Skip to Content
الثلاثاء 14 شوال 1445 هـ الموافق لـ 23 أبريل 2024 م

التحرير والتنوير
في حكم التسعير

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

أوَّلا: نصُّ الحديث:

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: غَلَا السِّعْرُ بِالمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّاسُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، غَلَا السِّعْرُ؛ سَعِّرْ لَنَا»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ المُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّزَّاقُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ»، رواهُ الخمسةُ إلَّا النسائيَّ، وصحَّحه ابنُ حِبَّان(١).

ثانيًا: سند الحديث:

الحديث صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ كما ذَكَرَ الحافظُ في «التلخيص» وقال: «وصحَّحه ابنُ حِبَّان»(٢)، وقد ذَكَرَه الترمذيُّ وقال: «حديثٌ حَسَنٌ صحيحٌ»(٣).

ثالثًا: ترجمة راوي الحديث:

هو خادِمُ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أنسُ بنُ مالكِ بنِ النضر بنِ ضمضمٍ الأنصاريُّ الخزرجيُّ النجَّاريُّ المَدَنيُّ ثمَّ البصريُّ رضي الله عنه، وأمُّه أمُّ سُلَيْمٍ بنتُ مِلْحانَ رضي الله عنها، جاءَتْ به وهو ابنُ عَشْرِ سنينَ إلى النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند قدومه مِن مكَّةَ مُهاجِرًا إلى المدينة، فقالت: «يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا أُنَيْسٌ ابْنِي، أَتَيْتُكَ بِهِ يَخْدُمُكَ»(٤)، فقَبِلَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وكنَّاهُ: «أبا حمزة»، وكان صلَّى الله عليه وسلَّم يُداعِبُه ويُمازِحُه بقوله: «يَا ذَا الأُذُنَيْنِ»(٥)، وبقي في خدمته عَشْرَ سنين، مُنْتَفِعًا بمُصاحَبته وبدعائه له قائلًا: «اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ، وَبَارِكْ لَهُ فِيمَا أَعْطَيْتَهُ»(٦).

وقد شَهِدَ أنسٌ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم الحديبِيَةَ وعُمْرَتَه، والحجَّ والفتحَ وحُنَيْنًا والطائفَ، وبَعَثَهُ أبو بكرٍ رضي الله عنه ـ أثناءَ خلافته ـ إلى البحرين على السعاية. وتُوُفِّيَ أنسٌ سنة: (٩٣ﻫ) بالبصرة، وكان آخِرَ مَنْ تُوُفِّيَ بها مِن أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وله مِن العُمُر ثلاثُ سنين ومائةٌ (١٠٣)(٧).

وكان مُقْرِئًا محدِّثًا له فَضائِلُ، وهو أحَدُ المُكْثِرين مِن رواية الحديث، وله ستَّةٌ وثمانون ومائتانِ وأَلْفَا حديثٍ (٢٢٨٦)(٨).

رابعًا: غريب الحديث:

ـ «السِّعْرُ» ـ لغةً ـ: التقدير(٩).

«السعر» ـ اصطلاحًا ـ: هو أَنْ يأمر مَن وَلِيَ أَمْرَ المسلمين أمرًا بوضعِ ثمنٍ محدَّدٍ للسِّلَعِ التي يُراد بيعُها بحيث لا يظلم المالكَ ولا يُرْهِق المشتريَ(١٠).

ـ «المسعِّر»: أي: هو الذي يُرْخِص الأشياءَ ويُغْلِيها بإرادته وَحْدَه سبحانه؛ فلا اعتراضَ لأحَدٍ عليه(١١).

ـ «القابض»: المُقْتِر، أي: الذي يُمْسِك الرِّزْقَ وغيرَه مِن الأشياءِ عن عِبادِه بلُطْفه وحكمته(١٢).

ـ «الباسط»: المُوسِّع، أي: هو الذي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لعباده ويُوَسِّعه عليهم بجُودِه ورحمته(١٣).

خامسًا: المعنى الإجمالي للحديث:

يُطْلِق الإسلامُ ـ مِن خلالِ هذا الحديثِ ـ حُرِّيَّةَ الأفرادِ للسوق، يبيعون سِلْعَتَهم المجلوبةَ والحاضرةَ، مِن غيرِ ظُلْمٍ منهم، كيف شاءُوا وَفْقًا لقانون العرض والطلب؛ فإذا ارتفع سِعْرُ السِّلَعِ التي يُراد بيعُها ـ بسببِ قِلَّةِ الجَلَبِ أو كثرة الطلب ـ مِن غيرِ أَنْ يكون للبائع يدٌ في ارتفاعِ سِعْرِها؛ فإنَّ هذا الأمرَ بيدِ الله تعالى، وهو موكولٌ إليه سبحانه يُوسِّعُ ويُضيِّقُ بإرادته، ويرفع ويخفض بمشيئته.

