الفتوى رقم: ٦٤

الصنف: فتاوى الصلاة - صفة الصلاة

في حكم إيصالِ سترةٍ مرتفعةٍ عن الأرض بسواكٍ أو غيره

السؤال:

يُوجَدُ في مقدِّمةِ مسجدٍ منبرٌ، وبعضُ الإخوةِ يضعون السواكَ قائمًا متَّكِئًا على المنبرِ سترةً للمصلِّي؛ لأنَّ المنبرَ مرتفِعٌ عن الأرضِ بحوالَيْ عشرِ سنتمتراتٍ، فهل فِعْلُهم صحيحٌ؟ وهل يُعتبَرُ المنبرُ مع وجودِ فراغٍ فيه سترةً؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ السترةَ إنَّما تتحقَّق بمثلِ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ـ وهي في حدودِ ذراعٍ ـ وهو أقلُّ ما يُجزئ؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِذَا وَضَعَ أَحَدُكُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُبَالِ مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ»(١)، فإِنْ كان المنبرُ مرتفعًا عن الأرضِ بذراعٍ أو أَزْيَدَ منه فالظاهرُ أنه لا يَصْلُح سترةً، بخلافِ ما إذا كان دونه، فإِنْ وَضَع المصلِّي شيئًا يُوصِلُه بالأرضِ ويصلِّي إليه أجزأه ـ إِنْ شاء اللهُ ـ سترةً، وله أَنْ يتَّخِذَ قوائمَ المنبرِ سترةً له لاتِّصالها بالأرض، فعن مسروقٍ عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّها قالَتْ: «وَاللهِ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَإِنِّي عَلَى السَّرِيرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ مُضْطَجِعَةً»(٢)، فكانَتْ صلاةُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى السرير الذي هو المُضطجَعُ على الأرض، وقد جَعَله النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بينه وبين القِبْلة كما في روايةِ مسروقٍ عن عائشة رضي الله عنها، ولفظُه: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إِلَى وَسَطِ السَّرِيرِ وَأَنَا عَلَيْهِ مُضْطَجِعَةٌ، وَالسَّرِيرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» (٣).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٤ ذي الحجَّة ١٤٢٦ﻫ
المـوافق ﻟ: ١٤ جانفي ٢٠٠٦م

 



(١) أخرجه مسلمٌ في «الصلاة» (٤٩٩) مِنْ حديثِ طلحة بنِ عبيد الله رضي الله عنه.

(٢) أخرجه البخاريُّ في «الصلاة» بابُ مَنْ قال: لا يقطع الصلاةَ شيءٌ (٥١٤)، ومسلمٌ في «الصلاة» (٥١٢)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٣) أخرجه بهذا اللفظ الطحاويُّ في «شرح معاني الآثار» (٢٦٥٤)، وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (١/ ٥٨١).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)