| الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م


مطابق

جواب إدارة موقع الشيخ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ
عن دعوى تَراجُعِ الشيخ عن فتواه في زكاة الفِطر

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقد انتشر على الشبكة منشورٌ مَفادُه أنَّ الشيخ فركوس ـ حفظه الله ـ تَراجَعَ عن فتواه بأنَّ زكاة الفطر بالنقود لا تُجزِئُ، وأنَّ له قولًا جديدًا مُخالِفًا، ونسَبَ صاحبُ المنشور إليه عبارةً أَوهمَ أنها في إحدى فتاواه الجديدة برقم: (١٢٧٢) المعنونة ﺑ «في توضيح لفظ «المال» في صدقة الفطر المفروضة»، ونصُّ العبارة هو: «.. في كِلَا المذهبين يُجزِئُ إخراجُ المال (عَيْنًا مِنْ طعامٍ أو نقدًا) مع إحضار اﻟنيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة».

وبالرجوع إلى الفتوى المذكورة تبيَّن أنَّ العبارة تمَّ تحريفُها، والعبارةُ الثابتة في الفتوى على الموقع هي: «.. في كِلَا المذهبين لا يُجزِئُ إخراجُ المالِ (عَيْنًا مِنْ طعامٍ أو نقدًا) بغيرِ نيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة».

فيُلاحَظ ما يلي:

١ ـ أنَّ صاحب المنشور تَعمَّد تغييرَ عبارة الشيخ لغرضٍ في نفسه:

ـ بحذف كلمة: لا.

ـ وغيَّر في الكلام حتَّى يستقيمَ معناهُ، فحذَفَ كلمةَ «غير» ووضع بدلها: «مع إحضار اﻟ».

ـ أضاف الألفَ واللام في كلمةِ: النِّيَّة، وهو ما لا يستقيم لغةً مع إضافتها إلى كلمة الزكاة بعدها لأنها ليست مِنَ الحالات التي تُستثنَى فتجتمع «اﻟ» فيها مع الإضافة بشرطها فتكونُ في المضاف [وهي اسْمُ الفاعلِ واسْمُ المفعولِ والصفةُ المشبَّهة عند مَنْ أجازه في الصفة المشبَّهة، وليس منها المصدرُ كالنِّيَّة]؛ ومثالُه: قولُه تعالى: ﴿وَٱلۡمُقِيمِي ٱلصَّلَوٰةِ[الحجُّ: ٣٥] بحذف النون وجرِّ الصلاة بالإضافة، بخلاف قوله تعالى: ﴿وَٱلۡمُقِيمِينَ ٱلصَّلَوٰةَ[النساء: ١٦٢] بإثبات النون ونصبِ الصلاة على المفعوليَّة.

ـ استعمل كلمةَ «إحضار»، والأحسنُ استعمالًا في الكلام المزبور المحرَّر أَنْ يقال هنا: «استحضار».

ـ ومِنْ دلائل التحريف: أنه لم يَنقلِ الكلامَ بلفظه، ولم يصوِّره مِنَ الموقع، بل حذَفَ وغيَّر فغفَلَ عن فراغٍ زائدٍ واستعمل خطًّا غيرَ خطِّ الموقع ولونًا غيرَ لونِه المُستعمَل؛ وأتى بخطإٍ لا يقع ممَّنْ يعرف نصيبًا ضئيلًا مِنَ العربيَّة إلَّا إذا كان بسبب التَّعديل في الكلام ذهابًا وإيابًا دون إعادةِ قراءته بعد تمام التَّعديلات.

٢ ـ زعَمَ ـ متذرِّعًا بتحريفه ـ أنَّ الشيخ تَراجَعَ عن القول بعدمِ إجزاءِ زكاةِ الفطر نقدًا؛ وهو ما لا تُساعِدُ عليه العبارةُ المحرَّفة نفسُها، وهي ـ بعد تصحيح الخطإ اللغويِّ ـ: «في كِلَا المذهبين يُجزِئُ إخراجُ المال (عَيْنًا مِنْ طعامٍ أو نقدًا) مع إحضارِ نيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة»؛ لأنَّ الجملة فيها إثباتُ مذهبين، والمذهبان يختلفان في إجزاء النقد في زكاة الفطر، لا في اشتراط النِّيَّة في الزكاة كما هو مذكورٌ قبيل هذا الموضع؛ فتَعيَّن أَنْ يكون حملُ ما يتَّفِقُ عليه كِلَا المذهبين على اشتراط استحضار النِّيَّة لا على ما يختلفان فيه مِنِ اشتراط الصَّاع مِنَ الطعام أو إجزاءِ النقد في زكاة الفطر؛ لأنَّ المذهب الآخَرَ المانعَ مِنَ النَّقد في زكاة الفطرِ معروفٌ مشهورٌ، وهو الذي عليه السلف والعلماء وعليه الفتوى إلى زمنٍ قريبٍ قبل عدول متأخِّري المفتين عنه بلا حجَّةٍ إرضاءً للأهواء ومتابعةً للغرض ولو خالف مذهبَهم الذي يتعصَّبون له في غيرها مِنَ المسائل ولو في خلاف الدليل، وعدمُ إجزاء النقد في زكاة الفطر هو قولُ جمهور العلماء والأئمَّةِ الثلاثة، وهو الراجح الذي نصَّ عليه الدليلُ، فضلًا عن أنَّ السائل ذكَرَه عن الشيخ في سؤاله، وهو سببُ استشكالِه لِلَفظة المال حيث ظنَّ مُرادَه منها النقدَ وهو خلافُ مذهب الشيخ، كما أنَّ الشيخ ذكَرَ الطعامَ في الفتوى نفسِها وحكَمَ برُجحانيَّته ومرجوحيَّة القول الآخَرِ بقوله قبل موضع العبارة المنقولة المحرَّفة: «لا يُجزِئُ إخراجُ المال في زكاة الفطر بغيرِ نيَّةِ زكاة الفطر المَفروضة، سواءٌ أَخرجَها المُزكِّي عن نفسِه أصالةً أو عن غيرِه نيابةً، سواءٌ كان إخراجُ المَال عَيْنًا مِنَ الطعامِ وهو ما عليه مذهبُ الجمهور [أي: الأئمَّةِ الثلاثة: مالكٍ والشَّافعيِّ وأحمدَ] وهو الرَّاجح، أو كان إخراجُ المال نقدًا وهو مذهبُ أبي حنيفة وهو المَذهبُ المرجوح؛ أي: في كِلَا المذهبين لا يُجزِئُ إخراجُ المال (عَيْنًا مِنْ طعامٍ أو نقدًا) بغيرِ نيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة؛ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»»؛ فالعبارة ـ في حقيقة الأمر ـ هي تفصيلٌ للعبارة التي تحتها خطٌّ حسَبَ الأقوال في إجزاء النقد في الزكاة، كما أنَّ ما قبلها تفصيلٌ حسَبَ الأحوال مِنْ إخراجها بالأصالة أو بالنيابة؛ وما بين القوسين هو تفسيرٌ للمال حسَبَ كُلِّ مذهبٍ في زكاة الفطر.

فيكون معنى العبارة المحرَّفة: «وفي كِلَا المذهبين إنَّما يُجزِئُ إخراجُ المال (عَيْنًا مِنْ طعامٍ على قول الجمهور أو نقدًا عند القائلين به) مع استحضار نيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة».

وتكون كلمةُ «مع» مفيدةً اشتراطَ استحضارِ النِّيَّة على كِلَا المذهبين المذكورين؛ والحصرُ ﺑ «إنما» نظيرُ الحصر بالنفي والاستثناء، لأنَّ الاستثناء مِنَ الإثبات نفيٌ ومِنَ النفيِ إثباتٌ؛ فيكون معنى الكلام: «وفي كِلَا المذهبين لا يُجزِئُ إخراجُ المال (عَيْنًا مِنْ طعامٍ على قول الجمهور أو نقدًا عند القائلين به) إلَّا باستحضار نيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة»؛ وهو قريبٌ مِنَ الجملة الأصليَّة المُثبَتة في الفتوى.

ولا يمتنع ـ مع ذلك ـ أَنْ يزيد مذهبُ الجمهورِ شرطًا آخَرَ وهو اشتراطُ الصاع مِنَ الطعام، فلا تُجزِئُ عندهم القيمةُ.

ولا يخفى أنَّ قولنا: لا تَحِلُّ النطيحةُ إلَّا إذا أَدرَكْتَها بالذكاة وبها رمقٌ؛ كقولنا: إنما تَحِلُّ النطيحةُ إذا أَدرَكْتَها بالذكاة وبها رمقٌ، وكذلك إذا حذَفْتَ «إنما».

وجميعُها تُفيدُ اشتراطَ الذكاة، ولا تُنافي اشتراطَ شيءٍ آخَرَ كذِكرِ اسْمِ الله عليها، وألَّا تكون ممَّا ذُبِح لغير الله أو ذُكِر عليه اسْمُ غيرِ الله مِنَ الآلهة المعبودة، كما لا يعني جوازَ الخنزير إذا ذُبِح؛ فتكونُ كقوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِ[الأنعام: ١١٩]؛ ففيها إباحةُ أكلِ ما ذُكِر اسْمُ اللهِ عليه مخالَفةً لِمَا حرَّمه أهلُ الجاهليَّة مِنَ البحائر والسوائب وغيرِها، لكِنْ لا تَعني ـ ألبتَّةَ ـ الأكلَ ممَّا ذُبِح لغير الله ولو ذُكِر اسْمُ اللهِ عليه، ولا الأكلَ مِنَ الخنزير وغيرِه مِنَ المحرَّمات، ولا تعني الأكلَ ممَّا ذُكِر اسْمُ اللهِ عليه مع اسْمِ غيره مِنَ الآلهة المعبودةِ تشريكًا؛ كما أنَّ فيها تنبيهًا على تحريمِ ما لم يُذكَر اسْمُ الله عليه مِنَ الذبائح، وعلى تحريم المَيْتات بالأَوْلى إلَّا ما استُثْنِيَ مِنَ السمك والجراد وما يُلحَقُ بهما.

فالفقرة التي جاءت فيها العبارة الأصليَّة للتحريف هي في خصوصِ اشتراط تعيينِ نيَّة زكاة الفطر المفروضة دون عموم الصدقة المندوبة، مع إشارتها إلى الخلاف في إجزاء النقد وترجيحِ عدم الإجزاء، ونصَّتْ على اشتراط تعيين نيَّة زكاة الفطر في كِلَا المذهبين.

والفقرةُ التي قبلها هي في دفعِ توهُّمِ إرادة الشيخ بكلمةِ المالِ خصوصَ النقد مع الطعام، مع أنَّ السياقَ كان في زكاة الفطر التي دلَّ الدليلُ على تعيُّن الطعام فيها وتقديرِه بالصاع على اختلاف أصناف الطعام وتَبايُنِ قِيَمِها.

يؤكِّده أنَّ الجواب جاء عن سؤالٍ عن عبارةٍ حاصلُها اشتراطُ النيَّة ضِمنَ بيانِ بعض المحاذير والأخطاء التي تقع في زكاة الفطر، وبعضُها مُبطِلٌ لها؛ واستشكل السائلُ استعمالَ الشيخِ لفظةَ المالِ فقال السائل: ذكرتم في أوَّلِ خطإٍ مِنَ الأخطاء المُتعلِّقة بزكاة الفِطر قولَكم: «أوَّلًا: إخراج المالِ صدقةً للمسكين بغيرِ نيَّةِ زكاةِ الفطر المفروضة» فقلتم: «إخراج المال..»؛ ومِنَ المعلوم أنَّ زكاة الفطر لا تُجزِئُ نقدًا كما هو مسطَّرٌ في فتاويكم، فأَشكلَ عليَّ هذا التَّعبيرُ؛ فهلَّا وضَّحتم لنا الإشكالَ.

فجاء جوابُ الشيخ بيانًا أنَّ المراد بالمال هنا ليس هو المُتعارَفَ عليه عمومًا مِنْ إرادة النقد، ولا المتعارفَ بالعُرف الخاصِّ عند أصحاب المواشي مِنْ إرادة المواشي بلفظ المال؛ وإنما المرادُ بالمال لغةً كُلُّ ما يُملَك؛ والمراد هنا في الفتوى هو المناسبُ لزكاةِ الفطر المنصوصِ شرعًا على كونها صاعًا مِنْ طعامٍ، وعند مَنْ قال بإجزاء النقد فيكون النقدُ والطعامُ مُرادَيْن عنده دون غيرهما مِنَ الأموال كالعقارات والعُروض والعبيد.

ثمَّ أكَّد الشيخ على ما جاء في الكلمة المتعلِّقة بأخطاءٍ في زكاة الفطر مِنِ اشتراط نيَّةِ زكاة الفطر المفروضة، وصرَّح أنه شرطٌ في كِلَا المذهبين المختلفَيْن في جنس المُخرَج بين اشتراط الطعام وإجزاء النقد.

٣ ـ أنَّ المنشور جاء بحسابٍ اسْمُه: إخراج زكاة الفطر نقدًا أفضلُ وأيسرُ في عصرنا هذا، وفيه مصلحةٌ للفقير والمزكِّي.

وفي نسبة الكلام السابق إلى الشيخ وبحسابٍ بهذا العنوانِ جنايةٌ على الشرع قبل الجناية على الشيخ:

ـ لأنَّ مُرادَه ـ فيما يظهر ـ تسليكُ إخراجِ النقد في زكاة الفطر كما يظهر مِنِ اسْمِ الحساب بحجَّةِ المصلحة والتيسير، والواقعُ شاهدٌ بخلافه، فإنَّ الفقير الذي هو أهلٌ لزكاة الفطر لا يتكبَّر على الطعام وهو إليه بأَمَسِّ حاجةٍ، وإِنْ حصلَتْ له كفايةٌ أو فائضٌ بزكاة الفطر فيُمكِنُه ادِّخارُ كفايَتِه مِنَ الطعام لمُدَّةِ أَشهُرٍ، وتوفيرُ نقدِه لغيره مِنَ الحوائج كاللباس والعلاج والكراء وفواتير الكهرباء ونحوها، كما يمكنه بيعُ بعضِ ما زاد عن حاجته العاجلة متى احتاج إلى النقد عن قريبٍ.

