الفتوى رقم: ٦٧

الصنف: فتاوى الصلاة - صلاة السفر

في محلِّ الوتر عند جمع التقديم بين المغرب والعشاء

السؤال:

هل يجوز أَنْ يُصلَّى الوترُ بعد صلاة العشاءِ في جَمْع التقديم مع صلاةِ المغربِ في المسجد؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فيجوز للمصلِّي المُحْرَج ـ مسافرًا كان أو مريضًا أو غيرَهما ـ أَنْ يجمعَ بين الظُّهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، سواءٌ كان الجمعُ تقديمًا أم تأخيرًا؛ لِمَا ثَبَت عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ»(١)، وغيرِه مِنَ الأحاديثِ الصحيحة، كما ثَبَت عنِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ «كَانَ إِذَا جَمَعَ الأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي الْمَطَرِ جَمَعَ مَعَهُمْ»(٢)، ولا وجودَ لجمعٍ آخَرَ، فإِنْ جَمَع للحرج في السفر أو المطرِ أو المرضِ أو للحاجة العارضةِ بين المغرب والعشاءِ جَمْعَ تأخيرٍ فإنَّه يجوز له أَنْ يُوتِرَ بعد العشاءِ وهو أوَّلُ الليل؛ لأنَّ ذلك هو أوَّلُ وقته بعد العشاء، وهو مُرتبِطٌ به لا بالعشاء، أمَّا إِنْ جَمَعَ جَمْعَ تقديمٍ فلا يجوز له أَنْ يُوتِرَ ـ على أصحِّ الأقوال ـ إلَّا بعدَ دخولِ وقتِ الوتر مِنْ بعدِ صلاةِ العشاءِ في وقتِها الأصليِّ حتَّى الفجر؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّمَا الوِتْرُ بِاللَّيْلِ»(٣)، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّ اللهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الْوِتْرُ؛ فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الْفَجْرِ»(٤)، كما يجوز له أَنْ يُؤَخِّرَ الوترَ إلى أوسطِ الليلِ وآخِرِه لحديثِ عائشةَ رضي الله عنها قالت: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ وَأَوْسَطِهِ وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ»(٥)، وقولُ عائشة رضي الله عنها: «مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ» أي: هو مبدأ وقت الوتر، وهو بعد صلاة العشاء(٦).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٨ مِنْ ذي الحجَّة ١٤٢٦ﻫ
المـوافـق ﻟ: ٢٨ جانفي ٢٠٠٦م

 


(١) أخرجه مسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧٠٥) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٢) أخرجه مالكٌ (٣٣٣)، والبيهقيُّ (٥٥٥٦)، وعبد الرزَّاق في «المصنَّف» (٤٤٣٨)، عن نافعٍ ـ رحمه الله ـ. وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥٨٣).

(٣) أخرجه الطبرانيُّ في «المعجم الكبير» (١/ ٣٠٢والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٤٢٠٠)، مِنْ حديثِ معاوية بنِ قُرَّةَ عن الأغرِّ المُزَنيِّ رضي الله عنه. والحديث حسَّنه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١٧١٢).

(٤) أخرجه أحمد (٢٣٨٥١)، والحاكم في «المستدرك» (٦٥١٤)، مِنْ حديثِ أبي بصرة الغِفاريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الترغيب والترهيب» (٥٩٦).

(٥) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الوتر» بابُ ساعات الوتر (٩٩٦)، ومسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧٤٥)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

(٦) انظر تفصيلَ ذلك في الفتوى رقم: (١١٣٦) الموسومة ﺑ: «في اختلافِ دخولِ وقتِ الوتر عند جمع التقديم بين المغرب والعشاء» على الموقع الرسميِّ لفضيلة الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)