في حكم إبطال الصوم لإنقاذ غريق | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 9 شوال 1445 هـ الموافق لـ 18 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ١٠٦١

الصنف: فتاوى الصيام ـ أحكام الصيام

في حكم إبطال الصوم لإنقاذ غريق

السؤال:

صائمٌ في رمضانَ ظَهَرَ له في بعضِ شواطئِ البحرِ أنَّ أحَدَ الصيَّادين يُصارِعُ الغرقَ، ووَجَدَ في نَفْسِه ضعفًا بدنيًّا عن إنقاذِه إذا لم يَتناوَلْ شيئًا مِنَ الأكلِ لِيَتقوَّى به على إنقاذه؛ فهل يجوز له أَنْ يُبْطِلَ صَوْمَه مِنْ أجلِ هذا الغَرَضِ؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فمَنْ لا يُمْكِنُه تخليصُ المُشْرِفِ على الهلاكِ مِنَ الغرقِ أو نحوِه إلَّا بالإفطارِ وَجَبَ عليه الفطرُ لإنقاذِه، ويأثم إِنْ لم يَفْعَلْ، ويَلْزَمُه القضاءُ، ولا تَلْزَمُه الفديةُ(١)؛ لأنَّ الْمُنْقِذَ للغريقِ في حُكْمِ الغريق، ويُلْحَقُ بالمريضِ والمسافرِ في وجوبِ القضاءِ دون الفدية؛ لقوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوۡ عَلَىٰ سَفَرٖ فَعِدَّةٞ مِّنۡ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: ١٨٤].

هذا، وجديرٌ بالتنبيهِ أنَّ القادرَ على إنقاذِ غيرِه لِتَوَفُّرِ أسبابِ الإنقاذِ ووسائلِه كالقاربِ والحبلِ ونحوِهما ممَّا هي داخلةٌ في إمكانِه واستطاعتِه، وامتنع عنِ استعمالِهَا عمدًا؛ فإنه يأثم على تَرْكِه ويضمن دِيَتَه على الصحيحِ مِنْ قولَيِ العلماء؛ لأنَّ التركَ ـ على التحقيقِ ـ فعلٌ على ما هو مُقَرَّرٌ في موضِعِه؛ ومثَّل الشنقيطيُّ ـ رحمه الله ـ بفروعٍ كثيرةٍ في المَذاهِب، قال: «كمَنْ مَنَعَ مضطرًّا فَضْلَ طعامٍ أو شرابٍ حتَّى مات، فعلى أنَّ التركَ فعلٌ فإنه يضمن دِيَتَه، وعلى أنه ليس بفعلٍ فلا ضمانَ عليه، وكمَنْ مَنَعَ خيطًا مِمَّنْ به جائفةٌ(٢) حتَّى مات، ومَنْ مَنَعَ جارَه فَضْلَ مائِه حتَّى هَلَكَ زَرْعُه، ومَنْ مَنَعَ صاحِبَ جدارٍ خافَ سقوطَه عمدًا عنه حتَّى سَقَطَ، ومَنْ أَمسكَ وثيقةَ حقٍّ حتَّى تَلِفَ الحقُّ، وأمثالُ هذا كثيرةٌ جدًّا في الفروع؛ فعلى أنَّ التركَ فعلٌ فإنه يضمن في الجميع»(٣).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٠٢ شعبان ١٤٣١ﻫ
الموافق ﻟ: ١٤ يوليو ٢٠١٠م

 



(١) انظر: «المجموع» للنووي (٦/ ٣٢٩).

(٢) الجائفة: هي الطعنة التي تبلغ الجوفَ؛ [انظر: «الفائق» للزمخشري (١/ ٢٤٦)، «مختار الصِّحاح» للرازي (١١٧)].

(٣) «مذكِّرة أصول الفقه» للشنقيطي (٣٩).