واعتبر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم التدخُّلَ في حُرِّيَّةِ الأفراد ـ مِن غيرِ ضرورةٍ ـ ضربًا مِن الظلم، وأنَّ إلزامهم بتسعيرٍ مُعيَّنٍ وبقيمةٍ محدَّدةٍ بعينها إكراهٌ مِن غيرِ وجهِ حقٍّ، وأنَّ مَنْعهم ممَّا أباحَهُ اللهُ لهم حرامٌ؛ ولهذا أحبَّ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ خوفًا مِن خطورةِ الظلم في الدماء والأموال ـ أَنْ يلقى اللهَ تعالى بريئًا مِن مسؤوليَّتها وبعيدًا مِن تَبِعَتها.

سادسًا: الفوائد والأحكام المستنبطة من الحديث:

يُؤخَذُ مِن حديثِ أنسٍ رضي الله عنه الفوائدُ والأحكام التالية:

١ ـ فيه دليلٌ على أنَّ «المُسَعِّر» مِن أسماء الله تعالى، وأنها لا تنحصر في التسعة والتسعين المعروفة(١٤)، وقد وَرَدَ في الحديثِ: «أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ ..»(١٥).

وقد ذَهَبَ بعضُ أهلِ العلم إلى أنَّ «المُسعِّرَ» ليس مِن الأسماء، وإنما هو مِن صفات الأفعال، أي: أنَّ الله تعالى هو الذي يُرْخِص الأشياءَ ويُغْليها بإرادته وَحْدَه، وصِفَةُ الفعلِ لا يُشْتَقُّ منها الاسْمُ، بخلافِ الاسْمِ فإنه يُشْتَقُّ منه الصفةُ على ما تَقرَّرَ في قواعدِ أهلِ السنَّةِ في الأسماء والصفات أنَّ: «كُلَّ اسْمٍ ثَبَتَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِصِفَةٍ وَلَا عَكْسَ»(١٦).

وقد أُجِيبَ بأنَّ أسماء الله تعالى هي أعلامٌ جاءَتْ كُلُّها على صيغةِ اسْمِ الفاعل أو صيغةِ المُبالَغة له، وعليه فلا يُقال: هي صفةُ فعلٍ؛ لأنَّ صفةَ الفِعْلِ تُؤْخَذُ مِن الاسْمِ أو الفعل، مثل صفةِ «المجيء» تأتي مِن الفعل «جاء» وصِفَةِ «الرحمة» تأتي مِن الاسْمِ العَلَمِ «الرحمن»؛ فبَدَا ظاهرًا أنَّ «المُسعِّرَ» اسْمٌ مِن أسمائه تعالى يَليقُ بجلاله، فضلًا عن وروده مقرونًا في الحديثِ بأسماء «القابض، والباسط، والرَّزَّاق»، وقد أَثْبَتَ اسْمَ «المسعِّرِ» ابنُ حزمٍ ـ رحمه الله ـ(١٧)، وكذلك محمَّد بنُ خليفة بنِ عليٍّ التميميُّ(١٨).

٢ ـ اسْتُفيدَ تحريمُ التسعير مِن كونه مَظْلَمةً، والظلمُ حرامٌ قطعًا؛ فقَدْ حرَّمه اللهُ تعالى على نَفْسه وعلى عِبادِه في آياتٍ كثيرةٍ وأحاديثَ مُتعدِّدةٍ، منها قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم فيما يَرْوِيهِ عن ربِّه: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فَلَا تَظَالَمُوا»(١٩).

٣ ـ ومنه تبرز عِلَّةُ التحريمِ المتمثِّلةُ في إجبارِ البائع وإكراهِه على البيع بغيرِ رِضاهُ، وهو مُنافٍ لقوله تعالى: ﴿إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡ[النساء: ٢٩].

٤ ـ ظاهِرُ الحديثِ أنَّ التسعيرَ حرامٌ في كُلِّ الأحوال بدونِ فَرْقٍ بين المجلوب والحاضر، ولا فَرْقَ ـ أيضًا ـ بين حالةِ الرخص وحالةِ الغلاء، وهو مذهبُ الجمهور.

ويرى آخَرون جوازَ التسعير في وقت الغلاء دون الرخص، وهو قولٌ مُعارِضٌ لعمومِ النصِّ الظاهِرِ في امتناعه صلَّى الله عليه وسلَّم عن التسعير؛ لأنَّ الله هو المُسَعِّرُ الذي يُرْخِص الأشياءَ ويُغْليها؛ وعليه، فدليلُ العمومِ يفتقر إلى نصٍّ مُخصِّصٍ له.

٥ ـ ظاهِرُ الحديثِ لم يُفرِّق ـ أيضًا ـ في المنعِ بين ما كان قوتًا للآدميِّ والبهيمةِ وبين ما كان مِن غيرِ ذلك: كالإدامات وسائِرِ الأمتعة، وعليه الجمهورُ.

وجوَّز جماعةٌ مِن متأخِّري أئمَّةِ الزيديةِ(٢٠) التسعيرَ فيما عدا قوتَ الآدميِّ والبهيمة. ولا يخفى أنَّ هذا التخصيصَ يفتقر إلى دليلٍ، ثمَّ إنَّ المُناسِبَ المُلغى المتصيَّدَ مِن الحكمِ ـ وهو ما ليس قوتًا ـ لا يقوى على تخصيصِ الأدلَّةِ الصريحة، وعلى فَرْضِ فقدانِ الدليل يتعذَّر العملُ بالمُناسِبِ المُلغى، بل لا يَسوغُ ذلك كما تَقرَّرَ في الأصول، فكيف مع وجود صرائحِ الأدلَّة؟!