وزكاة الفطر التي تُدفَع نقدًا يتشوَّف إليها مَنْ ليس مِنْ أهلها، وينتابون الناسَ في بيوتهم ومَجامِعِهم ومساجدِهم، ويُؤذونهم بالمسألة والإلحاف عن غنًى وكفايةٍ، وتُدفَع إليهم مِنَ القائمين على جمعها نقدًا، فيُزاحِمُون أهلَها، وقد يُحرَم مِنَ النقد مَنْ هو أهلُها لأنَّ غيرَه ممَّنْ ليس مِنْ أهلها سَبَقه إلى التسجيل في قائمة المُستحِقِّين دون أَنْ يتمَّ الفحصُ عن حالهم والتحقُّقُ مِنْ حاجتهم، بينما المسكين ذو المَتْرَبة والفقرِ المُدقِع يتعفَّف ويستحي، ولعلَّ الأمر بالمعرفة والمحسوبيَّة، فمَنْ رَضِيَ عنه الأعضاءُ القائمون على جمعها نال منها ولو لم يكن مِنْ أهلها ولو كان مُستغنِيًا عن الإعانة أصلًا، فإنَّ مِنَ المحتاجين مَنْ يُعانُ وليس هو مِنْ أهل الزكاة ولا زكاةِ الفطر، هذا إِنْ كان القائمون على جمعها مِنْ لجنة المسجد أُمَناءَ ولم يتَّخِذوها مَغْنَمًا يقتطعون منها لأنفُسهم نصيبًا مِنَ النار كما هو حالُ كثيرٍ مِنَ اللِّجان وإِنْ كانوا أغنياءَ، ولذلك يشجِّع كثيرٌ منهم إخراجَها نقدًا لأنهم لا حظَّ لهم فيها يُشبِعُ طمَعَهم إِنْ كانت بالصِّيعان إلَّا بكدِّ الأبدان؛ ولا يملأ جوفَ ابنِ آدَمَ إلَّا الترابُ.

فالعلامة الفاصلة بين المُستحِقِّ وغيرِ المُستحِقِّ هي كونُه يقبل الطعامَ ولا يستنكف عنه مع كونه محتاجًا.

وفي نسبةِ هذا الكلام إلى الشيخ محذورٌ عظيمٌ، إذ يفترق الناسُ بسببه إلى:

ـ مَنْ يركن إلى إخراجها نقدًا إمَّا إحسانًا للظنِّ بالشيخ، وإمَّا اتِّباعًا للهوى لموافقة الفتوى المنسوبةِ إليه لِمَا تهواه نفسُه، مع كونها لم تَثبُت عنه.

ـ ومَنْ يحطُّ على الشيخ بسببِ هذا القولِ المرجوحِ لِظَنِّه أنَّ الشيخَ عدَلَ عن الرَّاجح إلى المرجوح عن علمٍ ودون عذرٍ، دون أَنْ يتثبَّت مِنَ الفتوى المذكورة، سواءٌ كان ذلك منه تمسُّكًا بالحقِّ في المسألة لكِنْ ببخس أهل العلم حقَّهم مِنَ التثبُّت فيما نُسِب إليهم والْتِماسِ العذر لهم وحفظِ مكانتهم، أو لأنَّ في قلبه شنآنًا على الشيخ بسببِ خلافٍ معه يَجرِمُه على أَنْ لا يعدل معه، فيمنعه مِنَ القيام لله بالشهادة بالقسط عن علمٍ ورحمةٍ وعدلٍ.

ـ ومِنْ عاذرٍ للشيخ مخطِّئٍ له غيرِ متثبِّتٍ مِنْ ثبوتها عنه مع كونه متيسِّرًا له، فيَجُرُّه ذلك ـ بعد ذلك ـ إلى الْتِماسِ العذر لمَنْ قلَّد بخلاف الدليل وأَعرضَ عن علمٍ، أو اتَّبَع الهوى في زكاة الفطر فدافع بالباطل عن إخراجها نقدًا بعد البيان.

ـ وخيرُ الأقسامِ مَنْ يستنبط الماءَ مِنْ مَعينه، ويستوثق الخبرَ مِنْ مصدره، فيقف على التلبيس وينفي التحريفَ، فلا يقبل قولًا إلَّا بدليلٍ، ولا ينسب إلى قائلٍ قولًا دون ثبتٍ.

والله الموفِّق؛ والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

وكان الفراغُ مِنْ تحريره ليلةَ السبتِ ٢٢ رمضان ١٤٤٣ﻫ
الموافقة ﻟ: ٢٢ أفريل ٢٠٢٢م

تكذيب المُرجِفين
بفرية ترك الصَّلاة مع جماعة المسلمين

[إدارة الموقع]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبِه ومَنْ والاه، أمَّا بعد:

فإنَّ الأدب القرآني يحثُّ على التَّأكُّد مِنَ الأخبار قبل إذاعتها ونشرِها على الملإ؛ قال تعالى: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦ[النساء: ٨٣]، وقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ ٦[الحُجُرات]؛ إذ مِنْ مقاصد التَّوثُّق مِنَ الأخبار: كفُّ الشُّرور، وتقليلُ المفاسد، وتحصيلُ الفوائد، وتكثيرُ المصالح ـ كما لا يخفى ـ وبه يُعرَف دِينُ العبدِ وعقلُه ورزانتُه، خلافًا للمُستعجِل بإذاعةِ الأخبار الكاذبة، والإشاعاتِ المُغرِضة.

وتأسيسًا على هذا التَّوجيهِ الرَّبَّانيِّ، فإنَّ ما نُشِر في الصُّحُف والجرائد مِنْ: «أنَّ الشَّيخ أبا عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ لم يدخل المساجدَ التَّابعة للدَّولة منذ سنةٍ كاملةٍ»، لا أساسَ له مِنَ الصِّحَّة، ولا يَمُتُّ إلى الواقع بصِلَةٍ، وهو الأمرُ الذي يكذِّبه كُلُّ مَنْ كان له بصرٌ أو ألقى السَّمعَ وهو شهيدٌ.

وإنَّ التَّصريح بهذا الإفكِ ـ في هذه الفترةِ بالذَّات ـ يُوحي بامتداد الحملة الشَّعواء المشحونة بالبهتان والزُّور التي يشنُّها الحاقدون قصدًا، والمسيئون للفهم جهلًا؛ والمعلومُ أنَّ المساجد كُلَّها أوقافٌ تابعةٌ للدولة، وأنَّ تَرْك الصَّلاة مع جماعة المسلمين مِنْ سِمَات الخوارج المارقين، لا مِنْ صفات الموحِّدين المُعتدِلين، وذلك أبعدُ افتراءٍ وأخسُّه: أَنْ يوصف الشَّيخُ ـ في دعوته وسيرته ـ بصفات المُنحرِفين عن سواء السَّبيل.

والشَّيخ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ وسائرُ مَنْ تجمعهم وحدةُ العقيدة وصفاءُ المنهج لا يُرْضُون أحَدًا إلَّا ربَّهم بعبادته وتوحيدِه، وهم بريئون كُلَّ البراءة مِنَ العقيدة المُنحرِفة واللَّوثةِ البدعيَّة التَّكفيريَّة، ومُلتزِمون بما تضمَّنَتْه عقائدُ السَّلف الصَّالح مِنَ الصَّلاة خلف كُلِّ بَرٍّ وفاجرٍ، ويُعْمِلون الأقلامَ ويسخِّرون الكلامَ ـ بإخلاصٍ وصدقٍ ـ لاجتثاثِ نِحلةِ الغُلُوِّ في التَّكفير، المُخرِجة للمسلمين مِنْ سَعَةِ الإسلام ودائرته إلى ظُلُمات ضِدِّه، بلا ضوابطَ ولا قيودٍ، وما يَلزَم مِنْ آثاره الوخيمة ونتائجِه الدَّموية.

علمًا أنَّ المنع مِنَ النَّشاط الدَّعْويِّ والتَّوقيفَ عن التَّدريس بجميعِ مساجد الوطن قد طالَ الشَّيخَ ـ حفظه الله ـ منذ أَزيدَ مِنْ عشرين سنةً، بقرارٍ حائفٍ وحكمٍ جائرٍ مِنَ الجهات الرَّاعية للمساجد في حقِّ مَنْ كان الأَوْلى أَنْ يُعرَف له قَدْرُه وسَبْقُه في الدَّعوة إلى الله، ونشاطُه العلميُّ والتَّربويُّ والتَّوجيهيُّ.

هذا، وإنَّ هذا الخبرَ الكاذب مِنْ قائليه ومروِّجيه، ليُضافُ إلى السِّلسلةِ المتكرِّرة والمُتعاقِبة في مُحاوَلةٍ بائسةٍ للتضييق على أهل الحقِّ، وتجريدِهم مِنْ وسائل الدَّعوة؛ إسكاتًا لصوت الحقِّ، وتشويهًا لصورة الدُّعاة إلى الله بالأساليب المُجانِبة للصِّدق والمُحايِدة للعدل؛ إذ مِنْ أسلحة أهل البِدَع: إسقاطُ الدَّعوة بإسقاط العلماء، وهي طريقةٌ يهوديةٌ ماسونيةٌ، وقد تولَّى كِبرَها وسائلُ الإعلام، وكذا خصومُ الدَّعوة بألوانٍ مِنَ الأساليب الصَّادَّة عن سبيل المُتَّقين، للحدِّ مِنِ انتشار القِيَم المُثلَى، بضربِ رموزها وتحطيمِ أهلها، وزجِّهم في خانةِ التَّكفيريِّين، ونبزِهم بلقبِ أهل الفُرْقة؛ وبالمُقابِل لا يُعرَف ـ في الواقع ـ لأولئك سعيٌ جازمٌ في محاربة الخطر الحقيقيِّ الدَّاهم على الأمَّة والوطن، والذي يعصف بعقيدتها في توحيدها: كالشِّرك بالله تعالى، وتعليق المخلوقين بالموتى، وتشييد القِباب والأضرحة، أو بوحدتها الدِّينية: كالجهر بالإلحاد والعلمانية، أو بتماسُكها الأخلاقيِّ: كتَفَشِّي الانحلال، والتردِّي في مهاوي الخزي، والانحدار في مزالق الرَّذائل والفواحش، أو بصفاء مَسْلَكها: كمسالك البِدَع مِنْ رفضٍ وخروجٍ وتجهُّمٍ وإرجاء.

فهَدَى اللهُ المروِّجين للأكاذيب والمُفشِين للأباطيل، وقيَّض الله لمَنْ ولَّاهم اللهُ مسئوليةَ الأمَّة بِطانةً صالحةً تُعينُهم على ما به صلاحُ الدِّين والدُّنيا، وتذكِّرهم بعدم الانسياق خلف خُطَط الماكرين وألاعيبِ الحاقدين.

وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٦ شعبان ١٤٣٩هـ
الموافق لـ ٢٢ أبريل ٢٠١٨م

تكذيبٌ واستنكار
لِمَا نشرَتْه العديدُ مِنَ الصحف الإعلامية الجزائرية ﻛ «الحدث» و«الشروق» و«الحوار»

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقَدِ استاء الشيخ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ وإدارةُ موقعه الرسميِّ، ومُحِبُّوه مِنْ طلبة العلم ودُعَاة المنهج السلفيِّ، ممَّا نشرَتْه العديدُ مِنَ الصحف الإعلامية الجزائرية ﻛ «الحوار» و«الحدث» و«الشروق» مِنْ مقالاتٍ في صفحاتها الرئيسة، تعليقًا على استقالة الشيخ ـ حفظه الله ـ مِنْ عضوية «مجمع دار الفضيلة» ـ وفَّق اللهُ القائمين عليها ـ والتي أَفْصَح ـ بمُوجَبها ـ عن الأسباب الدافعة إلى الاستقالة، وأَرْجَعها ـ أساسًا ـ إلى عوائقَ صحِّيَّةٍ وظروفٍ اعتباريةٍ حالَتْ بينه وبين الاستمرار في العمل الدعويِّ الجماعيِّ.

وحريٌّ التنبيه أنَّ السِّمَة البارزة لتلك المقالات: اشتراكُها في قراءة الاستقالة مِنْ مُنْطَلقاتٍ حزبيةٍ حركيةٍ أو تعصُّباتٍ مذهبيةٍ أو فهوماتٍ بدعيةٍ، مِلْؤُها: الحقدُ على الدعوة السلفية، ودوافعُها: تفكيكُ روابطِ مَنْ تجمعهم وحدةُ العقيدة وصفاءُ المنهج، ووَقودُها: كيلُ التُّهَم جُزافًا وتلفيقها، والتقوُّلُ على لسان الغير، والنبز واللمز والهمز والغمز، وتحميلُ الكلام مَحامِلَ تخييليةً لا أساسَ لها في واقع دُعَاة المنهج السلفيِّ الحقِّ في الجزائر دون أَدْعِيائه: كمِثْلِ زعمِ أنَّ استقالةَ الشيخ ـ حفظه الله تعالى ـ تعكس خلافاتٍ داخليةً دافعُها حبُّ الزعامة واللهثُ خلف المَنْصِب والمال، أو أنَّ استقالته جاءَتْ بعد جهودٍ مِنْ جهاتٍ عُلْيَا مِنَ الدولة، أو غيرها مِنْ حملات التشويه والدعاوى المُغْرِضة التي يشنُّها الكائدون لهذه الدعوة المُبارَكة والحاقدون على عُلَمائها ودُعَاتِها مِنَ: الخوارج والروافض والصوفية وبعضِ المحسوبين على السلفيين والمُنتسِبين إليهم وليسوا منهم.

هذا، وإنَّ الشيخ حفظه الله ـ إذ يُعْلِن براءتَه مِنْ كُلِّ ما نُسِب إليه زورًا وبهتانًا، ممَّا لم تَخُطَّه يمينُه ولم يَلْهَجْ به لسانُه ـ فإنه يستنكر كُلَّ قراءةٍ صحفيةٍ سقيمةٍ وتحليلٍ شخصيٍّ مُثيرٍ للتشغيبِ والتلبيس والشُّبَه، والتي يتحمَّل أصحابُها تَبِعاتِها في الدنيا والآخرة، هذا مِنْ جهةٍ، ومِنْ جهةٍ أخرى فإنَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ لا يطمع في أيِّ مَنْصِبٍ مِنْ مناصب الدولة ولا يريدها ولا يتشوَّف إليها، بل يكفيه ـ فخرًا واعتزازًا ـ إمامةٌ في الدِّين ووراثةٌ لأنبياء الله المُرْسَلين، متمثِّلةٌ في الدعوة إلى التوحيد والسنَّة بفهمِ سلفِ الأمَّة، مع ما يلحقه مِنْ هؤلاء الشانئين والمتربِّصين والانقلابيِّين والانتهازيِّين مِنْ صدودٍ عن مُبْتغاه، وتحريضٍ لوُلَاة الأمور والعامَّةِ عليه على حدٍّ سواءٍ، وتضييقٍ لمجال نشاطه الدعويِّ على كُلِّ المُستوَيَات، وكبحٍ لجهوده العلمية في محاولةٍ لتطويقه وتهميشه، وكما قِيلَ: «الجزائر تتنكَّر لأبنائها»، والحمدُ لله الذي وفَّقه للثبات على التوحيد والسنَّة، فهو لا يزال في طريق العلم الشرعيِّ ـ تأليفًا وتعليمًا وتربيةً ـ لم يَلْبَس لباسَ أهل الهوى والبِدَع، ولم يَرْضَ بالسلفية بديلًا ولا تحويلًا.

