في نصيحةٍ إلى متردِّدٍ بين الارتقاء في طلب العلم أو الزواج | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
الخميس 9 شوال 1445 هـ الموافق لـ 18 أبريل 2024 م

الفتوى رقم: ٦١٨

الصنف: فتاوى متنوِّعة - العلم والعلماء

في نصيحةٍ إلى متردِّدٍ
بين الارتقاء في طلب العلم أو الزواج

السؤال:

ما هي النصيحةُ التي تُوجِّهونها لطالِبِ علمٍ فَتَحَ اللهُ عليه مِنْ فنون العلم شيئًا لا بأسَ به مِنْ: حفظِ كتاب الله، وأخذِ جملةٍ طيِّبةٍ مِنْ علم الأصول والحديث والنحو، وحُبِّبَ إليه طلبُ العلم، ولكنَّه ـ في المدَّة الأخيرة ـ وقعَتْ له أمورٌ حالَتْ دونه ودون طلبِ العلم، منها: أنه تَقدَّمَ لخِطبةِ أختٍ ـ والحمدُ لله ـ تمَّ القَبولُ وتيسَّرَتِ الأمورُ، ولكِنِ اشترطوا عليه أَنْ يكون ذا عملٍ ومنزلٍ يُؤْويهِ وأَهْلَه، وتحصيلُ هذه الأمورِ في هذا الوقتِ ـ كما لا يخفى ـ في بلدِنا صعبُ المَنال؛ فبَدَأ يفكِّرُ في مثلِ هذه الأمورِ؛ فشغلَتْ ذِهْنَه وكانَتْ همَّه؛ فبماذا تنصحونه؟ هل يَتوجَّهُ إلى طلبِ العلم ويُعْرِضُ عن هذه الأمور، أم يُحاوِلُ التوفيقَ بتقليصِ أوقات الطلب؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإذا كان طالِبُ العلم اقترنَتْ به مُميِّزاتٌ حَبَاهُ اللهُ بها مِنْ: دِقَّةِ الفهم وقوَّةِ الحفظ، وحُسْنِ السيرة وطِيبِ السريرة، واحتاج أهلُ منطقته مِنَ العلم الشرعيِّ إلى ما يُقيمون به دِينَهم على الوجه الأكمل الصحيح؛ تَعيَّنَ وجوبُ طلبِه للعلم تعيينًا شخصيًّا، والإعراضُ عن كُلِّ ما يشغله عنه، وبَذْلُ الجهد في تحصيله، والتفاني في سعيِه؛ لأنَّ العلم إذا أعطيتَهُ كُلَّك أعطاكَ بعضَه، مع قيام الإخلاص في نَفْسِه لرفعِ الجهل عنه، والعملِ بمقتضى العلم الذي يعلمه، ورفعِ الجهل عن غيرِه؛ فإنه مَنْ صَفَتْ نيَّتُه إلى ذلك فُتِحَتْ له أبوابُ الخير وأتَتْهُ الدنيا راغمةً.

أمَّا إذا لم يَجِدْ في نَفْسِه القدراتِ التي خصَّ اللهُ تعالى بها بعضَ عِبادِه، وأحَسَّ بعدم القدرة على الارتقاء في مَدارِجِ العلم والكمال؛ فإنه إِنْ أَصْلَحَ نَفْسَه بالكفاية بالعلم المطلوب جازَ له أَنْ يعدل عنه إلى أمورٍ يسعى إليها لتحقيقِ أسرةٍ، وعليه أَنْ يختار منها ما يُساعِدُه على الاحتفاظ بما حصَّل والمَزيدِ إِنْ قَدَرَ على ما لم يحصِّلْ، والسائلُ أَعْلَمُ بحالِه، وهو موكولٌ إلى دِينِه في اختيارِ النهجين، واللهَ أسأل أَنْ يُثبِّتَه على الجادَّة، وأَنْ يُوفِّقه لِمَا يُحِبُّ ويرضى؛ إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٨ مِنْ ذي الحجَّة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٧  جانفي ٢٠٠٧م