الفتوى رقم: ٨١١

الصنف: فتاوى الأسرة ـ انتهاء عقد الزواج ـ الطلاق

في عدمِ وقوع الطلاق المعلَّق على شرطٍ قسميٍّ

السؤال:

ما حكمُ رجلٍ قال لزوجته: «أنتِ عليَّ حرامٌ إِنْ دَخَلَ ابنُكِ البيتَ»؟ وكان يقصد بهذا الكلامِ أمرين اثنين:

الأوَّل: أراد بهذا الكلامِ أَنْ يتراجع الابنُ عن صُحبةِ جماعةٍ أشرارٍ.

الثاني: لتَعْلَمَ الأمُّ مآلَها إِنْ مَدَّتْ له يَدَ المَعُونَة، فإذا أَحسَّ الابنُ بفَقْدِ المُساعِدِ ووَجَد نَفْسَه وحيدًا بلا ناصرٍ تَخَلَّى عن أفكاره وعاد إلى البيت.

يقول الزوج: «وكنتُ أَنوِي بلفظِ التحريمِ الطلاقَ».

علمًا أنَّه قد سَبَقَ له أَنْ طلَّقها تطليقتين رجعيَّتَيْن. وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فتأتي صيغة الطلاقِ بالحَلِفِ به بصورةِ تعليقِ الطلاق على شرطٍ: فإِنْ قَصَدَ بلفظِ: «أنتِ حرامٌ عليَّ إِنْ دَخَلَ ابنُكِ» مَنْعَهَا مِنَ الفعل أو تخويفَها باليمين، ولا يقصد إيقاعَ الطلاقِ إذا خالَفَتْ؛ فهذا يُعَدُّ حالفًا وليس مُوقِعًا للطلاق؛ إذ إنَّ الحالف لا يكون مُوقِعًا للطلاق إذا كَرِهَ وقوعَ الجزاءِ عند حصول الشرط.

أمَّا إِنْ كان يريد وقوعَ الجزاءِ عند حصولِ الشرط، كأَنْ يقول لها: «إِنْ زَنَيْتِ فأنتِ طالقٌ»، ومقصودُه إذا فَعَلَتْ ذلك أنه يُطلِّقُها، إمَّا عقوبةً لها وإمَّا كراهِيَةً لمُقامِه معها؛ فهذا ليس بيمينٍ، بل يقع به الطلاقُ إِنْ وُجِد الشرطُ.

وهذا الذي نصَّ عليه شيخُ الإسلام ابنُ تيميَّة ـ رحمه الله ـ: «وما عَلِمْتُ أحَدًا مِنَ الصحابة أفتى في اليمين بلزومِ الطلاق ـ أي: عند الحنث ـ، كما لم أَعْلَمْ أحَدًا منهم أفتى في التعليق الذي يُقْصَد به اليمينُ، وهو المعروفُ عن جمهور السلف»(١).

وأمَّا المنقول عن الصحابة في إيقاع الطلاق المعلَّق فهو محمولٌ على التعليق المحضِ الذي لا يُقْصَد به اليمينُ، أمَّا ما يُقْصَد به اليمينُ فلا يُحْفَظ عن الصحابة الفتوى بوقوعه، على ما تقدَّم تقريرُه عن شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ.

وعليه، فإِنْ قَصَدَ بتعليقه إيقاعَ الطلاقِ عند وجود الشرط فيقع طلاقًا ولا تَحِلُّ له مِنْ بَعْدُ حَتَّى تنكح زوجًا غيرَه ما دام أنه أَتَمَّ الطلقةَ الثالثة، وإلَّا فهي يَمِينٌ يُكفِّرُها.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٨ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٧ مارس ٢٠٠٧م

 



(١) «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٣/ ٢٢٤).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)