وأخيرًا، فإنَّ كُلَّ محاولةٍ مِنْ حاقدٍ بائرٍ أو جاهلٍ غائرٍ لربط كتابات المشايخ عمومًا والشيخِ خصوصًا بالتقلُّبات السياسية أو استغلالها لإثارة الفتن والنزاعات لهو دليلٌ على خسَّة النفس ودناءةِ الهمَّة، كما أنَّ المسلم الصادق لَينأى بنفسه عن الخوض فيما لا يَعنيه، والمشاركةِ فيما لا يُحْسِنه؛ إذ «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» [«سنن الترمذي» (٢٣١٧)، «سنن ابن ماجه» (٣٩٧٦). «صحيح الجامع» (٥٩١١)].

واللهَ نسأل أَنْ يُرِيَنا الحقَّ حقًّا ويرزقَنا اتِّبَاعه، ويُرِيَنا الباطلَ باطلًا ويرزقَنا اجتنابَه.

الجزائر في:  ٢٨ ذي الحجَّة ١٤٣٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٩ سبتمبر ٢٠١٧م

تنديدٌ وتفنيد
لِمَا وَرَد في المواقع الشيعية ـ على الشيخ ـ مِنِ افتراءاتٍ وأكاذيب

الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاةُ والسلام على المبعوث الهادي إلى المنهج القويم، وعلى آله وصحبِه ومَنِ اقتفى أثرَهم إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فقَدِ اطَّلعَتْ إدارةُ موقعِ الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ على مقالٍ نشرَتْه بعضُ المواقع الشيعية، مِنْ بينها موقعُ: «قناة العالَم» الإيرانيُّ، وموقعُ: «العهد الإخباريِّ» اللبنانيُّ، الناطقُ على لسان حزب الله  ـ زعموا ـ الشيعيِّ، الصادر في يوم الأربعاء: ٨ ربيع الأوَّل ١٤٣٨ﻫ الموافق ﻟ: ٧ ديسمبر ٢٠١٦م، تحت عنوان: «مفتي الجزائر ينتقد رَفْعَ السعودية لكلفةِ تأشيرات الحجِّ والعمرة»، ونسبوا المَقالَ ـ كذبًا وزورًا ـ إلى موقع يوميةِ: «السلام اليوم» الجزائرية، ذكرَتْ فيه ـ بزعمهم ـ أنَّ مُفتيَ الجمهورية الجزائرية محمَّد علي فركوس دَعَا السلطاتِ السعوديةَ إلى إعادة النظر في قضيَّةِ رفعِ رسوم تأشيرات الحجِّ والعمرة. وبيانُ هذا الافتراءِ مِنْ وجوهٍ:

أوَّلًا: أنَّ الشيخ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ ليس مُفْتيَ الجمهورية الجزائرية، وهذا كذبٌ مُزدوَجٌ على شخصية الشيخ وعلى الحكومة الجزائرية.

ثانيًا: الشيخ ـ حفظه الله ـ لم يتكلَّمْ بفحوى العنوان ولا مضمونِ الافتراء، لا تصريحًا ولا تعريضًا، بله أَنْ يحرِّر مَقالًا أو يُجريَ حوارًا تنشره يوميةٌ أو صحيفةٌ.

ثالثًا: كما لا يخفى على مَنِ اعتاد مطالعةَ مقالاتِ الشيخ الدَّعْوية وكتاباته العلمية فإنَّ ما ذكرَتْه تلك المواقعُ المُغْرِضةُ بعيدٌ عن منهج الشيخ التأصيليِّ ومسلكه الدَّعْويِّ وأسلوبه الكتابيِّ.

رابعًا: أنَّ موقع اليومية الجزائرية المذكور خالٍ مِنْ مضمونِ هذا الافتراء.

وعليه، فإنَّ إدارة الموقع تُجدِّد الإشارةَ إلى أنَّ: كُلَّ منشورٍ لم يَرِدْ ذِكْرُه في الموقع الرسميِّ للشيخ ـ حفظه الله ـ لا يُعتمَدُ عليه ولا يُنْسَبُ إلى الشيخ ـ حفظه الله ـ بحالٍ.

وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ١٥ ربيع الأوَّل ١٤٣٨ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ ديسمبر ٢٠١٦م

 

تنبيهٌ وتبرئةٌ

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد:

فبِغَضِّ النظر عن حكم المسألة العقدية المطروحة على الساحة الدعوية، فإنه ينبغي على طالب العلم -فضلاً عن العامِّيِّ- معرفةُ حقِّ العالم وقَدْرِه ودرجته التي رفع اللهُ له بما آتاه مِن العلم، فيحترم اجتهاده ولو بان لغيره خطؤُه وظهرت له هفوتُه، فهو معذورٌ في اجتهاده ومأجورٌ عليه. غير أنه لا يتَّبعه فيما يعتقد أنه أخطأ، ولا يجوز له أن يَرْمِيَه بالبدعة والإرجاء إهدارًا لمكانته ومنزلته في قلوب المسلمين، فمن لا يعرف حقَّ عالمنا وكبيرنا فليس منَّا، كما جاء ثابتًا مِن قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ حَقَّ كَبِيرِنَا فَلَيْسَ مِنَّا»(١).

وعليه، فإنَّ إدارة موقع الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- ترفعُ إلى علمِ عموم الطلبة والقُرَّاء براءةَ الشيخ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- مِن المحاولات المتكرِّرة للمدعوِّ: أبا عبد القدُّوس بدر الدين مناصرة -هداه الله- بالافتيات على أهل العلم والتقدُّم بين أيديهم، ومحاولة المساس بمكانتهم ومنزلتهم، وذلك في كتاباته ومقالاته التشغيبية التي تحمل -في طيَّاتها- الطعنَ الصريح في أهل العلم ورَمْيَهم بالإرجاء والبدعة، سواءٌ الأحياء منهم والأموات، والله المستعان.

وتذكِّر الكاتبَ -هداهُ الله- بنصيحةِ الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس -حفظه الله- له -مشافهةً- بلزومِ غرز الجماعة، والانضواءِ تحت لواء العلماء، ونبذِ الفُرقة والاختلاف، وتركِ منهج تفكيك روابط الأخوَّة الدينية، وطرحِ الانشغال بما لا يُحسنه، والخوضِ في مسائلَ هي أوسعُ مِن معارفه وأكبرُ مِن مداركه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

إدارة الموقع

الجزائر في: ٢٥ رجب ١٤٣٥ﻫ

الموافـق ﻟ: ٢٥ مـاي ٢٠١٤م



(١) أخرجه أبو داود (٤٩٤٣) من حديث عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما، والترمذي بنحوه (١٩٢١) من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وصحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٦٥٤٠).



تبرئة الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ
من قراءة صحفيِّين غير مؤهَّلين لمقالاته

الحمد لله، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، أمَّا بعد:

فإنَّ ما تُصْدِره بعض الصحف والجرائد التي ما فتئت تلهث وراء الاستفزاز الإعلاميِّ (منظَّمًا أو غير منظَّمٍ) على شخصية الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ من أمدٍ بعيدٍ، وذلك بما تسطِّره في صفحاتها من قراءةٍ معوجَّةٍ لمقالاته المبثوثة على موقعه ورسائله، والتجنِّي عليها بالتحريف والبتر والحذف والزيادة والنقصان والاختصار المخلِّ، بأقلامِ فئةٍ من الصحفيين غير متخصِّصين ولا متورِّعين، لا يُعلم لهم قدمٌ في علمٍ ولا دعوةٍ ولا توجيهٍ، ولا لهم لغةٌ سليمةٌ ولا فهمٌ مستقيمٌ، أو على الأقلِّ نزاهةٌ أو خشيةٌ من الله في عباده، كلُّ ذلك لتنفير العامَّة منه وإحداث تشويهٍ على صدق دعوته ودفعه إلى مواجهاتٍ مع الطبقة المسؤولة والشخصيات الفاعلة في المجتمع الجزائري، كالمقال المنشور في جريدة النهار بتاريخ: ٠٤ ربيع الأوَّل ١٤٣٥ﻫ الموافق ﻟ: ٠٦/ ١/ ٢٠١٤م، العدد: ١٩٠٦ بعنوان: «من يحتفل بالمولد فهو شيعيٌّ»، والذي ينسب فيه كاتبُه إلى الشيخ ـ تحريفًا وزورًا ـ الحكمَ بالتشيُّع العينيِّ على كلِّ محتفلٍ بالمولد.

لذلك فالشيخ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ يتبرَّأ من القراءات السمِجة للصحفيين غير المؤهَّلين، ويدعو قرَّاء الجرائد إلى التريُّث والتثبُّت، وذلك بالرجوع إلى عين المورد الذي يقرؤونه بأنفُسهم، فإن كان حقًّا فالحقُّ يعلو ولا يُعلى عليه، وإن كان غيرَ ذلك فالاجتهاد الخاطئ يُرَدُّ على صاحبه.

كما ينفي ما قيل مِن نسبةِ زعامةِ السلفيِّين الجزائريِّين إليه، بل هو معدودٌ منهم وليس هو بخيرهم أو أعلمَ منهم، وليس له عليهم قهرٌ في أحكامه وفتاويه.

هذا، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلَّم تسليمًا.

 



تكذيبٌ واستنكارٌ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه ومن اتَّبعه بإحسانٍ إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فإنَّ مِن أحطِّ أنواع الأخلاق المذمومة والصفات القبيحة: خُلُقَ الكذب، الذي توافقت الشرائعُ السماوية على تحريمه، واجتمعت كلمةُ الأنبياء على التحذير منه والتنفير من التحلِّي به.

ومِن أجل ذلك كان أبغضَ خُلُقٍ إلى النبيِّ ، فعن عائشة قالت: «مَا كَانَ خُلُقٌ أَبْغَضَ إِلَى رَسُولِ اللهِ  مِنَ الْكَذِبِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُحَدِّثُ عِنْدَ النَّبِيِّ  بِالْكِذْبَةِ فَمَا يَزَالُ فِي نَفْسِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْهَا تَوْبَةً»(١).

وقد توالت ـ خاصَّةً في الآونة الأخيرة ـ افتراءاتٌ وأكاذيبُ مِن عِدَّة جرائدَ وعلى رأسها جريدة «الخبر» حيث إنها افتَرَتْ جملةً مِن الأباطيل بدءًا بفرية تحريم «الزلابية» وأكاذيبَ أخرى، إلى أن وصلت بدعواها أنَّ أبا عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ قد حضر مجلسًا تأسيسيًّا لحزبٍ من الأحزاب السياسية الجزائرية، فقال الصحفيُّ ـ بكلِّ جرأةٍ ووقاحةٍ ـ: «كما كان لافتًا الحضورُ البارز لقادةٍ سلفيِّين تقدَّمهم الشيخُ فركوس، أبرز دعاة السلفية في الجزائر»(٢)، الأمر الذي يفتح بها مجالَ التشكيك والارتياب في مبدإ السلفية وأصولها ومنهجها الدعويِّ، الذي يُحدثه خصومُ الدعوة إلى الله تعالى.

هذا، وإنَّ الشيخ أبا عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس وإدارةَ موقعه وعمومَ الدعاة السلفيِّين يستنكرون هذا التجاوزَ المفضوح مِن قبل الجريدة ـ المشار إليها ـ بنشر هذه الأخبار العارية عن الصحَّة بغضِّ النظر عن الأغراض المقصودة مِن ورائها والجهات الخفيَّة التي تسيِّرها.

هذا ما نؤكِّده جازمين بموقفنا، وحَسْبُنا ما توارثه الفضلاءُ والأخيار قرنًا بعد قرنٍ، مأثورًا عن النبوَّات المتقدِّمة: «إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ»(٣)، فإنَّ المانع مِن فعل القبائح والقولِ على الناس ما ليس فيهم هو الحياء، ومَن فقده انهمك في كلِّ رذيلةٍ، وتجاسر على كلِّ ما يُستحيى منه فانغمس فيه ادِّعاءً أو نشرًا.

كما يتبرَّأُ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ممَّا نسبه صاحبُ المقال إليه وإلى إخوانه السلفيِّين، وفي الوقت ذاته ينصح كاتبَ المقال وكلَّ أعوانه المشاركين له في كذبه بالتوبة والإنابة، وبالصدق والمصداقية الذي رفعَتْه جريدةُ «الخبر» شعارًا لها، والمسارعةِ إلى التحلُّل مِن أعراض الأبرياء، السرُّ بالسرِّ والعلانية بالعلانية، قبل الوقوف بين يدَيِ العزيز الجبَّار ﴿يَوۡمَ لَا يَنفَعُ مَالٞ وَلَا بَنُونَ ٨٨ إِلَّا مَنۡ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلۡبٖ سَلِيمٖ ٨٩[الشعراء].

اللَّهُمَّ اهْدِنَا لِأَحْسَنِ الأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، وَنَعُوذُ بِكَ رَبَّنَا مِنَ الكَذِبِ وَالبُهْتَانِ، أَوْ أَنْ نَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ، وَنَسْأَلُكَ رَبَّنَا أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْنَا دِينَنَا وَعُقُولَنَا، إِنَّكَ سَمِيعٌ مُجِيبٌ.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين، وصَلِّ اللهم على محمَّدٍ وآله وصحبه وإخوانه وسلِّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٦ ربيعٍ الأوَّل ١٤٣٢
الموافـق ﻟ: ١٨ فيفـري ٢٠١٢م



(١) أخرجه الترمذي (١٩٧٣)، وانظر «السلسلة الصحيحة» للألباني (٥/ ٨٠).

(٢) «جريدة الخبر» الصادرة ليوم السبت: ١٨ فيفري ٢٠١٢م العدد (٦٦٢٩) صفحة (٤).

(٣) أخرجه البخاري (٣٤٨٤)، من حديث أبي مسعودٍ البدريِّ ؓ.



