الفتوى رقم: ١٠١٥

الصنـف: فتاوى الحج - العمرة

في أقلِّ قدرٍ مجزئٍ
 في تقصير شعر الرأس في العمرة

السؤال:

ما حكم شخص اعتمر ثمَّ قام بتقصير شعرات من رأسه ظنًّا منه أنَّه يُجزئ، ولقد مرَّ على عمرته عام، فكيف يصحِّح عمرته الآن؟

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:

فاعْلَمْ أنَّ السُّنَّة حلقُ جميعِ الرأس أو تقصيرُ جميعه؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حلَقَ جميعَ رأسه، وترحَّم على المحلِّقين ثلاثًا وعلى المقصِّرين مرَّةً(١)، وأمَرَ أصحابَه بذلك كما في حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَطُوفُوا بِالبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ يَحِلُّوا وَيَحْلِقُوا أَوْ يُقَصِّرُوا»(٢).

والأحوطُ للمُعتمِر استيعابُ جميعِ شعره أو تقصيرُه، وأقلُّ قدرٍ مُجزِئٍ ـ على مذهب الشافعيِّ ـ ثلاثُ شعراتٍ، قال النوويُّ رحمه الله: «واحتجَّ أصحابُنا بقوله تعالى: ﴿مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ[الفتح: ٢٧]، والمراد: شعور رؤوسكم، والشعرُ أقلُّه ثلاثُ شعراتٍ؛ ولأنه يُسمَّى حالقًا، يقال: حَلَق رأسَه ورُبُعَه وثلاثَ شعراتٍ منه فجاز الاقتصارُ على ما يُسمَّى حَلْقَ شعرٍ، وأمَّا حَلْقُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم جميعَ رأسِه فقَدْ أَجْمَعْنا على أنه للاستحباب، وأنه لا يجبُ الاستيعابُ، وأمَّا قولُهم: لا يُسمَّى حَلْقًا بدونِ أكثرِه فباطلٌ؛ لأنه إنكارٌ للحِسِّ واللُّغةِ والعُرف»(٣).

قلت: ويدلُّ عليه المعقولُ ـ أيضًا ـ لأنَّ المُحرِمَ لو أزال ثلاثَ شعراتٍ مِنْ رأسه لَلَزِمَهُ دمٌ؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَحۡلِقُواْ رُءُوسَكُمۡ حَتَّىٰ يَبۡلُغَ ٱلۡهَدۡيُ مَحِلَّهُۥۚ[البقرة: ١٩٦]، فبالمقابل يجبُ اعتبارُ إزالةِ ثلاثِ شعراتٍ ـ أيضًا ـ في الحَلْقِ والتقصير.

وبناءً على هذا المذهب فإنَّ عُمرتَه صحيحةٌ إِنْ كانَتْ بقيَّةُ أعمال العمرة تامَّةَ الأركانِ والشروط.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

 

الجزائر في: ١٥ جمادى الثانية ١٤٣٠ﻫ

الموافق ﻟ: ٠٨ يونيو ٢٠٠٩م

 



(١) انظر الحديثَ المُتَّفَقَ عليه الذي أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» باب الحلق والتقصير عند الإحلال (١٧٢٧)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٠١)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما.

(٢) أخرجه البخاريُّ في «الحجِّ» بابُ تقصيرِ المتمتِّع بعد العمرة (١٧٣١) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما.

(٣) «المجموع» للنَّووي (٨/ ٢١٥).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)