون ليس له إلَّا الخيبة، وقِيلَ: المراد بالحجر: أنه يُرجَم بالحجارة إذا زَنَى، ولكنَّه لا يُرجَم بالحجارة إلَّا المُحصَن فقط؛ [انظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (٨/ ٨٨)].

(٢٠) أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في ادِّعاءِ ولد الزِّنا (٢٢٦٤)، وأحمد في «مسنده» (٣٤١٦). وضعَّفه الألبانيُّ في «ضعيف الجامع» (٦٣١٠) لجهالةِ أحَدِ رُوَاتِه، وحسَّنه الأرناؤوطُ في «تحقيقه للمسند» (٥/ ٣٩١) لأجلِ شاهِدِه، وهو حديثُ عمرو بنِ شعيبٍ.

(٢١) انظر: «مفتاح الوصول» للشريف التلمساني ـ بتحقيقي ـ (١٦٨ ـ ١٦٩).

(٢٢) أخرجه أبو داود في «الطلاق» بابٌ في ادِّعاءِ ولد الزِّنا (٢٢٦٥، ٢٢٦٦)، والترمذيُّ ـ مُختصَرًا بنحوه ـ في «الفرائض» بابُ ما جاء في إبطالِ ميراثِ ولد الزِّنا (٢١١٣)، وابنُ ماجه في «الفرائض» بابٌ في ادِّعاء الولد (٢٧٤٦)، وأحمد في «مسنده» (٦٦٩٩، ٧٠٤٢). وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيحِ سُنَنِ أبي داود» (٢٢٦٥) و«صحيح الجامع» (٤٥٤٩)، والأرناؤوطُ في «تحقيقه للمسند» (١١/ ٣٠١، ٦٢٠).

(٢٣) «صحيح البخاري بشرح فتح الباري» (٤/ ٢٩٢).

(٢٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «العتق» باب أمِّ الولد (٢٥٣٣)، ومسلمٌ في «الرضاع» (١٤٥٧)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

وتجدر الإشارةُ إلى أنَّ النَّسَب تتبعَّض أحكامُه، [انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٢/ ١٣٦، ١٣٩)].

(٢٥) «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٢٦ ـ ٤٢٧).

(٢٦) أخرجه مالكٌ في «الموطَّإ» ـ تحقيق الأعظمي ـ (٢٧٣٨)، والبيهقيُّ في «السُّنَن الكبرى» (٢١٢٦٣)، مِنْ روايةِ سليمانَ بنِ يسارٍ. قال الألبانيُّ في «الإرواء» (٦/ ٢٥): «ورجالُه ثِقاتٌ رجالُ الشيخين، ولكنَّه مُنقطِعٌ، لأنَّ سليمانَ بنَ يسارٍ لم يُدرِك عُمرَ، لكِنْ جاء موصولًا مِنْ طريقٍ أخرى عنه...».

(٢٧) انظر: «المنتقى» للباجي (٦/ ١١).

(٢٨) أخرجَ القصَّةَ البخاريُّ في «المظالم والغصب» باب: إذا هَدَم حائطًا فَلْيَبْنِ مِثلَه (٢٤٨٢) وفي «أحاديث الأنبياء» باب قول الله: ﴿وَٱذۡكُرۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ مَرۡيَمَ إِذِ ٱنتَبَذَتۡ مِنۡ أَهۡلِهَا[مريم: ١٦] (٣٤٣٦)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.

(٢٩) انظر: «زاد المَعاد» لابن القيِّم (٥/ ٤٢٦).

(٣٠) المصدر السابق الجزء والصفحة نفسهما، وانظر: «فتح ذي الجلال والإكرام» لابن عثيمين (٥/ ١٣٩).

(٣١) انظر: «إعلام الموقِّعين» لابن القيِّم (٤/ ٢٣٧).