موافقةُ مَن ظهر خطؤه

ورد إلى الموقع رسالةٌ برقم (١٢٠٣٠) يُطْلِعنا صاحبُها فيها عمَّا تناقلَتْه بعضُ المواقع الإلكترونية بخصوص جوابٍ منسوبٍ للشيخ أبي عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ.

وهذا نصُّ المراسلة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أمَّا بعد:

سمعتُ أنَّ سائلًا سأل الشيخَ فركوس ـ حفظه الله ـ عن الخلاف بين الشيخين ربيعٍ وفالحٍ ـ حفظهما الله ـ فكان جوابُه أنَّ العلماء مع الشيخ فالحٍ في أقواله لا في أفعاله، فهل صدق مَن نسب إلى الشيخ هذا الكلام؟ وأعتذر عن وضعِ هذا السؤال في مكان الانتقادات، وأرجو أن ترسلوا لي جوابًا، (اللهم أَرِنا الحقَّ حقًّا وارْزُقْنا اتِّباعَه....)، والسلام عليكم.

جواب الإدارة:

الحمدُ لله وحده، والصلاةُ والسلامُ على من لا نبيَّ بعده، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:

فإنَّ إدارة الموقع ترفع إلى مراسلها الكريم شُكْرَها، وتُثني على جهده خيرًا، حيث الْتزم التعليمَ الربَّانيَّ في التثبُّت مِن الأخبار سلوكًا للسلامة ودرءًا للندامة، إذ إنَّ ممَّا يخرم المروءةَ، ويُسْقِط العدالةَ نَشْرَ الأخبار دون التأكُّد مِن صِحَّتها وتمحيصِ سليمها مِن سقيمها، وذلك معرِّضٌ لوصف الفِسق الوارد في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ ٦[الحجرات]، ويجعل ناقلَه فاقدًا لفضيلة الصدق، حائزًا لرذيلة الضدِّ، قال : «كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»(١)، والمتجاسِرُ بنقل خبرٍ يرمي به بريئًا بُهتانًا وزورًا متوعَّدٌ بوعيدٍ شديدٍ، جاء صريحًا في قوله : «وَمَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ»(٢).

ومِن هذا القبيلِ ما نُسب للشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ افتراءً وكذبًا ما جاء مذكورًا في نصِّ المراسلة ومنشورًا في المواقع ذات الطابع الإقصائيِّ مِن أنه سئل عن المسئول عنه، فأجاب: بأنَّ العلماء يوافقونه في أقواله لا في أفعاله، فإنَّه وبغضِّ النظر عن بُعد الجواب عن مسلك الشيخ ـ حفظه الله ـ في أجوبته وأسلوبِه المعروف عنه، فإنَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ أكَّد تأكيدًا جازمًا عَدَمَ تلقِّيه سؤالًا يخصُّ القضيَّةَ المطروحة، ولم يصدر منه الجوابُ المزعوم.

فضلًا عن أنَّ قضيَّة الشخص المسئول عنه ليست قضيَّةً شخصيةً بينه وبين فضيلة الشيخ ربيعٍ ـ حفظه الله ـ كما يُفهم ممَّا كتبه المراسلُ الكريم، بل إنَّ الخلاف ـ بغضِّ النظر عن طابعه العقديِّ ـ منهجيٌّ أخلاقيٌّ، قد فُصِل النزاعُ فيه منذ أمدٍ بعيدٍ، فظهر الحقُّ وزَهَق الباطلُ وأهلُه، جزاءً لمن لم يلتزم منهجَ علماء السلف في  دعوته قولًا وعملًا.

ولا يَسَعُنا أخيرًا إلَّا أن ننصح نَقَلَة الخبر المكذوب بالتوبة والإنابة، والمسارعةِ إلى طلب العفو مِن المفترَى عليه، وأن يكونوا أدواتِ خيرٍ ونَقَلَةَ صدقٍ وفضيلةٍ، مبتعدين عن الفتن والقِيل والقال، حتى لا يعرِّضوا أنْفُسَهم للعقوبة الأخروية الواردة في الحديث: «رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أَتَيَانِي، قَالَا: الَّذِي رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ فَكَذَّابٌ يَكْذِبُ بِالكَذْبَةِ تُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ، فَيُصْنَعُ بِهِ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ»(٣).

وننصح الجميعَ بالالتفاف حول العلماء الموثوق في علمهم وعقيدتهم، الذين يُرَبُّون أتباعَهم على صفاء العقيدة، ونقاءِ المنهج، وجميل الأخلاق، وحسن المعاملة، والعدل في الأقوال والأعمال، إذ تصدُّرُ المجالس لا يُعَدُّ بالضرورة دليلًا على قُوَّة العلم والفهم، فكم مِن مُدَّعٍ ما ليس فيه، يضرُّ ويظنُّ أنه ينفع، ويُفْسِد ويحسب أنه يُصلح، وتلك آفةٌ مُهْلِكةٌ. قال ابن حزمٍ ؒ: «لا آفةَ على العلوم وأهلها أضرُّ مِن الدخلاء فيها وهُمْ مِن غير أهلها، فإنهم يجهلون ويظنُّون أنهم يعلمون، ويُفسدون ويقدِّرون أنهم يُصلحون»(٤).

نسأل اللهَ السلامةَ والعافية في الدِّين والدنيا، والابتعادَ عن المُهْلِكات، ونعوذ بالله أن نكون مِن الهالكين، أو المُهلكين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

إدارة الموقع

الجزائر في: ٢٢ جمادى الثانية ١٤٣٢

الموافق ﻟ: ٢٥ مــايو ٢٠١١م



(١) أخرجه مسلم في «مقدِّمة صحيحه» باب النهي عن الحديث بكلِّ ما سمع، من حديث أبي هريرة ؓ (٥).

(٢) أخرجه أبو داود في «الأقضية» بابٌ فيمن يعين على خصومةٍ مِن غيرِ أن يَعلم أَمْرَها، من حديث عبد الله بن عمر ، وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦١٩٦).

(٣) أخرجه البخاري في «الأدب» باب قول الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩[التوبة] وما يُنهى عن الكذب (٦٠٩٦)، من حديث سمرة بن جندبٍ ؓ.

(٤) «مداواة النفوس» لابن حزم (١/ ٢٣).



تعقـيبٌ وتثـريبٌ
على مقال «الشروق»

الحمد لله الهادي إلى الصراط المستقيم، والصلاة والسلام على مَن دعا إلى المنهج القويم، وعلى آله وصحبه ومَن اقتفى أثرَه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فإنَّ إدارة موقع الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ قد اطَّلعت على مقالٍ نُشر بجريدة «الشروق» الصادرة في يوم الإثنين: ٢٩ ربيع الثاني ١٤٢٩ﻫ الموافق ﻟ: ٠٥ ماي ٢٠٠٨م  معنون ﺑ: «الشيخ فركوس رَاسَل الجماعةَ السلفية للدعوة والقتال»، جاء في مَطْلَعه: «وقال الشيخ فركوس في مراسلةٍ لنُشَطاءِ ما يُسمَّى «القاعدة في بلاد المغرب الإسلاميِّ» تحصلت «الشروقُ اليوميُّ» على نسخةٍ منها...».

وبعد قراءته تبيَّنَ أنَّ كاتب المقال قد نقل محتواه مِن كتابين للشيخ ـ حفظه الله ـ: الأوَّل: بعنوان: «منهج أهل السُّنَّة والجماعة في الحكم بالتكفير بين الإفراط والتفريط»، والثاني: بعنوان: «الإصلاح النفسيُّ للفرد أساسُ استقامته وصلاحِ أُمَّته». ومحتواهما الذي قد نُشر شيءٌ منه في المقال المذكور موجَّهٌ لجميع القرَّاء وعموم المسلمين، وليس رسالةً موجَّهةً إلى جماعةٍ معيَّنةٍ، والشيخ أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ لم تكن له أيُّ مقابلةٍ ولا مراسلةٍ مِن قريبٍ ولا مِن بعيدٍ مع مَن ذَكَرهم صاحبُ المقال.

ومحتوى الكتابين المذكورين هو ما يعتقده الشيخ ـ حفظه الله ـ وينتهجه، ويدعو إلى تبنِّيه والعملِ بمقتضاه منذ حِقبةٍ من الزمن.

وجديرٌ بالتنبيه أنَّ صاحب المقال وصف الشيخَ بكونه: «مِن أبرز منظِّري التيَّار السلفيِّ»، وهذه مغالطةٌ مِن ناحيتين:

الأولى: أنَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ ليس رجلًا قياديًّا ذا منصبٍ إداريٍّ في حركةٍ مِن الحركات أو جماعةٍ من الجماعات، أو حزبٍ من الأحزاب، وإنما هو عالمٌ فقيهٌ بالعلم الشرعيِّ المنبثق من الكتاب والسُّنَّة وفَهْمِ سلف الأُمَّة.

الثانية: أنَّ المنهج السلفيَّ منهجٌ دعويٌّ عِلميٌّ معلومةٌ أصولُه وقواعدهُ، لا يحتاج إلى مُنظِّرٍ يتصرَّف فيها تغييرًا وتبديلًا كُلَّما احتيج إلى ذلك، وليس له زعيمٌ أو رئيس يُبايَع على السمع والطاعة، بل هو دعوةٌ عِلميةٌ يمتدٌّ نسبُها إلى فترة الإسلام الصافي.

وإنَّ إدارة الموقع إذ تستنكر نَشْرَ معلوماتٍ خاطئةٍ عن الشيخ ـ حفظه الله ـ تدعو في الوقت ذاته جميعَ مَن ينقل أخبارَ الناس عمومًا، والشيخ خصوصًا، أن يمتثل قولَه تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ ٦[الحجرات]، وقولَه : «كَفَى بِالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ»، حتَّى تُصان أعراضُ الناس عن الطعن واللمز، وتُحْفَظ حقوقُهم، وأن لا يُقوَّلوا ما لم يقولوا.

هذا، وإنَّما كُتِبَ هذا البيانُ والتوضيح سَدًّا لباب التقوُّل على شيخنا أبي عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ وصدًّا لمن يحاول طعنَه ولَمْزَه بنسبةِ معلوماتٍ له مفتراةٍ عليه.

والحمد لله أوَّلًا وآخرًا، والصلاة والسلام على نبيِّنا محمَّدٍ وآله وأتباعه إلى يوم الدِّين.

الجزائر في: ٢٩ ربيعٍ الثاني ١٤٢٩
الموافق ﻟ: ٠٥ ماي ٢٠٠٨م



افتراءٌ في التزهيد في الإقبال على الدراسة
في دار الحديث بالدمَّاج ـ اليمن

الافتراء:

الشيخ الفاضل/  محمَّد بن علي فركوس.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمَّا بعد:

فأودُّ أن أسألك عن أمرٍ شاع عندنا في اليمن، أنكم تحذِّرون مِن مركزِ شيخنا الإمام/  مقبل بن هادي الوادعيِّ (دمَّاج) وتزهِّدون في الإقبال على الدراسة في دار الحديث، فهل هذا الكلام صحيحٌ عنكم؟ وجزاك الله خيرًا.

أرجو منكم الإجابة في أقرب وقتٍ مُمكنٍ.

ـ مراسلةٌ من اليمن ـ

الـردُّ:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فممَّا يُؤسَفُ له الأسفَ الشديد أن يُذاع عن أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس تحذيرُه من مركز الشيخ مقبل بن هادي الوادعيِّ T بالدمَّاج ـ اليمن ـ فإنَّ هذا الخبرَ المنتشر عندكم إشاعةٌ غايةٌ في الافتراء عليه لا أساسَ لها مِن الصحَّة، ولا وجه لها مِن الحقِّ والنظر، والشائعةُ إذا لم يُتثبَّت منها فهي عين الكذب وقد سمَّاها الله تعالى إفكًا، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ جَآءُو بِٱلۡإِفۡكِ عُصۡبَةٞ مِّنكُمۡۚ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرّٗا لَّكُمۖ بَلۡ هُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۚ لِكُلِّ ٱمۡرِيٕٖ مِّنۡهُم مَّا ٱكۡتَسَبَ مِنَ ٱلۡإِثۡمِۚ وَٱلَّذِي تَوَلَّىٰ كِبۡرَهُۥ مِنۡهُمۡ لَهُۥ عَذَابٌ عَظِيمٞ ١١ لَّوۡلَآ إِذۡ سَمِعۡتُمُوهُ ظَنَّ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بِأَنفُسِهِمۡ خَيۡرٗا وَقَالُواْ هَٰذَآ إِفۡكٞ مُّبِينٞ ١٢[النور]، وقد حرَّم اللهُ تعالى استخدامَ الإشاعة للإضرار وإحداث الفتنة بين المسلمين، فقال جلَّ وعلا في شأن المنافقين: ﴿وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦ[النساء: ٨٣]، فقد كانوا حالَ طروء شبهةِ أمنٍ للمسلمين أو نصرٍ أو فتحٍ عليهم يقلِّلون مِن شأنها ويصغِّرون أمْرَه ويحقِّرونها، ثمَّ يُذيعون التصغيرَ ويُشيعون التحقير، وحالَ طروء شبهةٍ مِن خوفٍ للمسلمين أو نكبةٍ أو مصيبةٍ يعظِّمون أمْرَها ويشهِّرونها وينشرونها.

ألا وإنَّ التسرُّع في بثِّ الشائعات والأقاويل مِن غير تروٍّ أو توثُّقٍ وتثبُّتٍ مضرٌّ ومؤثِّرٌ على مصلحة الدعوة إلى الله، وهو يؤدِّي بطريقٍ أو بآخَرَ إلى إحداث تصدُّعٍ في أركان الأخوَّة الإيمانية التي تجمع المفترقَ وتؤلِّف المختلفَ وتجعل أهلَ الإيمان كالجسد الواحد أو كالبنيان يشدُّ بعضُه بعضًا مهما اختلفت أنسابُهم وامتدَّت أوطانُهم وتباعدت أزمانُهم.

هذا، وإنَّ منطلق حثِّ الشباب على طلب العلم الشرعيِّ والحضِّ عليه من قِبَل أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس هو النصوصُ الآمرة بتحصيله؛ لأنه طريقُ الجنَّة وسبيلُ النجاة مِن النار، ومَن كانت هذه دعوتَه فلا تصحُّ نسبة التَّزهيد فيه إليه أو صدِّ الناس عنه، سواءٌ كانت المسيرة العلمية التحصيلية ابتدأت مِن الجلسات المسجدية والحلقات العلمية أو مِن المقاعد النظامية حرَّةً كانت أو حكوميةً، ما دام طابعها العامُّ والسِّمَةُ الغالبةُ فيها نَشْرَ العلم النافع مِن منبعه الصافي مِن الكتاب والسنَّة على فهم سلف الأمَّة، وتدريسَ عقيدةٍ سالمةٍ مِن الشوائب ومجرَّدةٍ مِن الحوادث، وتبليغَ العلم للناس ببيان ذكرِ الله وما نزل مِن الحقّ، وليس هذا الأمرُ قاصرًا على بلدٍ، وإنما في كلِّ الأقطار والبلدان والأمصار.

