الفتوى رقم: ٥٢٣

الصنف: فتاوى المعاملات المالية

في استمرار التعامل مع مَن في ماله ريبةٌ

السؤال:

تفضَّلتم شيخنا بالإجابة بارك الله فيكم حول عدم جواز التعامل مع البنوك مِن بيعِ بعض اللوازم الغذائية لها مِن ماءٍ معدنيٍّ وقهوةٍ... فما نصيحتكم لي في بقائي في هذا المحلِّ بما أنَّني عاملٌ فيه فقط إذا رَفَضَ صاحبُ المَحَلِّ قَطْعَ بيعه مع هذه البنوك؟ أفيدونا بارَكَ الله فيكم.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فلا يخفى أنَّ البنوك تقوم أساسًا على الإقراض الربويِّ المنهيِّ عنه بنصوصٍ شرعيةٍ مُتكاثِرةٍ، منها قولُه تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ[البقرة: ٢٧٨ ـ ٢٧٩]، وقولُه تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[البقرة: ٢٧٥]، وقولُه تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ[البقرة: ٢٧٥]، وقد لَعَنَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ»(١) وقال: «هُمْ سَوَاءٌ»(٢).

وإذا كان الأصل في المناهي وجوبَ تركها وهجرانها لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ السَّيِّئَاتِ»(٣) وفي روايةٍ: «المُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ»(٤)؛ فإنَّ التعاون مع أهل المعاصي في معصيتهم معصيةٌ وذنبٌ لقوله تعالى: ﴿وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة: ٢].

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٦ جمادى الأولى ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٣ جوان ٢٠٠٦م


(١) أخرجه أبو داود في «البيوع» بابٌ في آكِلِ الربا ومُوكِلِه (٣٣٣٣)، والترمذي في «البيوع» بابُ ما جاء في أكل الربا (١٢٠٦)، وابن ماجه في «التجارات» باب التغليظ في الربا (٢٢٧٧)، من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وصحَّحه أحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد» (٥/ ٣٠٩)، والألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ١٨٤).

(٢) أخرجه مسلم في «المساقاة» (١٥٩٨) من حديث جابر رضي الله عنه.

(٣) أخرجه ابن حبان (١٩٦) مِن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في تحقيقه لكتاب «الإيمان» لابن تيمية (٣).

(٤) أخرجه البخاري في «الإيمان» باب: المسلمُ مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده (١٠)، ومسلم في «الإيمان» (٤٠)، مِن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)