٦ ـ فيه أنَّ التسعير حَجْرٌ على حُرِّيَّةِ الأفرادِ وتضييقٌ لتصرُّفاتهم.

٧ ـ فيه دليلٌ على أنَّ السِّعْر لم يكن موجودًا في مجتمعه صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لذلك سألوه أَنْ يُسَعِّرَ لهم ولم يُجِبْهم إليه.

٨ ـ مفهومُ الحديثِ جوازُ البيعِ بأَقَلَّ ممَّا يبيع به الناسُ، ورُوِي عن مالكٍ ـ رحمه الله ـ أنه قال: «يُلْزِمه الحاكمُ أَنْ يبيع على وَفْقِ ما يبيعه الناسُ»(٢١)، استدلالًا بواقعةِ عمر مع ابنِ أبي بَلْتَعَةَ رضي الله عنهما الآتية(٢٢).

٩ ـ في الحديثِ تحذيرٌ مِن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأمَّته مِن الوقوع في مَظالِمِ الناسِ عامَّةً، سواءٌ في الدماء أو الأموال؛ ولذلك أراد لقاءَ اللهِ بريئًا مِن تَبِعَتها.

سابعًا: مواقف العلماء من الحديث:

تَبايَنَتْ آراءُ العلماءِ في هذه المسألةِ على أقوالٍ عديدةٍ ترجع في مُجْمَلها إلى الأقوال التالية:

أ ـ مذاهب العلماء:

أ ـ ذَهَبَ جمهورُ العلماء ـ بعضُ الأحنافِ ومالكٌ ومَن وافَقَهُ مِن أصحابه، وهو أَحَدُ الأقوالِ في المذهب الشافعيِّ، وهو المشهور في المذهب الحنبليِّ ـ إلى القول بتحريم التسعير مطلقًا(٢٣).

ب ـ وفي روايةٍ عن مالكٍ جوازُ التسعير مطلقًا، أي: يُلْزِمه الحاكمُ ببيعِ ما يُوافِقُ بيعَ الناسِ قلَّةً وكثرةً(٢٤).

ﺟ ـ ذَهَبَ ابنُ تيمية وابنُ القيِّم ومَنْ وافَقَهما إلى التفصيل(٢٥)، حيث يَرَوْن أنَّ التسعير يَحْرُمُ في حالةِ الظلم، ويجوز بل يجب في حالةِ العدل، ويَقْرُبُ مِن هذا الرأيِ ما ذَهَبَ إليه بعضُ الأحناف مِن أنه يجوز التسعيرُ إذا تَعَدَّى أربابُ الطعامِ تَعَدِّيًا فاحشًا(٢٦).

وسنتناوَلُ أدلَّةَ الأقوالِ السابقةِ فيما يلي:

ب ـ أدلَّة المذاهب:

أوَّلًا: أدلَّةُ المانعين مِن التسعير مطلقًا:

استدلَّ القائلون بالمنع مِن التسعير مطلقًا بما يلي:

ـ بحديثِ أنسٍ رضي الله عنه المتقدِّم، ووجهُ دلالته: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُحدِّدْ سِعْرَ السِّلَعِ مع أنهم سألوه ذلك؛ إذ لو كان جائزًا لَأجابهم، ثمَّ إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم علَّل امتناعَه بما فيه مِن مظنَّة الظلم، والظلمُ حرامٌ إجماعًا.

ـ ولأنَّ الناسَ أحرارٌ في تصرُّفاتهم المالية، والتسعيرُ حَجْرٌ عليهم مُنافٍ لهذه الحرِّيَّة المقرَّرة.

ـ ولأنَّ مصلحة المشتري ليسَتْ أَوْلى مِن مصلحةِ البائع، قال الشوكانيُّ ـ رحمه الله ـ: «إنَّ الناسَ مُسَلَّطون على أموالهم، والتسعيرُ حَجْرٌ عليهم، والإمامُ مأمورٌ برعايةِ مصلحة المسلمين، وليس نَظَرُه في مصلحة المشتري برُخْصِ الثمن أَوْلى مِن نَظَرِه في مصلحة البائعِ بتوفير الثمن، وإذا تَقابَلَ الأمرانِ وَجَبَ تمكينُ الفريقين مِن الاجتهاد لأَنْفُسِهم، وإلزامُ صاحِبِ السلعةِ أَنْ يبيعَ بما لا يرضى مُنافٍ لقوله تعالى: ﴿إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَٰرَةً عَن تَرَاضٖ مِّنكُمۡ[النساء: ٢٩]»(٢٧).

ـ إنَّ فَرْضَ التسعيرِ مآلُه ارتفاعُ الأسعار نتيجةَ اختفاءِ السِّلَعِ؛ وبالتالي يتضرَّر الفقراءُ بعدَمِ القدرةِ على شرائها، كما يتضرَّر الأغنياءُ بشرائها بغَبْنٍ فاحشٍ؛ فكُلٌّ مِن الفقراء والأغنياء يقع في ضيقٍ وحَرَجٍ، ولا تتحقَّقُ لهما مصلحةٌ.