هذا، وإنما نصيحتي للمبتدئ بتحصيل المبادئ الأولى لكلِّ علمٍ في بلده ـ إن أمكن ـ جريًا على عادة العلماء السابقين، وبتصحيح نيَّة الطالب في مسعاه التحصيليِّ لئلَّا يجعل تحصيلَه له مطيَّةً لأغراضٍ وأعراضٍ، والترغيب في كلِّ مَن حباه اللهُ بدقَّة الفهم وجودةِ الحفظ وحُسْنِ السيرة وطيبة السريرة بالسفر إلى معاهد العلم ومراكزه فيما يجد فيها بغيتَه للاستزادة في العلم والتدرُّج في مدارجه، مع حثِّه على العودة إلى بلده للتعاون على نشر الدعوة وتوسيع نطاقها في ربوع الجزائر وغيرها.

وعليه، فينبغي دفعُ هذه الإشاعات التي تحمل الكذبَ لخطورتها وضررها قبل استفحالها وانتشار فريتها، تلك العباراتُ القبيحة التي كان الشيخ أبو عبد المعزِّ في حِلٍّ منها أيَّامَ الفتنة وبعدها و«الدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنَ الرَّفْعِ».

هذا، وختامًا لا يفوتني أن أسطِّر مشاعرَ الشكر والعرفان لكلِّ القائمين على مركز الشيخ الإمام: مقبل بن هادي الوادعيِّ T وما يبذلونه مِن جهدٍ في تعليم شرعِ الله تعالى والعنايةِ بطلبته، نسأل اللهَ أن يسدِّد خُطاهم، ويوفِّقهم في التعليم والإصلاح، ويجمعهم على التعاون على البرِّ والتقوى والتواصي بالحقِّ والصبر.

والحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٧ ربيعٍ الأوَّل ١٤٢٨
الموافق ﻟ: ٢٦ مارس ٢٠٠٧م



في فرية قصر الدعوة على الملتزمين

الافتراء:

٠١ صفر ١٤٢٨ﻫ الموافق ﻟ: ١٨ فبراير ٢٠٠٧م

أمَّا بعد:

قَرَأْنا أنَّ مراتب العلم أربعةٌ: (العلم، العمل به، الدعوة إليه، الصبر على الأذى فيه)، ونرى أن أنتم «السلفيُّون» لا تهتمُّون بالجانب الدعويِّ في المجتمع وبين أفراده ونرى انعزالكم عنه، كأنِّي أرى أنكم تكتمون العلمَ إلَّا على مَن له لحيةٌ ومقصِّرٌ ثوبَه.

أرجو الردَّ على هذا الانتقاد لأنَّ الكثير ينتظرون الردَّ.

مراسلةٌ من ولاية «بشَّار».

الـردُّ:

فاعلَمْ ـ أرشدك الله للخير ـ أنَّ إدارة الموقع تلقَّتْ رسالتك مع ما تحمله مِن انتقادٍ برحابة صدرٍ وانشراحٍ، وتلبيةً لواجبنا وأداءً لحقوقكم علينا مِن نصائحَ وتوجيهاتٍ فإنَّنا نعلمكم بأنَّنا نهدف مِن خلال موقعنا إلى تبليغ دعوة الله التي جاءت بها الرسلُ مِن علمٍ نافعٍ وعملٍ صالحٍ، ممتثلين ما ورد مِن الأمر في ذلك عن الشارع الحكيم في مثل قوله تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ ١٢٥[النحل]، وقوله تعالى: ﴿قُلۡ هَٰذِهِۦ سَبِيلِيٓ أَدۡعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠ وَمَنِ ٱتَّبَعَنِيۖ وَسُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ١٠٨[يوسف]، وقوله فيما رواه مسلمٌ في صحيحه من حديث تميم بن أوسٍ الداريِّ ؓ: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ـ ثَلَاثًاـ قُلْنَا: «لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟» قَالَ: «لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، وغير ذلك مِن النصوص المستفيضة في هذا الباب.

ودعوتُنا إنَّما هي دعوةٌ مبنيَّةٌ على كتاب الله وسنة النبيِّ على فهم سلف هذه الأمَّة، فهي في الحقيقة امتدادٌ لدعوة النبيِّ محمَّدٍ وأصحابِه التي امتازت بالعموم والشمول، قال تعالى: ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا ٱلَّذِي لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ فَ‍َٔامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلۡأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَٰتِهِۦ وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمۡ تَهۡتَدُونَ ١٥٨[الأعراف]، ﴿وَأَرۡسَلۡنَٰكَ لِلنَّاسِ رَسُولٗاۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيدٗا ٧٩[النساء]، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ ١٠٧[الأنبياء]، ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ بَشِيرٗا وَنَذِيرٗا وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٢٨[سبأ]، ﴿تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ لِيَكُونَ لِلۡعَٰلَمِينَ نَذِيرًا ١[الفرقان].

وعليه، فإنَّ لكلِّ دعوةٍ أتباعًا، كما قيل: ادْعُ يتكتَّلِ الناسُ معك، وإذا كان كذلك فتكتُّلُ الناس على دعوة الحقِّ واستجابتُهم للرسول المبعوثِ للخلق عليه الصلاة والسلام باتِّباعهم لسنَّته واقتدائهم بهديه لا يعني أنَّ الدعوة خاصَّةٌ بهم أو قاصرةٌ عليهم، بل لِمَا حصل منهم من الإذعان والانقياد لربِّ العباد مِن عموم الناس، كما قال تعالى: ﴿فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ ٩ سَيَذَّكَّرُ مَن يَخۡشَىٰ ١٠[الأعلى].

هذا، ووسائل الدعوة وطُرُقُها وسُبُلُها كثيرةٌ مِن تأليفٍ وخطابةٍ وتناصحٍ وإلقاءٍ للمحاضرات وغير ذلك ـ ولله الحمد والمِنَّة ـ وبغضِّ النظر عن أنماط المضايقات وشتَّى أساليب العراقيل التي تعترض دعوةَ الحقِّ فإنَّ شيخَنا أبا عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ يسعى لتبليغها في حدود المقدور وفي حيِّزٍ متَّسعٍ آملًا أن تنتشر دعوةُ الله في خلقه وعلى أرضه كما يَعرف ذلك مَن جالسه وسمع أشرطتَه وقرأ كُتُبَه واطَّلع على موقعه، وبخصوص هذا الأخير فإنَّ انتقادكم الذي مفادُه أنَّ الموقع لا يهتمُّ بالجانب الدعويِّ ومنعزلٌ في أفكاره على طائفةٍ من الناس معيَّنةٍ يتنافى وطبيعةَ الموقع وأهدافَه التي ترمي إلى نشر سُبُل الخير وتقرير مبادئ الدين، اعتقادًا(١)، وأحكامًا(٢)، وأخلاقًا(٣)، كما أنَّ مِن مراميه ومقاصدِه توجيه أفراد المجتمع(٤) لِمَا فيه رِضَا ربِّهم وصلاحُهم بحلِّ مشاكلهم وفكاك منازعاتهم على وفق المصالح التي يستهدفها الشارعُ الحكيم، متجلِّيًا ذلك في الجواب على أسئلتهم والقيامِ بواجب الإرشاد والنصح، كما هو بيِّنٌ وواضحٌ في صفحة الفتاوى التي نرجو أن تكون قد شملت جميع ميادين الإصلاح، ويمكن أن يقال ـ مِن ناحيةٍ أخرى ـ: إنَّ المجال مفتوحٌ للجميع بالمراسلة والاستفسار، فكيف يكون الموقع مقتصرًا على بعض الأفراد؟

كما يجدر بالتنبيه أنه قد صدرت مجلَّةٌ لمشايخ الدعوة السلفية والموسومة ﺑ: «مجلَّة الإصلاح» التي مِن أهدافها: نشرُ العلم النافع، وإصلاحُ الأمَّة بإرجاعها إلى ما كان عليه سلفُها مِن الأخلاق العالية والقِيَم الفاضلة، وهي أسلوبٌ دعويٌّ عامٌّ وليس خاصًّا بفئةٍ دون أخرى، فالخطاب فيها موجَّهٌ لكلِّ أفراد الأمَّة لا يُقصى فيها إلَّا مَن أقصى نفْسَه.

نسأل اللهَ ـ سبحانه وتعالى ـ أن يوفِّقنا وإيَّاك لسلوك سبيل الحقِّ والدعوة إليه وأن يَمُنَّ علينا بالهدى والتوفيق، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

عن إدارة موقع فضيـلة الشيخ
أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس حفظه الله تعالى

الجزائر في: ٦ صفر ١٤٢٨
الموافق ﻟ: ٢٤ فبراير ٢٠٠٧م



تعقـيبٌ وتثـريبٌ
على مقال إحدى الجرائد الأسبوعية

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فقد اطَّلعت إدارةُ موقع الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ على الأنترنت على ما نشرَتْه إحدى الجرائد الأسبوعية الجزائرية في عددها: ٧٠٩ الصادر بتاريخ: الأسبوع من ١١ إلى ١٧ ربيع الأوَّل ١٤٢٧ﻫ الموافق ﻟ: من ١٠ إلى ١٦ أفريل ٢٠٠٦م، في الصفحة: ١٣.

تحت مقالٍ موسومٍ ﺑ: «ما حكم الاحتفال بالمولد النبويِّ؟» نسبَتْه للشيخ أبي عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ.

وبعد قراءته وتصفُّحه تبيَّن أنَّ ناقل الفتوى قد وقع في أخطاءٍ كثيرةٍ يمكن إجمالُها على الوجه الآتي:

١- عدم الأمانة في النقل: حيث إنَّه بَتَر ثمانيَ فقراتٍ كاملةٍ من الفتوى غيَّرت معناها وشوَّهت مبناها، بدءًا بالمقدِّمة التي تُعتبر أصلَ المسألة التي عليها تُبنى، وأساسَ الفتوى التي عليها تتفرَّع، وبحذفه إيَّاها فوَّت على القارئ فَهْمَ المسألة مِن أساسها، ثمَّ عاود الكرَّةَ مِن جديدٍ لِيَحرِم القارئَ مِن معرفة أوَّل ابتداء الاحتفال وأوَّلِ مَن ابتدعه، حاذفًا بذلك أصلًا هامًّا قرَّره الشيخ بقوله: «ومعنى ذلك أنَّ هذه الموالد لم تُعرف عند المسلمين قبل القرن الرابع الهجريِّ، ولم يفعله السلفُ مع قيام المقتضي له وانتفاءِ المانع، ولو كان هذا خيرًا محضًا أو راجحًا لكان السلف أحقَّ به منَّا، فإنَّهم كانوا أشدَّ محبَّةً لرسوله وتعظيمًا له منَّا، وهم على الخير أحرص»، ثمَّ بَتَر الناقلُ ما جاء على لسان الشيخ حاكيًا شبهة المجيزين للاحتفال واصفًا إيَّاهم بقوله: «هذا وكعادة أهل الأهواء التمسُّك بالشبهات يلبسِّونها على العوامِّ وسائرِ مَن سار على طريقتهم، ومِن جملة الشبهات والتعليلات استنادُهم....»، فحذفها وذكر الشبهةَ مُوهِمًا القارئ أنَّها من كلام الشيخ الأصليِّ(١)، غيرَ مُدْرِكٍ بأنَّه بفعله هذا خَلَط بين الشبهة المجيزة للاحتفال والردِّ عليها المانعِ منه(٢)، ثمَّ استمرَّ يحذف فقراتٍ هامَّةً في الفتوى مُحْدِثًا بذلك خللًا بتركيب الجُمَل وتنسيق المعاني، ينافي أسلوبَ الشيخ ـ حفظه الله ـ المعروفِ في كتاباته بسلاسة العبارة وجودة الكلمات وسلامة المعاني المتناسقة، ومثال ذلك ما جاء في الفتوى المبتورة: «والاحتفال به، لكن لم يُنقل عنهم ذلك...".     

٢- التصرُّف في عنوان الفتوى، إذ عنوانها الأصلي: «في حكم الاحتفال بالمولد النبويِّ»، بينما سمَّاها ناقلها: «ما حكم الاحتفال بالمولد النبويِّ؟»

٣- عدم ذكر المصدر والمرجع الذي اقتُبست منه الفتوى، وهذا يُعَدُّ خرقًا لِمَا اشترطَتْه إدارةُ الموقع من أنَّها: تمنع من استغلال موادِّ الموقع لأغراضٍ تجاريةٍ، وترخِّص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراضٍ بحثيةٍ أو دعويةٍ على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع، واللافت للانتباه أنَّ الجريدة ذكرَتْ في نفس الصفحة ثلاثَ فتاوى للشيخ ـ حفظه الله ـ كاملةً مِن غير بترٍ ولا نقصٍ وهي:

* ما حكم الزواج بامرأةٍ تابت مِن زناها؟

* ما حكم اتِّخاذ الصلاة على النبيِّ لقطع كلام الغير؟

* ما حكم الدعوة بالأناشيد الإسلامية؟

من غير أن تنسبها للشيخ ـ حفظه الله ـ مُوهِمةً القرَّاءَ أنَّ الفتاوى من أجوبتها ـ والمتشبِّع بما لم يُعْطَ كلابس ثوبَيْ زورٍ ـ(٣)، بينما نسبت الفتوى المبتورةَ لكاتبها الأصليِّ!!؟   

٤- القارئ لنصِّ الفتوى بالجريدة المذكورة أعلاه يبتدر إلى ذهنه أنَّ الفتوى منقولةٌ بكاملها مِن غير تصرُّفٍ ولا تطفيفٍ، وبالرجوع إلى الأصل يظهر التصرُّف في الفتوى جليًّا، ومع ذلك لم يُشِرِ الناقلُ إلى التصرُّف بوضع نقاطٍ في مكان الحذف، أو بكتابة «بتصرُّف» في آخر النصِّ، وفي هذا تدليسٌ على القارئ.

