الفتوى رقم: ٣٣٥

الصنف: فتاوى الأشربة والأطعمة - العقيقة

في حكمِ كَسْرِ عِظامِ شاةِ العقيقة

السؤال:

ما مدى صحَّةِ الأدلَّةِ التي تمنع مِن تكسيرِ عظامِ الشاة المذبوحة في العقيقة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

ففي الحقيقة لم يَرِدْ حديثٌ صحيحٌ يمنع كَسْرَ عظامِ الشاةِ إلَّا حديثًا مُرْسَلًا ذَكَرَه أبو داود في كتاب «المراسيل» أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال في العقيقة التي عقَّتْها فاطمةُ رضي الله عنها عن الحسن والحسين رضي الله عنهما: «أَنْ يَبْعَثُوا إِلَى القَابِلَةِ مِنْهَا بِرِجْلٍ، وَكُلُوا وَأَطْعِمُوا، وَلَا تَكْسِرُوا مِنْهَا عَظْمًا»(١).

واستحبابُ عدَمِ كَسْرِ عِظامِها مَرْوِيٌّ عن جابرِ بنِ عبد الله(٢) وعائشةَ(٣) وعطاءٍ(٤) وغيرِهم رضي الله عنهم وأَرْضاهم.

والذين كَرِهُوا كَسْرَ عِظامِها تمسَّكوا بهذه الآثارِ عن الصحابة وعن التابعين وبأدلَّةٍ عقليةٍ.

والظاهر أنَّه يُسْتَحَبُّ عَدَمُ كَسْرِ عِظامِها، وأنَّها تُقْطَع جُدُولًا(٥)، تفاؤلًا بسلامةِ أعضاءِ المولود وصحَّتِها وقوَّتِها.

أمَّا مذهب مالكٍ فجوازُ كَسْرِ عِظامِها لعدَمِ ثبوتِ أيِّ دليلٍ في المنع والكراهة(٦)، بل المصلحةُ تحصل بذلك لأنَّ الكسر يكون مِن تمامِ الانتفاع به. ولا يخفى أنَّه ـ وإن كان الاستحبابُ لا يُنافي الجوازَ ـ إلَّا أنَّه أَوْلى منه في التقديم.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٣ مِنَ المحرَّم ١٤٢٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١١ فبراير ٢٠٠٧م

 


(١) أَوْرَده أبو داود في كتاب «المراسيل» (ص ١٩٧)، والبيهقيُّ في «الكبرى» (١٩٢٨٦)، مُرْسَلًا مِن رواية جعفرٍ الصادق بنِ محمَّد الباقر.

(٢) أخرجه ابنُ أبي الدنيا في «النفقة على العيال» (٤٨). وصحَّحه زكريَّا بنُ غلام قادر الباكستاني في «ما صحَّ مِن آثار الصحابة في الفقه» (١١٠٩).

(٣) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (٢٤٢٦٣). وصحَّحه زكريَّا بنُ غلام قادر الباكستاني في «ما صحَّ مِن آثار الصحابة في الفقه» (١١٠٨).

(٤) أخرجه البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٩٢٨٧).

(٥) كما قال عطاءٌ: «تُقْطَع جُدولًا»، وقال ـ أيضًا ـ: «تُقْطَع آرابًا»، وقول عائشة رضي الله عنها: «ولا يُكْسَرُ لها عظمٌ»، وبهذا قال الشافعيُّ رحمه الله تعالى، [انظر: «تحفة المودود» لابن القيِّم (٤٣)].

(٦) انظر: «التفريع» لابن الجلَّاب (١/ ٣٩٥)، «القوانين الفقهية» لابن جُزَيٍّ (١٨٨).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)