- أشرطة الشيخ:
- التبويب الفقهي للفتاوى:
- التبويب الفقهي للأشرطة:
الفتوى رقم: ٩٠٤
الصنـف: فتاوى الأسرة - المرأة
في أهلية التعبُّد للصبيِّ
السـؤال:
متى يُلزم الوالدان البنتَ التي دون البلوغ بالحجاب؟ وبارك الله فيكم.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فقد اعتبر الفقهاء تمامَ السنة السابعة من عُمُر الصبيِّ في الحالة الطبيعية السليمةِ مبدأً لطور التمييز، حيث يصبح للصبيِّ بصرٌ عقليٌّ يستطيع بواسطته التمييزَ بين الحسن والقبيح، والنفع والضرر، وسِنُّ التمييز يُؤهِّله لممارسة العبادات المشروعة، وتثبت للصبيِّ أهليةٌ كاملةٌ من أوَّل طور التمييز، وتسمَّى ﺑ«أهلية التعبُّد»، أو «أهلية الأداء الدِّينية»، كالصلاة والصيام وإن كانت غيرَ مفروضةٍ عليه؛ لأنَّ الأهلية تجعله أهلاً للممارسة الدِّينية، ولا توجب عليه فِعْلَها، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ»(١).
فسِنُّ التمييز يُدخل الصبيَّ في كمال أهلية التعبُّد بالتمييز من غير إلزامٍ؛ لأنَّ الواجبات تكاليفُ تُناطُ بأوَّل شرائطها، وهو البلوغ لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ، .. عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبَرَ»(٢)، وفي رواية: «حَتَّى يَحْتَلِمَ»(٣)، وعليه فلا يكون العبد مُكلَّفًا بالواجبات الشرعية العملية إلاَّ بعد البلوغ.
لذلك، وما دام للصغيرة أهليةٌ دينيةٌ كاملةٌ بالتمييز فإنه كما تُؤمر بالصلاة والصيام بإجماع المسلمين وتصحُّ منها وهي غيرُ مكلَّفةٍ بهما، ولا يجبان عليها اتِّفاقًا وهما أعظم، فكذلك تؤمر بارتداء الحجاب قبل سِنِّ البلوغ قَصْدَ التعوُّد عليه والتجانس معه، وعدمِ النُّفور منه، ويصبح الجلباب لازمًا مع أوَّل شرائط التكليف، وهو البلوغ الذي من علاماته الحيض، لقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ المَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ المَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلاَّ هَذَا وَهَذَا»، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ(٤)، ويُجبِرها وليُّها عليه عملاً بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ..﴾ الآية [الأحزاب: ٥٩].
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٤ جمادى الأولى ١٤٢٩ﻫ
الموافق ﻟ: ٩ ماي ٢٠٠٨م
(١) أخرجه أبو داود في «الصلاة» باب متى يؤمر الغلام بالصلاة (٤٩٥) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. والحديث حسَّنه النووي في «الخلاصة» (١/ ٢٥٢)، وصحَّحه ابن الملقِّن في «البدر المنير» (٣/ ٢٣٨)، والألباني في «الإرواء» (١/ ٢٦٦).
(٢) أخرجه أبو داود في «الحدود» بابٌ في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا (٤٣٩٨)، والنسائي في «الطلاق» باب من لا يقع طلاقه من الأزواج (٣٤٣٢)، وابن ماجه في «الطلاق» باب طلاق المعتوه والصغير والنائم (٢٠٤١)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وأخرجه أحمد في «مسنده» (١٣٢٨)، من حديث عليٍّ رضي الله عنه.
(٣) أخرجه أبو داود في «الحدود» بابٌ في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا (٤٤٠١) من حديث علي رضي الله عنه. وأخرجه أحمد في «مسنده» (٢٤٦٩٤) من حديث عائشة رضي الله عنها. قال ابن حجر في «فتح الباري» (١٢/ ١٢٤): «له شاهدٌ وله طرقٌ يقوِّي بعضها بعضًا»، وصحَّحه النووي في «الخلاصة» (١/ ٢٥٠)، وأحمد شاكر في «تحقيقه لمسند أحمد» (٢/ ١٨٨)، والألباني في «الإرواء» (٢٩٧).
(٤) أخرجه أبو داود في «اللباس» بابٌ فيما تبدي المرأة من زينتها (٤١٠٤) من حديث عائشة رضي الله عنها، والحديث حسَّنه الألباني في «الإرواء» (٦/ ٢٠٣).
- قرئت 13720 مرة
نسخة للطباعة
أرسل إلى صديق
الزوار |
|
بحث في الموقع
آخر الأقراص
الفتاوى الأكثر قراءة
.: كل منشور لم يرد ذكره في الموقع الرسمي لا يعتمد عليه ولا ينسب إلى الشيخ :.
.: منشورات الموقع في غير المناسبات الشرعية لا يلزم مسايرتها لحوادث الأمة المستجدة،
أو النوازل الحادثة لأنها ليست منشورات إخبارية، إعلامية، بل هي منشورات ذات مواضيع فقهية، علمية، شرعية :.
.: تمنع إدارة الموقع من استغلال مواده لأغراض تجارية، وترخص في الاستفادة من محتوى الموقع لأغراض بحثية أو دعوية على أن تكون الإشارة عند الاقتباس إلى الموقع :.
جميع الحقوق محفوظة (1424 هـ/2004م - 1444هـ/2023م)