ثانيًا: أدلَّة المُجيزين للتسعير:

واستدلَّ القائلون بالجواز مطلقًا بما يلي:

ـ بما رواهُ الشافعيُّ عن القاسم بنِ محمَّدٍ: أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه مَرَّ بِحَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ رضي الله عنه بِسُوقِ المُصَلَّى، وَبَيْنَ يَدَيْهِ غِرَارَتَانِ فِيهِمَا زَبِيبٌ، فَسَأَلَهُ عَنْ سِعْرِهِمَا، فَسَعَّرَ لَهُ مُدَّيْنِ بِدِرْهَمٍ، فَقَالَ عُمَرُ: «قَدْ حُدِّثْتُ بِعِيرٍ مُقْبِلَةٍ مِنَ الطَّائِفِ تَحْمِلُ زَبِيبًا، وَهُمْ يَعْتَبِرُونَ سِعْرَكَ؛ فَإِمَّا أَنْ تَرْفَعَ فِي السِّعْرِ وَإِمَّا أَنْ تُدْخِلَ زَبِيبَكَ البَيْتَ فَتَبِيعَهُ كَيْفَ شِئْتَ»(٢٨).

وجهُ دلالةِ هذا الأثر: أنه يُفيدُ أنَّ لمن وَلِيَ أَمْرَ المسلمين أَنْ يفرض على السِّلَعِ التي يُرادُ بيعُها سِعْرًا مُعَيَّنًا ويُلْزِمَ البائعَ ببيعِ ما يُوافِقُ بيعَ الناسِ قلَّةً وكثرةً.

ـ ولأنَّ في مَنْعِ التسعيرِ إضرارًا بالناسِ مِن ناحيةِ أنه إذا زادَ البائعُ تَبِعَهُ أصحابُ المتاع، وإذا نَقَصَ أَضَرَّ بأصحاب المتاع.

ـ ولأنه يُمْنَعُ التسعيرُ إذا كان ارتفاعُ السِّعْرِ غيرَ آتٍ مِن قِبَلِهم، وإنما بسبب قانونِ العرض والطلب؛ لذلك امتنع النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن التسعير لِمَا فيه مِن ظُلْمِ التُّجَّار وهُمْ يبيعون بسِعْرِ المثل(٢٩).

ـ ولأنَّ الإمام مُطالَبٌ برعايةِ مصلحة البائع والمبتاع؛ فلا يَمْنَعُ البائعَ ربحًا، ولا يُجوِّزُ له منه ما يضرُّ به الناسَ؛ عملًا بقاعدةِ: «يُتَحَمَّلُ الضَّرَرُ الخَاصُّ لِدَفْعِ الضَّرَرِ العَامِّ».

ثالثًا: أدلَّة المفصِّلين:

استدلَّ القائلون بالتفصيل بما يلي:

ـ بما أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ العَبْدِ قُوِّمَ العَبْدُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ [لَا وَكْسَ(٣٠) وَلَا شَطَطَ(٣١)]، فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ العَبْدُ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ»(٣٢).

وجه دلالة الحديث: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم مَنَع الزيادةَ في ثَمَنِ المثلِ في عِتْقِ الحصَّة مِن العبد المُشْتَرَكِ؛ فلم يكن للمالك أَنْ يُساوِمَ المُعْتِقَ بالذي يريد، فإنه لمَّا أَوْجَبَ عليه أَنْ يُمَلِّكَ شريكَه المُعْتِقَ نصيبَه الذي لم يُعْتِقْه لتكميلِ الحُرِّيَّة في العبد؛ قدَّر عِوَضَه بأَنْ يُقَوَّم كُلُّ العبدِ قيمةَ عَدْلٍ، ويُعْطِيَه قِسْطَه مِن القيمة؛ فإنَّ حقَّ الشريكِ في نصفِ القيمةِ لا في قيمةِ النصف(٣٣).

وبناءً على ذلك: فإنه ما دامَ الشارعُ يُوجِبُ إخراجَ الشيءِ مِن مِلْكِ مالِكِه بعِوَضِ المثل لمصلحة تكميلِ العتق، ولا يَحِقُّ للمالك أَنْ يُطالِبَ بالزيادة على القيمة؛ فبالأَوْلى ـ عندئذٍ ـ إذا كانَتِ الحاجةُ بالناس إلى التملُّك أَعْظَمَ وهُمْ إليها أَضَرُّ، مثل المضطرِّ إلى الطعام والشراب واللباس ونحوِه(٣٤).

ـ بالقياس على الاحتكار، لِمَا رواهُ مَعْمَرُ بنُ عبد الله رضي الله عنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطِئٌ»(٣٥).

وجهُ دلالةِ هذا الحديث: أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حرَّم الاحتكارَ(٣٦) لأنه مُخِلٌّ بالتعامل الماليِّ الأخويِّ، وعِلَّةُ تحريمِه هي دَفْعُ الضررِ والظلمِ عن عامَّةِ الناس؛ فإذا كان أربابُ الطعامِ يحتكرون على المسلمين ويتعدَّوْن في القيمةِ تعدِّيًا فاحشًا وعَجَزَ السلطانُ عن مَنْعِه إلَّا بالتسعير؛ وَجَبَ رَفْعُ الظلمِ به(٣٧)؛ إذ كُلُّ ما أَضَرَّ بالناس أو تَسبَّبَ في ظُلْمِهم بمثلِ هذه المُعامَلةِ فهو ظلمٌ وتَعَدٍّ مُحرَّمٌ يجب رَفْعُه شرعًا.

