الفتوى رقم: ٥٣٠

الصنف: فتاوى الأسرة ـ انتهاء عقد الزواج ـ الطلاق

في حكم الطلاق التعسُّفي

السؤال:

امرأةٌ طلَّقها زوجُها مِنْ غيرِ أسبابٍ شرعيَّةٍ مقبولةٍ، وفرَضَتِ المحكمةُ على الزوج مَبالِغَ ماليَّةً أثقلَتْ كَاهِلَه بدعوى الطلاق التعسُّفيِّ؛ فهل للزوجة حقٌّ في هذه الأموال أم لا؟ أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ الطلاق التعسُّفيَّ الواقع مِنَ الزوج أو وكيله على الزوجة مِنْ غيرِ سببٍ صحيحٍ معقولٍ أو مسوِّغٍ شرعيٍّ مكروهٌ فعلُه لقوله تعالى: ﴿فَإِنۡ أَطَعۡنَكُمۡ فَلَا تَبۡغُواْ عَلَيۡهِنَّ سَبِيلًا[النساء: ٣٤]، وقِيلَ: إنه حرامٌ آثمٌ فاعلُه لأنه ينشأ عنه إذايةُ الزوجة وضررُها المعنويُّ؛ ومع ذلك لا يُوجِبُ هذا الطلاقُ عوضًا ماليًّا على مُوقِعه؛ لأنَّ التعويض الماليَّ عن الطلاق التعسُّفيِّ لا أصلَ له في الشرع، وهو ـ أي: الطلاق ـ مِنْ حقِّ الشرع الذي جَعَله بيد الرَّجل: إِنْ شاء أَمْسَكَ وإِنْ شاء طلَّق، ولا يخفى أنَّ «الجَوَازَ يُنَافِي الضَّمَانَ» كما تجري عليه القواعدُ العامَّة؛ علمًا أنَّه على فَرْضِ تقدير المسئوليَّة على الزوج في إساءةِ استعمالِه حقَّ الطلاقِ فإنَّما هي مسئوليَّةٌ دِينيَّةٌ لا تدخل تحت سلطان القضاء؛ لذلك فليس للمرأة مِنْ حقٍّ في أموالِ زوجها إلَّا المهر والنفقة الواجبة، وما عدا ذلك فلا يجوز لها المطالبةُ بالتعويض ولو حَكَم به القاضي؛ لكونه مالًا لا يَحِلُّ أخذُه مِنَ الزوج إلَّا بطِيبِ نفسِه؛ لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ[النساء: ٢٩]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(١).

وبناءً عليه، وبِغَضِّ النظر عن الطلاق التعسُّفيِّ، فإنَّ الواجب على المرأة ردُّ المظالم إلى صاحبِها، إلَّا إذا ما أَذِنَ الرَّجلُ بأخذها بطِيبِ نفسٍ منه وتكرُّمٍ، فحينئذٍ تكون حلالًا عليها ومشمولةً بعمومِ قول الله تعالى: ﴿أَوۡ تَسۡرِيحُۢ بِإِحۡسَٰنٖ[البقرة: ٢٢٩].

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢١ رجب ١٤٢٧ﻫ
الموافـق ﻟ: ١٥ أوت ٢٠٠٦م

 



(١) أخرجه أحمد في «مسنده» (٢٠٦٩٥)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١١٥٤٥)، مِنْ حديثِ أبي حنيفة الرقاشيِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٥/ ٢٧٩) رقم: (١٤٥٩) وفي «صحيح الجامع» (٧٦٦٢).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)