هذا، وإنَّ إدارة الموقع إذ تكتب هذا التكذيبَ، إنَّما هو نصرةً لدين الله عزَّ وجلَّ أن يُنسب إليه ما ليس فيه بناءً على خطإٍ في النقل، ودفاعًا عن الشيخ أبي عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ الذي يفتري عليه المُفْتَرون بين الفترة والأخرى، كما تنصح إدارةُ الموقع ناقلَ الفتوى بالتوبة والاستغفار ممَّا صدر منه مِن بترٍ وخلطٍ وتدليسٍ وتبخيس الناس أشياءَهم، وأن لا يكون عونًا على نشر الباطل في صورة الحقِّ، والله المستعان وعليه التكلان.

أيَّد الله الحقَّ وأهله.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وآله وصحبه وإخوانه، وسلَّم تسليمًا.

 

الجزائر في: ٢٦ ربيعٍ الأوَّل ١٤٢٧

المـوافق ﻟ: ٢٤ أبريل ٢٠٠٦م



(١) وبحذفه للشبهات يُخفي على القارئ معرفةَ الردِّ على ما يسمعه كثيرًا في الدروس والمحاضرات وما يقرؤه في الكتب، ويتناقله جيلٌ عن جيلٍ من أدلَّةٍ ـ زعموا ـ مجيزةٍ للاحتفال بالمولد النبويِّ، فتبقى بذلك راسخةً في الأذهان على أنَّها أدلَّةٌ قويَّةٌ وحقيقتُها ـ كما بيَّن الشيخ حفظه الله ـ شبهاتٌ واهيةٌ.

(٢) كما أنَّ الناقل ـ فضلا عن خلطه بين الشبهة وجوابها ـ خَلَط بين الهامش والأصل، وبيان ذلك أنَّ جملة «من حديث أبي قتادة الأنصاريِّ ؓ» هي مِن الهامش، وجملة: «ووجهه يدلُّ على شرف ولادته »، هي من الأصل، وهذا إن دلَّ على شيءٍ فإنَّما يدلُّ على أنَّه لا يجيد النقلَ عن أهل العلم لأنَّه ليس مِن طلَّاب العلم، أو أنَّه مدلِّسٌ! وأحلاهما مرٌّ.

(٣) أخرجه البخاري في «النكاح» (٥٢١٩)، ومسلم في «اللباس والزينة» (٥٧٠٦)، وأبو داود في «الأدب» (٤٩٩٩)، وأحمد (٢٧٦٨٠)، وابن حبَّان (٥٨٣١)، والحميدي في «مسنده» (٣٣٨)، والبيهقي (١٥١٩١)، من حديث أسماء بنت أبي بكرٍ ؓ.



الدفاع النفيس
في الردِّ على سلالة أهل التلبيس

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا، أمَّا بعد:

فإنَّ إدارة الموقع تتولَّى الردَّ على ما يحاك ضدَّ شخصية أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس وعقيدته، من بعض المُغْرِضين مِن أهل التلبيس، وإيقاعِ التنافر والشقاق بينه وبين علماء أهل السنَّة، وأسْمَتِ الردَّ ﺑ: «الدفاع النفيس في الردِّ على سلالة أهل التلبيس».

بقلم أبي معاذٍ عبد الله غول

عضوٌ إداريٌّ في الموقع

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا، أمَّا بعد:

فقد اطَّلعتُ على موضوعٍ في شبكة الأثريِّ على الإنترنت، عنون له مسوِّدُ سطوره ﺑ: «اللجنة الدائمة تردُّ على الشيخ محمَّد علي فركوس»، فوجدتُ كاتبه الذي لم يفصح عن شخصه ـ جُبْنًا ـ قد لبَّس فيه، وصاحَبَ تلبيسَه سوءُ أدبٍ مع أهل العلم الذين أمَرَنا الشرعُ الحنيف أن نوقِّرهم ونعرف لهم فضلهم وسابقتهم، حيث قال النبيُّ : «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ».

وهذا الداء العُضال ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ من دواهي هذا العصر الذي نطق فيه الأصاغرُ متطاولين على كبرائِهم وفضلائهم، ومحاولين إسقاطَهم بزعزعة الثقة بينهم وبين أمَّتِهم، وهيهات هيهات أن يستطيعوا...

كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْمًا لِيُوهِنَهَا * فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

وما أُرَى إلَّا أنَّ هذا الُمتَسَتِّر وراء المواقع قد جنَى على نفسه وأوبقها، فيصدق عليه حينئذٍ المثلُ العربيُّ القديمُ: «على نفسها جنَتْ بَراقِشُ»، لأنه كالباحث عن حَتْفِه بظِلْفه، فالله المستعان، وعليه التكلان، وهو حَسْبُنا ونِعْمَ الوكيل.

أقول: قد قرأت ذلكم المقالَ وما فيه من تلبيسٍ وسوء أدبٍ مع والدنا وشيخنا أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس حفظه الله تعالى، لعلِّي أظفر بشيءٍ ذي بالٍ يُؤْبَهُ له، وله ثِقَلٌ في ميزان البحث العلميِّ، فلم أعثرْ من ذلك على شيءٍ، فرفعتُ قلمَ الدفاع بحقٍّ إن شاء الله تعالى ـ والله يدافع عن الذين آمنوا ـ لإخراس تلك الألسنة الجائرة، وكسرِ تلك الأقلام الحائرة، لعلها تَرْعَوِي عن باطلها، وتستفيق من غفلتها، وسيكون هذا الدفاع بتوفيق الله تعالى في النقاط الآتية: ـ فاللَّهُمَّ سدِّدِ الرميةَ، واهْدِ المتستِّر قبل المنيَّة-:

أوَّلا: إنَّ القارئ لعنوان تلك المسوَّدة لَيظنُّ مِن أوَّل وهلةٍ أنَّ اللجنة الدائمة ـ حفظها الله تعالى ـ قد أفردت شيخَنا أبا عبد المعزِّ ـ حفظه الله تعالى ـ بالردِّ، وأنَّ الكلام الموجود في فتواها مُنْصَبٌّ أصالةً عليه، والحقيقة أنَّ الأمر على خلاف ذلك، وأنَّ ذلك الظنَّ ليس كما هنالك، بل إنَّ هذا المتستِّر قد أسْقَطَ ـ بفهمه السقيم ـ كلامَ اللجنة الدائمة على جوابٍ لشيخنا في أحد مجالسه العلمية.

ثانيًا: قال في مسوَّدته: «...أوردها فركوس (المنكوس)».

هذا سوءُ أدبٍ لا يليق بمن يكتب في المنتديات الإسلامية وينسب نفْسَه للأثر، بَلْهَ الأخلاق الإسلامية الفاضلة الَّتي نَدَبَنَا الشرعُ إليها، ويشتدُّ الأمر سُوءًا إذا كان في حقِّ الفضلاء  والعلماء، ولكنَّ مِن علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر، ومن أعياه طلب العلم، وتحقيق مسائله، ومكابدة الليالي للنظر في كُتُبه، واستثقل ثَنْيَ الرُّكَب بين يَدَيْ أهله؛ لَمَزَهُمْ، ولقَّبهم بما لا يليق، كشأن آبائه السالفين، الطاعنين في رؤوس أهل السنَّة.

وإنِّي مذكِّرك بقول الله تعال: ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ ١٨[ق]، فماذا تجيب وأنت بين يَدَيِ الله تعالى في عرصات يوم القيامة، وهو سائِلُكَ عن هذه الكلمة (المنكوس)، والتي حذَّرك منها في قوله تعالى: ﴿وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ ١[الهُمَزَة]، وفي قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيۡرٗا مِّنۡهُمۡ وَلَا نِسَآءٞ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيۡرٗا مِّنۡهُنَّۖ وَلَا تَلۡمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بِٱلۡأَلۡقَٰبِۖ بِئۡسَ ٱلِٱسۡمُ ٱلۡفُسُوقُ بَعۡدَ ٱلۡإِيمَٰنِۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ ١١[الحجرات]، فتُبْ إلى الله قبل أن تلقاه، أوَمَا قرأتَ قول ابن عساكر ؒ: «اعْلَمْ يَا أَخِي وَفَّقَنِي اللهُ وَإِيَّاكَ لِمَرْضَاتِهِ وَجَعَلَنَا مِمَّنْ يَخْشَاهُ وَيَتَّقِيهِ، أنَّ لُحُومَ العُلَمَاءِ مَسْمُومَةٌ، وَعَادَةَ اللهِ فِي هَتْكِ أَسْتَارِ مُنْتَقِصِهِمْ مَعْلُومَةٌ، وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ لِسَانَهُ فِي العُلَمَاءِ بالثَّلْبِ بَلَاهُ اللهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَوْتِ القَلْبِ، ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٦٣[النور]» [«المجموع» للنووي (١/ ٥٨٩)]، أنسيتَ هذا الأثر أيُّها الأثريُّ ـ زُورًا ـ أم تناسيتَه.

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ * وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالمُصِيبَةُ أَعْظَمُ

إِلَى الدَّيَّانِ يَوْمَ الحَقِّ نَمْــضِي * وَعِنْدَ اللهِ تَجْتَمِــعُ الخُصُــومُ.

ثالثًا: قال المتستِّر ـ جُبْنا ـ: «...وشيخه (الناصح الصادق) ربيع بن هادي المدخلي...».

وهذا ـ أيضًا ـ مِن جنس ما قبله فيه احتقارٌ وازدراءٌ لأهل العلم، وإجحافٌ لمنزلتهم، وسوءُ أدبٍ في مخاطبتهم، فالشيخ ربيع بن هادي المدخليُّ ـ حفظه الله تعالى ـ مِن علماء الأمَّة الذين أثنى عليهم أساطينُ أهل العلم في هذا الزمان، أمثالُ الشيخ ابن بازٍ والشيخ الألبانيِّ والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان والشيخ مقبلٍ الوادعيِّ ـ رحمهم الله ـ، وأسكنهم الفردوسَ الأعلى، وكفى بشهادة هؤلاء الأئمَّة الفضلاء شهادةً، حقًّا وعدلًا، وراجِعْ ـ غيرَ مأمورٍ ـ رسالةَ: «الثناء البديع مِن العلماء على الشيخ ربيع» جَمْع خالد بن ضحوي الظفيري (الطبعة الثانية مزيدةٌ ومنقَّحةٌ)، فارْبَأْ بنفسك، وكُفَّ عَظْمَةَ لسانك عن إذاية الفضلاء.

رابعًا: قال مسوِّد الأوراق: «... وهو مِن بين الذين عيَّنهم ربيع بن هادي المدخلي (الناصح الصادق) علماءَ في الجزائر...».

أقول: هل يَضيرك وصفُ الشيخ ربيع ـ حفظه الله ـ لشيخنا أبي عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ بأنه «عالمٌ» ؟ وهل تجد في نفسك حرجًا مِن سماعها؟ وهي شهادةٌ بحقٍّ إن شاء الله تعالى، فهذه دروسه وفتاواه، وكُتُبه ومقالاتُه، قد طار بها الرُّكبان، وانتشرت في كلِّ مكانٍ، واستفاد منها القاصي والداني، والموافق والمخالف، ومن اطَّلع عليها أقرَّ له بالعلم والفضل، ولا سيَّما في تأصيل المسائل وتقعيدها، وربطها بكتاب الله وسنَّة رسوله وقواعد الشرع، فلا يذكر مسألةً إلَّا ويسندها إلى كتابٍ أو سنَّةٍ أو قاعدةٍ شرعيةٍ، ولا يزال ناشرًا للعلم، مفيدًا للطلبة، داعيًا إلى الله بلسانه وقلمه وأخلاقه وماله في كلِّ أوقاته، وليس الخُبْر كالخَبَر، فماذا قدَّمتَ لهذا الدين أيُّها الأثريُّ ـ زورًا ـ، أأعياك طلبُ العلم والسهرُ في تحقيق مسائله، حتى صرت لامزًا لأهله، واقعًا في أعراضهم من وراء مواقع الإنترنت، فارْجِعْ إلى رشدك، وتُبْ إلى ربِّك.

خامسًا: إنَّ شيخنا أبا عبد المعزِّ ـ حفظه الله ـ ذكر الكلامَ الذي نقله المتستِّر في معرض الدفاع عن الإمام الألبانيِّ T عند اتِّهامه بفِرْية الإرجاء التي هو منها بَرَاءٌ كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب، وعقيدةُ الألبانيِّ يعرفها طُلَّاب العلم مِن كونها عقيدةً سلفيةً فلماذا هذا التهويش؟!.

سادسًا: إنَّ هذا المتستِّر مع جُبنه وتلبيسه حرَّف النصَّ، ولم يضبط جوابَ الشيخ، بل أسقط منه عبارةً كاملةً وهي: «عند أهل السنَّة والجماعة»، وذلك عند قول الشيخ: «فإنه لا يساورنا شكٌّ أنَّ الإيمان عند أهل السنَّة والجماعة...» فلا ندري الدوافعَ مِن وراء هذا الإسقاط؟!!

سابعا: ليت مسوِّد تلك السطور الذي أتعب نفْسَه في سماع شريط الشيخ ونقلِه للقرَّاء كان طالبًا للعلم، واستفاد من الشريط الذي سمعه، ونقل الجوابَ كاملًا للقرَّاء ليستفيدوا منه، ولا سيَّما النصيحةَ التي جاءت في آخر الجواب وهي قول الشيخ: «... وأخيرًا، فإنَّ الواجب توقير العلماء، لكونهم ورثةَ الأنبياء، مع اقتران توقيرهم بالمحبَّة الصادقة لأهل العلم والعدل والتقوى والإخلاص، وتحسين الظنِّ بهم، وإنزالهم المنازلَ الجديرة بهم، مع عدم اعتقاد العصمة فيهم، فإنَّ ذلك إحدى علامات أهل السنَّة، وهي حبُّهم لأئمَّة السنَّة وعلمائها وأنصارها وأوليائها، وأمَّا علامة أهل البدع، فهي الوقيعة في أهل الأثر...»، وجواب الشيخ هذا مكتوبٌ ومطبوعٌ ضمن كتابه الموسوم ﺑ «مجالس تذكيرية على مسائل منهجية»، وهي مِن منشورات دار الإمام أحمد بمصر.

ثامنًا: عقيدة شيخنا أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس ـ حفظه الله ـ في مسألة الإيمان لا تختلف عمَّا تقول به اللجنةُ الدائمة الموقَّرة ـ حفظها الله ـ في المسألة المثارة مِن قبل، فقد جاء في فتواه ـ على موقعه ـ جوابٌ صريحٌ يحمل معتقَدَه في مسألة العمل أنَّه مِن مسمَّى الإيمان، فقد ورد عليه السؤالُ الآتي: ما هو القدر المجزئ مِن الإيمان الذي يستحقُّ صاحبُه دخولَ الجنَّة؟ أهو قولٌ واعتقادٌ فقط؟ وإن كان قولًا واعتقادًا وعملًا فما هو القدر المجزئ مِن العمل؟ وفَّقكم الله لِمَا يحبُّه ويرضاه، وجزاكم الله خيرًا. 