وعليه يُقاسُ التسعيرُ بجامِعِ عِلَّةِ دَفْعِ الضرر والظلمِ عن العِبادِ نتيجةَ ارتفاع الأسعار دون مُوجِبٍ.

ـ ثمَّ إنَّ السنَّة المطهَّرة قد مَضَتْ في مَواضِعَ متعدِّدةٍ بأنَّ على المالكِ أَنْ يَبيعَ مالَه بثمنٍ مُقدَّرٍ إمَّا بثمنِ المثل، وإمَّا بالثمن الذي اشتراه به: كالعتق والشفعةِ وماءِ الطهارة وآلةِ الحجِّ والجهادِ على مَن وَجَبَ عليه شراءُ شيءٍ منها، فعليه أَنْ يَشْتَرِيَهُ بقيمة المثل، وليس له أَنْ يمتنع عن الشراء إلَّا بما يختار؛ فإذًا لم يُحَرِّمِ الشارعُ ـ بصفةٍ مطلقةٍ ـ تقديرَ الثمن.

فالحاصل: أنَّ ما ثَبَتَ في السنَّةِ المطهَّرةِ مِن التقويمِ بقيمةِ المِثْلِ هو حقيقةُ التسعيرِ ومعناهُ المقتضي للعدل.

ج ـ مناقشة الأدلَّة السابقة:

يمكن مُناقَشةُ أدلَّةِ الأقوال السابقة كما يلي:

١ ـ استدلال المانعين مِن التسعير مطلقًا بحديثِ أنسٍ رضي الله عنه السابقِ على عمومِ المنع غيرُ مُسلَّمٍ؛ لأنه ليس لفظًا عامًّا حتَّى يعمَّ، بل هو واقعةٌ خاصَّةٌ أو قضيَّةٌ معيَّنةٌ حدَثَتْ في المدينةِ وهي غلاءُ السِّعْر، وليس فيها ـ أيضًا ـ أنَّ أحَدًا امتنع مِن بيعِ ما الناسُ يحتاجون إليه، بل جاء في حديثِ أنسٍ رضي الله عنه التصريحُ بداعي طلبِ التسعير وهو ارتفاعُ الأسعارِ بسببِ قِلَّةِ الجَلَبِ الذي يُفْضِي إلى زيادة الطلب، وليس فيه أنَّ أحَدًا طَلَبَ ـ في ذلك ـ أَكْثَرَ مِن عِوَضِ المثل؛ ولهذا امتنع النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن التسعير لا لكونه تسعيرًا، ولكِنْ خشيةَ الوقوعِ في ظُلْمِ التُّجَّارِ الذين لم يكن لهم يدٌ في ارتفاعِ السِّعْر، وإنما ارتفع بسببِ قانونِ العرض والطلب، مع أنه ثَبَتَ في «الصحيحين» منعُ الزيادةِ على ثمنِ المثل في عِتْقِ الحصَّةِ مِن العبد المُشْتَرَكِ.

٢ ـ أمَّا استدلال المُجيزين مطلقًا بما رُوِيَ عن عُمَرَ بنِ الخطَّاب رضي الله عنه، فالجوابُ عنه مِن الوجوه التالية:

ـ أنَّ اجتهاد عُمَرَ رضي الله عنه ليس حجَّةً في ذاته.

ـ وأنَّ اجتهاده رضي الله عنه غيرُ مُعْتَبَرٍ لمُقابَلته للنصِّ، وهو امتناعُه صلَّى الله عليه وسلَّم عن التسعير.

ـ ولأنَّ عُمَرَ رضي الله عنه عادَ عن قوله كما جاء في «الأمِّ»: «.. فَلَمَّا رَجَعَ عُمَرُ حَاسَبَ نَفْسَهُ، ثُمَّ أَتَى حَاطِبًا فِي دَارِهِ فَقَالَ لَهُ: «إِنَّ الَّذِي قُلْتُ لَكَ لَيْسَ بِعَزِيمَةٍ مِنِّي وَلَا قَضَاءٍ، إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَرَدْتُ بِهِ الخَيْرَ لِأَهْلِ البَلَدِ؛ فَحَيْثُ شِئْتَ فَبِعْ، وَكَيْفَ شِئْتَ فَبِعْ»»(٣٨).

ـ ثمَّ إنَّ السند ضعيفٌ عن عُمَرَ بسبب انقطاعه؛ إذ إنَّ القاسم لم يُدْرِكْ عُمَرَ بْنَ الخطَّاب رضي الله عنه.

٣ ـ أمَّا الاستدلال ـ مِن جهةِ المعنى ـ بأنَّ التسعير إضرارٌ بالناس إذا زاد، وإذا نَقَصَ أَضَرَّ بأصحاب المتاع؛ فجوابُه أنَّ الضرر موجودٌ فيما إذا باعَ في بيته ـ أيضًا ـ.

