جاء في «الفتح المأمول» (ص ٢٣٠): أنَّ الحسن لذاته هو ما اتَّصل سندُه بنقل العدل الذي خفَّ ضبطُه عن مِثله مِنْ أوَّله إلى منتهاه مِنْ غير شذوذٍ ولا علَّةٍ يُشكِل على هذا التعريفِ أنَّ خِفَّةَ الضبطِ لا تُشترَط ... للمزيد

الفتوى رقم: ١٢١٨

الصنف: فتاوى الحديث وعلومه

في توضيح إشكالٍ في تعريف الحديث الحسن لذاته

السؤال:

جاء في «الفتح المأمول» (ص ٢٣٠): أنَّ الحسن لذاته هو ما اتَّصل سندُه بنقل العدل الذي خفَّ ضبطُه عن مِثله مِنْ أوَّله إلى منتهاه مِنْ غير شذوذٍ ولا علَّةٍ.

يُشكِل على هذا التعريفِ أنَّ خِفَّةَ الضبطِ لا تُشترَط في جميع طبقات السند؛ إذ الأقلُّ في هذا العلم يقضي على الأكثر. وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فللحديث الحسن لذاته تعريفاتٌ مختلفةٌ بالنظر إلى توسُّطه بين الصحيح والضعيف، وقد اخترتُ تعريفَ ابنِ حجرٍ ـ رحمه الله ـ المذكورَ أعلاه(١)، وهو خيرُ ما عُرِّف به الحسنُ لذاته، وهو مُشارِكٌ للصحيح في الاحتجاج به، وإِنْ كان دونه في القوَّة، وسُمِّيَ بالحسن لذاته لأنه لا يحتاج إلى شاهدٍ ولا مُتابِعٍ، هذا مِنْ جهةٍ، وهو يُفارِق الحديثَ الصحيح ـ مِنْ جهةٍ أخرى ـ في خفَّةِ ضبطِ راويه؛ إذ يُشترَط في الحديث الحسن «أَنْ يكون راويه مِنَ المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لا يبلغ درجةَ رجال الصحيح لكونه يَقْصُرُ عنهم في الحفظ والإتقان»(٢)، مع أنهما يتَّفِقان ـ أي الصحيح والحسن ـ في معظم الشروط مِنِ اتِّصال السند، وعدالةِ الرُّواة، والسلامة مِنَ الشذوذ، ومِنَ العلَّة القادحة؛ ولكنَّهما يختلفان في أنَّ العدل ـ في الحديث الصحيح ـ تامُّ الضبط في كُلِّ طبقةٍ مِنْ طبقات السند، بينما العدلُ ـ في الحديث الحسن ـ خفيفُ الضبط غيرُ تامِّه، ولا تُشترَط خفَّةُ الضبط في الراوي العدلِ في كُلِّ طبقةٍ مِنْ طبقات السند، بل يكفي ذلك في أقلِّها، بخلاف العدالة فهي مُشترَطةٌ في جميع طبقات السند؛ ولذلك فلا إشكالَ في القول بأنَّ الحديث الحسنَ هو ما اتَّصل سندُه بنقل العدل عن مثله مِنْ أوَّله إلى منتهاه، وإِنْ قلَّ ضبطُ راويه وخفَّ إتقانُه في بعضِ طبقات السند.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٦ صفر ١٤٤٠ﻫ
الموافق ﻟ: ١٥ أكتوبر ٢٠١٨م

 



(١) انظر: «نخبة الفِكَر» لابن حجر (٢٤).

(٢) «توضيح الأفكار» للصنعاني (١/ ١٦٦).

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)