الفتوى رقم: ٥٣

الصنف: فتاوى الصلاة - صلاة السفر

في حكم الموالاة في الجمع بين الصلاتين

السؤال:

ما حكمُ الموالاة في الجمع بين صلاتين، أي: هل يصحُّ أَنْ يصلِّيَ في مكانٍ في وقت الأولى ثمَّ لا يَصِلَ بها الصلاةَ الأخرى إلَّا بعد مدَّةٍ وفي مكانٍ آخَرَ، ولكنَّه في الوقت نَفْسِه؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فلا تُشترَطُ الموالاةُ في الجمع بين صلاتين مُطلقًا، سواءٌ في وقت الأولى أو الثانية، وهو الأَظْهَرُ مِنْ قَوْلَيِ العلماء، أي: يجوز الجمعُ وإِنْ طال الفصلُ بينهما ما لم يَخْرُجْ وقتُ الأولى، وهو مذهبُ بعض الشافعيَّة كأبي سعيدٍ الإصطخريِّ وبعضِ الحنابلة، وهو مِنِ اختيارات ابنِ تيميَّة(١)، وقد نصَّ الإمام أحمدُ في جمعِ المطر أنه إذا صلَّى إحداهما في بيته وصلَّى الصلاةَ الأخرى في المسجد فلا بأسَ(٢). وهذا بخلاف مذهب الجمهور الذين يَرَوْنَ اشتراطَ الموالاة بين المجموعتين في وقت الأولى، فيصلِّيهما مِنْ غير فصلٍ(٣).

والصحيح أنَّ الوقت مشترَكٌ عند الحاجة، والتقديمُ والتوسُّطُ ليس له حدٌّ في الشرع، وإنما يقع بحَسَبِ المصلحة والحاجة، واشتراطُ الموالاة لا يتحقَّقُ معه معنى المصلحة والحاجة، ومراعاتُهُ تُسْقِط مقصودَ الرُّخصة، ويُؤيِّده حديثُ عبدِ الرحمن بنِ يزيدَ ـ رحمه الله ـ قال: «حَجَّ عَبْدُ اللهِ [أي: ابنُ مسعودٍ] رضي الله عنه فَأَتَيْنَا المُزْدَلِفَةَ حِينَ الأَذَانِ بِالعَتَمَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ، ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ وَصَلَّى بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا بِعَشَائِهِ فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَمَرَ ـ أُرَى ـ رَجُلًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ»(٤).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٤/ ٥٤ ـ ٥٦).

(٢) انظر: «الإنصاف» للمرداوي (٢/ ٣٣١).

(٣) انظر: «المجموع» للنووي (٤/ ٣٧٥)، و«حاشية العَدَوي» مع «شرح الخرشي» (٢/ ٧٠).

(٤) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ مَنْ أذَّن وأقام لكُلِّ واحدةٍ منهما [أي: الصلاتين بمزدلفة] (١٦٧٥) مِنْ حديثِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه موقوفًا.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)