٤ ـ أمَّا الأدلَّة العقلية المُورَدةُ في هذه المسألةِ بناءً على اجتهادات العلماء، فهي إمَّا مُتعارِضةٌ فيما بينها، وإمَّا مُقابِلةٌ للنصِّ، ولا يخفى أَنْ «لَا اجْتِهَادَ فِي مُقَابَلَةِ النَّصِّ»، كما هو مُقرَّرٌ في الأصول.

د ـ سبب اختلاف العلماء:

والذي يظهر لي أنَّ سبب اختلافِ العلماء في مسألةِ التسعير يرجع إلى ما يلي:

ـ هل حديثُ أنسٍ رضي الله عنه لفظٌ عامٌّ أم قضيَّةٌ معيَّنةٌ؟

ـ وإذا كان اللفظُ عامًّا فهل يجوز تخصيصُ العموم بالمصلحة؟(٣٩)

ـ وهل التسعيرُ إكراهٌ بغيرِ حقٍّ أم بحقٍّ؟

ـ فمَن رأى أنَّ حديثَ أنسٍ رضي الله عنه لفظٌ عامٌّ يمنع التسعيرَ في هذه الحال، وأنَّ إجبارَ البائعِ على البيعِ بغيرِ رِضَاهُ إكراهٌ له بغيرِ حقٍّ؛ لِمُنافاته لنصِّ الآيةِ المتضمِّنِ للركن الأساسيِّ في العقود وهو الرِّضَا، وأنه لا يجوز تخصيصُ العموم بالمصلحة؛ قال: بمنعِ التسعير مطلقًا.

ـ ومَن رأى أنَّ إلزامَ البائعِ بالبيعِ بما يبيع به الناسُ إكراهٌ بحقٍّ، ورأى أنه يجوز تخصيصُ عمومِ النصِّ بالمصلحة المُعْتَبَرَةِ الوجودِ، كما رأى وجوبَ تقديمِ المصلحةِ العامَّة على الخاصَّة؛ قال بجوازِ التسعير مطلقًا متى دَعَتِ الحاجةُ إليه قلَّةً وكثرةً.

ـ ومَن رأى أنَّ حديثَ أنسٍ رضي الله عنه واقعةُ حالٍ وليس لفظًا عامًّا، وأنَّ التسعير فيه ما هو إكراهٌ بحقٍّ وبغيرِ حقٍّ، ورأى أنه إذا سُلِّمَ العمومُ فلا يجوز تخصيصُ العمومِ بالمصلحة، وإنما يجوز تفسيرُ النصِّ على ضوءِ المصلحة المُتبادِرةِ مِن النصِّ نَفْسِه؛ فَصَّلَ وقال: إنَّ السِّعْرَ منه غيرُ الجائز: وهو المتضمِّنُ ظُلْمَ الناسِ وإكراهَهم بغيرِ حقٍّ على البيع بثمنٍ لا يرضَوْنه، أو مَنْعَهم ممَّا أباحَهُ اللهُ لهم، فهو حرامٌ؛ ذلك لأنَّ ارتفاعَ الأسعارِ ليس آتيًا مِن قِبَلِهم، وإنما وَقَعَ بسببِ قلَّةِ العرض وزيادةِ الطلب، عملًا بالآيةِ وحديثِ أنسٍ رضي الله عنه المتقدِّم.

أمَّا السِّعْرُ المتضمِّنُ للعدل بين الناس، مثل إلزامِهم بما يجب عليهم مِن المُعاوَضةِ بثمنِ المثل، ومَنْعِهم ممَّا يَحْرُمُ عليهم مِن أَخْذِ زيادةٍ على عِوَضِ المثل، فهو جائزٌ بل واجبٌ؛ رفعًا للظلم الذي تَسبَّبَ فيه جَشَعُ التُّجَّارِ باستعمالهم للحِيَلِ والاحتكار، مُسْتغِلِّين ما حاجةُ الناسِ إليه داعيةٌ؛ فإجبارُهم على العدل لازمٌ؛ أخذًا بما مَضَتْ به السنَّةُ المطهَّرةُ مِن وجوبِ تقويمِ قيمةِ المثل كحديث السِّرَايَةِ في العتق والشُّفْعة وغيرِهما، وقياسًا على النهيِ عن الاحتكار مِن جهةٍ أخرى.

هـ ـ الترجيح:

وفي تقديري أنَّ المذهب الأخير أَعْدَلُ المذاهب لاجتماعِ كُلِّ الأدلَّةِ فيه، ولأنَّ ما قدَّره النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن ثَمَنِ سِرَايةِ العِتْق هو لأجلِ تكميلِ الحُرِّيَّة وهو حقُّ الله، وما احتاجَ إليه الناسُ حاجةً عامَّةً فالحقُّ فيه لله؛ فحاجةُ المسلمين إلى الطعام والشراب واللباس ونحوِ هذه الحاجيات مصلحةٌ عامَّةٌ، ليس فيها الحقُّ لواحدٍ بعينه؛ فتقديرُ الثمنِ فيها بثمنِ المثلِ على مَن وَجَبَ عليه البيعُ أَوْلى مِن تقديرِه لتكميلِ الحُرِّيَّة، وعلى هذا يُمْكِنُ القولُ بأنَّ التسعير جائزٌ فيما إذا كانَتْ حاجةُ الناسِ إليه عامَّةً، وإلَّا فإنه يُفْضِي إلى غلاءِ الأسعار نتيجةَ اختفاءِ السِّلَعِ أو كثرةِ الطلب، وبهذين القيدين يُعَدُّ التسعيرُ ضربًا مِن ضروب الرعايةِ العامَّةِ وصيانةِ حقوق المسلمين، واللهُ أَعْلَمُ.

