الفتوى رقم: ٩٣

الصنف: فتاوى المعاملات المالية

في حكم مداخيل قاعة الألعاب

السؤال:

أملك محلًّا تجاريًّا بمَقَرِّ سُكنايَ، وأَكتسِبُ المالَ عن طريقِ تنشيطِ قاعةٍ للألعاب، ونظرًا للشبهة التي أراها (اللهو) أتقدَّمُ إليكم سائلًا عن حكمِ مداخيلها، رغم أنَّني أقوم بالْتزاماتٍ حسنةٍ تُجاهَ هذا العمل مِنْ بينها:

١.    منعُ التدخين داخِلَ القاعة.

٢.    مراقبة شديدة لمنع أيِّ نوعٍ مِنْ أنواع القمار.

٣.    غَلْق المحلِّ قبل أذان العشاء.

٤.    أشغِّل ـ في هذا المحلِّ ـ سبعةَ آلاتٍ إلكترونيةٍ، مُمتنِعًا عن آلاتٍ أخرى (مثل البِيَّار، والبابيفوت)

فما حكمُه علمًا أنَّ مصدرَ قوتِ العائلة هو مداخيلُ هذا المحلِّ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ كُلَّ مُباحٍ تَضمَّن تَرْكَ واجبٍ شرعيٍّ ـ كتضييع الصلاة ـ أو عائليٍّ أو مهنيٍّ أو نحوِه، أو صدًّا عن ذِكْر الله أو إثارةً للشحناء والبغضاء، أو اشتمل على الكذب أو الظلم أو الغشِّ أو الكلام الرديء أو الفحش أو صُوَر العري، وغيرها مِنَ المعاني المُنافِيَةِ للأخلاق والآداب، أو صَرَف الشبابَ عن تحقيقِ مَهَمَّاتهم المصلحية النبيلة المُناطة بهم، كتحصيل العلوم والمعارف، والقيامِ بالمَعاش والسعي للاسترزاق ونحوِ ذلك؛ فإنَّه ـ والحالُ هذه ـ تَحْرُم المسابقاتُ فيه واللعبُ اتِّفاقًا.

والألعاب الإلكترونية المُعتمِدةُ على المهارات الذهنية التي تقوِّي المعلوماتِ وتنمِّي الاهتماماتِ إذا خَلَتْ مِنَ المعاني السالفةِ البيان فحكمُها الإباحةُ والجواز؛ إذ ليسَتْ قائمةً على الحظِّ والمصادفة حتَّى تَحْرُم كما هو شأنُ النردشير ولعبِ الورق وغيرهما، غيرَ أنَّه يَحْرُم فيها العوضُ الماليُّ، ولا يُدْفَع فيها المالُ للفائز بسبب فوزه؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا سَبَقَ إِلَّا فِي خُفٍّ أَوْ فِي حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ»(١).

هذا، وإذا الْتزم اللاعبون الحدودَ والقيود الشرعية الآنفةَ الذَّكرِ ودفعوا لصاحبِ المحلِّ والآلات مالًا؛ فلا أرى مانعًا مِنْ أخذه؛ لدخوله في باب الإجارات المُباحة.

والذي تطمئنُّ إليه النفسُ أنه ـ مع ما تقرَّر بيانُه ـ فيبقى الأفضلُ ـ عندي ـ أَنْ يغيِّر صاحبُ المحلِّ نشاطَه التجاريَّ هذا إلى آخَرَ ينشر فيه الخيرَ والفضيلة، وذلك لصعوبة التحكُّم في اللاعبين وكثرةِ مخالفاتهم للشرع التي تحدث بينهم.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٥ ربيع الثاني ١٤٢٢ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٦ جـــوان ٢٠٠٢م

 


(١) أخرجه أبو داود في «الجهاد» بابٌ في السَّبَق (٢٥٧٤)، والترمذيُّ في «الجهاد» بابُ ما جاء في الرِّهان والسَّبَق (١٧٠٠)، والنسائيُّ في «الخيل» باب السَّبَق (٣٥٨٥، ٣٥٨٦، ٣٥٨٧، ٣٥٨٩)، وابنُ ماجه في «الجهاد» باب السَّبق والرِّهان (٢٨٧٨)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١٥٠٦) و«صحيح الجامع» (٧٤٩٨).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)