الفتوى رقم: ٥٩٠

الصنف: فتاوى الأسرة ـ عقد الزواج ـ آداب الزواج

في حكم صلاة الركعتين ليلةَ الزفاف إذا كانت الزوجةُ حائضًا

السؤال:

إذا وجد الزوجُ زوجتَه حائضًا ليلةَ زِفافِها فهل يُصلِّي الركعتين وَحْدَه أم ينتظر حتَّى تَطْهُر؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فأمَّا صلاةُ الزَّوْجَين فإنَّه يُستحَبُّ أَنْ يُصلِّيَا ركعتين معًا لثبوتِ الآثار في ذلك(١)، وأَنْ يَضَعَ يَدَه على رأس الزوجة، ويَدْعُوَ عند البناء بها أو قبل البناء، ويُسمِّيَ اللهَ ـ سبحانه وتعالى ـ، ويدعوَ ليُبارِكَ له ولها، كما وَرَدَ في الحديث: «... «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا وَخَيْرَ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا وَشَرِّ مَا جَبَلْتَهَا عَلَيْهِ»، وَلْيَدْعُ بِالبَرَكَةِ»(٢).

لكِنْ إِنْ وَجَدَ أهلَه حائضًا في تلك الليلةِ فالظاهرُ أنه يُصلِّي وَحْدَه لوجود المانعِ مِنْ صلاتها معه، ويُحْتَسَبُ لها أجرُ صلاتها لقيام النِّيَّة ـ إِنْ شاء اللهُ تعالى ـ، ويُبادِر بالركعتين شُكرًا لله ـ عزَّ وجلَّ ـ على ما وَفَّقَهُ للامتثال لسُنَّة الأنبياء والمُرْسَلين، الذين نهتدي بهُدَاهُمْ ونقتفي آثارَهم كما قال ـ سبحانه وتعالى ـ: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗ[الرعد: ٣٨].

وكما لا يخفى فإنَّ المرأةَ حالَ حَيْضَتِها يَحْرُمُ عليها الصلاةُ وغيرُ ذلك مِنَ الأفعال؛ لأمرِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لأمِّ حبيبةَ بنتِ جحشٍ رضي الله عنها لمَّا استُحِيضَتْ أَنْ «تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا»(٣)، وقولِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لفاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ رضي الله عنها لمَّا استُحِيضَتْ: «فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ»(٤)؛ لكِنْ مع ذلك فإنَّ حَيْضَتَها غيرُ مانعةٍ لأفعالٍ أخرى جاء استحبابُها في ليلةِ الزِّفافِ: كمُلاطَفَتها، ووضعِ اليد على رأسها، والاستمتاعِ بها دون الفَرْج.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٠ صفر ١٤٢٨ﻫ
الموفق ﻟ: ٢٨ فبراير ٢٠٠٧م

 



(١) عن أبي سعيدٍ مولى أبي أُسَيْدٍ قال: «تَزَوَّجْتُ وَأَنَا مَمْلُوكٌ، فَدَعَوْتُ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو ذَرٍّ وَحُذَيْفَةُ يُعَلِّمُونَنِي، فَقَالَ: «إِذَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَهْلُكَ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلِ اللهَ مِنْ خَيْرِ مَا دَخَلَ عَلَيْكَ، ثُمَّ تَعَوَّذْ بِهِ مِنْ شَرِّهِ، ثُمَّ شَأْنُكَ وَشَأْنُ أَهْلِكَ»» [أخرجه ابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (١٧١٥٣، ٢٩٧٣٣)، وعبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١٠٤٦٢)].

وعن أبي وائلٍ قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ: «إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَفْرَكَنِي»، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: «إِنَّ الإِلْفَ مِنَ اللهِ، وَإِنَّ الفرْكَ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيُكَرِّهَ إِلَيْهِ مَا أَحَلَّ اللهُ، فَإِذَا أُدْخِلَتْ عَلَيْكَ فَمُرْهَا فَلْتُصَلِّ خَلْفَكَ رَكْعَتَيْنِ» [أخرجه الطبرانيُّ في «الكبير» (٨٩٩٣)، وعبد الرزَّاق في «المصنَّف» (١٠٤٦٠، ١٠٤٦١). وقال الهيثميُّ في «مَجْمَع الزوائد» (٤/ ٢٩٢): «رجالُه رجالُ الصحيح». وانظر: «آداب الزفاف» للألباني ـ رحمه الله ـ (٩٥)].

(٢) أخرجه أبو داود في «النكاح» بابٌ في جامِع النكاح (٢١٦٠)، وابنُ ماجه في «التجارات» بابُ شراء الرقيق (٢٢٥٢)، مِنْ حديثِ عمرو بنِ شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه رضي الله عنه. والحديث صحَّحه النوويُّ في «الأذكار» (٣٥٧)، وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣٤١).

(٣) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابٌ في المرأة تُستحاض ومَنْ قال: تَدَعُ الصلاةَ في عِدَّة الأيَّام التي كانت تحيض (٢٨١)، والنسائيُّ في «الطهارة» بابُ ذِكرِ الأقراء (٢١٠)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٢١١٨، ٢١١٩).

(٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحيض» بابُ إقبالِ المَحِيض وإدبارِه (٣٢٠)، ومسلمٌ في «الحيض» (٣٣٣)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)