قال ابنُ العربيِّ ـ رحمه الله ـ: «والحقُّ التسعيرُ وضَبْطُ الأمرِ على قانونٍ لا تكون فيه مَظْلَمَةٌ على أحَدٍ مِن الطائفتين، وذلك قانونٌ لا يُعْرَف إلَّا بالضبط للأوقات ومَقاديرِ الأحوال وحالِ الرجال .. وما قاله النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حقٌّ وما فَعَله حكمٌ، لكِنْ على قومٍ صحَّ ثباتُهم واستسلموا إلى ربِّهم، وأمَّا قومٌ قصدوا أَكْلَ الناسِ والتضييقَ عليهم فبابُ اللهِ أَوْسَعُ وحُكْمُه أَمْضَى»(٤٠).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.



(١) أخرجه أبو داود في «البيوع» (٣/ ٢٧٢) بابٌ في التسعير، والترمذيُّ في «البيوع» (٣/ ٦٠٥) بابُ ما جاء في التسعير، وابنُ ماجه في «التجارات» (٢/ ٧٤١) بابُ مَن كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ، وأحمد (٣/ ١٥٦، ٢٨٦)، مِن حديث أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع الصغير» (١٨٤٦) وفي «غاية المَرام» (١٩٤).

(٢) انظر: «بلوغ المَرام» لابن حجرٍ بشرح «سُبُل السلام» للصنعاني (٢/ ٢٥).

(٣) انظر: «سنن الترمذي» (٣/ ٦٠٦).

(٤) أخرجه مسلمٌ في «فضائل الصحابة» (١٦/ ٤٠) باب: مِن فضائلِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.

(٥) أخرجه أبو داود في «الأدب» (٤/ ٣٠١) بابُ ما جاء في المِزاح، والترمذيُّ في «البرِّ والصِّلَة» (٤/ ٣٥٨) بابُ ما جاء في المِزاح. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٧٩٠٩).

(٦) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الدعوات» (١١/ ١٤٤) بابُ دعوة النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لخادِمِه بطول العمر وبكثرةِ مالِه، ومسلمٌ في «فضائل الصحابة» (١٦/ ٣٩) باب: مِن فضائلِ أنس بنِ مالكٍ رضي الله عنه.

(٧) انظر ترجمته وأحاديثه في: «مسند أحمد» (٣/ ٩٨)، «الطبقات الكبرى» لابن سعد (٧/ ١٧)، «المَعارِف» لابن قتيبة (٣٠٨)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم (٢/ ٢٨٦)، «مستدرك الحاكم» (٣/ ٥٧٣)، «الاستيعاب» لابن عبد البرِّ (١/ ١٠٩)، «جامع الأصول» لأبي السعادات بن الأثير (٩/ ٨٨)، «أُسْد الغابة» (١/ ١٢٧) و«الكامل» (٤/ ٥٤٨) كلاهما لأبي الحسن بن الأثير، «الكاشف» (١/ ١٤٠) و«سِيَر أعلام النُّبَلاء» (٣/ ٣٩٥) و«دُوَل الإسلام» (١/ ٦٤) كُلُّها للذهبي، «البداية والنهاية» لابن كثير (٩/ ٨٨)، «الإصابة» (١/ ٧١) و«تهذيب التهذيب» (١/ ٣٧٦) كلاهما لابن حجر، «شذرات الذهب» لابن العماد (١/ ١٠٠)، «الرياض المستطابة» للعامري (٣٣)، ومؤلَّفنا: «الإعلام بمنثور تراجم المشاهير والأعلام» (٥٣).

(٨) انظر: «الباعث الحثيث» لأحمد شاكر (١٨٥).

(٩) انظر: «لسان العرب» لابن منظور (٦/ ٣٠).

(١٠) انظر: «حدود ابنِ عَرَفة» ومعه: «شرح الرصَّاع» (٣٥٦).

(١١) انظر: «النهاية» لابن الأثير (٢/ ٣٦٨).

(١٢) انظر: المصدر السابق (٤/ ٦).

(١٣) انظر: المصدر السابق (١/ ١٢٧).

(١٤) انظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٣٨٠)، «الفتح الربَّاني» للبنَّا (١٥/ ٦٤).

(١٥) أخرجه الحاكمُ في «المستدرك» (١/ ٥٠٩)، والطبرانيُّ في «المعجم الكبير» (١٠/ ٢١٠)، والبيهقيُّ في «الأسماء والصفات» (١/ ٢٧)، وابنُ حبَّان في «صحيحه» (٣/ ٢٥٣). وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (١٩٩).

