الفتوى رقم: ٩٠٣

الصنـف: فتاوى المعاملات المالية - القرض والصرف

في الإشراف على تدعيم القروض الربوية

السـؤال:

أعمل بمديرية المصالح الفلاحية، ووظيفتي هي مُراقَبةُ المشاريعِ الفلاحية المدعَّمة مِن طَرَفِ الدولة عن طريق صندوق دعمِ المشاريع الفلاحية، وتتمُّ على قسمين:

القسم الأوَّل: مراقبة المشاريع الجديدة، حيث تُسلَّم للفلاَّح شهادةُ دعمٍ مِن البنكِ الرّبوِي بعد موافقتي على أنَّ المشروع منجزٌ ميدانيًّا.

القسم الثاني: مراقبة المشاريع القديمة التي قد تمَّ قبضُ مَبالِغِها مِن طرف الفلاَّحين أصحابِ هاته المشاريع، والمُهْمِلُ منهم يُرْسَل إليه مُقرَّرةُ استرجاعِ المبلغ الذي أَخَذَهُ مِن البنك الربوي إلى حسابِ الصندوقِ بناءً على إمضائي، فما حكمُ هذا العمل؟ وما حكم الراتب المأخوذ منه؟ وبارك الله فيكم.

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فاعلم أنَّ المقاصد إِنْ كانت حسنةً باعتبارِ غاياتها فلا تُبرِّرُ الوسيلة إليها إِنْ كانت فعلاً محرَّمًا أو تصرُّفًا منهيًّا عنه، ولا تزكِّيه وتبيِّضُ سوادَه مهما عَظُمَ نَفْعُ المقاصد، والقاعدةُ الميكيافلية القائلةُ بأنَّ «الغايةَ تبرِّرُ الوسيلةَ» لا جدوى لها في شريعتنا، فالتعاملُ بالوسائل المحرَّمة كالتعامل بالمقاصد السيِّئة المنهيِّ عنها، فالوسائلُ الربويةُ لا يقتصر التحريمُ فيها على المُباشِر لهما بل يتعدَّى إلى كُلِّ مُشارِكٍ لها بِجُهدٍ مادِّيٍّ أو أدبي؛ إذ التعاونُ عَلَى الحرَامِ شَرِيكُ الإثْمِ، وقَدْ قَالَ تَعَالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[المائدة: ٢]، ولِلَعْنِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم آكلَ الرِّبا ومُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ»(١).

وللمُوظَّف إن غاب عنه الحكم الشرعيُّ لجهلٍ منه دون تفريط أن ينتفع بما حازَ مِن أموالٍ مِن مُرتَّب وظيفته، ولا يسَعُه الانتفاعُ بما يَحْصُل عَليْه مِن أَمْوالٍ بعْدَ تَحَقًُّقِ العلمِ بالحُكْمِ الشَّرْعِي، لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانْتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾ [البقرة: ٢٧٥].

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٧ جمادى الأولى ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ١٢/ ٠٥/ ٢٠٠٨م


(١) أخرجه مسلم في «المساقاة» (١٥٩٨) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)