في قادح "وجود الفرق" في القياس وطبيعة الفارق | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 21 المحرم 1446 هـ الموافق لـ 27 يوليو 2024 م

الفتوى رقم: ٢٧١

الصنف: فتاوى أصول الفقه والقواعد الفقهيَّة ـ أصول الفقه

في قادحِ «وجود الفرق» في القياس
وطبيعة الفارق

السؤال:

جاء في تعريف القياس أنَّه إلحاقُ فرعٍ بأصلٍ في الحكم لجامعٍ بينهما، ولصحَّة القياس شروطٌ ومفسداتٌ كما هو معلومٌ، ومِن هذه المفسدات وجودُ الفارق، فهل يكفي وجودُ الفارق أم لا بدَّ مِن رجحانه على الجامع ليقالَ بفساد القياس؟ وما طبيعة هذا الفارق؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فالاعتراض بالفرق مُعتبَرٌ عند الجمهور باعتباره قادحًا مِنْ قوادح القياس، وهو: إبداءُ وصفٍ في الأصل يصلح أَنْ يكون عِلَّةً مستقلَّةً أو جزءَ عِلَّةٍ وهو معدومٌ في الفرع، أي: قطعُ الجمع بين الأصل والفرع بحيث يبدي المعترضُ معنًى يحصل به الفرقُ بين الأصل والفرع حتَّى لا يُلحَقَ به في حُكمه.

والمؤثِّر في الفرق هو المُعتبَرُ في قوادح القياس، أمَّا الفروق الطرديَّة والعدميَّة فلا تأثيرَ لها، مثالُه: قولُ المستدلِّ: يُقادُ المسلمُ بالذِّمِّيِّ قياسًا على غير المسلم بجامع القتل العمد العدوان، فيجيب المعترض بأنَّ تعيين الفرع ـ وهو الإسلام ـ مانعٌ مِنْ ثبوت حكم الأصل فيه، فهو فارقٌ مؤثِّرٌ في الحكم وهو القصاص؛ بخلاف المستدلِّ فالفارقُ عنده غيرُ مؤثِّرٍ؛ لأنَّه لم يصرِّح بتأثير العلَّة في الحكم؛ ومثالُه ـ أيضًا ـ قياسُ القتل بالمثقَّل على القتل بالمحدَّد بجامع القتل العمد العدوان، فيجيب المعترض بأنَّ تعيين صورة الأصل المقيسِ عليها هو عِلَّةُ الحكم، والتي تظهر في القتل بالمحدَّد لا مطلقِ القتل، فيذكر له خصوصيَّةً لا تعدوه، وبالتالي لا يجعله مؤثِّرًا على الحكم، فلا يتمُّ له الجمعُ ومِنْ ثَمَّةَ القياس؛ فالحاصل أنَّ الفرق على نوعين: أحَدُهما: يتعلَّق بالأصل المقيس عليه، والثاني: بالفرع المقيس.

أمَّا طبيعة الفارق فهو نوعٌ راجعٌ إلى معارضةٍ في الأصل، أي: معارضة علَّةِ المستدَلِّ فيه لعِلَّةٍ أخرى، ولذلك ذكر في «المحصول» أنَّ الكلام فيه مبنيٌّ على تعليل الحكم بعِلَّتين فصاعدًا، وعليه بناه البيضاويُّ والقرافيُّ وغيرُهم(١).

والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٠ رجب ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٥ أوت ٢٠٠٥ م

 



(١) وللمزيد مِنَ الاطِّلاع على هذه المسألة يُراجَع: [«المنهاج» للباجي (٢٠١)، «البرهان» للجُوَيْني (٢/ ١٠٦٠)، «الوصول» لابن بَرهان (٢/ ٣٢٧)، «المحصول» للرازي (٢/ ٢/ ٣٦٧)، «الإحكام» للآمدي (٤/ ١٣٨)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي (٤٠٣)، «المسوَّدة» لآل تيمية (٤٤١)، «البحر المحيط» للزركشي (٧/ ٣٧٨)، «إرشاد الفحول» للشوكاني (٢٢٩)].