(١٦) انظر: «بدائع الفوائد» لابن القيِّم (١/ ١٦٢)، «القواعد المثلى» لابن عثيمين (٣٠).

(١٧) في «المحلَّى» لابن حزم (٦/ ٢٨٢).

(١٨) في «مُعْتقَدِ أهل السنَّة والجماعة» للتميمي (١٦٧).

(١٩) أخرجه مسلمٌ في «البرِّ والصِّلَة والآداب» (١٦/ ١٣١ ـ ١٣٢) بابُ تحريم الظلم، مِن حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه.

(٢٠) انظر: «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٣٨٠).

(٢١) انظر: «المنتقى» للباجي (٥/ ١٣)، «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٣٩).

(٢٢) سيأتي تخريجها، انظر: (الهامش ٢٨).

(٢٣) انظر: «الأمَّ» (مختصر المُزَني) (٨/ ٩٢)، «المنتقى» للباجي (٥/ ١٣)، «المهذَّب» للشيرازي (١/ ٢٩٩)، «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٣٩)، «نهاية المحتاج» للرملي (٣/ ٤٧٣)، «سُبُل السلام» للصنعاني (٢/ ٢٥).

(٢٤) وهو ما روى أَشْهَبُ عن مالكٍ، ووجهُه: النظرُ إلى مَصالِحِ العامَّةِ والمنعُ مِن إغلاء السعر عليهم والإفسادِ عليهم، وليس يُجْبَر الناسُ على البيع، وإنما يُمْنَعون مِن البيعِ بغيرِ السعر الذي يُحدِّدُه الإمامُ على حسَبِ ما يرى مِن المصلحةِ فيه للبائع والمبتاع، ولا يُمْنَعُ البائعُ ربحًا، ولا يُسوَّغُ له منه ما يضرُّ بالناس، [انظر: «المنتقى» للباجي (٥/ ١٨)].

(٢٥) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٧٧) و«الحِسْبة» (٢٢) كلاهما لابن تيمية، «الطُّرُق الحُكْمية» لابن القيِّم (٦٣٨).

(٢٦) انظر: «تكملة البحر الرائق» للقادري (٨/ ٣٧٠)، «تبيين الحقائق» للزيلعي (٦/ ٢٨).

(٢٧) «نيل الأوطار» للشوكاني (٦/ ٣٨٠).

(٢٨) أخرجه الشافعيُّ في «الأمِّ» (مختصر المُزَني) (٨/ ٩٢)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (٦/ ٢٩) و«معرفة السنن والآثار» (٨/ ٢٠٤)، وانظر: «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٣٩).

(٢٩) انظر: «المنتقى» للباجي (٥/ ١٨).

(٣٠) الوَكْس: النقص، [انظر: «مختار الصحاح» للرازي (٧٣٤)، «النهاية» لابن الأثير (٥/ ٢١٩)].

(٣١) الشَّطَطُ: مُجاوَزةُ القَدْرِ في كُلِّ شيءٍ، وفي الحديث: «لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ»، أي: لا نقصانَ ولا زيادةَ، [انظر: «مختار الصحاح» للرازي (٣٣٨)].

(٣٢) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «العتق» (٥/ ١٥١) باب: إذا أَعْتَقَ عبدًا بين اثنين أو أَمَةً بين الشُّرَكاء، ومسلمٌ في «العتق» (١٠/ ١٣٥) وفي «الأيمان» (١١/ ١٣٨) بابُ صحبةِ المماليك، مِن حديث ابنِ عمر رضي الله عنهما.

(٣٣) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨/ ٩٦).

(٣٤) وحديثُ السِّرايةِ في العتق المتقدِّمُ صارَ أصلًا لِمَسائلَ عديدةٍ منها:

ـ أنَّ ما لا يمكن قسمةُ عَيْنِه فإنه يُباع ويُقْسَمُ ثمنُه إذا طَلَبَ الشُّرَكاءُ ذلك، ويُجْبَرُ المُمْتَنِعُ على البيع.

ـ أنَّ مَن وجَبَتْ عليه المُعاوَضةُ أُجْبِرَ أَنْ يُعاوِض بثمنِ المثل، لا بما يزيد عن المثل.

ـ في جوازِ إخراجِ الشيءِ مِن مِلْكِ صاحِبِه قهرًا بثمنِه للمصلحة الراجحة: كما في الشفعة.

(٣٥) أخرجه مسلمٌ في «المساقاة والمُزارَعة» (١١/ ٤٣) بابُ تحريمِ الاحتكار في الأقوات، مِن حديث مَعْمَرِ بنِ عبد الله رضي الله عنه.

(٣٦) الاحتكار: هو اشتراءُ السِّلْعةِ وحَبْسُها حتَّى تَقِلَّ فتغلوَ، [انظر: «سُبُل السلام» للصنعاني (٣/ ٤٨)].

(٣٧) انظر: «تبيين الحقائق» للزيلعي (٦/ ٢٨)، «تكملة البحر الرائق» للقادري (٨/ ٣٧٠).

(٣٨) تقدَّم تخريجه، انظر: (الهامش ٢٨) .

(٣٩) انظر: «الوسيط» للزحيلي (٣٦٥).

(٤٠) انظر: «عارضة الأحوذي» لابن العربي (٦/ ٥٤).