الفتوى رقم: ٤٥٧

الصنف: فتاوى الأصول والقواعد - أصول الفقه

في الاعتداد بحكم الحاكم في رفع الخلاف

السؤال:

متى يرفع الحاكمُ الخلافَ؟ وللفائدة، فقَدْ بَحَث الإمامُ القَرَافيُّ ـ رحمه الله ـ هذه المسألةَ في: «الفروق» (٤/ ٤٨ ـ ٥٤) في الفرق (٢٢٤)، فهل يمكن الإرشادُ إلى مَنْ توسَّع فيها أكثرَ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فلا أَعْلَمُ خلافًا في الاعتداد بحكم الحاكم إذا وَرَدَ حكمُه مُرتَّبًا على سببٍ صحيحٍ مُوافِقٍ لحكمٍ شرعيٍّ ثابتٍ بنصٍّ أو إجماعٍ قطعيٍّ، فيكون حكمُه نافذًا ـ قطعًا ـ ظاهرًا وباطنًا. ويبقى الإجماعُ الظنِّيُّ والقياسُ الجليُّ موضعَ اجتهادٍ واختلافٍ ـ كما سيأتي ـ.

أمَّا في المسائل المختلَفِ فيها فإنَّ حُكْمَ الحاكم يرفع الخلافَ، وهو مُقيَّدٌ بما لا يُنْقَضُ فيه حكمُ الحاكم، أمَّا ما يُنْقَضُ فيه فإنَّ حُكْمَه لا يرفع الخلافَ، ومَدارُ نقضِ الحكم على تَبيُّنِ الخطإ، والخطأُ إمَّا أَنْ يكون في السبب أو في الاجتهاد، فإِنْ كان الحكمُ مرتَّبًا على سببٍ باطلٍ كشهادة الزُّور فلا يَنْفُذُ حكمُه، وأمَّا الخطأ في الاجتهاد فيُنْقَضُ وجوبًا بمُخالَفةِ نصٍّ صريحٍ مِنْ كتابٍ أو سُنَّةٍ صحيحةٍ ولو كانَتْ آحادًا، أو مُخالَفةِ إجماعٍ قطعيٍّ، ويُنْقَضُ ـ أيضًا وفاقًا لمالكٍ والشافعيِّ ـ بمخالَفةِ القياس الجليِّ خلافًا لأكثرِ الحنابلة، وزاد مالكٌ أنه يُنْقَضُ بمخالَفةِ القواعد الشرعيَّة.

وبناءً على ما تقدَّم، فإنَّ حُكْمَ الحاكم يرفع الخلافَ إذا لم ينتقض الحكمُ بالخطإ في السبب والاجتهاد، ويكون حكمُه نافذًا ـ ظاهرًا وباطنًا ـ على أَرْجَحِ القولين، خلافًا لمَنْ يرى عَدَمَ نفاذِه في حقِّ مَنْ لا يعتقده.

ويمكن الإفادةُ بمزيدٍ مِنَ المصادر الأصولية المتناوِلةِ لهذه المسألةِ على الترتيب التالي:

«المستصفى» للغزَّالي (٢/ ٣٨٢)، «البرهان» للجويني (٢/ ١٣٢٨)، «المحصول» للرازي (٢/ ٣/ ٩١)، «الفروق» للقرافي (٤/ ٤٠)، «الإحكام» للآمدي (٤/ ٢٠٣)، «المنثور» للزركشي (١/ ٣٠٥)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي (٤٤١)، «روضة الطالبين» للنووي (١١/ ٢٣٤)، «مختصر ابن الحاجب» و«العضد عليه» (٢/ ٣٠٠)، «تيسير التحرير» لبادشاه (٢/ ٢٣٤)، «أدب القضاء» لابن أبي الدم (١٦٤)، «إيضاح المسالك» للونشريسي (١٥٠)، «ترتيب الفروق واختصارها» للبقوري (٢/ ٢٩٦)، «فواتح الرحموت» للأنصاري (٢/ ٣٩٥)، «جمع الجوامع» لابن السبكي (٢/ ٣٩١)، «شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب» للمنجور (١٤٧).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٥ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
الموافـق ﻟ: ١١ جـوان ٢٠٠٦م

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)