في حكم ردِّ المبيع (السيَّارة) بسبب احتمال الغشِّ والتدليس | الموقع الرسمي لفضيلة الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس حفظه الله
Skip to Content
السبت 11 شوال 1445 هـ الموافق لـ 20 أبريل 2024 م



الفتوى رقم: ٦٤٢

الصنف: فتاوى المعاملات المالية - البيوع

في حكم ردِّ المبيع (السيَّارة)
بسبب احتمال الغشِّ والتدليس

السؤال:

باعَ رجلٌ سيَّارةً ـ عليها لوحةُ تحويل رقم الطراز عند الباب ـ، مُظْهِرًا عَيْبَهَا المتمثِّلَ في عدَمِ وضوحِ بعضِ أرقامِها، فوافَقَ المشتري بعد استشارته بعضَ العارفين ببيع السيَّارات، وبعد مدَّةِ خمسةِ أشهرٍ أراد المشتري بيعَ السيَّارة، ولَمَّا كان هذا البيعُ يقتضي تغييرَ لوحةِ الترقيم لاختلاف الولاية كان لزامًا على هذا الأخيرِ أَنْ يعرض السيَّارةَ على مهندس المناجم، وبعد المعايَنةِ أخبره المهندسُ أنَّ هذه السيَّارةَ تحتاج إلى مُراجَعةِ الشركة الأصليةِ، وأعلمَتْ هذه الأخيرةُ بأنَّ الإجراءاتِ تتطلَّبُ مدَّةً زمنيةً قد تدوم عدَّةَ أشهرٍ، وهو مُسْتعجِلٌ بالبيع لحاجته الماسَّة إلى ثمنها. فهل هذا الأمرُ يُعْتبرُ عيبًا مِن العيوب يُرَدُّ به المبيعُ شرعًا؟ أم أنَّ المشتريَ يتحمَّل هذه التَّبِعات؟ مع العلم أنَّ الشركة ـ بعد تحقُّقها مِن أرقام السيَّارة ـ قد يتبيَّن لها أنها مغشوشةٌ؟

الجـواب:

الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَن أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإذا أَظْهَرَتِ الشركةُ الأصليةُ أنَّ السيَّارةَ مغشوشةٌ وتأكَّد أمرُها فإنَّ العقد يصيرُ قابلاً للإبطال، موقوفًا على اختيار المشتري بين إمضاء العقد أو فسخِه، فإِنِ اختارَ ردَّ المبيعِ بعيب الغِشِّ والتدليس انفسخ العقدُ سواءٌ أَعَلِمَ البائعُ بالغِشِّ أو لم يَعْلَمْ، ورجع المتعاقِدان إلى ما كانا عليه قبل التعاقد، وليس في مدَّةِ انتفاع المشتري بالسيَّارة تعويضٌ؛ لأنَّ مدَّة انتفاعه في مُقابِلِ ضمانه لأصلِ المبيع؛ عملاً بقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ»(١).

أمَّا إذا أكَّدَتِ الشركةُ الأصليةُ سلامةَ رقمِ طِرازِها مِن أيِّ غِشٍّ أو تدليسٍ فإنَّ طول مدَّةِ الإجراء الإداريِّ والتقنيِّ غيرُ مؤثِّرٍ على لزوم العقدِ ونفاذِه؛ لسلامة المبيع بإبلاغ البائع عيبَ عدَمِ وُضوحِ بعضِ أرقامِ لوحة التحويل عند العقد، وتَحقُّقِ علمِ المشتري به بعد الاستشارةِ مِن غيرِ إكراهٍ ولا إخفاءٍ، وقَدْ تمَّ مِن جهته عقدُ البيع على ذلك باختياره ورِضَاهُ؛ فلا يُعتبر رجوعُ المشتري، ويتحمَّل كُلَّ ما يترتَّب على المبيع مِن أعباءٍ وتَبِعاتٍ؛ لأنَّ السيَّارةَ مِلكُه وهو ضامنٌ لها.

والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

الجزائر في: ٢٦ من ذي القعدة ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ١٧ ديسمبر ٢٠٠٦م


(١) أخرجه أبو داود في «الإجارة» (٣٥٠٨)، والترمذيُّ في «البيوع» (١٢٨٦)، والنسائيُّ في «البيوع» (٤٤٩٠)، وابن ماجه في «التجارات» (٢٢٤٣)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها. والحديث حسَّنه البغويُّ في «شرح السنَّة» (٤/ ٣٢١)، وصحَّحه ابنُ القطَّان في «الوهم والإيهام» (٥/ ٢١١)، وحسَّنه الألبانيُّ في «الإرواء» (١٣١٥).