بداهة الحريري

كان الحريريُّ من ذوي الجاه واليسار يملك بالمشانِّ أكثر من ثمانية عشر ألف نخلةٍ يغلُّها، وكان له منزلٌ بالبصرة يقصده الأدباء والعلماء يقرؤون عليه أو يفيدون من علمه، وخصوصًا بعد أن ألَّف المقاماتِ وذاع أمرُها بين الناس، وكان مرهفَ الشعور صادقَ الحسِّ والتخمين.

وكان الحريريُّ ضئيلَ الجسم زريَّ المنظر عصبيَّ المزاج، ينتف شعراتِ لحيته إذا اشتغل بالتفكير والكتابة، ولكنَّه مع هذا كان موضعَ تقدير الناس وإكبارهم، ويُحكى أنَّ شخصًا زاره، وأراد أن يتلقَّى عليه شيئًا من العلم لذيوع شهرته، فلمَّا رآه استزرى منظرَه، فأدرك الحريريُّ ما دار في نفسه، ولمَّا طلب هذا الشخص إلى الحريريِّ أن يمليَ عليه شيئًا من الأدب قال له: «اكتب!» وأملاه هذين البيتين:

مَا أَنْتَ أَوَّلُ سَارٍ غَرَّهُ قَمَرٌ * وَرَائِدٍ أَعْجَبَتْهُ خُضْرَةُ الدِّمَنِ

فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي إِنَّنِي رَجُلٌ * مِثْلُ المُعَيْدِيِّ فَاسْمَعْ بِي وَلَا تَرَنِي

فخجل الرجل وانصرف عنه.

[«مقدِّمة شرح مقامات الحريري» (٦)]

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)