براعة الاستهلال

إنَّ كثيرًا من الكتَّاب لا يُحسن وَضْعَ مقدِّمةٍ مناسبةٍ لِما هو بصدد الكتابة عنه، وهو ما يُعرف عند علماء المعاني ببراعة الاستهلال، وخطبةُ الكتاب إذا كانت مناسبةً لموضوع الكتاب فإنَّ ذلك يهيِّئ الناظرَ فيه لمعرفة ما فيه، ويصوِّر له بعبارةٍ موجزةٍ زبدةَ الموضوع أو الرسالة، وتكمن براعة الكاتب في القدرة على الدخول في موضوع الرسالة أو البحث دون أن يشعر القارئ بذلك، ولعلَّ خطبة الإمام أحمد في كتابه «الردُّ على الزنادقة والجهمية» فيها بيانٌ لبراعة الاستهلال وحُسن البيان، وكان حقُّها أن تُكتب بماء الذهب.

قال رحمه الله تعالى:

«الحمد لله الذي جعل في كلِّ زمانِ فترةٍ من الرسل بقايا من أهل العلم، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيَوْه، وكم من ضالٍّ تائهٍ هَدَوْه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم! ينفون عن كتاب الله تحريفَ الغالين وانتحالَ المبطلين وتأويلَ الجاهلين، الذين عقدوا ألويةَ البدعة، وأطلقوا عِقالَ الفتنة، فهُم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متَّفقون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علمٍ، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جُهَّالَ الناس بما يشبِّهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلِّين..».

[«صيد الكتب» لفؤاد الشلهوب (٣)]

 

.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.

.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،

أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.

.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع

لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.

جميع الحقوق محفوظة (1424ھ/2004م - 14434ھ/2022م)