سخافة مدَّعي النبوَّة | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الجمعة 10 شوال 1445 هـ الموافق لـ 19 أبريل 2024 م



سخافة مدَّعي النبوَّة

«ذكروا أنَّ عمرو بن العاص وفد على مسيلمة الكذَّاب لعنه الله، وذلك بعد ما بُعث رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقبل أن يُسلِمَ عمرٌو، فقال له مسيلمة: «ماذا أُنزل على صاحبكم في هذه المدَّة؟» فقال: «لقد أُنزل عليه سورةٌ وجيزةٌ بليغةٌ» فقال: «وما هي؟» فقال: ﴿وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر: ١ ـ ٣]، ففكَّر مسيلمة هنيهةً ثمَّ قال: «وقد أُنزِلَ عليَّ مثلُها»، فقال له عمرٌو: «وما هو؟» فقال: «يا وبر يا وبر، إنَّما أنت أذنان وصدرٌ، وسائرك حفزُ نقزٍ»، ثمَّ قال: «كيف ترى يا عمرُو؟» فقال له عمرٌو: «والله إنك لتعلم أنِّي أعلم أنك تكذب».

والوبر دويبةٌ تشبه الهرَّ، أعظم شيءٍ فيه أذناه وصدره، وباقيه دميمٌ.

قال ابن كثير: «فأراد مسيلمة أن يُركِّب من هذا الهذيان ما يُعارِض به القرآن فلم يَرُجْ على عابد الأوثان في ذلك الزمان».

[«تفسير ابن كثير» (٤/ ٦٨٣)]

ملاحظة: وفي صحَّة هذه القصَّة نظرٌ؛ فإنَّ إسلام عمرو بن العاص متقدِّمٌ على تنبُّؤ مسيلمة، فإنَّ مسيلمة الكذَّاب تنبَّأ سنة عشرٍ من الهجرة، وكان قد وفد على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع قومه سنة عشرٍ من الهجرة كما في «السيرة النبوية» لابن هشام (٣/ ٧٤). وعمرو بن العاص أسلم سنة ثمانٍ على الأصحِّ كما في «الإصابة» للحافظ ابن حجر (٣/ ٢). ثمَّ وقفتُ على ما نقله الحافظ ابن حجرٍ في «الإصابة» (٣/ ٢٢٥): أنَّ عمرو بن العاص أرسله رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى البحرين وتوفِّي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو هناك، وأنه مرَّ على مسيلمة وأنه أعطاه الأمانَ ثمَّ قال له: «إنَّ محمَّدًا أُرسل في جسيم الأمر وأُرسلت في المحقَّرات».. فذكر نحو القصَّة، وعزاه لابن شاهين في «الصحابة»، فعلى هذا يكون ما جاء هنا بعد إسلام عمرو بن العاص وليس قبل إسلامه، والله أعلم.