فأجاب -حفظه الله-: «الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فبغضِّ النظر عن حكم تكفير تارك الصلاة مِن عدم تكفيره، فإنَّ جنس العمل عند أهل السنَّة والجماعة هو مِن حقيقة الإيمان وليس شرطًا فقط، فالإيمان هو: قولٌ وعملٌ واعتقادٌ، لا يصحُّ إلَّا بها مجتمعةً، ولذلك كان الإمام الشافعيُّ T يرى عدمَ تكفير تارك الصلاة مع حكايته الإجماعَ أنَّه لا يجزئ إيمانٌ بلا عملٍ، والفرق مع الخوارج والمعتزلة الذين يقرِّرون أنَّ الإيمان: قولٌ وعملٌ واعتقادٌ أنَّ الإيمان ـ عندهم ـ يزول بزوال العمل مطلقًا، بخلاف أهل السنَّة ففيه من الأعمال ما يزول الإيمان بزواله، سواءٌ كان تركًا ـ كترك الشهادتين وجنس العمل اتِّفاقًا، أو ترك الصلاة على اختلافٍ بين أهل السنَّة ـ أو كان فعلًا ـ كالذبح لغير الله والسجود للصنم... ـ والعمل في هذا القسم شرطٌ في صحَّته، وفيه مِن العمل ما ينقص الإيمان بزواله ولا يزول كلِّيًّا، أي: يبقى معه مطلق الإيمان لا الإيمان المطلق مثل الذنوب دون الكفر، فالعمل في هذا القسم شرطٌ في كماله.

وعليه، فخلوُّ إيمان القلب الواجب مِن جميع أعمال الجوارح ممتنعٌ وغير متصوَّرٍ، وضمن هذا التقرير يصرِّح ناشرُ مذهب السلف شيخ الإسلام ابن تيمية T بقوله: «إنَّ جنس الأعمال مِن لوازم الإيمان، وإنَّ إيمان القلب التامَّ بدون شيءٍ مِن الأعمال الظاهرة ممتنعٌ، سواءٌ جُعل الظاهر مِن لوازم الإيمان أو جزءًا من الإيمان»(١).

والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

الجزائر في: ٠٩ ربيعٍ الأوَّل ١٤٢٦
الموافـق ﻟ: ١٨ أفـريـل  ٢٠٠٥م

هذا نصُّ فتوى شيخنا ـ حفظه الله تعالى ـ، وهي موافِقةٌ ـ بحمد الله تعالى ـ لِمَا تقول به اللجنةُ الدائمة، خلافًا لما يدَّعيه المتستِّر، فلماذا إذًا هذا التلبيسُ والتشويش، وما هي دوافعه؟ والجواب نتركه للقارئ اللبيب، ومن أراد معرفةَ عقيدة الشيخ ومنهجِه فلْيَقْرَأْ كُتُبَه وفتاواه، ولْيستمعْ إلى أشرطته، ولْيتصفَّحْ موقعَه على الإنترنت ، فسيجدها ـ إن شاء الله ـ عقيدةً سلفيةً ومنهجًا مبنيًّا على الوسطية والاعتدال، فلله الحمد والمنَّة.

هذا، وأخيرًا ننصح مسوِّد تلك السطور، ومَن على شاكلته مِن المرجفين الخائضين في الفتن وأخبار السوء، بأن يتوبوا إلى الله تعالى، وأن يكفُّوا غَرْبَ ألسِنَتِهِم، وضراوةَ أقلامهم عن أهل العلم والفضل، وأن يسلكوا طريقَ طلب العلم، ومجالسة أهله المتحقِّقين منه، فإنَّ ذلك هو المنهج القويم، والهدي المستقيم، المُوصِل إلى جنَّات النعيم، ومن سلك غيرَ مسلك العلماء العاملين أوقعه في مزالق الهالكين، تلك المنازل التي لا ينبغي لمسلمٍ أن يرضى عنها، ولا يكون مُعينًا عليها، ولا يروِّجها، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ ٢[المائدة]، وقال النبيُّ : «إِذَا عُمِلَتِ الْخَطِيئَةُ فِي الأَرْضِ كَانَ مَنْ شَهِدَهَا فَكَرِهَهَا ـ وَقَالَ مَرَّةً: أَنْكَرَهَا ـ كَمَنْ غَابَ عَنْهَا، وَمَنْ غَابَ عَنْهَا فَرَضِيَهَا كَانَ كَمَنْ شَهِدَهَا»(٢).

والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله العليِّ العظيم.

والعلم عند الله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

كتبه: أبو معاذٍ عبد الله غول

ـ كان الله له ـ

الجزائر في: ٢٦ من المحرَّم ١٤٢٧
الموافـق ﻟ: ٢٥ فبراير ٢٠٠٦م



(١) «مجموع الفتاوى» (٧/ ٦١٦).

(٢) أخرجه أبو داود في باب «الملاحم» (٤٣٤٧) من حديث العُرس بن عَميرة الكنديِّ ؓ، وحسَّنه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود» (٤٣٤٥).



تكذيبٌ عامٌّ

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فلقد نُسبت إلى شخصية: أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس، أستاذ التعليم العالي بكلِّيَّة العلوم الإسلامية ـ الخرُّوبة ـ جامعة الجزائر، جملةٌ من الافتراءات متعلِّقةٌ بالفتاوى الشرعية في ميادينَ متعدِّدةٍ، والأستاذ يتبرَّأ مِن كلِّ فتوى منسوبةٍ إليه لا تحمل التوثيقَ بخاتمه، ولا تجري على أسلوب قلمه، ولا فحوى عباراته، ولا يُلتمس مِن مضامينها الطابعُ التأصيليُّ للمسائل محلِّ الفتوى، ولا يُشَمُّ مِن أحكامها رائحةُ الكتاب والسنَّة.

وإنه إذ يسطِّر هذا التكذيبَ لَيبيِّنُ موقفَه الصريح فيما يحاك عليه، ويُلْمَزُ فيه، ويُنسب إليه، والله المستعان، وعليه التكلان.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

الجزائر في: ٢٩ من المحرَّم ١٤٢٧
الموافق ﻟ: ٢٨ فبراير ٢٠٠٦م



ردُّ افتراءاتٍ نُسبت للشيخ
(الإعانة على الإجهاض ـ الإقرار على السطو ـ حكم اللحوم المجمَّدة)

بسم الله الرحمن الرحيم

جسر قسنطينة في: ٠٥ رمضان ١٤٢٦
الموافق ﻟ:
٠٨/ ١٠/ ٢٠٠٥م

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد أن لاإله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله.

أمَّا بعد:

فإنَّنا نسمع بين لحظةٍ وأخرى ببعض الفتاوى التي تُنسب لأهل العلم ـ بصفة عامَّةٍ ـ ولشيخنا أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس حفظه الله تعالى ورعاه ـ خاصَّةً ـ والتي تبدو غريبةً ويشكُّ العارفون به وبعلمه في صحَّة نسبتها إليه، لذا تعيَّن علينا التحقُّقُ من ذلك، والتبيُّن والتثبُّت منها، عملًا بقول ربِّنا ـ سبحانه وتعالى ـ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ ٦[الحجرات : ٦] فتوجَّهنا إلى الشيخ بهذه الرِّسالة، ناقلين له ما يقال عنه وما يُسند إليه على أنه من قوله، عسى أن نجد عنده الجوابَ الشافيَ، الذي به نُجَابِه الكاذبين المفترين، ونبرِّئ ساحةَ شيخنا مِن تلك الأقوال الساقطة التي يتَّخذها بعض اللاقطين الحاسدين ذريعةً للنَّيل من شيخنا ـ حفظه الله تعالى ورعاه ـ.

وها هي أهمُّ تلك الأقوالِ المنسوبة إلى الشيخ ـ نفع الله به وبعلمه ـ:

[الافتراء الأوَّل: الإعانة على الإجهاض]

الفتوى الأولى: قصد رجلٌ من حيِّنا ـ جسر قسنطينة ـ أخًا من المسجد، فطلب منه إعانةً ماليَّةً على أن يستعملها في إجهاض فتاةٍ حملت منه بالزِّنا، فتوقَّف الأخ عن ذلك، وقال: لا أفعل حتَّى نسأل أهل العلم ونعرف حكم الشَّرع في ذلك؛ فزعم ذاك الرَّجل أنَّه قد فعل، ثمَّ ذكر أنَّه تقدَّم بنفسه إلى الشيخ فركوس (هكذا قال) وحكى له قصَّتَه، ومفادها: أنَّه أخطأ حيث زنا ببنتٍ فحبلت، وهو يعلم أنَّه لو سمع أهلُها لقتلوها، فما العمل؟ فما كان مِن الشَّيخ إلَّا أن قال له: أجهِضْها، وها هي ثلاثون ألف دينارٍ استعِنْ بها على العملية!!.

[الافتراء الثاني: الإقرار على السطو]

الفتوى الثانية:  استولى رجلٌ على شقَّةٍ بحيِّ الأمير (٩١٧ مسكنًا) الواقعة بشراعبة، فأنكر عليه بعض النَّاس، وقالوا له: هذا غصبٌ لأموال غيرك، فكيف أبحتَ لنفسك هذا البيت الذي له مالكٌ يقال: إنَّه غائبٌ (كونه سجينًا)؟ فقال هذا الأخير: إنِّي قصدتُ الشيخَ فركوس وعرضتُ عليه قضيَّتي، فأقرَّني على فعلي هذا، ولم ينكر عليَّ.

[الافتراء الثالث: حكم اللحوم المجمَّدة]

الفتوى الثَّالثة: يزعم بعض التُّجَّار ـ من باعة اللُّحوم المستوردة ـ أنَّ لهم وثائق وأوراقًا رسميَّةً، تثبت أنَّ هذه اللُّحوم مذبوحةٌ وليست محرَّمةً، ويقول بعضهم: إنَّ الشيخ فركوس قد تراجع عن فتواه الأولى، والتي ذهب فيها إلى ما ذهب إليه.

وبعد هذه النُّقول، نستسمح شيخَنا ـ حفظه الله لنا وللمسلمين ـ إن أزعَجْناه بهذه الأقوال ونسأله ألَّا يبخل علينا بالإجابة عمَّا ذكَرْنا حتَّى نكون على بيِّنةٍ مِن أمرنا، وفي الختام نصلِّي ونسلِّم على المبعوث للثَّقَلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.

إخوةٌ من مسجد عبد الله بن مسعود ـ جسر قسنطينة ـ.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعلمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

[جواب الافتراء الأوَّل]

- فأمَّا ما نُسب إليَّ مِن فتوى بالأمر بالإجهاض مع منحِ مبلغٍ ماليٍّ للاستعانة به على عملية الإجهاض فكذبٌ وافتراءٌ، لأنَّ المعلوم في مثل هذه الوقائع أنْ نعظَ المخطئَ ونأمره بالتوبة وتحقيق شروطها ونحسِّسه بعِظَم الذنب ونذكِّره بالآخرة ثمَّ نذكر له الحكم الشرعيَّ فيما نعتقده في المسألة المستفتى فيها، والذي نعتقده في هذه المسألة أنَّ الأصل في الإجهاض المنعُ والحظر في جميع فترات الحمل ما لم يكن الإسقاطُ بسبب المرض أو لضرورة العلاج فإنَّه يجوز قبل نفخ الرُّوح في الجنين، أمَّا بعد نفخ الروح فيه وذلك بعد مُضِيِّ أربعة أشهرٍ أو أكثر فإنَّه لا يجوز إسقاطه بحالٍ إلَّا إذا كان طريق الإجهاض سببًا في تخليص المرأة مِن ضرر التهلكة وخطر الموت، وذلك لا يتمُّ إلاَّ بما ثبت مِن طريقٍ موثوقٍ به، إذ الأمُّ سببُ وجود جنينها فلا يكون سببًا في إعدامها أخذًا بأهون الضررين وأخفِّ المفسدتين.

أمَّا الحالة المذكورة ففي بعض المذاهب ـ بغضِّ النَّظر عن مدى صحَّته ـ أنَّ الضرر الحسِّيَّ والمعنويَّ الذي تلاقيه المرأةُ نتيجةَ العار والفضيحة التي تلحق بأسرتها عذرٌ مبيحٌ للإجهاض قبل نفخ الروح في الجنين ليس إلَّا.

[جواب الافتراء الثاني]

- والمسألة الثانية كالمسألة الأولى في الافتراء والتَّقوُّل، والعجيب كيف نُقِرُّ على هذا المنكر ونُعين على جريمة السَّطو والغصب بالاستيلاء على مالٍ بغير حقٍّ على سبيل المجاهرة والمغالبة، والمعلوم أنَّ ما حَرَّم الشارعُ على المسلم تملُّكَه والانتفاع به يكون مالًا حرامًا، وصفةُ الحرام هي المانع الذي مِن أجله مُنِع المسلمُ مِن الانتفاع به، والأصل في تحريمه عمومُ النصوص الشرعية التي تنهى عن الظلم والاعتداء على مال الغير، مثل قوله تعالى: ﴿لَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ[النساء: ٢٩]، وقوله : «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»(١)، وقوله : «كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ»(٢)، وقد انعقد الإجماعُ على تحريم الغصب في الجملة، والواجبُ على الغاصب أن يردَّ ما اغتصبه لأنَّه عدوانٌ، والعدوان لا يكون سبَبًا للتملُّك ولا يجوز الانتفاعُ به مطلقًا، وعليه أن يتوب إلى الله بما افترى واغتصب.

[جواب الافتراء الثالث]

- أمَّا المسألة الثالثة المتعلِّقة باللُّحوم المستوردة فلم يَرِدْ عنِّي القول بتحريمِها، وإنَّما بيَّنتُ أنَّ تواجُدَ الصعق الكهربائيِّ المستعمَل في قتل الحيوان في المجازر المستورَدِ منها أورث شكًّا يتردَّدُ بين كونها موقوذةً أو مذبوحةً، والأصل عند حدوث الشَّكِّ أن نَدَعَ الكلَّ جريًا على قاعدة: «مَا لَا يَتِمُّ تَرْكُ الحَرَامِ إِلَّا بِتَرْكِ الجَمِيعِ فَتَرْكُهُ وَاجِبٌ» كمن اختلطت أختُه بأجنبيةٍ أو ميتةٌ بمذكَّاةٍ، والقاعدة تسندها أحاديثُ الحيطة منها قوله : «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ»(٣)، ولقوله : «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»(٤)، وهذا بخلاف المجازر الخالية مِن تلك المطرقة الكهربائية ذات الصعق العالي القاتلةِ للحيوان، فإنَّه عند خُلُوِّها يُسْحَب فيها الجوازُ والإباحة استصحابًا لأصل ذبائح أهل الكتاب في قوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّٞ لَّهُمۡ[المائدة: ٥]، هذا الذي تقرَّر قُلْنا به ولا نزال، ولم تتحوَّلْ فتوانا فيه.

والعلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين.

٩ رمضان ١٤٢٦

١٢ أكتوبر ٢٠٠٥م



(١) أخرجه الدارقطني (٣٠٠) وأحمد (٥/ ٧٢) وأبو يعلى والبيهقي (٦/ ١٠٠)، من حديث حنيفة الرقاشيِّ ؓ. والحديث صحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (٥/ ٢٧٩) رقم (١٤٥٩)، وفي «صحيح الجامع» (٧٥٣٩).

(٢) أخرجه مسلم في «البرِّ والصلة والآداب» (٦٧٠٦)، وأبو داود في «الأدب» (٤٨٨٤)، والترمذي في «البرِّ والصلة» (٢٠٥٢)، من حديث أبي هريرة ؓ.

(٣) أخرجه البخاري في «الإيمان» باب فضل من استبرأ لدينه (٥٢)، ومسلم في «المساقاة» (٤١٧٨)، والترمذي في «البيوع» باب ما جاء في ترك الشبهات (١٢٤٦)، وابن ماجه في «الفتن» باب الوقوف عند الشبهات (٤١١٩)، وأحمد (٥/ ٣٣٥) رقم (١٧٩٠٣)، من حديث النعمان بن بشيرٍ .

(٤) أخرجه النسائي في «الأشربة» باب الحثِّ على ترك الشبهات، والترمذي في «صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله » باب (٦٠)، والحاكم (٤/ ٩٩)، والطيالسي (١١٧٨)، وأحمد (١/ ٢٠٠)، وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٢٦٤)، من حديث الحسن بن عليٍّ ، وصحَّحه الشيخ الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٤٤) رقم (١٢) وفي «صحيح الجامع» (٣٣٧٣).



حكم العمل في التأمينات

الافتراء

اعْلَمْ ـ عبدَ الله ـ أنَّ التأميناتِ نوعان: أحدهما جائزٌ والآخَر محضورٌ.

فأمَّا المحضور فهو التأمين التجاريُّ أي: على السلع والبضائع والسيَّارات ونحوها.

وأمَّا الجائز فهو التأمين الاجتماعيُّ وهو ما ذكرتَه في سؤالك:

إنَّ هذا التأمين هو بمثابة صندوق التكافل بين الناس فهو خيريٌّ من جانبٍ.

ألا ترى إذا مرض أحد العمَّال وتكفَّل أحد الإخوة بجمع المال له لمصاريف العلاج ونحوه؟ ألا يكون ذلك جائز؟ بلى إذ هو من البرِّ المأمور به شرعًا، والخلاف بين هذا وبين صندوق التأمينات أنَّ صندوق التأمينات منظَّمٌ ودوريٌّ فلا حرج في استعماله.

أمَّا قضيَّة إكراه العامل على أخذ قسطٍ مِن أجرته ودفعها في هذا الصندوق أو تسمية هذا الرجل المعنويِّ الذي يترك عنده المالَ للحاجة فهذا ممتنعُ الوقوع، إذ مِن المعلوم بداهةً أنَّ الرجل إذا أراد أن يعمل في شركةٍ ما يعلم أنَّه سيؤخَذ منه قسطٌ مِن المال وأنَّ هاته التأميناتِ موجودةٌ ولا بدَّ منها؛ فهو يعلم بهذا الشرط، وإن أبى هذا الشرطَ فليس عليه إلَّا أن يترك العمل، لكن لمَّا كانت مصلحة العمل راجحةً على مفسدة أخذِ جزءٍ يسيرٍ مِن ماله؛ تجده يقدِّم تلك المصلحةَ الراجحة على المفسدة المرجوحة، ويقول في نفسه: «لَأَنْ أعمل ويؤخذ منِّي مبلغٌ رمزيٌّ خيرٌ مِن أن لا أعمل البتَّة»، فهو يعمل بشرطه والمؤمنون عند شروطهم، فأخذُ المال مِن التعاونية أو مِن الصندوق التأمين ليس بالإكراه، إنَّما هو بالشرط.

هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى فإنَّ هذا المال سيستفيد منه غيرُه كما يستفيد منه هو أيضًا فهو إدِّخارٌ للحاجة له ولأصحابه، فهو مأجورٌ إن استفاد به غيرُه على كلِّ حالٍ.

ويتَّضح مِن هذا الردُّ على شبهة المانعين: أنَّ مسألة الإكراه غيرُ واردةٍ، كما أنَّ الأصل في المعاملات الإباحةُ، فنحن بَقِينَا على الأصل، والمانعُ لا بدَّ له مِن دليلٍ.

لكن مع هذا يحتاج النظر إلى موادِّ هذه الشركة إذا لم تتعارض مع نصوص الشريعة، والأصل أنَّها لا تتعارض لأنَّها إجتماعيةٌ تعاونيةٌ، والله يقول: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ[المائدة: ٢]، فالذي ترجَّح لدينا مِن كلِّ ما قدَّمْنا أنَّ العمل في التأمينات جائزٌ، وأنَّ الأموال المتقاضات مِن هذا العمل جائزةٌ للعادة والعبادة على حدٍّ سواءٍ ولا حرج، والله أعلم.

هذا إجمالًا ما قاله الشيخ محمَّد علي فركوس أملاها على الطالب أبي سليمان كما سعد سعود، وفَّقه الله لزيادة العلم النافع والعمل الصالح آمين.

ـ مرسلةٌ إلى عُمَّال التأمينات الاجتماعية ـ

تكذيب

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فإنَّ نسبة الفتوى الموسومة ﺑ «حكم العمل في التأمينات» إلى أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس نسبةٌ غير صحيحةٍ، وهي مكذوبةٌ عليه مِن حيث مضمونُ الفتوى وأسلوبُ إيرادها أوَّلًا، ولكونها صادرةً من مجهول العين الذي زعم أنَّه أملاها أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس على الطالب أبي سليمان كمال سعد سعود، وهذا الأخير ـ بعد مراجعته ـ أنكر بشدَّةٍ، وصرَّح أنَّه لم يعرف المحرِّر ولا الناشر لها.

فما الذي يرمي إليه محرِّر الفتوى والناشرُ لها بهذا الصنيع؟ وتحت أيِّ جهةٍ إداريةٍ تُرْسَل إلى عمَّال التأمينات الاجتماعية؟! ولِمَ لَمْ يتَّصل محرِّر الفتوى بمن نسبها إليه مباشرةً مِن غير إملاءٍ ولا واسطةٍ؟ وما هي دوافع عدم الاستئذان في نشرها؟

وأخيرًا، فإنَّ هذا الصنيع مستنكَرٌ، ومجرَّدٌ من السلوك الأخلاقيِّ والأدبيِّ المأمورِ بالتعامل به في ظلِّ الأخوَّة الإيمانية.

الدكتور أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس

الجزائر في: ١٤ من المحرَّم ١٤٢٦هـ

الموافق ﻟ: ٢٣ فبراير ٢٠٠٥م



نصيحةٌ مزعومةٌ

الافتراء

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفُسنا وسيِّئات أعمالنا، من يَهْدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له وأشهد أنْ لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله .

أمَّا بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله، وخير الهدي هديُ محمَّدٍ ، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وكلَّ ضلالةٍ في النار .

الحمد لله الذي جعل العلماء همزة وصلٍ بين الطلبة، فكلُّ صغيرٍ أو كبيرٍ أفْتَوْا فيه و ألَّفوا فيه، فعليكم أيُّها الطلبة الكرام أن ترجعوا إلى علمائكم وتأخذوا عنهم الزبد فتصيبوا في طلب العلم والتحصيل إن شاء الله، أمَّا إن ربطتم أنفُسكم بأئمَّة المساجد وطلبة العلم الصغار لن تصيبوا العلمَ ويفوتكم الكثير مِن المسائل الفقهية والعقائدية الهامَّة والتي على المسلم عدمُ الجهل بها.

أمَّا إن أخذتم المسائلَ البسيطة على طلبة العلم المجتهدين أمثال حسن وصالح آل الشيخ وسالم الهلالي وغيرهم من كبار طلبة العلم فهذا لا بأس به والله المستعان.

أمَّا بخصوص الطلبة الصغار في العلم أمثال الشيخ العثماني وبن حنيفة عابدين فهؤلاء لا يفرِّقون بين المناهج فيخلقون شبه إمَّا بقصدٍ أو بغير قصدٍ، وقد درستُ مجمل كتب حنيفة المتداوَلة في مكتبتنا فرأيتُ خلطًا في فقهه وأصوله، فمثلًا يقول: كيف نخدم الفقه المالكيَّ؟، ويقول: قال صاحب «المحكم» في كتابه: كذا وكذا، ونحن نعلم أنَّ صاحب «المحكم» ابن قدامة على المذهب الحنفيِّ، فيخلط بين المذاهب ويأخذ بالرأي الضعيف في مجمل كتبه مثل «القول الثبت في صيام يوم السبت» فيستنصر القولَ الضعيف وقد ألَّفتُ شريطًا حول صيام يوم السبت بعد أن اطَّلعتُ على أقوال أهل العلم في هذه المسألة، وقد رجَّحتُ ما رجَّحه أهل العلم.

أمَّا كتبه الأخرى لم أطَّلع عليها بدقَّةٍ مثل كتابه: «هل الحزبية وسيلةٌ للحكم بما أنزل الله؟»، وكتاب «أبي رأسٍ الناصريِّ، حياته وتصوُّفه» الذي أعطاني إيَّاه أحد الطلبة للتعليق عليه فلم أجد ردًّا واضحًا من الشيخ على أبي رأسٍ الناصريِّ في صوفيته المنتشرة بين الولايات سوى سرد قصصٍ من سيرته و ذكرِ أقوال الصوفية بدون تعليقٍ عليها، وهذا إن دلَّ على شيءٍ إنما يدلُّ على إقراره بما في الكتاب أو لضعفه في الردِّ على شخصيات البارزة في المجتمع حتى لا ينفر منه الناس، من بين هذه الشخصيات الأمير عبد القادر وغيره مثل أبي رأسٍ الناصريِّ.

إنَّ طالب العلم إن أراد الرَّدَّ على أحد المبتدعة مِن المتصوِّفة والإخوان والقطبين عليه أن يكون قويًّا في هذا الميدان، لأنَّ الرَّدَّ يحتاج إلى دليل القطعيِّ والنقل الثابت الصحيح عنه، فإن لم يكن أهلًا لهذا فاليدعْهُ ويتركْ مَن هو أقوى منه علمًا في هذا الباب والله المستعان.

أنصحكم نصيحةَ الأخ الأكبر لإخوته بأن تتمسَّكوا بالدين وتتعلَّموا ما فيه مِن أحكامٍ وحِكَمٍ وأن تدع التعالم لأنه مفسدةٌ، واربِطوا أنْفُسَكم بالعلماء الثقات السلفيين لأنهم خير خلفٍ لخير سلفٍ، وابتعدوا عن المبتدعة والغلاة من المتصوِّفة والمندسِّين تحت المنهج السلفيِّ وحذروهم وحذِّروا منهم لأنهم مارقين في الشبه والقليل الناجي والله المستعان.

وأخيرًا أسأل اللهَ لي ولكم الثباتَ على المنهج السلفيِّ وأن يجعلنا خيرَ خلفٍ لخير سلفٍ وأدعوا الله أن يهديَ إخواننا العصاةَ ويردَّهم ردًّا جميلًا، وأن يُلْبِسنا ثوبَ السلف فنكون هداةً مهدين، واستغفر اللهَ لي ولكم إنه غفارًا.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلَّا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

نصيحة الشيخ د. محمَّد علي فركوس لطلبته.

التكذيب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:

فلقد أُطلعت على فحوى رسالة الإخوة في الله مِن مدينة معسكر ـ حرسها الله مِن كلِّ سوءٍ ـ، كاشفين إرادتَهم في بغية التحقيق في مدى صحَّة نسبة المقالة الموسومة ﺑ «نصيحة الشيخ د. محمَّد علي فركوس لطلبته» المتداولة بين الطلبة والعوامِّ في مدينة معسكر وغيرهـا من المدن والقرى، وقد تضمَّنتِ انتقاصًا لبعض الدعاة السلفيين مثل الشيخ صالح آل الشيخ وسليم الهلالي وغيرهما، كما احتوت جرحًا لبعض أعيان دعاةِ منطقتهم ونقدًا لكتبهم وآرائهم. فإنَّ أبا عبد المعزِّ فركوس ينكر هذه النسبةَ مطلقًا، ويشهد أنه ما تعرَّض في مجلسٍ ولا ملتقًى ولا مَجْمعٍ لهؤلاء الدعاة والأعيان المذكورين، ولم يعلم من قبلُ بهذه النصيحة ولا خطَّها بيمينه، وأنَّ أسلوب كتابتها مغايرٌ لأسلوبه، فضلًا على أنه لم يسبق وأن اطَّلع على مجمل كتب بن حنفية عابدين ولا على أفكاره وآراءه ومنهجه.

لذلك أنصح كاتبَ هذه «النصيحة» ومن معه أنه ـ بغضِّ النظر على مدى صحَّة ما أورده فيها من حقائق وبياناتٍ ـ فيجب عليه أن يتحلَّى بخُلق الصدق وأن يلتزمه ظاهرًا وباطنًا في أقواله وأفعاله، فيصدق في معالمه مع إخوته وغيرهم، فإنَّ الكذب والغشَّ والخديعة والتزوير والتغرير من صفات أهل النفاق والخيانة، لذلك يجب الاتِّصاف بالصدق لكونه من مميِّزات الإيمان ومكمِّلات الإسلام، وقد أثنى الله على المتَّصفين به في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّٰدِقِينَ ١١٩﴾ وقد أمر رسول الله بالصدق، وبيَّن أنه يهدي إلى البرِّ والبرَّ يهدي إلى الجنَّة التي هي أسمى غايات المسلم وأقصى أمانيِّه، وحذَّر من الكذب، وبيَّن أنه يهدي إلى النار، والنارُ أشدُّ ما يخافه المسلم ويتَّقيه.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر: ١٥ ربيعٍ الثاني ١٤٢٥ﻫ